في ورشة عمل بعنوان تحدي القيادة كنا نجلس على أربع طاولات مستديرة، فأعطانا المدرب كرة صغيرة، وطلب تناقلها فيما بيننا في أسرع وقت ممكن بحيث لا تقع على الأرض. بدأنا برمي الكرة بين المتدربين على نفس الطاولة ومن ثم إلى الطاولات الأخرى، ولكن تكررت المحاولات واستغرقت وقتا كثيرا بسبب الفشل في الإمساك بالكرة وسقوطها على الأرض. حينها أعطى المدرب تلميحا وقال إن المتدربين في ورشة العمل السابقة تمكنوا من إنجاز التمرين بنجاح في وقت قياسي جدا في أقل من دقيقة. هذا التلميح جعلنا نعيد التفكير في الآلية المتبعة، فتركنا الكراسي والطاولات ووقفنا بالقرب من بعضنا، وبدأنا نفكر في أفضل وأسرع طريقة لإيصال الكرة، وبالفعل تمكنا من إنهاء التمرين بنجاح باهر وسرعة لم تتوقع. ما هو الغرض من هذا التمرين؟ وماذا يستفاد منه؟ عندما طلب المدرب إيصال الكرة في أسرع وقت لم يحدد الآلية، ولم يضع ضوابط وتعليمات لبقاء كل متدرب على جلسته وفي مكانه، وإنما كان ذلك قرار المتدربين أنفسهم. الغرض من التمرين كان لإعطاء درس عملي للقادة بأن لا يقيدوا أنفسهم بتعليمات وضوابط لم تفرض عليهم ويكبلوا أنفسهم بها، بل العكس المطلوب من القائد أن يراجع التعليمات والأنظمة والتعليمات الموجودة مسبقا ويتحداها، ويفكر خارج الصندوق بطريقة إبداعية من أجل الوصول إلى ما هو أفضل منها؛ للتقدم والازدهار وما فيه مصلحة وفائدة لمنظومة العمل ومن ينتمي إليها، خصوصا إذا ما كانت تلك التعليمات قديمة قد وضعها قادة سابقون حسب ظروف معينة ومعطيات خاصة في تلك الفترة الزمنية. وهنا يبرز دور القائد في البحث عن التغيير والتجديد لما هو أفضل بدلا من الجمود والسير على ما وضعه ورسم خارطته من سبقوه.