حين تطالع بعض المرجفين على منصة X أو على مواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ عام، تتعجب لمواقفهم المخزية التي تدل على دناءة الطبع، وسوء الفكر والتنكر للوطن؛ فتراهم حين يتم القبض على رعاة الإرهاب يشنعون على النظام بأنه (قُبِضَ على العلماء وكُبّلَت الحريات)، وحين يتم العفو عنهم، ويطلق صراح هؤلاء بعد فترة من التوقيف يشككون في نوايا أولي الأمر؛ فهؤلاء المرجفون مرضى نفسيون، وهم في كل الأحوال ناقمون على الوطن شانئون على أبنائه المخلصين ومسؤوليه. إستراتيجية: تكثير السواد واجتماع النقط، وفيها يقوم المرجفون بجمع الهنَات بحيث تبدو كثيرة، وتظهر كأنها كبيرة، فنقطة سوداء واحدة قد لا تساعدهم في تحقيق هدفهم، فيجتهدون إلى جمع أخواتها بجوارها، فإذا تمكن أحدهم من التكثير نشره وأرجف به. وهؤلاء ينشطون من خارج المملكة، ولهم منصات وقنوات يبثون من خلالها، وهم يعلمون أنهم كَذَبة، لأنهم يتجاهلون الأعمال العظيمة التي ترعاها الدولة، وما أنجزته من الرؤية الطموحة 2030 التي يقودها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير: محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله - وكان الأولى بهم أن ينظروا لإيجابيات الجزء الممتلئ من الكوب، ويعملون مع أبناء وطنهم لإكمال الجزء المتبقي لكن أنفسهم قصُرت أن تطيب بالطيب، ونستطيع أن نظهر مقاصدهم المخفية فيه، وسلبياتهم المطوية. إستراتيجية: الاستخفاف بالوطن ومقدراته ومكتسباته وبالمواطن في الوقت نفسه، فيفتح الباب على مصراعيه متكئًا على بعض السلوكيات أو بعض الأخطاء، وهؤلاء فريق من المنهزمين الذين باعوا أنفسهم لغير الله، واشتروا بها ثمنا بخسًا، وبئس ما اشتروا وما باعوا. إستراتيجية: تشويه الرموز إستراتيجية مهمة يستخدمها المرجفون سواءً في الداخل أو الخارج، دولاً كانوا أو أفرادًا، الهدف منها إسقاط الرمز والإطاحة به وتأليب الرأي العام، أو تفتيت الانتماء له، وقد يفعلون ذلك بتأويلات تنطوي على إساءة، أو بصفة تقضي بإقصائه عن الانتماء إلى النسق الجامع، أو حتى المشترك الإنساني، وهو بهذا المعنى إقصاء لمن يرتبطون بالرمز أو يتمظهرون به؛ فلا يصبح العالم عند الناس عالمًا، ولا كبير القوم كبيرًا لهم، ولا الولي وليًا على مَن يرعاهم، إذ يحرص المرجف على تحطيم القدوات. إستراتيجية: تيئيس الناس من التقدم والتنمية وأنه ليس في الإمكان أحسن مما كان، فيثيروا في الناس أنه لا فائدة من الإصلاح والتطوير، وأننا مهما فعلنا فلن نكون أحسن، ويُعلون نغمة التشاؤم ويرصدون كل موقف سلبي ليتطيروا به ويَطير به الناس في الآفاق، ويُظهر هذا بوضوح في بعض وسائل التواصل الاجتماعي التي يستطيعون أن يبثوا فيها شرورهم، وذلك مثل نشر الحوادث التي تحدث في المجتمع؛ مما يُشْعِر الناس بالضياع، وأن لا أمل في الإصلاح، ويريد التسليم له بما ينشر من آراء شاذة بما يجلب على الوطن والمواطن الشرور. وكان الواجب أن يترك الأمر إلى أهله وترفع للمسؤولين لمعالجتها لا أن يُشنع بها، ويُنشَر الخير الذي يستبشر به الناس، ويدعوهم إلى الإصلاح والطمأنينة، لا ما يدعوهم إلى الإحباط. وفي مقابل هذا الجفاء لما في الوطن من خير يجب أن يتصدر المفكرون