متنزه "الجوهرة" وجهة حضرية تضيء ملامح حائل الحديثة    "الداخلية": الوطن أمانكم .. وعودًا حميدًا    نجاح عملية تحويل مسار نوعية لمريضة بسرطان متقدم في تخصصي بريدة    وفد سعودي رفيع المستوى من القطاعين الحكومي والخاص يزور الصين    محافظ الدرب يفتتح الحملة الوطنية للتبرع بالدم    نائب أمير جازان يشهد انطلاقة العام الدراسي الجديد بمدارس المنطقة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تترجم 24 قصة للأطفال إلى 3 لغات عالمية    القيادة تهنئ رئيس أوكرانيا بذكرى استقلال بلاده    الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    جمعية نجوم السياحة بجازان تقدم ورشتي عمل للأسر المنتجة لتطوير المهارات    الصندوق العقاري يودع مليارا و42 مليون ريال في حسابات مستفيدي برنامج الدعم السكني لشهر أغسطس    بيان مشترك لأستراليا و25 دولة يدعو لحماية الصحفيين والسماح بدخول الإعلام الأجنبي إلى غزة    تجربة طبية في ملبورن تقلّص أورام الدماغ منخفضة الدرجة بنسبة 90%    فريق تعزيز التطوعي يزور فرع هيئة التراث بجازان لتعزيز الوعي بالتراث المحلي    كوريا الشمالية تختبر صاروخين "جديدين" للدفاع الجوي    بيع أغلى صقر في المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025 ب 1.2 مليون ريال    رئيس«الغذاء والدواء»: المبتعثون يعكسون صورة مشرفة للسعودية    بيان عاجل من القادسية بخصوص قرارات السوبر السعودي    برونو فيرنانديز يقترب من الاتحاد    انتخابات الأهلي .. فضلاً أعد المحاولة مرة أخرى    توصيل التيار بطرق غير نظامية.. الإسلامية: رصد تعد على عداد بمصلى في صناعة الرياض    يهدف لتعزيز شفافية القطاع غير الربحي.. إمهال الجمعيات 30 يوماً للإفصاح عن معلومات المستفيدين    برعاية وزير الداخلية.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 208 متدربين من الدورات التأهيلية    خادم الحرمين وبناء على ما رفعه ولي العهد يوجّه بمنح الدلبحي وسام الملك عبدالعزيز نظير شجاعته في إنقاذ الأرواح    المرور: جاهزون لتنفيذ خطة العام الدراسي    أمراء ومسؤولون وأعيان يقدمون التعازي.. أميرا حائل والباحة ونائب أمير مكة المكرمة يواسون الأمير فهد بن مقرن    «فلكية جدة»: سهيل يعلن بداية العد التنازلي للصيف    نائب أمير مكة يؤدي صلاة الميت على والدة الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز    يستهدف إخلاءها من السكان.. الاحتلال يخطط لهجوم واسع على غزة    انطلاق «مهرجان البحر الأحمر» في ديسمبر المقبل    ياسمين عبد العزيز تعود إلى الكوميديا في رمضان    فسح وتصنيف 180 محتوى سينمائياً في أسبوع    الرئيس اللبناني: لم نتبلغ رسمياً بنية إسرائيل إقامة منطقة عازلة    ترمب يلوح بقرارات حاسمة مع تراجع فرص القمة.. تصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا    استشاري يطرح وصفة سريعة لخسارة الوزن    تعليق الدراسة الحضورية في مدارس تعليم عسير    انتخاب المملكة رئيساً مشاركاً لمجموعة عمل حوْكَمة البيانات    القبض على رجل في اليابان بعد إصابته 18 شخصا برشه لرذاذ الفلفل    بعد الهزيمة في السوبر.. النصر يتحرك للتخلص من محترفه    شرط من بورتو لرحيل جوهرته إلى الاتحاد    عن المقال وتأثيره    وزارة الشؤون الإسلامية واثقة الخطوات    اليوم الوطني السعودي: قصة وطن خالدة    ميندي: الأهلي يمتلك عقلية حصد البطولات    مدينة الخطيئة    محمد أسد بين النسخة الأوروبية والتجديد الإسلامي    65 ألف مستفيد من الدورات الصيفية بمكة المكرمة    المفتي: أيها المعلمون عليكم مسؤولية وأمانة في أعناقكم    نائب أمير الشرقية يعزي الشيخ عبدالرحمن الدوسري في وفاة شقيقه    الفائزون في مسابقة الملك عبدالعزيز للقرآن: المنافسة قوية والفرحة عظيمة.. وشكراً لقيادة المملكة    6808 قضايا نفقة خلال شهرين.. المحاكم تنصف المطلقات وتحمي الأبناء    البطيخ والشمام لمرضى السكري    وزير الرياضة يكشف خطط السعودية لصناعة جيل جديد من الأبطال    أمير حائل يهنئ الطلاب والطالبات ببدء العام الدراسي ويؤكد دورهم في تحقيق رؤية 2030    البرتغال: 1331 وفاة بسبب موجة الحر    أحداث تاريخية في جيزان..انضمام جازان للحكم السعودي    محافظ الخرج يرفع الشكر لسمو ولي العهد على إطلاق الحملة الوطنية السنوية للتبرع بالدم    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بائعة الخبز: متى ينتهي الشقاء؟
حكاية وأخواتها
نشر في الرياض يوم 09 - 08 - 2014

يحدث أحياناً، وبشكل مباغت، وبصورة تدعو إلى الدهشة: تلاحظ أنه ثمة شيء قد طفا من أعمق أعماق اللاوعي شيء لم نكن نعمل حسابا لظهوره، تراه فجأه وقد احتل مساحة مربكة من تفكيرك: ذكرى قديمة ظننت أنها انمحت إلى الأبد. كتاب قرأته أول العمر ذكرك في اللحظة بحادثة كانت قد غادرتك. مشهد ظهر فجأة فأحيا ما قد وقع قديماً!!
