ثيو هيرنانديز: سعيد بانضمامي لأكبر نادِ في السعودية    بدء إجراءات نزع ملكية العقارات المتعارضة مع مشاريع تطوير الطرق في الرياض    القبض على (6) لتهريبهم (120) كيلوجرامًا من "القات"    خطيب المسجد النبوي: الإخلاص لله واتباع سنة نبيه أصلان لا يصح الإيمان إلا بهما    خطيب المسجد الحرام: التوبة والرحمة بالمذنبين من كمال الإيمان والغلو في الإنكار مزلق خطير    رابغ تحتفل بالعميد.. حفل يروي قصة عشق لا ينتهي    هدف جديد في الهلال لتعزيز الهجوم    مستشفى "التخصصي للعيون" يحصل على عضوية جمعية بنوك العيون الأوروبية (EEBA)    إطلاق أول دليل إرشادي سعودي لعلاج التهاب الفقار اللاصق المحوري    فرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية يقيم دورة لتدريب منسوبي الفرع لغة الإشارة    "مبادرة واعد" تجذب الأطفال في مهرجان جامعة الحدود الشمالية الصيفي    الذكاء الاصطناعي هل يمكن استخدامه لاختيار شريك الحياة؟    نسك من الحجوزات إلى الخدمات والخصومات للحجاج والمعتمرين    من قلب أفريقيا إلى السعودية: الغبار الأفريقي ينتقل عبر البحر الأحمر    معالجة الهدر والاحتيال وسوء استخدام التأمين الصحي    48 ألف عينة بيولوجية في مختبرات وقاية    ارتفاع أسعار الذهب    امطار على جنوب المملكة و رياح و حرارة عالية على عدة مناطق    الصين تطور قطارًا تصل سرعته إلى 600 كيلومتر في الساعة    القلاع والبيوت الحجرية في جازان مقصدًا للسياحة محليًا وعالميًا    أخضر البراعم يدشن مشاركته في البطولة الآسيوية بمواجهة الصين تايبيه السبت    الاتحاد السعودي للإعاقات البصرية ونادي الشباب يوقّعان اتفاقية شراكة استراتيجية    مجموعة روشن شريكاً لبطولة "LIV Golf"    الحارثي : إدراج الذكاء الاصطناعي في التعليم ضرورة وطنية تستجيب لتحولات العصر    السينما وعي    مازن حيدر: المُواطَنة تبدأ بالتعرّف على التاريخ    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بالأحساء ينظم ورشة عمل نوعية بعنوان: "القيادة الإعلامية"    لماذا يداوي القائد المجروح؟    الهلال خير ممثل وسفير    ريال مدريد يُخبر النصر بسعر رودريغو    قطة تهرب مخدرات    القوة الناعمة.. السعودية غير؟!    خمسة كتب توصي سوسن الأبطح بقراءتها    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة فرنسا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على جهود لجنة مراقبة عقارات الدولة وإزالة التعديات بالمنطقة    أمير جازان يطّلع على التقرير السنوي لفرع صندوق التنمية الزراعية بالمنطقة لعام 2024    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة بزه بنت سعود    جمعية الذوق العام تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة    أمين الشرقية يكرم 29 مراقبًا وقائدًا ميدانيًا تميزوا في برنامج "عدسة بلدي"    رحلة شفاء استثنائية.. إنهاء معاناة مريضة باضطراب نادر بزراعة كبد فريدة    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    اختتام أعمال توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين    "ورث" يجدد الفنون بلغة الألعاب الإلكترونية    "لويس الإسباني".. أول رواية عربية مستوحاة من "الفورمولا"    "درويش" في الخليج نهاية أغسطس    أكبر مصنع لأغشية التناضح العكسي    بين الدولة السورية و«قسد» برعاية أمريكية.. اجتماع دمشق الثلاثي يرسم ملامح تفاهم جديد    محرك طائرة يبتلع رجلاً أثناء الإقلاع    إحباط تهريب 310 كجم مخدرات    استهدف مواقع تابعة ل"حزب الله".. الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات برية جنوب لبنان    أكد على تعزيز فرص التعاون مع روسيا..الخريف: السعودية تقود تحولاً صناعياً نوعياً وشاملاً    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    خالد بن سلمان يبحث المستجدات مع وزير الدفاع المجري    أمر ملكي: تعيين ماجد الفياض مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    دراسة: بكتيريا شائعة تسبب سرطان المعدة    أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي والرئيس التنفيذي لتجمع تبوك الصحي    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرف المغلقة!
