استشهاد 16 خلال انتظارهم للمساعدات في غزة    القيادة تهنئ رئيس ليبيريا بذكرى الاستقلال    مشاري سينور يدعم صفوف القادسية    اليوم السبت.. ختام منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025    دوري روشن بين ال 10 الأقوى في العالم    الداخلية : ضبط (22497) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    رياح نشطة وأتربة تحدّ الرؤية في عدة مناطق    الرئيس الفلسطيني يشكر المملكة على جهودها    الفنلندي "Serral" يتفوق على الكوري الجنوبي ويحقق لقب "StarCraft II"    جامعة الباحة تُطلق 9 برامج تدريبية    جولف السعودية تشارك فايف آيرون    «فيتش» تؤكد التصنيف الائتماني للمملكة عند A+    زيلينسكي: أوكرانيا تحتاج لإنتاج 1000 طائرة اعتراضية يوميًا لمواصلة الحرب مع روسيا    الأخضر الأولمبي يخسر بخماسية أمام اليابان في افتتاح مشاركته بالدورة الودية بأوزبكستان    "بيت الشاورما" تعزز دعم المحتوى المحلي من خلال شراكتها مع تلفاز 11    32 لاعباً يتأهلون إلى دور ال16 في بطولة العالم للبلياردو بجدة    ترمب: فرصة التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي 50%    مركز التنمية الاجتماعية بجازان ينفذ مبادرة"خدمتنا بين يديك"في مجمع الراشد مول بجازان    رئيس مجلس الأعمال السعودي السوري: نؤسس لشراكة تنموية في مرحلة إعادة إعمار سوريا    وزير الصحة: انخفاض الوفيات بنسبة 17% ثمرة السياسات الوقائية    الشيخ القاسم: الرسالة النبوية أعظم نعم الله ومصدر النجاة في الدنيا والآخرة    الجهني: يدعو لتقوى الله وينهى عن التشاؤم بالأيام    فتح التقديم لجائزة "إثراء للفنون" بقيمة 100 ألف دولار    "آل مداوي" يحتفلون بالدكتور "جبران" بحصوله على درجة الدكتوراه    أمير جازان يطلع على جملة المشروعات المنجزة والجاري تنفيذها بمحافظة الدائر    القيادة تعزي رئيس روسيا في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب    جمعية الإعاقة السمعية في منطقة جازان تزور مسنًا تجاوز التسعين من عمره    وفد ثقافي وفني يزور هيئة التراث في جازان لتعزيز التعاون في مجالات الهوية والتراث    القمامة الإعلامية وتسميم وعي الجمهور    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنَيْن من الغرق أثناء ممارسة السباحة    السعودية ترحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزم بلاده على الاعتراف بدولة فلسطين الشقيقة    «بيئة جازان» تنظم ورشة عمل عن طرق الاستفادة من الخدمات الإلكترونية الزراعية    أمير جازان من الدائر: البن ثروة وطنية والدعم مستمر    المملكة تشارك في مؤتمر الأطراف باتفاقية الأراضي الرطبة "رامسار"    6300 ساعة تختتم أعمال الموهوبين في أبحاث الأولويات الوطنية بجامعة الإمام عبد الرحمن    هيئة الأدب تستعد لإطلاق النسخة الرابعة من معرض المدينة المنورة للكتاب2025    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدائر    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي وزيري الخارجية والداخلية الأفغانيين في كابل    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيذ الدورة العلمية الصيفية الثالثة    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب لتقليل الألم    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    تحطم طائرة الركاب الروسية المفقودة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    السعودية تدين مطالبة الكنيست الإسرائيلي بفرض السيطرة على الضفة والأغوار المحتل    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    الوفد السعودي بدأ زيارته لدمشق.. اتفاقيات اقتصادية لدعم التنمية في سوريا    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    توجه رئاسي لحصر القوة بيد الدولة.. غضب على «حزب الله» في الداخل اللبناني    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    وسط تحذيرات دولية وركود في مفاوضات الهدنة.. غزة على شفا مجاعة جماعية    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصبت بالحمى فهربت إلى حمى راسكولنيكوف في الجريمة والعقاب
قصتي مع كتاب..
