5 أهداف للاتفاقية الدفاعية بين السعودية وأمريكا    ماذا يعني إعلان السعودية حليفا رئيسيا خارج الناتو    مدينة الفاشر تسقط في الصمت الدولي ومعاناة بلا مفر    "يايسله": لدينا وقت محدود للتحضير والقادسية فريق منظم    دورة ألعاب التضامن الإسلامي "الرياض 2025".. المنتخبات السعودية ترفع رصيدها إلى 35 ميدالية    ولي العهد والرئيس الأميركي يشاركان في منتدى الاستثمار الأميركي السعودي    NHC توقّع اتفاقية لبناء 1,290 وحدة في وجهة الورود بالأحساء بقيمة تتجاوز 651 مليون ريال    ترمب: شركات أمريكية وسعودية توقع اتفاقيات بقيمة 270 مليار دولار    عبدالعزيز بن سعود يلتقي أمير منطقة الحدود الشمالية    دوليو الهلال ينتظمون ونونيز يشارك في التدريبات الجماعية    الشرقية تفعل مسارها الثقافي.. تعاون لإحياء 12 موقعاً تراثياً بارزاً    اعتماد مجلس إدارة جمعية سفراء التراث الجديد    أمير القصيم يكرّم النودلي لتحقيق مستشفى عيون الجواء «صداقة كبار السن»    النفط يتراجع بفعل ارتفاع المخزونات الأمريكية    أسهم أوروبا تستقر مع ترقب نتائج إنفيديا    القيادة تهنئ أمير موناكو بذكرى اليوم الوطني لبلاده    15 جهة تشارك في فعالية "بنكرياس .. حنا نوعي الناس"    صندوق واحة النخيل يوقع اتفاقية بقيمة 741 مليون ريال لتطوير مشروع متعدد الاستخدامات بجانب مستشفى دله النخيل    تعليم الأحساء يبدأ رحلة نقل 43 مدرسة متقدمة إلى " التميّز"    المنتدى السعودي للإعلام يوقّع اتفاقية مع وكالة أسوشيتد برس لتعزيز التعاون الدولي الإعلامي    برشلونة يعود إلى كامب نو بعد أكثر من عامين    أخضر التايكوندو يتألق في دولية قطر    أزمة بين سان جيرمان ومبابي بسبب عرض الهلال    ترمب: بداية لسلام أوسع في العالم    «معاقبة بالتمارين» تقتل طالبة هندية    يستعين بكرسي متحرك لسرقة متجر    طفل خدع جارته واستنفر الشرطة    حرس الحدود يضبط 4 من مخالفي الصيد البحري    السعودية أكبر مصدر للبيانات في العالم    تطويره بتقنيات الذكاء الاصطناعي .. مصيباح: تطبيق «توكلنا» يصل ل1100 خدمة بكفاءة عالية    الملحق الثقافي السعودي في أمريكا: 14,037 مبتعثاً يعززون الاستثمار في رأس المال البشري    أكد أن الشراكات المقبلة ستكون أكبر.. ترمب: محمد بن سلمان صديق مقرب ويقوم بعمل رائع    قوة دولية و«مجلس سلام» وتمهيد لمسار دولة فلسطينية.. مجلس الأمن يقر الخطة الأمريكية بشأن غزة    أمير الرياض يطلع على أعمال محكمة الاستئناف.. ويعزي ابن لبده    جلوي بن عبدالعزيز يشيد بجهود تحقيق الأمن المائي    «الكشافة» تعزز أهدافها التربوية والمجتمعية في أبوظبي    نظرية داروين وعلاقتها بأزلية العالم    الترجمة في السياق الديني بين مصطلحات الشرع والفلسفة    حي البجيري    نحو تفعيل منصة صوت المواطن    سعود بن بندر: القطاع غير الربحي يحظى بعناية ورعاية من القيادة    الزميل آل هطلاء عضواً بمجلس إدارة جمعية سفراء التراث    أدوية معروفة تحارب ألزهايمر    استخراج حصوة تزن كلغ من رجل    نستله تضيف السكر للسيريلاك    كيف تعزز حضورك الرقمي؟ (3 - 4)    إنفيديا ومايكروسوفت تستثمران 15 مليار دولار في «أنثروبيك»    نائب أمير الرياض يطلق مشروعي تطوير أدلة الإجراءات وجدول الصلاحيات ضمن الخطة الإستراتيجية للإمارة    الأستاذ أحمد السبعي يقدّم درسًا عمليًا لطلاب الصف الخامس حول الطريقة الصحيحة لأداء الصلاة    أمير تبوك يرعى حفل تخريج 372 متدربًا من برامج البورد السعودي والدبلومات الصحية    نائب أمير القصيم يطّلع على أبرز الجهود الميدانية والتوعوية لهيئة الأمر بالمعروف في موسم الحج العام الماضي    أمير تبوك يستقبل سفير جمهورية بولندا لدى المملكة    حسن الظن بالله أساس الطمأنينة    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. هيئة التخصصات الصحية تحتفي بتخريج (12.591) خريجًا وخريجة في ديسمبر المقبل    محافظ جدة وأمراء يواسون أسرة بن لادن في فقيدتهم سحر    ورحل صاحب صنائع المعروف    برعاية سمو محافظ الطائف افتتاح متنزه الطائف الوطني وإطلاق 12 كائنًا فطريًّا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجربتي مع تدريب العاطلين .. أن الوافد هو من يتعاقد معنا
نشر في الوكاد يوم 07 - 01 - 2011

تطرقت في مقال سابق إلى التقرير الذي نشرته وزارة الداخلية عن أوضاع السجون السعودية، ومن أبرز بنوده أن نسبة 90 في المائة من نزلاء السجون من العاطلين؛ 70 في المائة منهم من خريجي الجامعات. والبعض ظل يتساءل عن صحة هذه البيانات ويشكك في مصداقيتها، أما أنا فأرى أنها بيانات صحيحة ومصداقيتها عالية وأنها بالفعل تعكس واقعنا. وحتى أثبت للقراء الكرام والمشككين في هذه الأرقام صحة ما نشرته وزارة الداخلية سأسرد تجربتي مع العاطلين في الدورات التي أقامها صندوق الموارد البشرية بالتعاون مع وزارة العمل قبل نحو خمس سنوات، وكان أغلبية المتدربين العاطلين يحملون مؤهلات جامعية في اللغة العربية، والهندسة، وإدارة الأعمال وغيرها.
لقد أتاحت لي تلك التجربة التعرف من كثب على مشاعر العاطلين، والولوج إلى حياتهم، فعرفت كيف يفكرون، وماذا بالضبط يريدون، وقد توقعت بالفعل أنهم يوما ما سيجنحون. عندما نقوم بتنفيذ برنامج تدريبي لموظفي الجهات الحكومية أو الشركات تظهر على محيا موظفيهم البهجة وارتفاع الروح المعنوية لأنهم يرون التدريب جزءا من الترفيه ناهيك عن عدة مزايا تنتظرهم لدى العودة إلى أعمالهم بنفوس وضاءة والانتداب الذي يعقب الدورة التدريبية، إضافة إلى اكتساب المهارات وتكوين الصداقات فالدورة التدريبية في الحياة الوظيفية أشبه ما تكون باستراحة محارب.
أما تدريب العاطلين فيختلف تماما وأول معضلة تواجه المدرب التشكيك في نواياه. فيتوقعون منك كمدرب أنك جزء من مؤامرة تحاك ضدهم، وأنك أتيت لتنفيذ خطة هدفها المبطن إقناعهم بوظائف وضيعة لا تناسب مؤهلاتهم ولا تتفق وطموحاتهم. يشعر هؤلاء العاطلون باليأس وبالأسى والغبن عندما يرون السنين تمر من أمامهم كلمى هزيمة وهم واقفون كالدمى الهرمة لا حياة فيها ولا روح.
