ارتفاع اسعار النفط    الأخضر السعودي يتعادل مع ترينداد وتوباغو ويتأهل لربع نهائي كونكاكاف    "البيئة": بدء بيع المواشي الحية بالوزن الخميس المقبل    116 مليون سائح عام 2024.. 284 مليار ريال إنفاقاً سياحياً في السعودية    تحت رعاية خادم الحرمين.. نائب أمير الرياض يكرّم المنشآت الفائزة بجائزة الملك عبدالعزيز للجودة    تجنباً لانزلاق المنطقة نحو الفوضى.. دول عربية وإسلامية تدعو للحوار لاستقرار المنطقة    السعودية تدين الهجوم على كنيسة في دمشق    أكد الاحتفاظ بكافة الخيارات للرد.. عراقجي: هجوم واشنطن انتهاك صارخ للقانون الدولي    تحديد موقع المركبة اليابانية المتحطمة    عام 2030 الإنسان بين الخيال العلمي والواقع الجديد    سر انتشار البشر خارج إفريقيا    وزير الداخلية يستقبل سفير المملكة المتحدة    مونديال الأندية| ريال مدريد يتغلب على باتشوكا بثلاثية    بحث تطورات الأوضاع مع ماكرون وميلوني.. الأمير محمد بن سلمان: ندعو لضبط النفس وحل الخلافات بالوسائل الدبلوماسية    في ثالث جولات مونديال الأندية.. الأهلي المصري يواجه بورتو.. وتعادل ميامي وبالميراس يؤهلهما معاً    ضبط مقيم لنقله 13 مخالفاً لنظام أمن الحدود    إطلاق النسخة ال5 من مبادرة السبت البنفسجي    "فلكية جدة": القمر يقترن ويحجب نجم الثريا    علقان التراثية    إثراء" يشارك في مهرجان "كونسينتريكو" الدولي للعمارة    فتح باب التسجيل في برامج أكاديمية "إعلاء" لشهر يوليو    عندما يقول النجوم "كفى".. لماذا ترك 11 من كبار مشاهير السوشال ميديا؟    اقبلوا على الحياة بالجد والرضى تسعدوا    حملة لإبراز المواقع التاريخية في العاصمة المقدسة    في المسجد    نصائح لتجنب سرطان الجلد    العمل ليلا يصيب النساء بالربو    فيروسات تخطف خلايا الإنسان    الهلال يتعادل سلبيا مع سالزبورغ بكأس العالم للأندية    عسير تستعد لاستقبال السياح    الأحساء تستعرض الحرف والفنون في فرنسا    "الغطاء النباتي".. حملة لمكافحة التصحر    مبادرة للتبرع بالدم في "طبية الملك سعود"    تنظيم السكن الجماعي لرفع الجودة وإنهاء العشوائيات    أمر وحيد يفصل النصر عن تمديد عقد رونالدو    محاولة جديدة من الهلال لضم ثيو هيرنانديز    قوة السلام    مستشفى المذنب يحصل على تجديد "سباهي"    إنقاذ حياة امرأة وجنينها بمنظار تداخلي    أمير حائل يكرّم 73 طالبًا    تباين في أداء القطاعات بسوق الأسهم السعودية    40 مليار ريال حجم الاقتصاد الدائري بالمملكة    الضّب العربي.. توازن بيئي    «المنافذ الجمركية» تسجل 1084 حالة ضبط    البحر الأحمر يعلن عن تمديد فترة التقديم للمشروعات السينمائية    أكثر من 19 ألف جولة رقابية على جوامع ومساجد مكة    الأحساء تستعرض تجاربها في الحرف والفنون ضمن مؤتمر المدن المبدعة بفرنسا    أمير قطر يبحث هاتفيًّا مع رئيسة وزراء إيطاليا آخر المستجدات الإقليمية والدولية    وزير الداخلية يودع السفير البريطاني    الشؤون الإسلامية توزع هدية خادم الحرمين من المصحف الشريف على الحجاج المغادرين عبر منفذ عرعر    "القنبلة الخارقة" تقصف قلب البرنامج النووي الإيراني    أمراء ومسؤولون يؤدون صلاة الميت على مشعل بن عبدالله    %99 استقرار أسر مستفيدي زواج جمعية رعاية    جازان تودع الشاعر والأديب موسى بن يحيى محرق    نائب أمير الشرقية يعزي العطيشان    الجبهة الداخلية    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على صاحب السمو الأمير مشعل بن عبدالله بن فهد بن فيصل بن فرحان آل سعود    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرعية الميدان وشرعية البرلمان
نشر في الشرق يوم 01 - 02 - 2012

قبل أيام من الذكرى الأولى للثورة المصرية بالغ المجلس العسكري مدعوما بآلته الإعلامية الرسمية (سواء عبر شاشات التليفزيون أو عبر الرسائل والتصريحات)، في صناعة الفزع تحت عنوان مفرط في عنفه «مخطط لإحراق مصر». ورغم ذلك فقد نزل المصريون بالملايين في صورة ذكّرتنا جميعا بأيام الثورة الأولى متجاهلين كل المخاوف التي حاول العسكر بثها في قلوبهم ربما لأن «مشهد الرعب» أصبح مكرورا للغاية، فقد حاول العسكري إجهاض عدة جُمع بالوسيلة نفسها، وفشل.