نشر في الرياض يوم 01 - 11 - 2014

ضيفتنا روائية شابة، اختلف حول تجربتها الروائية العديد من النقاد، منهم من أشاد بها، والآخر حصرها في أنها « قلم يميل للانهمار السردي بشكل مكثف « ومع هذا فالروائية الكويتية بثينة العيسي تعتبر من الروائيات العربيات الأكثر شهرة، تملك لغة ساحرة تكشف لنا عن قارئة مثقفة من الدرجة الأولى تخلق الافكار بطريقة سلسة وتصوغها في حبكة فنية جميلة، صدر لها روايات «سعار.. وتحت أقدام الأمهات.. وعائشة تنزل إلى العالم السفلي.. وعروس المطر.. وكبرت ونسيت، ومؤخرا صدر لها بين صوتين: فنيات كتابة الحوار الروائي « ..
تقول ل الرياض في حوارها على منضدة قصتي مع كتاب : نحن ننتمي إلى مجتمعات تدين وتجرم وتكفر وتحكم على الآخرين طوال الوقت معاييرها للخير والشر تفتقر إلى النسبية والشفافية، ناهيك عن التعاطف ، وأضف إلى ذلك عندما نتصرف مثل من يحكم ويدين ويعاقب، متجاهلين بأننا في النهاية بشر رؤيتنا قاصرة ومن الأفضل لنا أن نتواضع فإلى الحوار :
الروائية الكويتية بثينة العيسي: القراءة هي خطّ هجومنا الأوّل وخطّ دفاعنا الأخير
* ما الكتاب الذي أحدث تأثيرا فيك بعد قراءته ؟
- كتب كثيرة، ولكنني أتذكّر على نحوٍ خاص قصة تجربتي الأولى مع دوستوفيسكي في "الجريمة والعقاب". كنتُ في السادسة عشرة من عمري تقريبًا، مصابة بالتهابٍ في الأذن، أشتعلُ من فرطِ الحمى، وعاجزة عن النوم. الأسئلة التي فجّرها السؤال الأخلاقي لراسكولنيكوف، والحمّى التي تفجرت في جسده بعد أن ارتكب جريمة قتل العجوز المرابية، نواياه النبيلة بتخليص العالم من الشّر، أوهامه الساذجة بكونِه يحقق إرادة الله، ينقذُ الفقراء والمحتاجين من آلة الجشع، وذنبه الجسيم عندما قرّر أن يخرج من بشريته، أن يحقّق العدالة بيدِه، العدالة بصفتها وجهة نظره. عذابات ضميره التي تلت ذلك، صراعه بين فطرته التي رفضت إنهاء جريمة بجريمة، وبين رغبته في المضيّ والعيش والحُب. كل هذه الرحلة الهائلة أحملها في داخلي. أعتقد بأنني قرأتُ هذه الرواية بجسدي كله وليس بعقلي فقط. كنتُ أشتعل كجمرة، متعبة ولاهثة وممزقة مثل راسكولنيكوف تمامًا. كنتُ أحمل كلّ أسئلته في باطني، عن معنى العدل، ومعنى الخير، ومعنى الجمال. عما يجدرُ بنا وما لا يجدرُ بنا فعله. دوستوفيسكي يكتبُ لكي يشرّح القيمة، إنه يعيد البوصلة الأخلاقية إلى نصابها، وأعتقدُ بأنني سأبقى مدينة لكتابهِ هذا ما حييت.
