لم يحصل في التاريخ الحديث تواطؤ كالذي يحصل اليوم من قبل المجتمع الدولي مع النظام السوري، لم يأخذ أحد تلك الفرص التي لا تنتهي وهذا الدلال والطبطبة من الشرق والغرب كما هو حال بشار الأسد. الحقيقة المرة هي أن الوضع في سوريا والمنطقة يتجه بسرعة إلى الحرب الطائفية، وما هذا الصمت الإقليمي والدولي إلا لزيادة الفتنة اشتعالا وهي في النهاية لن تكون في مصلحة الأقليات على حساب الأكثرية.. فكلما أمعن النظام السوري في القتل والحرق والتهجير والاعتقال.. كلما زاد حماس الشباب في كل البلدان العربية للتوجه نحو سوريا للدفاع عن شعبها المظلوم، وهذا ما يحصل بالفعل. إن سياق الأحداث واضح وضوح الشمس، فكما يقول المثل الشعبي السوري: آخر العلاج الكي.. فالوضع طائفي بامتياز، ولا مكان اليوم للعقلاء في سوريا لأن لغة العقل والسياسة قد فشلت، فلا النظام مستعد للحوار ولا غالبية المعارضة وحتى روسيا حليفة النظام فشلت في إجراء أي لقاء بين السلطة والمعارضة بأنواعها. وبين كل مجزرتين ثمة مجزرة أخرى والعالم يتذرع بكل شيء لكيلا يتدخل فعليا وليس عسكريا بوضع حد لما يجري، فالولايات المتحدة لا تستبعد أي خيار لكنها ترى أن الخيار العسكري سيزيد الوضع تعقيدا وخطورة، أما فرنسا فتلوح باستخدام القوة شرط موافقة مجلس الأمن المحكوم اليوم بالفيتو الروسي، بصراحة كلام لذر الرماد بالعيون. المقاتلون السوريون يسيطرون على نصف البلاد تقريبا حسب تقديرات الأممالمتحدة، بالقوة أسسوا جمهوريتهم وميزان القوى يميل إلى مصلحتهم تدريجيا وإن بشكل بطيء. فهم العالم أم لم يفهم فإن سوريا تصنع ثورتها المستحيلة في أصعب الظروف وأسوأ الرهانات لكنها رغم المجازر المتنقلة مستمرة ومتصاعدة وتشكرنا جميعا.