مسجلة أعلى نمو نصف سنوي .. الصادرات السعودية غير النفطية تبلغ 307 مليارات ريال خلال النصف الأول من 2025    التاريخ ينصف السعودية على حساب الإمارات    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    تركيا تقول إنها أسقطت طائرة مسيرة غير خاضعة للرقابة    نائب وزير البيئة: الحدود الشمالية بيئة استراتيجية للاستثمار وفرص واعدة لتحقيق تنمية مستدامة    القيادة تهنئ ملك مملكة البحرين بذكرى اليوم الوطني لبلاده    الانتهاء من تنفيذ شبكات المياه بمحايل عسير    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    مؤشر الدولار ينخفض بنسبة 0.2 بالمئة    أصدقاء البيئة تنفذ زراعة 300 شجرة بالكلية التقنية دعمًا لمبادرة التشجير الوطني    القطيف تحتفي بثقافة الطفل في «أسبوع الطفل الأدبي»    كانسيلو والبليهي.. لحظة مرحة تحولت إلى جدل    رئيس الوزراء الأسترالي يواجه ضغوطاً إسرائيليةً بعد هجوم بونداي    المطر في الشرق والغرب    في الأجواء الماطرة.. الحيطة واجبة    طائرة الاهلي تواصل الصدارة والهلال يلاحقه    السكتيوي: بالانضباط التكتيكي هزمنا الإمارات    ورشة نقدية تقرأ الجمال في «كتاب جدة»    «الدارة» ترصد تاريخ العمل الخيري بمكة    نجاح ترميم مجرى الدمع بالمنظار    «جوارديولا».. رقم تاريخي في الدوري الإنجليزي    (الرياضة… حين تتجاوز حدود الملعب)    الأهلي ينهي خدمات رئيس الجهاز الطبي    قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان    لبنان عالق بين التفاوض واستمرار التصعيد العسكري    وسط تمسك أوكراني وقلق أوروبي متصاعد.. ضغوط أمريكية على كييف للتخلي عن دونباس    أمير منطقة الرياض يوجه الجهات المعنية بسرعة رفع تقارير نتائج الحالة المطرية    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    انطلاق تمرين مواجهة الكوارث البحرية الخميس    موجز    الأمير فيصل بن خالد يرعى توقيع 21 اتفاقية ومذكرة.. 40 ملياراً قيمة فرص استثمارية بمنتدى الشمالية    الاستقرار الاجتماعي    وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية جرّاء الفيضانات في مدينة آسفي    شراكات في صناعة السينما بمهرجان البحر الأحمر    اختتمت مشاركتها في المعرض بمدينة ميلانو الإيطالية.. السعودية تبهر زوار «أرتيجانو آن فييرا» بعمقها الحضاري    ضمن أعمال منتدى تحالف الحضارات.. مناقشات دولية في الرياض تعزز الحوار بين الثقافات    تعديل السلوك    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    دواء مناعي يعالج التهاب مفاصل الركبة    دراسة: نقص«أوميغا-3» يهدد 76% من سكان العالم    جريمة قتل حامل تهز سكان المنوفية    فيديوهات قصيرة تهدد نمو الأطفال    وميض ناري على مذنب    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    غداً .. "كبدك" تُطلق برنامج الطبيب الزائر «عيادة ترحال» ومعرضًا توعويًا شاملًا في عرعر    أمير منطقة جازان يستقبل إمام المسجد النبوي    دور إدارة المنح في الأوقاف    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شخصية العراقي المتناقضة
نشر في الشرق يوم 01 - 07 - 2012

