أكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمان الأسري الوطني، المستشارة غير المتفرغة في مجلس الشورى الدكتورة مها المنيف، أنَّ السجل الوطني الذي أطلقه برنامج الأمان الأسري رصد أكثر من ألف حالة إساءة معاملة للأطفال منذ الشروع في إدخال البيانات فيه. وبيَّنت المنيف في حوار مع «الشرق» أنَّ كونها امرأة وأمًّا عاملةً جعلها توجه اهتمامها إلى المرأة والطفل، وتتبنى حمايتهما من الأذى، مشيرة إلى أنَّ وجودها في مجلس الشورى كعضو غير متفرغ أتاح لها تقديم اقتراحات وحلول أكثر عملية. * لماذا اخترتِ دراسة طب الأطفال؟ - منذ بداية دراستي في كلية الطب بجامعة الملك سعود ،كنت مهتمة بقضايا الأطفال عموماً، لأنهم المستقبل فالاهتمام بهم وبصحتهم، ينعكس إيجاباً على اقتصاد الدولة، و لذا تخصصت أثناء دراساتي العليا، في طب الأطفال، وحصلت على البورد الأمريكي من» ألباما»، ثم تخصصت في الأمراض المعدية لدى الأطفال من جامعة» ييل»، وفي عام 1994م، عملت في مستشفى الملك عبد العزيز كاستشارية طب أطفال وأمراض معدية، إضافة إلى عملي كأستاذ مساعد في طب الأطفال بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الطبية منذ عام 2007 م، فساهمت في تخريج عدة دفعات من الأطباء والممرضات، و تدريب أطباء وطبيبات تحت التدريب في مستشفيات الحرس الوطني منذ عام 1999م. * هل أثر تخصصك في طب الأطفال على توجّهك لحماية الأطفال؟ - اهتمامي الكبير بمشاكل الأمومة والطفولة دفعني لتبني قضاياهم الحساسة، بسبب معرفتي بهذه المشاكل التي تواجه الأسرة السعودية، كوني امرأة وأمًّا عاملة، فركزت توجهي على حماية المرأة والطفل من العنف. * هل أعانك وجودك في مجلس الشورى على ذلك؟ - أتاح لي وجودي في المجلس كعضو غير متفرغ منذ عام 2009 م أتاح لي تقديم الاقتراحات والحلول العملية، المطابقة لأنظمة وقوانين المملكة، من خلال خبرتي في التعامل مع الأطفال والأسرة عموماً، للإسهام في حل المشكلات الأسرية، خاصة المتعلقة بالعنف، لتحسين وضع الفرد المعيشي، لاسيما الأطفال والنساء والمسنين. * كيف كانت بدايتكِ مع برنامج الأمان الأسري الذي تأسّس عام 2005م؟ وماذا أضفتِ له وهل أضاف لكِ؟ - بدأت أولى الخطوات في عام 2002م عندما اجتمعت مع أكاديميات سعوديات مهتمات بقضايا العنف الأسري، من مختلف التخصصات، ثم تم عرض القضية بشكل مفصّل وموضوعي، مرفقاً ببعض الرؤى والمقترحات التي تخدم موضوع الأمان الأسري، خاصة أنني عايشت كثيراً من حالات العنف ضد الطفل، والتي تصل إلى المستشفيات للعلاج. وتوصلنا بعد الاجتماع إلى ضرورة تشكيل فريق لحماية المرأة والطفل، بحيث يعمل داخل وخارج المستشفى، وتوسيع دائرة عمله ليشمل سكان المملكة العربية السعودية تحت مظلة رسمية، وحرصنا منذ البداية أن يكون التحرك مدروساً ومنطقياً، طبياً واجتماعياً وقانونياً، وأن يشمل الأسرة بكاملها. ثم قدم الموضوع لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود- حفظه الله- الذي وافق على إقامة البرنامج بمرسوم ملكي كريم، ليغدو برنامجاً وطنياً شاملاً تشترك فيه الجهات الوطنية والحكومية والأهلية محلياً، ومع حصولنا على الدعم السياسي والاجتماعي، حصلنا على برنامج مثالي ومميز ليس محلياً فقط، بل في منطقة الشرق الأوسط ككل. * ما قصة فوزك بجائزة المرأة الأكثر ريادة في القطاع العام 2010م، ثم» المرأة المميزة في القطاع الصحي في الشرق الأوسط» لعام 2012م ؟ - تشجع جائزة المرأة الأكثر ريادة في القطاع العام 2010 م على تنمية المرأة، مستهدفة وضع مزيد من النساء في مناصب بارزة، وسُلِّمتُ الجائزة خلال حفل تسليم جوائز منتدى الرائدات وسيدات الأعمال برعاية نائب الرئيس، والمشرف العام لمجلس أمناء جامعة عفت، الأميرة لولوة الفيصل، أما جائزة المرأة المميزة في القطاع الصحي بالشرق الأوسط هذا العام، رشحتني أكاديمية التلفزيون الهندية بالتعاون مع « تيروكيم» العالمية، للجائزة، حيث مثلت المملكة العربية السعودية في هذا التكريم، في حفل أقيم بدبي، تخلله تكريم سيدات عربيات في مجالات أخرى. * كيف تقيمين تعاون المؤسسات الحكومية والأهلية في تقديم الخدمات لضحايا العنف الأسري؟ - حرصنا في البرنامج منذ نشأته على إبرام اتفاقيات تعاون وشراكات مع مؤسسات محلية ودولية لقناعتنا بأهمية مبدأ التعاون بين المؤسسات الحكومية، وغير الحكومية لتوفير الخدمات للأفراد دون الدخول في الازدواجية المؤسسية. ومن هذه المؤسسات، وزارة الشؤون الاجتماعية، جمعية حماية الأسرة، مركز القانون السعودي للتدريب، مكتب الخليج العربي لدعم منظمات الأممالمتحدة الإنمائية» أجفند»، مكتب اليونسيف بالخليج العربي، الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، جمعية الملك عبد العزيز الخيرية بالقصيم، جمعية طب الأطفال السعودية، الجمعية الدولية للوقاية من إساءة معاملة وإهمال الأطفال ISPCAN، منظمة شبكة خطوط نجدة الطفل الدولية CHI. ويتجلى دور هذه الشراكات، من خلال الأعمال المشتركة التي قمنا بها بالتعاون مع عدة مؤسسات وطنية كحملة «غصون الرحمة» بمشاركة جمعية حقوق الإنسان، وحملة « الحد من إصابات الرأس لدى الأطفال» التي ننفذها مع مؤسسة الملك خالد الخيرية، لتوعية أكثر من ستة آلاف امرأة وضعت حديثاً، وبرامج تدريب بالتعاون مع جهات محلية كوزارة الصحة، وجامعة نايف الأمنية، وجهات دولية مثل الجمعية الدولية للوقاية من إساءة معاملة وإهمال الأطفال ISPCAN. * ما مدى فاعلية السجل الوطني لحالات إساءة معاملة الطفل المسجلة في القطاع الصحي؟ - تم تدشين السجل الوطني في شوال 1430 ه الموافق 7 أكتوبر 2009 م، وقد صمم وطور هذا السجل الإلكتروني من قبل برنامج الأمان الأسري الوطني، ومركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي لإدخال البيانات الديموغرافية، والتداخلات التشخيصية، والعلاجية، والإحالات من قبل مراكز حماية الطفل الطرفية مباشرة عبر الأنترنت عند رصد حالات إساءة معاملة وإهمال الأطفال وتحديثها تباعاً، ويمكن من خلال هذا السجل إصدار إحصاءات سنوية متعددة البيانات تساهم في إعداد رؤية متكاملة لصانعي استراتيجيات حماية الطفل في المملكة، حيث تم تسجيل أكثر من ألف حالة إساءة معاملة للأطفال منذ الشروع في إدخال البيانات في السجل الوطني، حيث تزيد نسبة الإبلاغ عن العنف، مع ارتفاع الوعي في المجتمع، ما أعده مؤشراً جيداً يدل على ثقة الناس في حصولهم على المساعدة، و ليس دليلاًعلى تزايد العنف. * إلى أين وصل مشروع «شباب الأمان» التابع للبرنامج؟ - أطلق البرنامج مبادرة «شباب الأمان» بمنطقة الرياض في 31 أكتوبر 2010م على شكل لجنة تستقطب الشباب والشابات ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و 17 عاماً، لتنمية مهاراتهم الأساسية، وتأهيلهم لنشر ثقافة حقوق الأطفال والمراهقين في الوطن، إضافة إلى مناهضة جميع أشكال العنف، من خلال إشراكهم في أنشطة وفعاليات برنامج الأمان الأسري الوطني، لكونهم الفئة المعنية بخدمات البرنامج، و إيمانا منا بقدرتهم على تحديد احتياجاتهم، وإيجاد حلول لمشكلاتهم. ودربت اللجنة» شباب الأمان» على عدة مهارات، كالاتصال و الحوار، كما شاركوا في أنشطة اجتماعية، مثل تنظيم وحضور لقاء الخبراء الوطني الرابع، مع إعطائهم فرصة لمحاورة المتحدثين، و كذلك مشاركتهم في» تيدكس الأطفال» لهذا العام، حتى يتحدثوا عن تجربتهم في إحداث تغيير إيجابي لحياتهم ومحيطهم، أيضاً مساهمتهم الفاعلة في حملة مكافحة التنمر»عنف الأقران»، التي أعدوها، وكانت موجهة إلى نفس المرحلة العمرية، ولاقت صدى إيجابياً واسعاً العام الماضي. أما فيما يخص الخطة المستقبلية لشباب الأمان، فقد ارتأى البرنامج ممثلاً في اللجنة الإشرافية لشباب الأمان، دعوة المهتمين لإنشاء لجان» شباب الأمان»، ولجان إشرافية فرعية في مختلف مناطق المملكة بحيث يكون لكل لجنة منسق معتمد، أو ضابط اتصال بين اللجنة الفرعية و الرئيسية في برنامج الأمان الأسري الوطني، فيرشح المنسقون أسماء طلاب وطالبات موهوبين في المملكة، لتدريبهم حتى يكونوا أعضاء في اللجنة الفرعية بالمنطقة، مكونين بذلك شبكة شباب الأمان ويتوقع الاستمرار في هذا المشروع باتفاقية مع وزارة التربية والتعليم وتم إرسال المقترح إليهم لدراسته.