«إيكونوميكس»: 5.5% نمو اقتصاد السعودية «غير النفطي»    ميزانية إنفاق توسعي رغم العجز    مشروع "بلدي" لأنسنة طريق الشفا الدائري بالطائف ورفع كفاءته    الأخدود لخدمة نفسه والهلال    16 ألف موظف يتأهبون لاستقبال الحجاج بمطار "المؤسس"    احتجاجات داخل الاتحاد الأوروبي ضد العدوان الإسرائيلي على غزة    لبنان: العين على «جلسة المليار اليورو»    قوات سعودية تشارك في"إيفيس 2024″ بتركيا    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس مجلس إدارة شركة العثيم    ولي العهد يهنئ رئيس وزراء صربيا بتشكيل الحكومة    15 سنة سجناً لمواطن روّج وحاز «أمفيتامين» المخدر    35 موهبة سعودية تتأهب للمنافسة على "آيسف 2024"    «المؤتمر الدولي للقادة الدينيين» يستهل أعماله بوقفة تضامنية مع شهداء غزَّة    "الداخلية" تنفذ مبادرة طريق مكة ب 7 دول    وزير الشؤون الإسلامية يدشّن مشاريع ب 212 مليون ريال في جازان    أمير المدينة يرعى حفل تخريج طلاب الجامعة الإسلامية    المناهج في المملكة تأتي مواكبة للمعايير العالمية    أمير تبوك يشيد بالخدمات الصحية والمستشفيات العسكرية    «حِمى» أصداء في سماء المملكة    «إثراء» يسرد رحلة الأفلام السعودية في 16 عاماً عبر «متحف حكاية المهرجان»    وغاب البدر    طلاب «مصنع الكوميديا» يبدؤون المرحلة التعليمية    مشوار هلالي مشرف    القادسية يعود لمكانه بين الكبار بعد ثلاثة مواسم    «أسترازينيكا» تسحب لقاح كورونا لقلة الطلب    احذروا الاحتراق الوظيفي!    ولي العهد يهنئ رئيس وزراء صربيا بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسته    البدء في تنفيذ 12 مشروعاً مائياً وبيئياً بقيمة 1.5 مليار بالمنطقة الشرقية    المملكة تستضيف المؤتمر الدولي لمستقبل الطيران    9 مهام للهيئة السعودية للمياه    الفيضانات تغرق مدينة بالبرازيل    «سلمان للإغاثة» ينفذ 3 مشاريع طبية تطوعية في محافظة عدن    سعود بن مشعل يكرم متميزي مبادرة منافس    انطلاق المؤتمر الوطني السادس لكليات الحاسب بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل    ساعة HUAWEI WATCH FIT 3 أصبحت متوفّرة الآن للطلب المسبق    القبض على شخص لترويجه مادة الحشيش المخدر بالمنطقة الشرقية    محمد بن ناصر يقلّد اللواء الحواس رتبته الجديدة    مركز التحكيم التجاري الخليجي يطلق مبادرة "الأسبوع الخليجي الدولي للتحكيم والقانون"    فيصل بن نواف يدشّن حساب جمعية "رحمة" الأسرية على منصة X    «الشورى» يسأل «الأرصاد»: هل تتحمل البنى التحتية الهاطل المطري ؟    برعاية وزير الإعلام.. تكريم الفائزين في «ميدياثون الحج والعمرة»    مهما طلّ.. مالكوم «مالو حلّ»    محمد عبده اقتربت رحلة تعافيه من السرطان    4 أمور تجبرك على تجنب البطاطا المقلية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    بدر الحروف    مؤتمر الحماية المدنية يناقش إدارة الحشود    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    تغريدتك حصانك !    ولي العهد يعزي هاتفياً رئيس دولة الإمارات    انتهاك الإنسانية    وزير الخارجية ونظيره الأردني يبحثان هاتفياً التطورات الأخيرة في قطاع غزة ومدينة رفح الفلسطينية    القيادة تعزي رئيس مجلس السيادة السوداني    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاناة تحصيل الديون..!
