رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    "المالية" معلنة نتائج الميزانية للربع الأول: 263.6 مليار ريال إيرادات و322 ملياراً مصروفات    أزمة السكن وحلولها المقترحة    موجز    الإدارة الذاتية: رمز وطني جامع.. سوريا.. انتهاء العمليات القتالية في محيط سد تشرين    دعت إسرائيل لاحترام سيادة لبنان.. 3 دول أوربية تطالب باتفاق جديد مع إيران    استهدفت ميناء الحديدة ومواقع في صنعاء.. أمريكا وإسرائيل توجهان ضربات جوية على الحوثيين    بعد تتويجه بكأس أبطال آسيا للنخبة .. وزير الرياضة يستقبل فريق الأهلي    آسيوية الأهلي وعالمية الهلال    في الجولة 32 من دوري" يلو".. الجبلين لتأكيد" البلاي أوف".. والطائي يتمسك بالأمل    جمعية الوقاية من الجريمة «أمان»    المملكة تختتم مشاركتها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025    في أمسية فنية بجامعة الملك سعود.. كورال طويق للموسيقى العربية يستلهم الموروث الغنائي    طرب وزخم جماهيري في حفل الأهلي بجدة    المُرشد الأوحد    السديس: زيارة وزير الداخلية للمسجد النبوي تعكس عناية القيادة بالحرمين وراحة الزوار    الصحة النفسية في العمل    حكاية أطفال الأنابيب «3»    وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    وزير الرياضة يستقبل أبطال «نخبة آسيا»    الحرب على غزة: 15 شهيداً.. 550 حالة اعتقال بينها 14 امرأة و52 طفلاً    القبض على (31) لتهريبهم (792) كيلوجرامًا من "القات"    غبار الرياض.. ظاهرة موسمية    انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية عند الإغلاق    جامعة أم القرى تطلق هاكاثون عالمي في مؤتمر السلامة والصحة المهنية.    المملكة الأولى في مؤشر الخدمات الحكومية الإلكترونية    الفتح يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الوحدة    جامعة الملك سعود تستضيف مؤتمر "مسير" لتعزيز البحث العلمي والشراكات الأكاديمية    مليون و250 ألف زائر ل"جسور" في جاكرتا    الفحوصات الطبية تكشف عن إصابة صهيب الزيد بقطع في الرباط الصليبي    تحديد موقف ليفاندوفيسكي من مواجهة إنتر ميلان    أخضر الناشئات يختتم معسكر الدمام    محاضرات لتعزيز ثقافة الرعاية في مستشفى الملك سلمان    12024 امرأة يعملن بالمدن الصناعية السعودية    ممنوع اصطحاب الأطفال    النزاعات والرسوم الجمركية وأسعار النفط تؤثر على توقعات اقتصاد دول الخليج    وزير الداخلية يدشن مشروعات متطورة في المدينة المنورة    وزارة التعليم وموهبه تعلنان انطلاق أولمبياد الفيزياء الآسيوي    تركي بن هذلول: خدمة الحجاج شرف خصه الله بالمملكة حكومةً وشعبًا    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي نائب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا    "الدعم السريع" يلجأ للمسيّرات بعد طرده من الخرطوم ووسط السودان    حرس الحدود يختتم معرض "وطن بلا مخالف" في جازان    الهند وباكستان تصعيد جديد بعد هجوم كشمير    علاج أول حالة ارتفاع دهون نادرة في جازان    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    إنهاء معاناة طفل من جلطات دماغية متكررة بسبب مرض نادر    أمير منطقة الجوف يلتقي أهالي محافظة دومة الجندل    زوجان بنجلاديشيان .. رحلة من أمريكا إلى مكة المكرمة    إطلاق مبادرة المترجم الصغير بجمعية الصم وضعاف السمع    من جيزان إلى الهند.. كيف صاغ البحر هوية أبناء جيزان وفرسان؟    سعد البريك    سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم    أسرة عصر وأرحامهم يستقبلون المعزين في مصطفى    الأمير سعود بن جلوي يتفقد مركز ذهبان ويلتقي الأهالي    الرفيحي يحتفي بزواج عبدالعزيز    "الشؤون الإسلامية" تنفذ برامج التوعية لضيوف الرحمن    "المنافذ الجمركية" تسجل 3212 حالة ضبط    أمير جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة العدل بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرعية الميدان وشرعية البرلمان
نشر في الشرق يوم 01 - 02 - 2012

قبل أيام من الذكرى الأولى للثورة المصرية بالغ المجلس العسكري مدعوما بآلته الإعلامية الرسمية (سواء عبر شاشات التليفزيون أو عبر الرسائل والتصريحات)، في صناعة الفزع تحت عنوان مفرط في عنفه «مخطط لإحراق مصر». ورغم ذلك فقد نزل المصريون بالملايين في صورة ذكّرتنا جميعا بأيام الثورة الأولى متجاهلين كل المخاوف التي حاول العسكر بثها في قلوبهم ربما لأن «مشهد الرعب» أصبح مكرورا للغاية، فقد حاول العسكري إجهاض عدة جُمع بالوسيلة نفسها، وفشل.