* ما نوع التأثير وهل أنتِ مقتنعة بالتأثير؟
- ساعدتني الرواية على الخروج من عقلية "القاضي" إلى عقلية "الكاتب". نحن نعيش في مجتمعات تدين وتجرّم وتكفّر وتحكمُ على الآخرين طوال الوقت معاييرها للخير والشر تفتقر إلى النسبية، والشفافية، ناهيك عن التعاطف. نحنُ نتصرّف كقضاة، بل أسوأ؛ لا يمكنك أن تحارب الجريمة بجريمة. لا يمكنك أن تقتلع الشر بالشّر. ولا يمكنك أن تتصرّف مثل من يحكم ويدين ويعاقب. نحنُ في النهاية بشر، رؤيتنا قاصرة، وسيكون من الأفضل لنا جميعًا أن نتواضع، أن نعترف بمحدوديّتنا، أن نوجّه رغبتنا بالإصلاح إلى الداخل قبل أن ننطلق إلى العالم غسّان كنفاني يقول: إنهم يحكمون عليك لأنهم لا يعرفونك. إنه على حقٍ تماما لأنهم لو عرفوك، لو قطعوا الأميال التي قطعتها، لو امتلكوا طبيعتك الداخلية وحساسيتك الخاصة، لو كانوا أنت.. لفعلوا ما فعلت.
هل هذا يعني أن نؤمن بالنسبية المطلقة، ألا تكون هناك مرجعية قيمية للخيرِ والشر، والصواب والخطأ؟ لا قطعًا. سوف نطلق أحكامنا على ما نسمعه ونراه طوال الوقت، ولكن كلما ازداد وعينا بمحدودية ما نعرف وقصوره ونسبيّته، كلما قلّت قابلية أن تتحول أحكامنا إلى سكاكين مؤذية، وأدوات قتل، وفأسٌ حادة في يدِ راسكولنيكوف؛ الفتى النبيل، الذي حاول أن ينقذ العالم من الشّر، مثله مثل آلاف الشباب المغرّر بهم في صفوف الحركات المتطرّفة، مثلاً.
* ما مدى استمرار تأثيره؟
- الأدب يجعلك تعرف من أنت، وتتماهى مع الآخر. منذ قرأتُ هذه الرواية وأنا في تمرينٍ مستمرٍّ مع ذاتي لكي أنصت أكثر، وأحكم أقل.
علاقتنا بالكتب لا تنتهي بعد انتهاء القراءة، إنها بالكادِ تبدأ. الكتاب يصير جزءا منك، يذوبُ فيك، يصبح جزءا من وعيك، ومن لا وعيك أيضا. إنه يفعلُ فعله في تشكيل رؤاك وأفكارك ونظرتك إلى العالم؛ إلى نفسك وإلى الآخر على حدّ سواء وإذا كنتُ اليوم أنسى تفاصيل الحكاية وأسماء الشخوص، باستثناء راسكولنيكوف، إلا أنني أتذكر القلق، والأرق، والحمّى، والأسئلة الموجعة التي مزقت كبدي أثناء القراءة. تجربة وجدانية وحسية إلى هذه الدرجة لا ينتهي تأثيرها أبدًا.
* هل ترين أن القراءة محرك أو دافع للتغيير في وقتنا الحاضر؟
- أنا لا أعتقد بإمكانية إحداث أي تغيير من دون القراءة. القراءة هي خطّ هجومنا الأوّل وخطّ دفاعنا الأخير. القراءة زوادة السؤال، ومن دون أسئلة لن يكون هناك حراك، ومن دون قلقٍ لن يكون هناك حضارة. سنكون حفنة من المطمئّنين، نرفلُ مسرورين في سكينة الوهم، داخل حظيرة كبيرة، بجدران غير مرئية، نخضع كل يومٍ لألف عملية غسيلٍ دماغيّ، من منابر الدجل، وإعلانات التلفزيون، والمعلمين غير الأكفاء، والجُهّال الذين يتصدّرون برامج التلفزيون، والأحزاب والسلطات التي تستخدم دماءنا وقودًا لاستمرارها.
القراءة صيانة لفرديتنا، في زمنٍ ما فتئ يكرّس كل أذرعه الأخطبوطية من أجل تحويل البشر إلى قطعان. إنها تحررنا من سيكولوجيا الجماهير القابلة أبدًا للاستغلال والتجييش والتضليل، تعيدنا إلينا أفرادًا، أحراراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.