تبدأ بالإخطار والصلح والتقسيط وتنتهي في المحاكم
نشر في الرياض يوم 01 - 10 - 2013

أصبحت قضية "تحصيل الديون" إحدى المُشكلات التي تؤرق العديد من أفراد المُجتمع، خاصةً بعد أن لجأ "المدينون" إلى اتّباع العديد من الحِيَل والأساليب الملتوية بهدف إنكار هذه الديون، سواءً كانت عائدةً للبنوك أو الشركات أو الجهات الحكومية أو الأفراد، وهو ما أجبر البعض على البحث عن حلول تُعيد إليهم أموالهم الضائعة، ومن ذلك "مُحصّل الديون".
ودعت الحاجة إلى اللجوء إلى شركات ومكاتب تحصيل الأموال، بيد أنَّ ذلك ضاعف الأعباء على الدائنين، في ظلّ مطالبتها لهم بمبالغ كبيرة مُقابل التحصيل، لدرجة أنَّها تتراوح ما بين (10%) و (60%) من قيمة هذه الديون، إلى جانب اشتراط الدفع مقدماً، مع الأخذ في الاعتبار طول الفترة الزمنيَّة التي يتطلَّبها تحصيل هذه الديون، إمَّا لبطء تحرُّك شركات ومكاتب التحصيل، أو بسبب طول إجراءات هذه القضايا في المحاكم الشرعيَّة.
ويبقى من المهم أن يكون "مُحصِّل الديون" ذا دراية تفاوضيَّة وخبرة كافية في هذا المجال تُمكنه من وضع خطة عمل ووضع جدول زمني دقيق للمتابعة والتنفيذ، بدءاً من إخطار المدين مروراً بالصلح معه لتسديد الدين على أقساط، أو إحالة الموضوع للقضاء، وانتهاءً بالتنفيذ، كما أنه لابد أن يكون مُلماً بالإجراءات التفاوضية والإجراءات الشرعية والقانونية والتنفيذية باستخدام تقنيات الاتصال، بدءاً من الإجراءات الأولية لمعرفة عنوان المدين والاتصال المباشر به وإرسال الإنذارات القانونية والزيارات الميدانية، وصولاً للتقاضي عبر المحاكم وتنفيذ قراراتها، ولا مانع من استخدام الطرق الوديَّة دون الاضطرار للشروع في الإجراءات القانونية.
«المماطلة» في السداد شكَّلت ظاهرةً تحتاج إلى حزم في تطبيق النظام
وتُعد "المماطلة في سداد الديون" من القضايا العصرية التي انتشرت أخيراً، بل وشكَّلت ظاهرةً تحتاج إلى تأصيل شرعي، وكذلك التحذير من خطرها والتأخير في أدائها، لما في ذلك من ضياع حقوق الآخرين، وسلب أموالهم.
"الرياض" استطلعت آراء عدداً من الأكاديميين والمحامين في هذا الصدد، بهدف الخروج بتوصيات تكفل الارتقاء بالثقافة العامة، إلى جانب رفع مستوى أدبيَّات التعامل بين أفراد المُجتمع في هذا الشأن، وذلك بما يتوافق مع ديننا الإسلامية الذي يُحرِّم أكل أموال الناس بالباطل.
عدم القدرة
وقال "د. هشام صالح الزير" -رئيس قسم القبول والتسجيل بجامعة الطائف-: "الدَّين أمره عظيم وخطره جسيم، سهلٌ مَدْخلُه، صعْب مَخْرَجُه، تساهل الناس في التعاطي به، وغفلوا عن عاقبته"، مُضيفاً أنَّه لا ينبغي للإنسان أن يلجأ إليه؛ لكي لا يقع في دائرة المدينين، في ظل الخشية عليه لاحقاً من عدم القدرة على السداد؛ مُوضحاً أنَّه ينبغي عليه الصبر والتوكل على الله، وعدم الطلب من أحد؛ إلاَّ إذا عظمت حاجته، وغلب على ظنه قدرته على السداد فهنا يُباح طلبه؛ لأنَّ المدين معلقة ذمته ومرهونة رقبته بدينه حتى بعد وفاته، ففي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يُقضى عنه"، مُشيراً إلى أنَّه لا يجوز للإنسان أن يستدين ثم يستدين حتى يعجز عن الأداء، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من الدين.