الأزمة الحقيقية كانت في مشاركة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين للمجلس العسكري صناعة مشهد الخوف، فقبل أيام أيضا من نزول المصريين للميادين لاستكمال ثورتهم عكف الحزب عبر جريدته ومحطته الفضائية على التحذير من «المؤامرة» المزمع تنفيذها في ذلك اليوم، مرة بإشاعة أن مخططا خرافيا سوف تقوم «جماعة الأناركيين» متقنعة خلف قناع «بانديتا» بتنفيذه لحرق مصر والاعتداء على المنشآت العامة بل ومهاجمة مقار الشرطة والجيش، هكذا دفعة واحدة (!). الأناركية هي فزاعة الإخوان الجديدة، وكأن لعبة الكراسي الموسيقية المعروفة بانتخابات البرلمان قد أفرغت فضاءات الحزب الوطني لصالح الحزب الإخواني دون تفكيك آلية الاستبداد التي قامت الثورة من أجله، فبدلا من استخدام الحزب الوطني وقت أن كان في السلطة لفزاعة الإخوان/ الجماعة المحظورة يقف اليوم حزب الإخوان بعد أن صار في السلطة ليستخدم فزاعة الأناركيين/ الجماعة المحظورة الجديدة، غير أن الكذبة هذه المرة لم تكن باحترافية الحزب الوطني فلم يصدقها أحد.
وفي الفضائيات الرسمية وغير الرسمية للتيار الإسلامي بدت صناعة الكذب باهتة وركيكة، بداية من إشاعة الرعب نفسه من الجماعة والجماعات المحظورة مرورا بمهاجمة البرادعي والتشهير بحركة 6 أبريل وليس انتهاء بالادعاء الكاذب بأن الإعلامية ريم ماجد اسمها ريم ماجد ألفريد، هكذا تتحول ريم المسلمة إلى ريم أخرى مسيحية للّعب على وتر الطائفية اللعين.
وفي الميدان بدت منصة الإخوان مبالغا في ثرائها وسلطويتها، منصة مرتفعة تحوي 25 مكبرا للصوت، في محاولة للقبض على دفة الميدان والسير به إلى بر «الاحتفال» الآمن بالثورة لترضية المجلس العسكري الذي دعا المصريين للاحتفال متجاهلا دعوات الثوار بالنزول لاستكمال الثورة وللاعتراض على عام من الفشل الإداري للدولة، ولقطع الطريق على أية محاولات لنجاة أي من قتلة الثوار سواء في أيام الثورة الأولى أو في أحداث ماسبيرو وشارعي محمد محمود ومجلس الوزراء. محاولة الإخوان للدفع في طريق الاحتفال تسببت في مصادمات بين الثوار على مختلف أطيافهم وبين قيادات الإخوان وشباب الجماعة الذين بدوا وكأنهم خارج السياق الثوري.
المشهد مشهد الصدام لم يكن مفاجئا للبعض، وكان مفاجئا للبعض الآخر، خصوصا لبعض شباب الإخوان الذين أصبحوا يفكرون خارج حظيرة جماعتهم وقياداتها التقليدية، ولكنه في الحالتين بدا مُقلقا حتى لأكثر الناس تفاؤلا. لقد كان الرهان قبل وبعد إعلان نتيجة الانتخابات البرلمانية على «وطنية» الجماعة التي كانت حتى عام فقط محظورة ومطاردة وملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية، وتعمق الرهان بخاصة بعد الأغلبية التي حصل عليها الإخوان. فكر البعض أن جماعة خضعت لكافة أساليب القمع خلال سنوات ما قبل الثورة لن تُذيق معارضيها العذاب نفسه، ولن تكون أبدا بديلا عن النظام الذي سقط على مستوى آليات العمل السياسي، باختصار لن تكون «سلطة».
ومع ذلك، يبدو أن رسالة قد تلقتها الجماعة خلال الأيام القليلة الماضية مفادها أن «رصيدكم حتى الآن لم ينفد بعد، ولكنه على وشك النفاد»، وأن الشرعية التي حصّلَتها الجماعة من أصوات المصريين المودعة في الصناديق «لا تكفي» ببساطة لأن «الثورة مستمرة» ولأنها أي الثورة ما زالت في «الميدان»، ويكفي ما عبّر عنه أحد الشباب غير الإخواني حين قال لصديقه الإخواني «البرلمان لن يكون أبَا للثورة.. البرلمان بالأحرى ابن الثورة»!.
لا يأمل أحد في مصر في حدوث صدام بين شرعية الميدان وبين شرعية البرلمان، ولكن كثيرا من الأطياف السياسية ترغب في أن يكون البرلمان امتدادا للميدان والمتحدث باسمه ووكيله، وليس بديله، لأن المصريين الذين خرجوا لإعادة دفع الدولة للمستقبل لن يكون في مقدورهم التنازل عن هذا الحلم، حلم الدولة العصرية الحديثة التي يحكم فيها الشعب نفسه عبر آليات ديمقراطية حقيقية، ولأن المصريين لن يكفوا عن إزاحة الحكم الشمولي الذي يرى فيه مَن هم في السلطة أنهم أصحاب الحقيقة المطلقة، ومن ثم فإنهم يفرضون وصايتهم على الشعب كله باسم «الأمن» من الخوف و»الحماية» من المؤامرات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.