العيد مناسبة لطمر الأحزان تتقارب فيها القلوب وتلتقي الأنفس بعيداً عن البغضاء والشحناء تضيق فيه مساحة العداوة وتتسع مساحات المحبة والتسامح، ولعل من أبرز ملامح العيد العفوية والبساطة وسهولة الصلة والتواصل والتي باتت شبه مفقودة إلا في "القرية". "عيد القرية" ورغم سريان بعض الجمود إليه ظل متماسكاً في نوعه وطقوسه ونبض مشاعره، حيث تبدأ رحلة اليوم بالاستعداد فور الانتهاء من صلاة الفجر والتوجه إما سيراً على الأقدام أو عبر المركبات التي تحمل ما تمر عليه في الطريق من الأهالي والمغتربين العاملين في المزارع والمحال التجارية المتواضعة، ويبدأ الأهالي بالتوافد حتى تحين لحظة وصول الإمام والخطيب وتقام الصلاة ويستمع الجميع إلى خطبتي العيد ثم وبمجرد الانتهاء من الخطبة ينطلق الجميع للسلام والمعايدة بقلوب مطبوعة على وجنتيها البسمة والفرحة وتشع بنور الحب والتسامح. الأطفال وحضور الأزياء القديمة «أرشيفية الرياض» يقول عبدالعزيز محمد: أحرص كثيراً على قضاء العيد في قريتنا" الجديدة" وأحضر من الرياض وصخبها إلى قريتي القريبة من محافظة العلا لأعيش أجواء العيد كما ينبغي أن تكون بعيداً عن جموده في العاصمة وفي المدن الكبرى بل حتى الصغرى، وفي ربع ساعة تستطيع ان تلتقي بالأهل والأقارب وتسلم عليهم ثم تنتقل في جولة ساعة على البيوت والبساتين لينتهي اليوم بذبح الأضحية وتحلق الأهل والأحباب والأصدقاء بود ومحبة، في جو عائلي حولها بمشاركة الصغار والكبار. أما عبدالمحسن العرادي فيرى أن "القرية" تمدنت وأصبح عيدها لا يختلف كثيراً عن المدينة مستدركاً بقوله: صحيح بعض الأجواء في عيد القرية قد يفتقد لذتها بعض من يعيش داخل المدن الكبيرة بعيدا عن قريته، لكن لازلنا نسمع من يقول " الله العيد عيد القرية" بعيداً عن تعقيدات الحياة في المدن فبكل بساطة تخرج مع كامل أفراد العائلة لمصلى العيد "المكشوف" ثم وبمجرد ان تقضي الصلاة والخطبة ترى مزيجاً من المشاعر بين رجال وأطفال ونساء ترى العناق الحار للمصلين فالكل يعرف الآخر إلا ماندر، الفلاح والراعي الكل يتبادل التهاني. ومن إحدى قرى مهد الذهب يقول عبدالله المطيري الذي يعمل هو الآخر الرياض: طعم العيد في القرية مختلف.. فبعد صلاة العيد في القرية، ينتشر الناس لذبح الأضاحي والذي يتم بتنسيق مسبق لكي لاتتكاثر الوجبات وتكون موزعة على أيام العيد كاملة، ومن مظاهر العيد تنقل الأطفال والنساء والرجال بين بيوت القرية للسلام وتبادل التهاني وإعطاء الصغار العيدية وفي الليل يحلو السمر فتجد الكل مجتمع لتناول وجبة العشاء وممارسة بعض الألعاب الشعبية مثل " سن النمرة" و"عظيم ساري" وبعض الألعاب الحديثة مثل " الطر طعان" وهي الألعاب النارية التي نشارك فيها الصغار من الشباب والبنات وسط أجواء من الود والتآلف والشوق بعيداً عن المجاملة والرسميات. البساطة ونبذ أي صورة من صور التكلف هي مايمتاز به عيد القرية هذا مايقوله زايد متعب ويؤكد: إذا فتح الباب للمدنية فعيد القرية سيموت وينتهي ويلحق عيد الأبواب المغلقة في المدن ويكفيك في القرية مصلى العيد الذي يجمع الأهل والجيران والأقارب كما أن الأطفال وفرحتهم وبهجتهم بالعيد والتفاف الأحباب من حولهم، جعل للعيد طعما خاصا وشعورا لايوصف، وأشار زايد إلى أن العيد في القرية قد يتأثر بسبب هجرة الأبناء والبنات للدراسة والعمل لكنه سيظل بنكهته الخاصة مهما تغيرت الظروف والأحوال، إلا في حال امتداد العمران وتطور القرية فذلك دون أدنى شك سيفقد عيد القرية نضارته. عيد القرية في الهواء النقي وربع ساعة تكفي المعايدة جانب من احتفال أهالي قرية «فيضة خف» بالعيد