كان "بيسوا" العظيم يري في تلك اللحظات التى تطفو فجأة فى الوعي كأنها الظلال التي تخايل الإنسان، وكان يري فيها بعضا من سريان الزمن ضد الزمن!!
لقد حدث فجأة أننى تذكرت أنني قد قرأت رواية من زمن مضى للمؤلف الفرنسي "كزافييه دومنتبان"، كانت عن حكاية أرملة توفي زوجها وترك لها طفلاً وطفلة، وحين دفعتها الحاجة والظروف إلى السؤال ومد اليد أبي كبرياؤها فاشتغلت في مصنع قاومت بكل كبريائها إغواء صاحبه الذي دبر لها مكيدة قضت بسببها سنوات طويلة فى السجن، وحين خرجت كانت خالية الوفاض، قد ضاع منها ولديها، ولكي تعيش اشتغلت موزعة خبز تدور به على بيوت الحي. كانت الرواية تجسد الأسى والشقاء وكانت بفصولها حالة رومانتكية متأثرة بفيكتور هوجو في رائعته "البؤساء"!!
أتذكر أنني رأيت فيلما مصرياً مقتبساً عن هذه الرواية كان الفيلم بطولة أمينة رزق وزكي رستم وآخرين. ظلت صورة الفنانة أمينة رزق تخايلني وهي تحمل الخبز في مقطف من الخوص وتدور به على البيوت وكأنها امرأة تستجدى وتبحث عن الابن والبنت، وتقاوم ظرفها الاجتماعي بكل الطرق!!
نبهتني الذكرى لامرأة تقف على رصيف الشارع الذي يقود لبيتي أنا لا أعرف من أين جاءت؟.. يبدو انها موجودة من فترة لم ألحظها فيها. كانت تبيع الخبز.
تقف أمام أقفاص من الجريد، رصت عليها عشرات الأرغفة الناضجة في نضجها دعوى للشراء عكس خبز الحكومة المعجون في بعضه والذى لا تفرق فيه الرده عن الدقيق!!
تقف خلف رصتها في كبرياء!!
وأنا الذى فوجئت بها، أخذني شكلها الريفي ووقفتها على الرصيف في اتزان وأدب.
طويلة وفارعة مثل شجرة مزروعة على شاطئ النهر. عفية ببدن قادر على إنجاز العمل والاحتمال. وحين تأملت وجهها كانت عيناها السوداوان تشعان بألق أول النهار وسط وجهها المشرب بحمرة، تسبح فيه غمازتان وخال للحسن مثل زبيبة.
فكرت، هي زوجة أحد حراس العمارات، وتحسن وضعها بخبز الخبز وبيعه في الشارع الواسع المزدحم. كنت أعرف هؤلاء الذي يغادرون قراهم هربا من الحاجة، وزمتة الأيام وقسوتها ويأتون إلى المدينة طمعا في حياة مستورة ترد لهم الكبرياء.
كنت أتخيل جهدها المضني في شراء الدقيق، وعجنه، وتقريصه وإقامة فرن صغير في جانب من حديقة مهجورة تنضج فيه الأرغفة، تساعدها بنت في عمر الزهرة المتفتحة، تحملان الأقفاص وتقفان في المكان علامتين في الشارع المزدحم.
شيئان كان يجذبان الزبائن!!
حسن المرأة الريفي الذي يشع في الشارع، ونضج الخبز واتقان صنعته. أصبحت واحداً من زبائنها، ورأيت رواج بضاعتها، وسعدت بابتسامة الرضي التى كانت علامة على حمد الله في تلك الأيام الصعبة.
كنت أتكلم معها أحياناً عن البلاد هناك، وشعرت حين اشتريت منها أنها تصلني بذلك العالم الذي غادرته. وكانت لهجة الفلاحة ترن في أذني فتذكرني بلهجة خالاتي وعماتي ومن أعرفهم هناك!!
لم يخطر ببالي أبداً أن حديثي معها سوف يجلب لي كل هذا الدفء!! كانت لحظات طيبة، وكانت المرأة في كل أحوالها علامة على الرضى والقبول!!
سافرت عامين خارج الوطن
عدت. كان المكان قد ازدحم
حين وصلت عند ناصية الشارع رأيتها هناك تتكور بجوار حائط العمارة مثل متاع قديم، وأمامها قفص يتيم يعف عليه الذباب.. يا إلهي كم تغيرت!!.. بدت لى كأنها لم تكن هي!!.. ضر بها الزمن بلا رحمة فزحفت شيخوخة إلى ملامحها.
ترتدي ثوبا أسود من الشيت، وتعصب رأسها بطرحة سوداء، وتضع على عينها نظارة بإطار سميك على وجه متغضن فيما تلوح من تحت الطرحة خصلة من شعر اختلط بياضه بسواده!!
عرفتني فابتسمت. سألتها في ارتباك عن الأحوال. أجابتني بحزن: الشقا ياسي الأفندي يطحن الحديد. أعطتنى ظهرها وجلست منهكة خلف قفص الخبز الوحيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.