المالية ترحب بتقرير مشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي    تطوير شامل لطريق الأمير فيصل بن بندر شمال الرياض    وكيل إمارة جازان يرأس اجتماع الاستعدادات للاحتفال باليوم الوطني ال 95    مؤشر الأسهم السعودية يغلق على ارتفاع    ندوة تاريخية تكشف أسرار تحصينات المدينة المنورة    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة أحد المسارحة    أمير جازان يستقبل مدير الاتصالات السعودية بالمنطقة ويطّلع على تقرير الاستدامة لعام 2024م    شرطة كامبريدج: اتهام شاب بريطاني بقتل الطالب محمد القاسم    الفرق السعودية تستعد لآسياد البحرين للشباب بمعسكر في كازاخستان    أمير جازان يرأس الاجتماع الدوري للجنة الدفاع المدني بالمنطقة    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة أحد المسارحة    الشؤون الإسلامية في جازان تبدأ تركيب وسائل السلامة في إدارات المساجد بالمحافظات    تحولات لبنان المنتظرة: البداية من جلسة الثلاثاء    تأسيس جمعية المعادن الثمينة والأحجار الكريمة غير الربحية    القيادة تهنئ ممثل الملك في جزر كوك بذكرى يوم الدستور لبلاده    إسقاط 61 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    انخفاض اسعار النفط    دعم الجماهير كان حاسمًا.. ونطمح لحصد المزيد من البطولات    وثيقة تاريخية تكشف تواصل الملك عبدالعزيز مع رجالات الدولة    مقتل عنصر أمني وسط خروقات لوقف النار.. هجوم مسلح يعيد التوتر للسويداء    وزير الداخلية وسفير سنغافورة يبحثان الموضوعات المشتركة    غارات جوية تثير موجة غضب في ليبيا    إحباط تهريب مخدرات في جازان وعسير    استعرضا سبل تبادل الخبرات والتجارب.. وزير العدل ونظيره العراقي يوقعان برنامج تعاون تشريعي    رئيس هيئة الترفيه يعلن طرح تذاكر مهرجان الكوميديا    مسرحية «طوق» السعودية تنطلق في «فرينج» الدولي    تأهيل وتمكين الطلاب للمنافسة في المحافل العالمية.. المنتخب السعودي يحصد 3 جوائز في أولمبياد المعلوماتية الدولي    تدشين كتاب "حراك وأثر" للكاتبة أمل بنت حمدان وسط حضور لافت في معرض المدينة المنورة للكتاب 2025    توقيع اتفاقية لدعم أبحاث الشعاب المرجانية    تصعيد إسرائيلي.. ورفض فلسطيني قاطع.. عدوان منظم لإعادة احتلال غزة    لا تدع أخلاق الناس السيئة تفسد أخلاقك    عدم ترك مسافة بين المركبات أبرز مسببات حوادث المرور    الأحوال المدنية المتنقلة تقدم خدماتها في (18) موقعاً    جبل السمراء.. إطلالة بانورامية في حائل    "سعود عبدالحميد" إلى لانس الفرنسي بنظام الإعارة لمدة موسم واحد    نادي الحريق يتصدر تايكوندو المملكة ب87 منافساً    الملك سلمان للإغاثة.. جهود إنسانية حول العالم    استعراض أنشطة التراث أمام سعود بن جلوي    اعتماد أكاديمي كامل لبرنامج نظم المعلومات في جامعة حائل    المدينة المنورة.. صحية مليونية للمرة الثانية    حرائق أوروبا تسبب خسائر وتلوثا بيئيا واسعا    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    جبال المدينة.. أسرار الأرض    «هلال مكة» يفعل مسارات الجلطات القلبية والسكتات الدماغية    رؤية 2030 تكافح السمنة وتعزّز الصحة العامة    15 مهمة لمركز الإحالات الطبية تشمل الإجازات والعجز والإخلاء الطبي    الفيحاء يخسر أمام أم صلال القطري برباعية في أولى ودياته    تأثير الأمل في مسار الحياة    فريق قوة عطاء التطوعي يشارك في مبادرة "اليوم العالمي للرضاعة الطبيعية"    آل الصميلي يحتفلون بزواج الشاب محمد عبدالرحمن صميلي    توقعات بخفض الفائدة وسط تصاعد الحرب التجارية    من حدود الحزم.. أمير جازان يجسد التلاحم بالإنجاز    طرح تذاكر مهرجان الرياض للكوميديا    قربان: المعيار المهني للجوالين يعزز ريادة المملكة في حماية البيئة    مجمع إرادة بالدمام ينفذ مبادرة سقيا كرام    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران عضو مجلس الشورى المدخلي    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ممثلاً بإدارة المساجد في الريث يتابع أعمال الصيانة والتشغيل في الجوامع والمساجد    المولودون صيفًا أكثر اكتئابًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخلاقيون.. كَذَبَة!!