العراقي بطبعه متناقض، تجتمع فيه كل تضادات العالم، فهو كريم، شهم، يأبى الضيم على نفسه وعلى جيرانه ولكنه مع ذلك يتمتع بدرجة عدائية عالية، لا يتوانى عن الغدر والقتل بطريقة قاسية جداً يصعب على العقل في بعض الأحيان تصورها، كما في المقابر الجماعية وعمليات الأنفال (راح ضحيتها أكثر من 180 ألف كردي) وقصف مدينة «الحلبجة الشمالية»، فهو بدوي يتحلى بكل صفات البداوة المتناقضة من خشونة ورعونة وبطش وكذلك الكرم والوفاء والشجاعة والأصالة إلى درجة لا يستطيع الحضري بحسب الدكتور علي الوردي أن يدانيه فيها، شخصية معقدة أخذت حظها من التحليل والتدقيق من قبل علماء بارزين وعلى رأسهم العالم السوسيولوجي العراقي الدكتور الوردي، الذي لم يترك جانباً منها دون أن يشبعها بالبحث والتحليل العلمي الرصين وخلص في الآخر إلى أن العراقي يحمل طابع النفاق في داخله، يقول شيئا ويفعل شيئا آخر ضده، يعتقد بشيء ويفعل نقيضه، ذو شخصيتين مختلفتين؛ البداوة والحضارة في آن معا، تراه «أفنديا» مهندما يظهر الثقافة والعلم والتقدم ولكنه في حقيقته رجعي حتى النخاع يحكم أهل بيته بالحديد والنار، يدعو إلى العفة والفضيلة ويدافع عنها ولكنه إذا سنحت له الفرصة فلن يتورع عن الانحراف عنها، فهو كما يقول الوردي، «أقل الناس تمسكا بالدين وأكثرهم انغماسا في النزاع بين المذاهب الدينية، فتراه ملحداً من ناحية وطائفياً من ناحية أخرى»، يدعو إلى الوطنية وحب الوطن باللسان ويخطط لشيء آخر بعيد عن الوطنية، يعمل على مكافحة الفساد والمفسدين ويُنْشِئ هيئة للنزاهة وهو غارق حتى أذنيه في وحل الفساد..
شخصية انفصامية غاية في التعقيد.. ويرجع «الوردي» سبب هذه الازدواجية في الشخصية إلى العامل الجغرافي للعراق بحكم كونه قريباً من صحراء الجزيرة العربية، الأمر الذي جعله يتعرض إلى عدوى البداوة منها، فيما يرجع كتاب آخرون سببها إلى «الهوية الحضارية بكل تناقضاتها التاريخية»، فالعراقي يتبع في سلوكه.. طيبة ونقاء مدن سومر.. ووحشية وعنف وصلافة وغدر مملكة (آكد) السرجونية وعزة وشموخ وجمال بابل وجناتها المعلقة..».
ووفق هذه النظرية «الحضارية» يجب علينا أن نهلل ونصفق للذين ينهبون البنوك ويفجرون قبور الأنبياء كما حصل في مسجد النبي يونس في الموصل ويقتلون الناس بوحشية تحت ذرائع شتى، لأنهم إنما يؤدون فعلاً حضارياً مماثلاً لما كان يفعله الآباء الآكديون، جينات حضارية ورثوها من الملك سرجون الآكدي.
ربما تكون هذه الصفات شائعة وموجودة في كل إنسان في العالم ولكنها تكثر بشكل ملفت للنظر عند العراقي، «والازدواج فيه مركز»… ونحن في معرض حديثنا عن هذه الشخصية الشيزوفرينية المعقدة، لا نهدف إلى الإساءة إليها والنيل منها بقدر ما نريد إظهار بعض ملامحها العامة، وشرحها وتبيان حقيقتها ولو بشكل مبسط لأنها أولاً وأخيراً قدرنا يجب التعامل معه بواقعية، ولا مناص من مواجهتها، والتعايش معها، وإن تضررنا منها، فلا يمكننا التهرب منها، ورفض التعامل معها.. ربما نكون نحن الأكراد من أكثر الناس إلماما بهذه الشخصية وأعرفهم بخفاياها ونواياها المتقلبة، بحكم تواصلنا الطويل معها وارتباطنا بها في دولة واحدة «مضطرين»، ومن خلال التجارب المريرة التي خضناها معها، خرجنا بحكمة بسيطة ولكن كان ثمنها باهظاً جداً، دفع من دماء شعب بكامله، تقول الحكمة؛ إن من يقترب من هذه الشخصية اللغز أكثر من اللازم اكتوى بنارها، لذا فمن الأفضل أن تتعامل معها من بعيد، فكل من دنا منها أصابه قسط من «بركاتها» المدمرة، كما في قصة (الكويت)..
هذه الحكمة البالغة التي ننساها دائما في خضم الوعود السخية الكاذبة والمشروعات الفاشلة التي نتلقاها منها، ولكن عندما نتذكرها يكون الأوان قد فات، ونظل نتذكر وننسى ونتذكر وننسى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها أو يأتي من يفرق بيننا وينقذنا من هذه الدوامة «السيزيفية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.