الأزمة الحقيقية كانت في مشاركة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين للمجلس العسكري صناعة مشهد الخوف، فقبل أيام أيضا من نزول المصريين للميادين لاستكمال ثورتهم عكف الحزب عبر جريدته ومحطته الفضائية على التحذير من «المؤامرة» المزمع تنفيذها في ذلك اليوم، مرة بإشاعة أن مخططا خرافيا سوف تقوم «جماعة الأناركيين» متقنعة خلف قناع «بانديتا» بتنفيذه لحرق مصر والاعتداء على المنشآت العامة بل ومهاجمة مقار الشرطة والجيش، هكذا دفعة واحدة (!). الأناركية هي فزاعة الإخوان الجديدة، وكأن لعبة الكراسي الموسيقية المعروفة بانتخابات البرلمان قد أفرغت فضاءات الحزب الوطني لصالح الحزب الإخواني دون تفكيك آلية الاستبداد التي قامت الثورة من أجله، فبدلا من استخدام الحزب الوطني وقت أن كان في السلطة لفزاعة الإخوان/ الجماعة المحظورة يقف اليوم حزب الإخوان بعد أن صار في السلطة ليستخدم فزاعة الأناركيين/ الجماعة المحظورة الجديدة، غير أن الكذبة هذه المرة لم تكن باحترافية الحزب الوطني فلم يصدقها أحد.
وفي الفضائيات الرسمية وغير الرسمية للتيار الإسلامي بدت صناعة الكذب باهتة وركيكة، بداية من إشاعة الرعب نفسه من الجماعة والجماعات المحظورة مرورا بمهاجمة البرادعي والتشهير بحركة 6 أبريل وليس انتهاء بالادعاء الكاذب بأن الإعلامية ريم ماجد اسمها ريم ماجد ألفريد، هكذا تتحول ريم المسلمة إلى ريم أخرى مسيحية للّعب على وتر الطائفية اللعين.
وفي الميدان بدت منصة الإخوان مبالغا في ثرائها وسلطويتها، منصة مرتفعة تحوي 25 مكبرا للصوت، في محاولة للقبض على دفة الميدان والسير به إلى بر «الاحتفال» الآمن بالثورة لترضية المجلس العسكري الذي دعا المصريين للاحتفال متجاهلا دعوات الثوار بالنزول لاستكمال الثورة وللاعتراض على عام من الفشل الإداري للدولة، ولقطع الطريق على أية محاولات لنجاة أي من قتلة الثوار سواء في أيام الثورة الأولى أو في أحداث ماسبيرو وشارعي محمد محمود ومجلس الوزراء. محاولة الإخوان للدفع في طريق الاحتفال تسببت في مصادمات بين الثوار على مختلف أطيافهم وبين قيادات الإخوان وشباب الجماعة الذين بدوا وكأنهم خارج السياق الثوري.
المشهد مشهد الصدام لم يكن مفاجئا للبعض، وكان مفاجئا للبعض الآخر، خصوصا لبعض شباب الإخوان الذين أصبحوا يفكرون خارج حظيرة جماعتهم وقياداتها التقليدية، ولكنه في الحالتين بدا مُقلقا حتى لأكثر الناس تفاؤلا. لقد كان الرهان قبل وبعد إعلان نتيجة الانتخابات البرلمانية على «وطنية» الجماعة التي كانت حتى عام فقط محظورة ومطاردة وملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية، وتعمق الرهان بخاصة بعد الأغلبية التي حصل عليها الإخوان. فكر البعض أن جماعة خضعت لكافة أساليب القمع خلال سنوات ما قبل الثورة لن تُذيق معارضيها العذاب نفسه، ولن تكون أبدا بديلا عن النظام الذي سقط على مستوى آليات العمل السياسي، باختصار لن تكون «سلطة».
ومع ذلك، يبدو أن رسالة قد تلقتها الجماعة خلال الأيام القليلة الماضية مفادها أن «رصيدكم حتى الآن لم ينفد بعد، ولكنه على وشك النفاد»، وأن الشرعية التي حصّلَتها الجماعة من أصوات المصريين المودعة في الصناديق «لا تكفي» ببساطة لأن «الثورة مستمرة» ولأنها أي الثورة ما زالت في «الميدان»، ويكفي ما عبّر عنه أحد الشباب غير الإخواني حين قال لصديقه الإخواني «البرلمان لن يكون أبَا للثورة.. البرلمان بالأحرى ابن الثورة»!.
لا يأمل أحد في مصر في حدوث صدام بين شرعية الميدان وبين شرعية البرلمان، ولكن كثيرا من الأطياف السياسية ترغب في أن يكون البرلمان امتدادا للميدان والمتحدث باسمه ووكيله، وليس بديله، لأن المصريين الذين خرجوا لإعادة دفع الدولة للمستقبل لن يكون في مقدورهم التنازل عن هذا الحلم، حلم الدولة العصرية الحديثة التي يحكم فيها الشعب نفسه عبر آليات ديمقراطية حقيقية، ولأن المصريين لن يكفوا عن إزاحة الحكم الشمولي الذي يرى فيه مَن هم في السلطة أنهم أصحاب الحقيقة المطلقة، ومن ثم فإنهم يفرضون وصايتهم على الشعب كله باسم «الأمن» من الخوف و»الحماية» من المؤامرات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.