نشر في الشرق يوم 11 - 01 - 2012

وصلت (ندى) ذات ال19 ربيعاً من جامعتها وصعدت راكضة إلى غرفتها وهي في حالة يُرثى لها، مرت من أمام غرفة أخيها (سامي) التي كان بابها مغلقاً، فعرفت على الفور أنه بالداخل، دخلت إلى غرفتها وأغلقت الباب، وألقت بحقيبتها على الأرض، وارتمت على السرير، أمسكت الهاتف الداخلي وطلبت من الخادمة أن تُحضر لها صينية غدائها إلى غرفتها كالعادة، ثم أخذت تتصل برقم آخر من هاتفها الخلوي. في غرفة مجاورة كانت أصوات الموسيقى تتعالى وتتخللها أصوات ضحكات (منال ومنى) توأم ال12 ربيعاً تدرسان في الأول المتوسط، عادت الفتاتان قبل ندى بساعة، وكعادتهما دخلتا إلى الغرفة التي تتقاسمانها، وبحركة آليه اتجهت كل واحدةٍ منهن إلى الكمبيوتر الخاص بها، وبدأت تتسابق مع الأخرى بفتح كلمة السر والولوج إلى فضاء آخر اعتدن التحليق فيه بطريقة مبتذلة ومخزية دون رقابة، خلعت الفتيات ملابس المدرسة وارتدينَ ملابس مثيرة كانت كفيلة بإخفاء أعمارهن الحقيقية، لتكشف أجزاء من أجسادهن بشكل ماكر، وأخذت كل واحدة تعبث بتصوير نفسها دون أن تظهر وجهها، وتنقل تلك الصور الفاضحة إلى غرف المحادثة التي أدمنوا على قضاء ساعات داخلها، فكانت كل واحدة تنافس الأخرى في اختلاق العديد من الأكاذيب والحكايات الدرامية التي يستمتعن بنسجها للضحك والتهكم على البعض، كانتا تقضيان معظم وقتهما ببث ساعات من الرقص المنفرد الذي يثير جنون رواد غرف المحادثة، ثم ينتهي البث اليومي حين يضعن نصف أقنعة تخفي وجوههن ولا يظهر منهن سوى شفاه ملونة بلون ناري، لتختم كل فتاة إرسالها بتوزيع القبل، نار عارمة تستعر من غرفتهما كل يوم، كفيلة بحرق جميع أفراد الأسرة، ولكن لا أحد يتجرأ ويفتح تلك الأبواب المغلقة!
في تلك اللحظة عادت (أم ماجد) من مشوارها شبه اليومي، وجلست على طاولة المائدة التي كانت محضرة مسبقاً لشخص واحد، وأخذت تتناول طعامها وهي تسأل الخادمة «هل وصلوا البنات، وسامي .. والتوأم»، وبعد أن أنهت طعامها توجهت إلى غرفتها لتستلقي بعد أن أملت بعض الأوامر لخادمتها، دخل في تلك اللحظة (ماجد) الابن الأكبر مسرعاً، ألقى عليها التحية وصعد كالطلقة إلى غرفته وأغلق الباب!
