لدينا كثير من الجمعيات، فهناك جمعيات خيرية، علمية، تعاونية ومجتمعية، وأخرى ربما لم أتقن تصنيفها، ولكل منها مهامها من أجل مجتمع أفضل. وفي كل علم وتخصص جمعية علمية، فهناك قرابة ستين جمعية صحية، تحت مظلة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، بمعدل جمعية لكل عضو في جسدك، حيث تعقد المؤتمرات وتُنشر الأوراق العلمية، وكل ذلك يصب في صحة ذلك العضو الذي تختص به الجمعية. ولأن الإنسان كل متكامل لا يمكن تجزئته، والصحة تأتي من النشأة الصحيحة، جاء قرار مجلس الوزارء 2016 بتأسيس جمعية لتشجيع الرضاعة الطبيعية في المملكة، كجزء من رؤية 2030، لرفع معدل الرضاعة الطبيعية إلى 50% على الأقل في 2025 لتحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بالتغذية، وللتقليل من معدلات أمراض الطفولة والوفاة في الأطفال الأقل من خمس سنوات، وبالتالي تحسين صحة المجتمع. نشأت جمعية الرضاعة الطبيعية لتحقيق هذا الهدف تحت مظلة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية منذ قرابة عامين، مليئين بالعطاء رغم حداثة العمر، لأنها قامت على أكتاف مجموعة لديها شغف وإيمان بأهمية الأمر، رؤيتها هي رضاعة طبيعية لأجيال سليمة، ورسالتها تعزيز سلامة الأم والطفل من خلال برامج نوعية وشراكات استراتيجية، وتهدف إلى تعزيز ثقافة الرضاعة الطبيعية في المجتمع، تمكين الأمهات المرضعات وتعزيز دورهن في سلامة المجتمع، وإعداد مدربين متخصصين وتنفيذ دراسات وأبحاث في هذا المجال، أي أنها جمعية علمية ومجتمعية. في الوطن العربي هناك أكثر من جمعية للرضاعة الطبيعية، في الإمارات، وهي جمعية أصدقاء الرضاعة الطبيعية بالشارقة، وفي مصر جمعية أصدقاء رعاية الأم والطفل، وجمعية حنان للنهوض بالرضاعة الطبيعية في تونس، وهناك جمعيات أخرى لا تحضرني أسماؤها، المهم أن إنشاء جمعيات الرضاعة الطبيعية، ضرورة وليس رفاهية، لبناء صحة أفضل للمجتمع. وإن سبقتنا مجتمعات في هذا المجال إلا أن نشاطات الجمعية ومبادراتها أكبر بكثير من عمرها الحقيقي، فقد تبنت حملة تمكني حولين، التي تنظم طوال العام محاضرات تثقيفية توعوية لرفع وعي المجتمع، ولحل المشاكل السائدة التي من الممكن أن تواجهها الأم أثناء إرضاعها طفلها. الرضاعة الطبيعية في حد ذاتها ليست بجديدة على المجتمع، ولكن أن يكون هناك علم رضاعة وتخصص رضاعة، وأن تؤسس جمعيات مختصة لنشر هذه الثقافة، ربما هذا هو الشيء الجديد، ولم يستحدث كل ذلك إلا لبناء إنسان سليم منذ البداية. وإن كانت عضوية بعض الجمعيات إضافة إلى السيرة الذاتية أو لتحقيق مطلب مهني عند البعض! ولأن دعم الرضاعة الطبيعية وصحة المرأة والطفل أكبر من مجرد أنشطة موسمية، فإن عضوية جمعيات الرضاعة الطبيعية تتطلب عملا دؤوبا طوال العام ودعما بإيمان وشغف.