يوجد مؤسسات وشركات رائدة في العالم الغربي على مختلف صعد التجارة وهذه المؤسسات والشركات ناجحة في كل المقاييس وتحقق نموا اقتصاديا مشهودا. إن لنجاح مثل هذه الشركات أسباب جوهرية ليس هذا مكان ذكرها جميعاً ولكن ما يهمني هنا هو سبب مهم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ألا وهو تماس هذه الشركات مع عمالها واطلاعهم على نجاح هذه الشركة أو تلك بل اطلاع العاملين على كل صغيرة وكبيرة في الشركة من خطط وأهداف. إن مشاركة العاملين على كل ما من شأنه يصب في خانة هذه الشركات التي يعمل بها العمال وبتعبير آخر هو أفصح من سابقه إن اطلاع العاملين على صغائر الأمور وكبائرها حتى أن العاملين في هذه الشركة أو تلك تزيد من معنوياتهم حينما يعلمون أنهم أعضاء مؤثرين في هذه الشركات التي يعملون بها هذا أولا. وثانياً: إن ملاك هذه الشركات حينما يحققون أرباحاً تجارية فإنه حينئذ يشركون عمالهم في هذه الأرباح الكبيرة ومن ثم يكون عند هؤلاء العمال انتماء لهذه الشركات حتى أن بعضهم يقول قالت شركتنا وفعلت شركتنا.. لماذا يقولون ذلك! لأنهم يرون أنفسهم حينما تحقق هذه الشركة أرباحاً فإن هذه الشركة أو تلك تتفضل على عمالها من هذه الأرباح وهذا وما نراه عند الغرب في هذا الصدد. أما عندنا في العالم العربي فالأمر غير ذلك بكثير. إني حينما أذهب أتسوق من أسواقنا العامرة التي تديرها شركات ناجحة هنا وهناك فإني أحيانا أطرح على بعض العامل أسئلة عن هذه الشركات التي يعملون لديها ومن ثم تكون الإجابة إجابة عقيمة تضربك في الصميم يقولون عندما تسألهم (لا أدري عنهم!!) دققوا في معنى هذه الكلمة عند هؤلاء العمال لأن هذا العامل أو ذاك لا يعلم لا من قريب ولا من بعيد عن هذه الشركة شيئا.. والسبب هو أنه لا يستفيد من نجاح الشركة ولا يضره فشلها لماذا؟ لأنه حينما تنجح هذه الشركة فإن هذا العامل لا يحظى من هذه الشركة من شيء ومن ثم لا يتولد انتماء ولا ولاء من قبل هذا العامل لهذه الشركة أو تلك! ومثل هذا الأسلوب عندنا وتعامل ملاك هذه الشركات مع عمالهم إنما ينم عند عدم المعرفة التامة بكيفية رفع الروح المعنوية كما ينم عن جشع ملاك هذه الشركات حينما لا يعطون عمالهم من نجاح هذه الشركات شيئا.. إن سلوك مثل هذه الطريقة في شركاتنا يفصح عن عدم المعرفة التامة بما يصلح من أوضاع شركاتهم. وإن نظرة ملاك هذه الشركات نظرة قصيرة المدى وإلا لو علموا حينما تُرفع معنويات العمال بطريقة أو بأخرى فإن هذا يعود على الشركات بالنفع الكبير. إن الشركات الغربية أحسن من شركتنا حساً ينتفع به بنو الإنسان حينما يكون هناك شيء يقسم فالشركات الغربية كما قلت آنفا تشارك عمالها في أرباحها الكبيرة بعكس ما هو موجود عندنا اليوم. إنه ليتملكني العجب أن يكون الغرب أحسن منا في بني الإنسان والرفق به والله تعالى في ديننا الحنيف حثنا على أن نقاسم الضعيف من مكتسباتنا إذا قدرها الله لنا وما العمال إلا ضعاف فقراء يجب أن يعطوا من نجاح هذا المشروع أو ذاك.. ما أريد أن أنفذ إليه في هذا المقال المتواضع هو أن الولاء من قبل العمال أو الموظفين للشركات أو المؤسسات التي يعملون بها هو ولاء هش بل عقيم ويتجلى ذلك من خلال العمال الذين يعملون لديهم، فإنك مثلا لو سألت هذا العامل أو ذاك عن معلومات نشرها لا يضر الشركة فإننا نجد هذا العامل يجيبك وهو مطأطئ الرأس بنظرة غاضبة يجر وراءها الحنق والغيظ وترى أسنانه تصطك من الحنق! وإلا فالواجب أن يتجسد الولاء تجسدا يقوم على التناغم والانسجام مع أهداف هذه الشركة أو تلك.. إن الولاء التام يحصل عادة حينما يقدم الموظف أو العامل خدمات جليلة على الرغم من عدم الحصول على مرتب مجزٍ، ولكن الموظف يغض الطرف عن ذلك محافظا على تلك المشاعر الحارة التي يبديها رب العمل، فحينما يشعر الموظف بأنه جزء لا يتجزأ من هذه الشركة فإن الولاء يتعاظم. وإنه من حسن الحظ أن هناك شركات عملاقة ذهبت تطبق ما أنادي به فلها بصمات ظاهرة على عمالها فأصحاب هذه الشركات يقاسمون عمالهم بعض مكتسباتهم وهذا هو الصواب الاقتصادي بعينه والديني قبل ذلك هذا ما أحببت أن أذكره.