قال الخبير الأردني في شؤون الجماعات الإسلامية، الباحث حسن أبوهنية، إن تنظيم القاعدة يستغل ثورات الربيع العربي للتوسع في المنطقة. وأوضح أبوهنية، في حديثه ل”الشرق”، أن تنظيم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” يركز على اليمن، مضيفاً أنه كلما تمكن التنظيم في اليمن فإنه سيسعى لتنفيذ عمليات في دول عربية أخرى. كما توقع أبوهنية امتداد نشاط القاعدة إلى الأردن، قائلاً إنها ليست بمنأى عن الأحداث “فإذا طال أمد النزاع في سوريا فستصل الأردن هزات ارتدادية خلال عام تقريباً”، حسب توقعه. ولفت إلى أن استمرار النزاع في سوريا لعام أو عامين سيسمح بتحول التنظيمات الجهادية هناك إلى “حركة القاعدة في بلاد الشام”، ستمتد إلى باقي بلاد الشام التي يعدّها الجهاديون منطقة مقدسة سيؤدي طول أمد النزاع فيها إلى تزايد قوة القاعدة في عموم المنطقة.وتوقع أبوهنية كذلك أن تتمكن التنظيمات الجهادية من تشكيل حالة في سيناء، مشيراً كذلك إلى استمرار نشاطها ونموها بنفس الوتيرة في كل المناطق. وأشار في هذا الصدد إلى سيطرة القاعدة الآن على 70 % من الصومال، وإقامة إمارة في شمال مالي تضم تنظيمين أحدهما معظمه من الطوارق (حركة أنصار الشريعة) والآخر معظمه من العرب (التوحيد والجهاد)، كما ينشط التنظيم في النيجر وموريتانيا، وفي سوريا يتنامى وجوده بقوة، كما أن له وجوداً في العراق، إضافة إلى قواعده الأصلية في أفغانستان وباكستان. الثورات مهّدت الطريق ولاحظ أبوهنية أنه، في المناطق الرخوة أمنياً، سرعان ما تكيَّف تنظيم القاعدة وعَمِلَ على تبني استراتيجية جديدة وخطاب جديد لم يعد يركز على الأنظمة والكفر والردة، بل أصبح يركز على قضايا أخرى مثل قضية فلسطين والضغط لتطبيق الشريعة في الدول التي أنجزت الثورة كتونس ومصر، التي وصل إلى الحكم فيها إسلاميون.وتابع “أما في المناطق التي لم تنجز الثورة أو تم قطع الطريق على الثورة فيها، فقد استغل التنظيم وجود أي بنى اجتماعية مناسبة سواء من حيث الطبيعة القبلية أو في ظل التهميش والفقر كما في اليمن لينتشر هناك”. ويعتقد أبوهنية أن الشباب الذين خرجوا في الثورات وجدوا أن النتائج ضئيلة وهزيلة، ولم تحقق كثيراً من طموحات الشعوب، ويضيف “كانت هناك رؤية رومانسية للثورة وهي غير واقعية، إذ بنى الشباب كثيراً من الآمال وكانوا يحلمون بتحسن أوضاعهم المعيشية وتحسن الأوضاع العامة، وهو شيء بعيد المدى ويصعب تحقيقه قريباً، كل ذلك انعكس سلباً على فئة الشباب المستهدفة من قِبَل تنظيم القاعدة، وبالتالي بدا وكأن هناك هجرة باتجاه التشدد في أوساط الشباب”. جهاديو سيناءوغزة وبحسب أبوهنية، فإنه، في المناطق الرخوة مثل سيناء، كان واضحاً أن القضية الفلسطينية ستأخذ زخماً أكبر، وبالتالي سيزداد الضغط على جماعة الإخوان التي تسلّمت الحكم في مصر للتركيز على هذا الملف. وقال “بدأت عدة جماعات جهادية العودة إلى نشاطاتها لتوقف الملاحقة الأمنية، ثم أصبحت هذه الجماعات أكثر تشدداً بخصوص العلاقة مع إسرائيل ورفع الحصار عن غزة وإلغاء كامب ديفيد، وهذا طرح يجد كثيراً من الأنصار”. واستطرد “تقليدياً كانت سيناء مسرحاً لنشاط جماعة التوحيد والجهاد، وجماعة الجهاد المعروفة، والجماعة الإسلامية، ولكن بعد الثورات العربية ظهر كثير من الجماعات التي بدأت تنشط هناك مثل جماعة مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس، التي نفذت عملية في يوليو ضد دورية إسرائيلية، ومجموعة جند أنصار الله التي فجرت أنبوب الغاز في سيناء أكثر من 18 مرة، وسيوف الحق ومجموعات كثيرة، وهي كلها ليست من غزة”.كما أوضح أن هناك جماعات كانت قائمة بالفعل ثم نشطت مؤخراً مثل جماعة التوحيد والجهاد التي يتزعمها أبووليد المقدسي، وجيش الإسلام، وجيش الأمة، وجند أنصار الله التي كان يتزعمها أبوالنور المقدسي (عبداللطيف الموسى)، الذي قُتِلَ في مواجهة مع حركة حماس في مسجد ابن تيمية في غزة في 2009.ولفت إلى أن الجماعات الجهادية ظهرت بعد تغير استراتيجية حركة حماس والتزامها بهدنة طويلة المدى وتوقفها عن استهداف إسرائيل، حتى أن بعض الجماعات ظهرت من داخل كتائب القسام التابعة لحماس واتجهت نحو الفكر الجهادي، وأكد وجود صلات بين الجماعات الجهادية في غزة ونظيرتها في سيناء، وكلها تستهدف إسرائيل، لذا أصدرت بيانات تنفي أي مسؤولية عن مقتل الجنود المصريين في رفح الشهر الماضي. اليمن أهم قاعدة ووفق أبوهنية، فإن تنظيم القاعدة في اليمن برز في عام 2009 بقيادة اليمني أبوبصير ناصر الوحيشي ونائبه أبوسفيان سعيد الشهري، حيث أصبح أهم من القاعدة المركزية في أفغانستان وباكستان.وبرر الخبير الأردني تحول ثقل القاعدة إلى اليمن بهشاشة البنية القبلية وبفعل المشكلات العديدة أمنياً واقتصادياً، وأكمل “إضافةً إلى القاعدة كانت هناك محاولات لتنظيمات وسيطة مثل تنظيم أنصار الشريعة الذي حاول إنشاء إمارة ظفار”. التنظيمات المتطرفة في المنطقة