محمد عبدالرحمن حلواني – وكيل كلية الطب لشؤون المستشفيات – جامعة الباحة مع ظهور حالات جديدة مصابة بفيروس كورونا من حين لآخر، يتساءل الجميع عن الوضع الحالي من الناحية الوبائية ومدى انتشار الفيروس المذكور؟ وهل نستطيع القول إننا دخلنا مرحلة الوباء؟ وما علاقة الخفافيش بالفيروس؟ وهل خفافيش المملكة مصابة؟ وبالنظر إلى الوضع الحالي، يعتبر الفيروس حتى الآن غير خطير، خاصة إذا ما لاحظنا أن معظم الحالات المصابة -خاصة المتوفاة منها- كان لها ارتباط وثيق مع أمراض مزمنة أدت إلى تدهور صحة المريض، بينما كانت هناك حالات شفت تماماً من المرض، وإن كانت نسبة الشفاء لم تتجاوز ال 48% من الحالات المصابة، إلا أن الشفاء من المرض وارد خاصة متى ما سلم المريض من الأمراض المزمنة، كما أن اكتساب الفيروس يعتمد بالشكل الأساسي على التعرض المباشر إلى شخص مصاب.. والوضع الحالي ورغم ظهور حالات متفرقة في بلدان مختلفة، شملت الأردن، قطر، الإمارات، تونس، بريطانيا، وفرنسا، إضافة إلى المملكة، إلا أن انتشاره بصورة وبائية مازال بعيداً عن الفرضيات العلمية، وهذا ما أكده العلماء في معهد لويس باستير في فرنسا بعد استخدام أحد الاختبارات الإحصائية لتوضيح آلية انتقال الفيروس استناداً إلى الحالات المؤكدة التي تم اكتشافها مقارنة بفيروس سارس؛ حيث إن مريض السارس قادر على إصابة من ثلاثة إلى أربعة أشخاص دفعة واحدة، بينما لا يصيب المريض بفيروس كورونا أكثر من شخص. ورغم التشابه والعلاقة الوثيقة بين السارس وكورونا من ناحية نوع الفيروس، تظل ميكانيكية الإصابة مختلفة، خاصة من حيث الخلايا المستقبلة للفيروس داخل الجسم وخصوصاً الجهاز التنفسي، مما يدل على أن فيروس كورونا لم يتطفَّر بعد بشكل يساعده على الانتشار بشكل وبائي مثل فيروس السارس. أما من ناحية مصدر الفيروس، فحتى اللحظة لم يتم تحديد المصدر الأساس للفيروس، وأين يكمن في الطبيعة، ولماذا ظهر في هذه الفترة تحديداً؟، وإن كان الأرجح هو فرضية انتقال الفيروس بشكل أساسي من مصدر حيواني غير معروف وانتقل بعدها إلى حيوان مستأنس «عائل وسيط» الذي قد يكون القط، الكلب، الماعز، الجمل، ثم تحوَّر فيه بشكل بسيط قبل أن ينتقل إلى الإنسان عن طريق المخالطة ليصبح الإنسان العائل الناقل والأساس لانتشار المرض؛ بمعنى أن انتقال المرض الآن من إنسان إلى إنسان، ورغم أن المادة الوراثية لفيروس كورونا تأخذ شبهاً جينياً من السلالات المعزولة من الخفافيش، إلا أن ذلك لم يؤكد أن مصدر فيروس كورونا هو الخفاش، وإن كان كذلك، فأي فصيلة من الخفافيش؛ ففي المملكة وحدها أكثر من 19 نوعاً من الخفافيش معظمها تعيش في الكهوف وبعيدة عن الإنسان، فمن الممكن أن يكون مصدر الفيروس حيواناً آخر، خاصة إذا ما علمنا أن هناك حيواناً من الثدييات البرية التي تشبه القطط وُضع أيضاً تحت الشك كمصدر للفيروس وليس الخفاش فقط! وحتى الآن لم يتم تحديد كيفية انتقال الفيروس من الحيوان «أياً كان نوعه» للإنسان، وهل تظهر أعراض المرض على الحيوان؟ وإن كان ذلك، فما هي الأعراض؟ وهل اكتساب الفيروس يعود إلى مخالطة الحيوان اليومية أو التعرض للُعابه أو بوله وبرازه أو شعره أو بعد تنظيف مكان بقائه؟ كحظيرته مثلاً. كل تلك الأسئلة لم نصل إلى جواب شافٍ لها! ورغم كل هذا إلا أن معظم التحليلات الحالية لم تصل إلى درجة التأكيد بنسبة مائة بالمائة، وذلك استناداً إلى ميكانيكية تطور الفيروس؛ لأن فيروس كورونا قد يتحور ويتطور بشكل مفاجئ، وبالتالي قد تظهر حقائق جديدة، وختاماً وبالنظر إلى ميكانيكية عزل الفيروس بالشكل الحالي بين البلدان بشكل مبعثر وغير منتظم يؤكد رجوح عدم وصول الفيروس إلى الوباء العالمي حتى الآن.