سرعة السداد
وأوضح "د.الزير" أنَّ الإنسان في هذه الدنيا تمر به أحوال عديدة، فيوم في غنى وسعة، وآخر في عوز وحاجة، فكم تمر بالإنسان ضائقة تُكدِّر صفو حياته، وتُنغِّص عيشه؛ فيلجأ إلى غيره ليسد عجزه، ويقضي عوزه؛ إلى أن يُيسِّر الله الأمر، فيرد الدين، ويُسدِّد القرض، مُشيراً إلى أنَّه لمَّا ضعف إيمان بعض الناس وأضاعوا حقوق الناس التي عندهم تهَيَّبَ أهل الخير القادرون من ضياع أموالهم تحت يد هؤلاء، لافتاً إلى أنَّه مع الأسف كثر في الناس من نبت لحمه بمال غيره، يأكلها بالباطل، فهو إن استدان ديناً جحده، وإن استقرض قرضاً تظاهر أنَّه نسيه، مُبيِّناً أنَّ الواجب على المقترض ألاَّ ينتظر من أقرضه ماله أن يأتيه فيسأله حقه، فلربما منعه الحياء، مُوضحاً أنَّ الواجب على المَدين سرعة سداد دينه مهما قلَّ؛ لأنَّه دين يجب عليه أداؤه ولو كان أقل من ثمن خبزة أو بيضة أو أقل من ذلك.
على المُحصِّل أن يكون ذا دراية تفاوضيَّة وخبرة تُمكنه من وضع خطة للمتابعة والتنفيذ
فحص وجدولة
وأشار "د.الزير" إلى أنَّه لو تمت دراسة كثرة قضايا الديون وصُنِّفت بين قضايا عادية وأخرى تجارية وثالثة فيها من الاحتيال ما فيها، أو غيرها من وسائل الفرز والفحص والجدولة، ومن ثمَّ وُضعت الحلول لجدولتها على المدينين بما يضمن حقوق الدائنين ولا يُثقل كاهل المَدينين لحُلَّت كثير من القضايا بهذا الشكل، مُضيفاً أنَّ تحمُّل الدائن تبعات ومصاريف الدعوى مسألة تحتاج إلى نظر وُفق مُستجدات العصر، لافتاً إلى أنَّ وجود المُماطلين، وكثرة من لا يوفون بحقوق الناس يؤدِّي إلى انقطاع المعروف بين الناس، وتفشِّى الربا في المجتمع؛ ولهذا حث الإسلام على بذل المعروف وإقراض الناس، مُشدِّداً على أنَّه ينبغي على الدائنين مراعاة أنَّه إذا كان المدين مُعسراً وقد حل الدين عليه وهو عاجز عن السداد بدون تقصير منه في الوفاء فإنَّه تحرم مطالبته به حتى يجد ميسرة، مُستشهداً بقوله تعالى: "وإن كان ذا عسرة فنظرة إلى ميسرة، وأن تصدقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون".
قضية عصريَّة
ولفت "د. عبدالله بن عيضه المالكي" -عميد كلية المجتمع والتعليم المستمر بجامعة الطائف- إلى أنَّ قضية المماطلة في سداد الديون من القضايا العصرية التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وشكَّلت ظاهرةً تحتاج إلى تأصيل شرعي وتحذير من خطر هذه الديون والمماطلة في أدائها، مُضيفاً أنَّ الله أمر في كتابه العزيز بكتابة الديون؛ حتى لا تُنسى، قال تعالى: "يا أيُّها الذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مُسمَّىً فاكتبوه، وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل"، مُشيراً إلى أنَّه عزَّ وجلَّ شدَّد في كتابه الكريم على تقديم إخراج الدين عند توزيع الإرث، قال تعالى: "فإن كان لكم ولد فلهنَّ الثُمن مِمَّا تركتم من بعد وصيةٍ توصون بها أو دين"، مُوضحاً أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، مُبيِّناً أنَّه لما كانت الحقوق المالية أمرها عظيم في الإسلام اضطر الرسول أن لا يُصلِّي على من عليه دين.