ورغم أن أنماط شخصياتهم متباينة إلا أنهم يشتركون في سجية واحدة. فهم ينظرون بريبة إلى كل شيء حتى البرنامج الذي أُعد من أجلهم يظنون أن هدفه الأساس إقناعهم بقبول وظائف هينة كعمال ومأجورين في محطات البنزين، وفي سوق الخضار، وكموظفي استقبال، وحراس أمن لشركات مفلسة. ويظلون يتساءلون: لماذا ُنوجه إلى وظائف بعيدة عن تخصصاتنا ولا تناسب خبراتنا. وأريد أن أتوقف قليلا عند هذه النقطة فأقول: إن بعض محاور دورات طالبي العمل تهدف بالفعل إلى تهيئة العاطلين لقبول وظائف بعينها ترى وزارة العمل أنها حكر على المواطنين ويتحاشى البرنامج التطرق للوظائف الإدارية، والمالية، والقيادية، والمهن العالية كالهندسة والمحاسبة في كثير من الشركات والإدارات الحكومية، التي يشغلها وافدون غير مؤهلين تعلموا وتدربوا بين أظهرنا. وما فتئ العاطلون يرددون على مسامعنا سؤالا لم أجد له إجابة حتى الآن وهو: لماذا يُمهد الطريق أمامنا لاستكمال تعليمنا الجامعي فنقضي أجمل سنين حياتنا في قاعات الدرس ثم تُصمم برامج بمليارات الريالات لإقناعنا بقبول وظائف لا تحتاج إلى أبجديات المعرفة؟ هل من اللائق أن نتوجه إلى الأعمال الحرفية البسيطة ونحن جامعيون ومنا مهندسون وبيننا محاسبون، فالوظائف التي تسوقونها لا تناسب مؤهلاتنا ولا طموحاتنا فهذه أعمال قد تُرضى طموح المتسربين من التعليم في مراحله المبكرة أو خريجي مدارس محو الأمية.
عندما تتعامل مع العاطلين فعليك أن تدرك أنك تعيش بين قنابل موقوتة، فلسان حالهم يقول: أين نحن من كل ما تتمتعون به؟ ما نصيبنا من هذه المكتسبات التي تتحدثون عنها ومن حجم الميزانيات التي تتفاخرون بها؟ إننا نفتقر إلى المقومات والإيجابيات التي تجعلنا نشعر بالحب والولاء والانتماء. وأراهم منضبطين في حضورهم متفاعلين في نقاشاتهم حريصين على إيصال رسالة لصندوق الموارد البشرية ولوزارة العمل ولجميع الجهات المعنية بالتوظيف، مفادها أن عليكم أن تحترموا عقولنا فإن لم تستطيعوا أن تقدموا لنا فرص عمل تليق بمؤهلاتنا فلتكفوا عن تسويق وظائف متواضعة من خلال دورات هزيلة، فهذا استخفاف لن يجدي فتلا.
الشيء العجيب في دورات العاطلين هذه أن همزة الوصل وأداة الربط بين البرنامج التدريبي للعاطلين وبين الجامعات والمعاهد المتخصصة عند اختيار المدربين هم من الوافدين. فالوافد هو الذي يقوم بالتعاقد معنا كمدربين وطنيين ويقوم بالتفاوض حول المستحقات المالية وغيرها بل يتعدى ذلك بأن يتلو على مسامعنا لوائح البرنامج التي يفترض أن نتقيد بها، ومنها إقناع المتدربين العاطلين والبوح لهم من طرف خفي أن هذا البرنامج أُعد لتهذيب سلوكياتهم الوظيفية وتهيئتهم لسوق العمل، وهذا لا يعني البتة أن كل من حضر الدورة سيضمن له الصندوق الوظيفة. من هذا الذي يصدر تلك الأوامر؟ إنه وافد من دولة أجنبية يمثل جهات حكومية وغير حكومية.
هذه بعض الحقائق عن حياة العاطلين جمعتها من تدريبي مجموعة منهم قبل عدد من السنين، فهل بقي من يشكك في إحصائيات وزارة الداخلية من أن 90 في المائة من نزلاء السجون عاطلون غالبيتهم يحملون المؤهلات الجامعية. فمن كانت هذه نفسياتهم ومن كانت هذه سجاياهم فلنتوقع منهم ارتكاب حماقات قد تزج بهم في غياهيب السجون. وهؤلاء شريحة من أبنائنا من خريجي جامعاتنا المحلية، فكيف سيكون حالنا عندما يتوافد إلينا في السنوات القليلة المقبلة حملة الماجستير والدكتوراه من الجامعات الأجنبية؟ ألا نخشى أن تُزين السجون بثلة منهم عندما يبحثون عن أعمال تليق بمؤهلاتهم فلا يجدونها؟ ولا أدرى لماذا نصرف المليارات على تعليم هش ونُهمل معالجة أم المصائب البطالة، فأزمتنا لم تكن يوما من الأيام أزمة تعليم بل أزمة توظيف.
نقلا عن الاقتصادية السعودية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.