في زمن يتسارع بوتيرة المنجزات لتتسابق كبرى الدول في مضمار التحولات الإستراتيجية والابتكار والريادة، تقف المملكة على أعتاب نهضة حضارية غير مسبوقة عند شموخ الإنجاز، وتتجاوز المستهدفات، هذا النموذج ما هو إلا نتائج لتقاطعات رؤية 2030 التي تنبثق من الإرادة السياسية بعيدة المدى. حيث إن 93% من مؤشرات الرؤية باتت في خضم الإنجازات وأوشكت على الانتهاء بحلول عام 2025، وهذا يجسد الصورة الواقعية لتجاوز التطلعات. ومن يتمعن في مسيرة التحولات السعودية خلال الأعوام المنصرمة يدرك يقيناً أن رؤية 2030 ليس مجرد خطة إستراتيجية تنموية طموحة فحسب، بل هي مشروع وطني ملهم يعدو بثقة نحو صناعة مستقبل واعد. وحينما نعرج على قياس النتائج فإن تحقيق 8 مستهدفات كبرى قبل موعدها بست سنوات، بالإضافة إلى تخطي 257 مؤشراً أهدافه السنوية، فضلاً عن أن 85% من مبادرات الرؤية (674 من 1052) تسير في خطى ثابتة نحو الاتجاه الصحيح، وهذا يعني بطبيعة الحال أن المملكة لا تسير على المسار المخطط لها فقط، بل وتتفوق عليه في صورة أرقام قياسية. ما يعني أننا أمام نموذج قادر على إدارة التغيير وهو أحد أبرز جوانب بناء القدرات (( Capability Building)). وعلى صعيد المجتمع فقد شهدنا إشراك المرأة السعودية في سوق العمل بنسبة 33% لتتجاوز المستهدف بنسبة تفوق ب 30%، كما أصبحت 65% من الأسر السعودية تملك منازلها، وما هو إلا إنجاز يعكس واقع السياسات الإسكانية المدروسة الذي يتمخض من الدعم المستدام للمواطنين. رؤية 2030 أطرت نموذجاً أبرز مخرجاته هو الاستثمار في الإنسان، فهو حجر الزاوية ورأس المال الرئيس. وجدير بالذكر أننا نشهد اليوم 4 جامعات سعودية ضمن أفضل 500 جامعة عالمية، و7 مستشفيات سعودية في إطار أفضل 250 مؤسسة طبية تقدم خدمات الرعاية الصحية، تعزيزاً لمفهوم المعرفة التنفيذية للمشاريع (Know-how) على الصعيد الأكاديمي والصحي، مع أهمية التركيز على منحنى نقل المعرفة وتوطين المهارات. كما أننا لا نغفل أهمية نسبة الثقة في الخدمات الأمنية التي بلغت 99.85% نتيجة للاستقرار المؤسسي الذي يعظم التطور التنموي المستدام. نأتي هنا إلى أهمية الخصخصة التي تشكلت في أدوات تخفيف العبء عن الحكومة، في زاوية الخيار الإستراتيجي لإطلاق عنان القطاع الخاص، لتصبح محاكية لرؤية 2030، ويصبح 47% من الناتج المحلي ثمرة التحالفات مع القطاع الخاص مباشرة. وهذه نتائج خصخصة القطاع الحكومي ليصبح أكثر مرونة وكفاءة. فالقطاع الخاص لم يعد يمارس الدور التشغيلي فقط، بل إن تحمله للمخاطر، هي الخاصية الجوهرية لتشكلات أسواق مرنة ومبنية على الابتكار، مخاطرة الشركات يمنحها الحق في تطوير أدوات التنبؤ، والتحليل. بل وتبحث عن أفضل الخبرات المهنية، وهذا يشكل عملية تعليمية قادرة على رفع قدرات السوق المحلي ليعزز مفهوم ال Know-how المؤسسي. ولكن ماذا عن الاستدامة والبيئة؟ يعد تأهيل أكثر من 118 ألف هكتار من الأراضي المتدهورةضمن التزام المملكة بالاستدامة، وكذلك إعادة توطين 7800 نوع حيواني مهدد بالانقراض، وهذا توجه حيوي بيئي يحافظ على الطبيعة ويواكب الوعي الاقتصادي القائم على الخضرة المستدامة، ومن هنا تأتي السياحة لتكون رافداً في تنويع مصادر الدخل مع ما سبق. ومن جهة أخرى وفي جانب التمكين اللوجستي، والتراث العالمي، فاليوم ترتبط 24 منطقة من المملكة بموانئ العالم الشرقي والغربي على حد سواء، وبناء على ذلك يبرز التكامل اللوجستي. كما أنه تم ارتباط 8 مواقع سعودية في مخرجات التراث العالمي لليونسكو، وهو دون شك يعزز القوة الناعمة ويشكل أواصر الاقتصاد السياحي. التحول الذي نشهده ليس مؤشرا لتحسين الأداء فحسب، بل هو بناء قدرات (( Capability Building)) هي مستويات تكاملية من الحكومة وبين سواعد أبناء الوطن، ومن المؤسسات إلى الأسواق، فالخصخصة ليست فقط توظيف الأدوات الاستثمارية في الأصول، بل هي نقل للخبرات والثقة والمسؤولية. رؤية 2030 ليست خطة إستراتيجية مستقبلية، بل إنها نموذج يُدرس في الإدارة العامة والتخطيط الإستراتيجي، انبثق من القدرة على توظيف الإمكانات بطريقة مدروسة لتمكين القطاع الخاص، وتوسيع نطاق الخصخصة وبناء القدرات المؤسسية. والنتيجة الحتمية هو تربع المملكة في بيئة خصبة للنمو، ومصدر إلهام للدول الطامحة للتغيير. إنها السعودية العظمى، التي لا تنتظر المستقبل، بل تعيشه حاضراً.