عقوبات مقترحة
وأكد "د. المالكي" على أنَّ المُدافعة والتسويف في أداء الدين لا يُعدُّان مطلاً إلاَّ إذا كان الدين حالاً غير مؤجل، فأمَّا إذا كان مؤجلاً في الذمة لم يحلّ وقت وفائه بعد فإنَّه لا حرج على المدين في ذلك؛ لأنَّه مُتمسِّكٌ بحقٍ شرعيّ في التأجيل، مُشيراً إلى أنَّه لا نزاع بين العلماء في أنَّ المَدين المليء إذا امتنع عن الوفاء بلا عذر فإنَّه يلزم تعزيره بالعقوبة الزاجرة التي تحمله على المبادرة إلى رفع ظلمه وضرره عن الدائن الممطول، مشيراً إلى أنَّ بعض الفقهاء المعاصرين حددوا عقوبات مُقترحة لإلزام المَدين المُماطل بقضاء دينه، ومنها قضاء الحاكم دينه من ماله جبراً، وإجباره على بيع ماله وقضاء دين الغرماء، ومنعه من فضول ما يحل له من الطيبات، إلى جانب تغريمه جميع نفقات الشكاية، وكذلك إسقاط عدالته، ورد شهادته، وتمكين الدائن من فسخ العقد الموجب للدين، وكذلك حبسه.
آثار مترتبة
وذكر "د. المالكي" أنه يوجد العديد من الآثار الاقتصادية المترتبة على مماطلة قضاء الدين، ومن ذلك ما يحمله من ظلم للدائنين، إلى جانب ما يؤديه مطل المدين من إعاقة حركة المال والاقتصاد في المجتمع، وما يُحدثه من تعطيل كثير من المصالح الحيوية للمجتمع، ومنها ما ينشأ نتيجة مطل المدين من خلل في بنية الحياة الاقتصادية؛ لأنَّ الثقة بوفاء الحق في أوانه وقضائه في إبانه أساس الائتمان وقوام المداينات المثمرة، مُشدِّداً على ضرورة عدم المُماطلة في أداء الحقوق، مؤكِّداً على أنَّ من أدب الإسلام أن يدعو الدائن لمن سلَّفه اقتداءً بخير البشر صلى الله عليه وسلم حينما استلف من رجل سلفاً يوم حنين، فلمَّا قضاه قال له: "بارك الله لك في أهلك ومالك إنما جزاء السلف الوفاء والحمد".
كثرة الاقتراض
وأوضح " د.ناصر الصهيبي الزهراني" -عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف- أنَّ من الظواهر الاجتماعية التي اجتاحت العديد من البيوت ظاهرة الدين وكثرة الاقتراض، مُضيفاً أنَّها أصبحت سبباً لشغل القلب وعدم القدرة على السداد، لاسيِّما من لم يُبال بأموال الناس وسدادها، وغلب على ظنه ضعف الإجراءات في إرجاع الأموال إلى أصحابها، وأنَّ صاحب المال قد يمل من كثرة المراجعات، مُشيراً إلى أنَّه يجب على المُستغرق في الديون لأمر لابُدَّ منه أن يُحسن كما أحسن الناس إليه، لافتاً إلى أنَّه يجب على المُقرض إذا لاحظ صدقه وحاجته أن ينظر لقوله تعالى: "فنظرة إلى ميسرة"، وأن يضع عنه رفقاً به، لحديث "ابن مسعود" رضي الله عنه: "ما من مسلم يُقرض مسلماً قرضاً مرتين، إلاَّ كان كصدقتها مرة".
وأضاف أنَّه متى ما كان المُقترض يستطيع السداد فإنَّه آثمٌ، مُوضحاً أنَّ ذلك سبباً لمرضه وعقوبته، للحديث الصحيح : "لي الواجد يحل لمرضه وعقوبته"، مُشيراً إلى أنَّ الواجب ألاَّ يُورِّط الإنسان نفسه فيما لا طاقة له به، لاسيِّما مع خداع العديد من شركات التقسيط للناس وتشجيعهم، ووجود البطاقات الائتمانية التي تُشجِّع المُفلس على الشراء للكماليات وبعثرة الأموال في كل واد، لافتاً إلى أنَّ الواجب على الجهات التي تصل إليها الشكوى ضد المُقترض المُماطل تأديبه وإلزامه بسرعة السداد؛ لكي يأمن الناس على أموالهم ولا يُحجموا مستقبلاً عن الإحسان إلى الغير.