والكتاب ببيان الإنجازات العظيمة لرؤية 2030، وكيف تم التخطيط لهذه الرؤية، وأن ما تم إنجازه أكثر مما تم التخطيط له على مسارات كثيرة ومتعددة. ولله الحمد تتمتع المملكة العربية السعودية الآن باقتصاد قوي، ومكانة سياسية مرموقة في العالم. إستراتيجية: تحزين قلوب أبناء الوطن بنشر الحوادث المؤلمة ليصوروا المجتمع، أو الأشخاص بأنه مجتمع مليء بالمصائب والمشاكل ثم يزيدون ويقومون بعملية إسقاط مستترة غير معلنة بين تلك المصائب وبين بعض الرموز، وكأنهم يقولون للناس: إن هؤلاء هم سبب المصائب؛ فيؤثرون على العواطف ويقودون العقل الجمعي للجماهير ضد المسؤولين، لا سيما ونحن العرب شعوب نميل كثيرًا إلى العاطفة وتؤثر فينا بشكل كبير، وكلما قدر المرجف على رسم سورة مؤثرة للحدث كان التأثير به أقوى والنتيجة أشد على الناس. إستراتيجية: حجب الاعتراف، وهي من الإستراتيجيات التي يرجف بها المرجفون، فلا يعترفون لأحد بفضل إلا لمن هم على شاكلتهم، ويثيرون الغبار على تميز الناس وإنجازات الأمراء والحكام، ويسعون إلى حجب الحسنات، فهم قوم إذا وجدوا سيئة نشروها وإذا وجدوا حسنة كتموها، وقد كشف الله عزّ وجل عن أمثال هؤلاء بقوله: «وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به». ثم يقلبون لأنفسهم ظهر المِجَنْ حين يختلفون فيما بينهم، فهم انشطاريون أقزام. إستراتيجية: استغلال البيان وفصاحة اللسان، قد يملك الشخص المرجف من البيان وأساليب الحجاج والإقناع ما يجعله يتمكن من قلب الحقائق وتغيير النتائج ويقنع الآخرين، ويغير من قناعاتهم، لكنه لا يملك من الانتماء لوطنه وحب الخير للناس مثل هذا القدر من البلاغة والبيان، فيستخدم موهبته للإضرار بالمواطن والوطن، ويصبح الموهوب في الخطابة، وحِيَل الإقناع ودغدغة المشاعر كفيلة بأن تهزم أي عالم يحتكم إلى العقل؛ لأنه يستخدم لغة التأثير في المشاعر ببلاغات القول، وهؤلاء يتصدى لهم اللسانيون ومحللو الخطاب؛ فيكشفون زيف فكرهم، ويبطلون حججهم. إستراتيجية: التعميم الخاطئ وهو في الغالب يوقع في الخطأ بقصد، أو بدون قصد، وصاحبه يحكم على الكل من خلال هذا الجزء، وكما يقول عالم اللغة النفسي الأميركي جوردور أولبورت: «ما نكاد نتلقى (حبة) من الوقائع حتى نشيّد منها (قبة) من التعميمات». فما دامت تفاحات على وجه الصندوق جيدة، إذن فجميع التفاح في الصندوق كذلك كما يظن بعض الناس! أو كمن مرَّت بتجربة زواج فاشلة فقررت ألا تتزوج إلى الأبد؛ لأن الرجال كلهم أشرار. فأصحاب هذا المنطق يورطون الوطن في خلافات ومشاكل كثيرة بسبب عجلتهم وتعميماتهم. إستراتيجية: الإيهام بهدف التضليل ولها صور متعددة، حيث ينخرط أحدهم في صفوف أبناء الوطن المخلصين وهو ليس كذلك، بل بالعكس هو من الكائدين للوطن والمرجفين بأهله، ويريد بهذا الإيهام خداع مَن حوله، ليثقوا فيه، ثم هو يثير بين صفوف أهل الإيمان الفتنة، أو يتحدث عن قضية معينة كقضايا الإرهاب وهو نفسه - في فكره وأيديولوجياته- يُصنَّف على رأس أولئك المنحرفين، لكنه أظهر النكير لهذا الفكر من باب الإيهام أو التقية أو التكيف مع الظروف حتى لا ينكشف أمره. إستراتيجية: المغالطة، وهي من أخطر الأساليب في إرباك الآخرين، والتأثير في العقول وما أكثر