نشر في الشرق يوم 16 - 04 - 2013

لا يمكن أن تكون الأخلاق دعوى، ولا يمكن أن تكون ذريعة لأغراض غير مقبولة. والأخلاقيون الكذبة لا يشتغلون على شيء قدر اشتغالهم على خلط ما هو (أخلاقي) بنقيضه الذي هو ضده المحض، وهذا كما هو ملاحظ كثير، وسلوك شريحة من الناس شاهد عليه. إنني لا أتحدث عن طبقات اجتماعية بصفات معينة، ومن المدهش أن الطبقات الفقيرة أو المهمشة أكثر أخلاقيةً -في الغالب الأعم- لأن أخلاقها لا تنازعها قيم غير أخلاقية، ولا أطماع ولا مشتهيات فضول ولا منافسات استعلاء. هذا أخطر شَرَك يمكن أن نقع فيه ونحن لا نشعر فتتحول تصوراتنا للأخلاق إلى مفاهيم وصولية. الأخلاق تتحول إلى أدوات، تتحول إلى ذرائع. كل معضلات البارانويا وتعاظم الذات تُرَدُّ إلى هذا الجذر السام الفاسد.الذي يجعل هذه المسألة أكثر خطراً هو أن تكون ذات صبغة أو دثارٍ ديني، التدين الحقيقي في العادة ينطوي على نفي النزعات المختلطة غير الأخلاقية، والضمير المتدين شديد الصرامة حين يكون حقيقياً، لكنه شديد الاعتلال حين يكون محتالاً أو جاهلاً أو متأولاً، ومعظم أزمات الناس مع أنفسهم وواقعهم، ومعظم كوارث المجتمعات إنما يغذيها هذا الضمير المريض أو الجاهل أو المحتال. الخطورة الأشد في (المحتال) لأنه غير أخلاقي على عكس المريض أو المتأول، هذان بحاجة إلى معالجة وبيان، لكن الأخير هو الذي يغذي وبشكل سرمدي الطبيعة الأخلاقية الكاذبة، الأخلاقيون الكذبة هم في الحقيقة ضمائر مخادعة محتالة.
بذرة هذا الضمير غير الأخلاقي وهيكله السيئ يمكن أن نراهما في طبيعة ذلك الذي كان يقول للنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- (اعدل يا محمد فإنك لم تعدل)، هذه الأخلاقية الكاذبة الماردة في كذبها كانت تخلط ما هو أخلاقي الذي هو العدل بالنقيض المحض له الذي هو الظلم المحض، هذا الظلم المحض هو نفي العدل عن أعدل الناس وأولاهم بالعدل الذي هو النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإنه عليه السلام قال له: «ويحك! من يعدل إن لم أعدل؟!» أو كما ورد. لم يكن هذا انتصاراً منه -صلى الله عليه وسلم- لنفسه، كان رد فعله متوجهاً إلى تصحيح الفكرة غير الأخلاقية التي ضلت طريقها وهي تدعي أخلاقيتها. هذا هو البيان الذي أشرت قبل قليل إلى نفعه في الضمير الجاهل أو المتأول، لكن المحتال غير الأخلاقي لا يجدي فيه هذا.
الآن يمكن أن نلاحظ البون الشاسع بين مقامين أخلاقيين متفاوتين أشد التفاوت، هذا كان موقفاً فيه درس أخلاقي حين يصطدم الضمير الأخلاقي النزيه بالضمير الكاذب المحتال، ومع أنني أؤمن وتؤمنون أنه لن يبلغ أي ضمير أخلاقي مبلغ ضمير النبوة الأخلاقي، إلا أن مثل هذه الواقعة التي حفظها التاريخ حتى وصلتنا تعدّ درساً نتعلم منه كيف تكون ضمائرنا أخلاقية صادقة نزيهة أولاً، وكيف تواجه الضمائر الأخلاقية الكاذبة تالياً، إنها ليست أخلاقية في الحقيقة لكنها متقمصة ومناكفة.وأنا أريد أن أنبِّه إلى أنني أوردت هذا المثال وأنا أؤكد على الفارق، لأن مثل هذا الضمير الكاذب الذي يقول (اعدل يا محمد فإنك لم تعدل) هو في الحقيقة ضمير خارجي قدر ما هو بذرة كل ضمير خارجي مشابه، وهو مناقض للضمير المسلم الحق. إنما نحن بحاجة إلى ترقية ضميرنا الأخلاقي ليكون صادقاً منفكاً عن أغراضنا وخلافاتنا ونزعاتنا الخفية.إن هؤلاء الذين يحدثوننا عن فكرة التحسين ليسوا كلهم أخلاقيين، أكثرهم يكذبون، والذين يحدثوننا عن فكرة التغيير ليسوا كلهم إصلاحيين، وهؤلاء الذين يشحذون ألسنتهم -كلما استطاعوا- ليجعلوا أنفسهم في مكان الناقد السياسي والإعلامي والثقافي، أكثرهم لا يعقلون، وفي العادة العلاقة غير مطردة بين ضجيج الصوت ونزاهة الأفكار أو حتى على الأقل عافية العقل. إنهم يذكرونني باجتراء الأطفال في أكاذيبهم وحيلهم، اجتراء الأطفال هذا مفتوح وغير مراقب، ليست هناك سلطة معرفية عليا تراقبه أو توجهه أو تحدّ من إسرافه في الغفلة والكذب، ولأجل هذا فإن الطفل لا يتحرج من (التهليس) حين يكون قد تشربه من محضن تربوي غير سويّ. يقع في فقر فقدين اثنين، فقد السلطة المعرفية العليا -وهي عامل أخلاقي- وفقد الأثر التربوي السوي -وهو عامل أخلاقي أيضاً-، وأشباه الأطفال هؤلاء يتظاهرون بالنزعة الأخلاقية وهم يدوسون عليها، وسأعود إلى هذا إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.