أثر سلبي
وأكَّد "علي بن سفر الغامدي" -مُحام ومستشار قانوني- على أنَّ المماطلة في تسديد الديون تعود بالضرر على أهل الحقوق، إذ إنَّها تؤخر ديونهم وتمنعهم من الانتفاع بها والتصرُّف فيها، مُضيفاً أنَّه قد يُفوِّت عليهم تحقيق أرباح متوقعة أو متبقية، إلى جانب ما يُسببه ذلك من ضرر معنوي، مُوضحاً أنَّ القوانين الوضعيَّة نصَّت على مشروعية التعويض المالي ضد التأخُّر في وفاء الديون، مُشيراً إلى أنَّ للمماطلة بالدين أثراً سلبياً على الجو الاجتماعي والاقتصادي العام، لافتاً إلى أنَّها قد تُصبح عادةً عند العديد من الأفراد في حال تمَّ الإصرار عليها وتكرارها، مُبيِّناً أنَّ المُشكلات الماليَّة تنقسم إلى ثلاثة أقسامٍ، أولها ما يتعلق بالقروض البنكية الحكومية والأهلية وما في حكمها من شركات السيارات والتمويل وشركات البيع بالتقسيط وشركات الاتصالات، وثانيها ما يتعلق بالإيجارات، وثالثها الاستدانة بين الأفراد.
مجهود إضافي
وأوضح "الغامدي" أنَّ من أهم أسباب التأخُّر في حصول أصحاب الحقوق على حقوقهم أنَّ هناك مدينين هاربين خارج الدولة، وآخرين لديهم اعتراضات على الدين، وغيرهم لا يريدون التعاون، مُوضحاً أنَّ وجود هذه الحالات يجعل القضية تأخذ وقتاً أطول، مُشيراً إلى أنَّ لعُمر الدين وحجمه وموقع المدين ودائرة الاختصاص القضائي التي يتبع لها دوراً مهماً في مدى سرعة تحصيل الدين، لافتاً إلى أنَّه إذا كان الدّين قديماً أو كان التعامل مع المدين يتطلب مجهوداً إضافياً، أو كانت المستندات التي تُثبت وجود الدين ضعيفة ولم يتم التعامل معها بشكل مناسب فإنَّ تحصيله سيكون أصعب والمدة تكون أطول، مُبيِّناً أنَّ تعقب المدينين الهاربين يتضمَّن سلسلةً من الإجراءات الهادفة إلى إيجاد معلومات للاتصال به، ومن ذلك عنوانه الحالي أو عنوان الكفيل الضامن للدين.
طريقة ودية
وشدّد "الغامدي" على أهمية أن يكون مُحصِّل الديون ذا دراية تفاوضيَّة وخبرة كافية في هذا المجال تُمكنه من وضع خطة عمل ووضع جدول زمني دقيق للمتابعة والتنفيذ، بدءاً من إخطار المدين مروراً بالصلح معه لتسديد الدين على أقساط، أو إحالة الموضوع للقضاء، وانتهاءاً بالتنفيذ، مضيفاً أنَّه يجب أن يكون المُحصّل مُلماً بالإجراءات التفاوضية والإجراءات الشرعية والقانونية والتنفيذية باستخدام تقنيات الاتصال، بدءاً من الإجراءات الأولية لمعرفة عنوان المدين والاتصال المباشر به وإرسال الإنذارات القانونية والزيارات الميدانية، وصولاً للتقاضي عبر المحاكم وتنفيذ قراراتها، مُشدِّداً على أهميَّة بذلهم كافَّة الجهود المُمكنة لتسوية الدين بصورة وديَّة دون الاضطرار للشروع في الإجراءات القانونية، مؤكِّداً على أنَّه إذا لم تثمر هذه الجهود فإنَّه يُمكنهم البدء بالإجراءات القانونية.
تعثُّر المَدين
وأوضح "محمد عبدالله السالمي" - محام ومستشار قانوني- أنَّ سبب مُماطلة العديد من المدينين وعدم التزامهم برد الحقوق لأصحابها يرجع إلى طبيعة التجارة، وذلك عندما يكون الدين متعلقاً بالتجارة أو التعاملات المدنية بين الناس بصفة عامة، مُضيفاً أنَّه كثيراً ما يتعثَّر المَدين أو يُماطل في إعادة الحقوق لأهلها، مُشيراً إلى أنَّ ذلك ينتج عنه الإضرار بالدائن إمَّا عن قصد أو غير ذلك، لافتاً إلى أنَّ ذلك واقع لاينكره أحد، مُستشهداً بالحديث الشريف: "مطل الغني ظلم"، مُبيِّناً أنَّ ذلك قد يدخل تحت طائلة الظلم وهو محرَّم، أو أن تكون المماطلة لإعسار ونحوه، وهو ما تحكمه الآية الكريمة: "فإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة"، مؤكِّداً على أنَّه في كلتا الحالتين فإنَّ حقوق الآخرين تثبت في الذمة وتختلف فيها طريقة الأداء، ذاكراً أنَّ من بين هذه الطرق طرقاً شرعيَّة، ومن ذلك اللجوء إلى المحكمة أو الصلح أو الإبراء.