كان هناك صوت بكاء وشهيق ينساب من وراء باب (ندى) التي كانت تتحدث في الهاتف منذ ساعة تعاتب صديقتها «تخونينني أنا من أجل إنسانة لا توجد فيها أي مقومات للجمال، بعد هذا الحب والإخلاص الذي منحته لك، سنتين أخلصت لكِ من كل قلبي، ماذا فعلت لتتركيني من أجل تلك الفتاة الجديدة، لا أستطيع أن أصدق أن تبلغ بك القسوة لتحطيم مشاعري ..»، في تلك اللحظة حبست أنفاسها وغالبت دموعها حين سمعت صوت والدتها في الهاتف الداخلي يناديها «ندى، حبيبتي هل أنت بخير؟ ما هذا الصوت؟»، قالت «أنا بخير يا أمي، هذا صوت التلفزيون». «حسناً، سأذهب بعد العصر إلى بيت خالتك موضي، أتأتين معي؟»، رفضت ندى مثل كل مرة وتحججت بالدراسة، واستمرت في البكاء ومعاتبة «حبيبتها» التي هجرتها ذلك اليوم لتُصادق حبيبة أخرى في الجامعة نفسها التي خرجت فيها تلك الأمور عن السيطرة!
وفي الغرفة المجاورة كان هناك سيناريو آخر .. (لا تخافي، اطمئني يا عزيزتي كل شيء سيكون على ما يُرام، صديقي الطبيب أكد لي أن تلك الحبوب ستأخذ ثلاثة أيام وبعدها سيسقط الجنين من تلقاء نفسه، أهم شيء تناولي حبة كل يوم، أقسم لكِ بأنني سأتقدم لخطبتك قريباً حتى قبل أن أجد الوظيفة).
صوت بكاء ونحيب الفتاة على الطرف الآخر كان يمزق قلب ماجد الذي انسابت دموعه وهو مستمر في طمأنتها.
عادت (أم ماجد) من مشوار الخالة موضي بعد المغرب، بعد أن أعطت أوامر بتحضير طاولة الطعام للعشاء كالعادة، وتمددت أمام التلفزيون في الصالة الأرضية، وحين اقتربت الساعة من الحادية عشرة كان صوت (أبوماجد) يملأ أركان المنزل، في تلك اللحظة فُتحت أبواب الغرف المُغلقة، وخرج كل شخص من حياته الخاصة لينضم إلى بقية الأسرة في ساعة وحيدة يلتقي فيها الجميع كل مساء، إلا باب واحد لم يُفتح، لأن صاحبه مازال نائماً أو شبه ميت، ولكن مازال يتنفس، (سامي) بدأ بالتدخين قبل أن ينهي المرحلة المتوسطة ولم يشعر به أحد، في أحد الأيام حين كانت الخادمة تنظف غرفته هبت رائحة دخان قوية، وما إن فتحت الباب حتى وصلت لأنف ندى التي تجاوره ولكنها لم تكترث، وحين وصل المرحلة الثانوية راق له تدخين الحشيش، وهو الوحيد الذي لا يبذل مجهوداً للحصول على أي مبالغ مالية من والدته؛ لأنه في غاية اللطف والأدب، فكانت والدته تغدق عليه دون أن يطلب!
جلس الجميع حول المائدة، ينظر كل واحد إلى طعامه، يرمق بعضهم بعضاً خلسة، يبتلعون لقمة وراء الأخرى، بكل هدوء يرفعون رؤوسهم، وحين تسقط أنظارهم في عين أبيهم يرسلون له ابتسامة مسالمة هادئة لا تكشف عن الغموض والخوف الذي يخفيه كل واحد في نفسه، تنهد والدهم وابتسم لنفسه ابتسامة رضا، وما إن قام عن المائدة حتى تفرق الجمع كلٌّ إلى غرفته، وأُغلقت الأبواب مجدداً، صعد أبوهم إلى غرفته كالعادة دون أن يتوقف يوماً ويحاول مد يده لفتح أحد أبواب تلك الغرف المغلقة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.