هؤلاء الذين يغالطون، وحين ينظر المهتمون باللسانيات والتحليل النفسي للخطابات إلى الكتابات والمقاطع التي تُنثر هنا وهناك يدركون أن هذا الذي يقولونه مغالطات، لكنها تغبى، أو تنطلي على بعض العوام من الناس؛ لأن المغالطة فيها جزءٌ من الحق، باستخدام المعلومات المضللة في التبرير، وإثارة العواطف من أجل حسم نقاش، أو كسب نزاع من الطرف الآخر رغم قوة حجته، بالخداع والمناورة وبطرق قد تبدو منطقية، أو غير منطقية أحيانًا؛ بل هناك من يستخدم لغة الصوت العالي، فقد رأينا من بعض هؤلاء المرجفين على منصة X يكتبون، ويبثون مقاطع مرئية، ومسموعة ممتلئة بسمومهم وأراجيفهم، وحين يتصدى له بعض المواطنين بتعريته عن الحق، ويلجمه بالحوار إلجامًا ويعجز عن الرد؛ وآنئذ يستخدم اللغة التجديفية، وقد يجلب مواقف فيها شبه تحتاج لمتابع جيد للأحداث ومُحلل فطن حتى لا يدعهم يُلبسون على الناس. إستراتيجية: قلب الحقائق وتزوير الأحداث، لدرجة أنك تجد موقفًا تاريخًا يشهد الأعداء بأنه كان موقفًا بطوليًّا وتاريخيًّا من بعض قادتنا ثم يأتي مِن هؤلاء المرجفين من يُشيطن الموقف ويقول: لا لم يكن يقصد صاحبَه الخير للأمة بل فعل ذلك لأجل الإعلام والتسميع، وهذا الأمر ليس ببعيد عن طرائق الإرجاف غير الشريفة؛ فإن أحداث التاريخ ووقائع الأيام شاهدة حاضرة على خطر المرجفين في كل حقب الدهر والأزمان ومواطن إقامة الإنسان حتى في أفضل العصور وهو عصر بزوغ نور الإسلام، وشروق شمس النبوة في المدينةالمنورة - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام-، فحين قامت الدولة وصار لها كيان، ولم يعد أهل النفاق قادرين على المواجهة المباشرة نشطت حركة الإرجاف التي تتخذ من بث الخوف والفتن بين صفوف أبناء المجتمع سبيلاً؛ لتفسد عليه أمنه واستقراره. مما سبق ربما يلحظ القارئ أن إستراتيجيات الإرجاف كثيرة، مما يوضح خطورة الظاهرة واستفحال الداء، وأثرها العظيم على المجتمع كله وليس فقط في إفساد العلاقة بين الراعي والرعية؛ لأنه فكر يُنتج التطرف ويفرخ الإرهاب؛ بما يبث أصحابه من سموم في عقول الناس وعلى مواقع التواصل والشاشات، سواءً من قبل المأجورين أصحاب الأجندات الخارجية، أو من قبل السذج أو المتعالمين؛ لذا يجب أن نكون منتبهين لهذا الانحراف، فلا يؤتى الوطن مِن قِبَلِنا، وأن الالتفاف حول قيادتنا، وتربية الأبناء على الدين الوسطي، والنصيحة للأمة بالطرق الحكيمة، وكشف زيف هؤلاء لهو السبيل الأمثل للقضاء على هذا الداء، والحفاظ على مكتسبات الوطن، وتحقيق الأمن والاستقرار الذي من خلاله يستطيع الوطن أن يزيد ازدهاره وتقدمه، فلا نماء مع إرجاف. وبما أن الإرجاف أكثر الظواهر التي تحتاج إلى رصد وتحليل، وبيان كيفية التصدي له؛ فإنني أدعو المهتمين بقضايا الوطن والمحتوى الإعلامي أن يستفيدوا من مركز القرار للدراسات الإعلامية لما له من أهدافٍ إستراتيجية في خدمة الوطن، ولما يقوم به من رصد وتحليل مضامين وسائل الإعلام التفاعلي، وقياس اتجاهات وميول الرأي العام، وتوفير المعلومات والبيانات التي تساعد المسؤول في اتخاذ القرار، وقد قدمت هذا الطرح في مقالي هذا؛ بالكشف عن إستراتيجيات هؤلاء المرجفين للتصدي لهم، والمساهمة في تحقيق الأمن الفكري.