كيف تُحافظ على حقوقك؟
أوضح المحامي والمستشار القانوني "علي بن سفر الغامدي" أنَّ الشرع الحكيم اعتمد العديد من الوسائل الكفيلة بالحفاظ على حق الدائن، إذ أورد القرآن الكريم بعضها، أهمها كتابة الدين، مُضيفاً أن هذه الطريقة وُجدت في أطول آية من آيات القرآن الكريم، وتضمَّنت تفصيلاً لكتابة الدين، مِمَّا يُشير إلى أهميته الاقتصادية من جهة وإلى ضرورة عدم التهاون به من جهة اخرى، قال تعالى: "يا أيُّها الذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجل مسمى فاكتبوه".
ولفت إلى أنَّه ليس المقصود من الكتابة مُجرد المُكاتبة، بل لابُدَّ أن تكون كتابةً مُوثَّقة، مع ضرورة تدوين كُل التفاصيل صغيرها وكبيرها، مبيناً أنَّه إذا تمت الكتابة على أصولها ثمَّ أنكر المَدين الحق أو أنَّه ماطل به وسدت الطريق الشرعية للوصول إلى الحق، فإنَّ الشرع رسم طرقاً للدائن لكي يسترد بها دينه، ومنها أن يتحاكم إلى القضاء، إلى جانب المُقاصَّة، وهي أن يسعى الدائن على أخذ مال المدين الرافض للسداد والمنكر للحق، سواءً كان مال المدين تحت يد الدائن أو كان بحوزة شخص آخر، مؤكداً على أنَّ "المقاَّصة وإن كانت شرعيَّة إلاَّ أنَّها قد تجلب بعض الحساسية بين المتعاملين، ولذا فإنَّ اجتنابها أفضل.
وأوضح أنَّ من طرق استرداد الدين أيضاً "الرهن"، وهو وثيقة لسداد الدين يعطيها المدين للدائن، وذلك بأن يضع بين يديه عيناً مقابل المال الذي يريد اقتراضه، وفي حال إعساره أو عدم تسديده للمبلغ يحق للدائن أي "المرتهن" أن يأخذ ما هو تحت يده في مقابل الدين، مُشيراً إلى أنَّ هذه الطريقة مهمة في حفظ الحق، مبيناً أنَّ على من أراد أن يستدين مبلغاً من المال إعطاء المدين رهناً مقابل هذا الدين؛ حتى لا يحصل خلاف مستقبلي بينه وبين الدائن على السداد طالما أنَّه لا يتهرَّب من السداد، مؤكِّداً على أنَّ هذا هو ما تسير عليه الشركات الكبيرة والبنوك وصناديق الإقراض.
واعتبر أنَّ الكفالة تُعدُّ أيضاً من طرق استرداد الدين، مُضيفاً أنَّ المدين قد يجد شخصاً ثالثاً غيره وغير الدائن مُحترماً موثوقاً معتمداً يمكن أن يكفله عند الدائن، وذلك بأن يتعهد بإحضاره عند حلول وقت الدين، أو إعطاء مبلغ الدين إلى الدائن عند عدم سداد المدين له، مُوضحاً أنَّ الاعتماد على هذه الطريقة فيه مخاطرة مالية من قبل الكفيل، بيد أنَّه مادام مُستوثقاً من المدين فإنَّه يُمكنه الإقدام على الكفالة, مشيراً إلى أنَّ هذا هو ما تسير عليه العديد من الشركات المالية في إثبات حقوقها والمحافظة عليها.
