عنوان هذا المقال هو مَثل مشهور، خصوصاً في بلاد اليمن، وتُرجح كثير من الأقاويل أن هذه الجملة أطلقها الأمام أحمد بن يحيى حميد الدين إمام اليمن المشهور وملك المملكة المتوكلية اليمنية، المتوفى عام 1322 هجرية، وهو رجل اشتهر بالحنكة والدهاء والفصاحة. أتذكر جملته الشهيرة هذه التي تصلح في مواقف كثيرة من حياة الإنسان، حيث هي مملوءة بالندم بلا أدنى شك. ولكني أراها صريحة واضحة تامة المعنى والمبنى في هذا الوقت بالذات، ذلكم في مُعتصر هذا الربيع العربي الذي بات أعظم وأشهر طارئ طرأ على العالم خلال هذا القرن الجديد. هذا المثل يمدُ سبابته تجاه الرؤساء العرب والزعماء الذين أخذتهم صفات الشياطين حتى استكبروا على شعوبهم وناسهم و»دفاهم» الحقيقي، وبطشوا حتى هبّت عليهم هبوب البرد من حيث لا يحتسبون. إن في نواميس الحياة وتواريخ البشر والأنظمة والحكومات لعبرة لمن يعتبر، ولكننا عرفنا من ذات النواميس، أن البطش والعنف قرناء للاستكبار والأنفة الهوجاء المُضلة.. بشار الأسد في هذه الأيام التي تموج فيها أرواح المسلمين بالطمأنينة والفرحة في آن.. يمارس في شعبه عجائب العنف والاستكبار والغلو في القتل وهتك الأعراض، وسندرك جميعاً ونشهد على نواميس الحياة والإنسان كيف ستكون نهايته شبيهة بنهاية أحد الأربعة، إما محروقاً مرجوماً كعلي صالح، أو مسجوناً كمبارك، أو مقتولاً كمعمر، أو هارباً كابن علي زين العابدين. وإني أتساءل بعد أن ضيّع السياسي العربي شعبه «دفاه»، ثم نفاه الشعب في برد السقوط..من هو الذي سيتلوه في البرد؟ من هو الذي ستضيّعه الشعوب بعد إيمانها بأنه ضيّعها حيناً من الدهر؟ أتراه الديني العربي المُدجّن؟ أم تراه المثقف العربي المخذول؟. وحقاً..»يستاهل البرد من ضيّع دفاه»!.