وذكر أنَّ "الضمان" يُعد حلاّ مُقنعاً، وهو أن يضمن طرف ثالث مبلغ الدين، أيّ أن يصير هذا المبلغ في ذمة الضامن وبالتالي يطالبه به الدائن، وهو ما يبعث الاطمئنان في نفس الدائن، مُشدِّداً أنَّ على الضامن كما الكفيل أن يكونا على ثقة من المدين وأن لا يقعا فريسة خداع أيضاً، داعياً إلى تفعيل دور اللجان العقارية في إمارات المناطق ومحافظاتها؛ للحد من مماطلة وتهرُّب المستأجرين عن السداد، وإعطائها الصلاحيات اللازمة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بسداد متأخرات الإيجارات وقيمة استهلاك الماء والكهرباء، وكذلك إخلاء العقار فوراً بعد إصلاح ما يجب إصلاحه أو تقدير قيمته ودفعه فوراً.
وشدّد على ضرورة تعاون المحاكم الشرعيَّة في الإسراع بإنهاء القضايا المنظورة في هذا الشأن، وتنفيذ الأحكام في أقصر مدة ممكنة بموجب نظام التنفيذ، إلى جانب أهميِّة تعاون الشُرَط بشكل فاعل في إحضار المطلوبين وتنفيذ الأحكام بحقهم بشكل صارم، وكذلك تأهيل مُحصِّلي الديون وتعريفهم بالأنظمة والتعليمات النافذة في مجال هذه المهنة.
متابعة الدعاوى حتى صدور الحكم
أكد المحامي والمستشار القانوني "محمد السالمي" على أنَّ الدور المُناط على مُحصِّلي الدّين ينحصر في رفع الدعاوى والجدية في متابعتها ومراجعتها حتى صدور الحكم المُكتسب القطعيَّة، والذي يكون صالحاً للتنفيذ، ومن ثمَّ تنفيذه.
وأشار إلى أنَّ مرحلة رفع الدعوى تعقب مرحلة المُماطلة وإغلاق أُفق السداد، مُرجعاً التأخير في حصول أصحاب الحقوق على حقوقهم إلى المَدين نفسه، لافتاً إلى أنَّ مُماطلته قد تكون دون وجود عذر شرعي، أو أنَّها تكون لوجود عذرٍ شرعيّ كمن يكون مُعسراً مثلاً، مبيناً أنَّ المعاملات التجارية هي السبب الأساسي للقضايا التجارية التي تُعرض على المحاكم بمختلف أشكالها، فهناك الأوراق التجارية "الشيك" و"الكمبيالة" و"السند لأمر"، مؤكداً على أنها بمثابة إقرارات بمبالغ مالية في ذمة المَدين يجب أن تُدفع للدائن.
وأوضح أنَّ من أهم الأمور في تحصيل الديون ثبوت الدَّين في ذمة المَدين، وبالتالي فما على الدائن إلاَّ أن يأتي بوكالة شرعية تُخوِّل المُحصِّل المُطالبة بهذا الدين وتحصيله، مُضيفاً أنَّ التكاليف تختلف من شخص لآخر وحسب المبالغ المُراد تحصيلها، مشيراً إلى أنَّ هناك مراحل عديدة تمر بها الدعوى إلى أن يتم تحصيل المبلغ من المَدين، فبعد رفع الدعوى تأتي مرحلة سماعها ودفوع المُدَّعى عليه ومن ثمَّ صدور الحكم، فإن صدر الحكم ضد المُدَّعى عليه -المدين- فمن حقه الاعتراض لمحكمة الاستئناف، فإن صودق عليه فقد تهيأ الحكم للتنفيذ.
وذكر أنَّ قاضي التنفيذ هو من يتولى الإجراءات الكفيلة بتنفيذ الحكم، مبيناً أنَّه في الدعاوى المدنية عامةً، ليس هناك ما يدعو للقبض على المُدَّعى عليه قبل إجراءات التنفيذ، لافتاً إلى أنَّ القبض عليه يتم بعد التنفيذ كإجراء، فإن سدَّد ما بذمته وإلاَّ فيتم توقيفه بالسجن على ذمة السداد.
الشركات توظف مُحصّل ديون لاسترجاع حقوقها
يجب أن يكون المُحصّل مُلماً بالإجراءات التفاوضية والقانونية
لا تلجأ إلى الدّين حتى لا تقع في دائرة عدم السداد
أخذ المال من الآخرين ليس عيباً العيب هو عدم الوفاء به
تأخير السداد قد يضر بالدائن بعدم الانتفاع من المال
السجن والتوقيف هما نهاية حتمية لمن يُماطل في السداد
د. هشام الزير
د. عبدالله المالكي
علي الغامدي
محمد السالمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.