بن شفلوت يرعى إحتفال اليوم الوطني في أحد رفيدة    مستشفيات د. سليمان فقيه ضمن قائمة "نيوزويك" لأفضل المستشفيات الذكية لعام 2026    تشكيلة الجولة الرابعة من دوري روشن    مدرب نيوم : فوز مهم وسعداء بالنقاط الثلاث    الشورى.. توصيات بدعم التمويل الجماعي وتوظيف الحلول الرقمية لتلبية الاحتياجات التمويلية    جامعة الإمام عبدالرحمن أول سعودية تحصد الاعتماد الدولي من الكلية الملكية بكندا    نحو 2030 خالٍ من الأورام.. خبراء يكشفون عن طفرة سعودية في علاج السرطان    الاتحاد ينهي التعاقد مع المدرب لوران بلان    محطات الوقود وفوضى الدخول العكسي    تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بالمملكة ترتفع إلى 22.8 مليار ريال    المملكة ترأس جلسة أعمال المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة    المثالية: لعنة النجاح المؤجل!    المعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر استعداداً للكذب والخداع    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    وزيرا الإسكان والإعلام ورئيس «هيئة العقار» في المؤتمر الصحفي الحكومي غداً    الفتح يعترض على الأخطاء التحكيمية    المملكة ماضية في جهودها الحثيثة لتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة    الشرع: سورية عادت لمكانتها التاريخية الفاعلة بين الأمم    الفيحاء يتنفس الصعداء بنقاط النجمة    جماهير الاتحاد للإدارة والمدرب: ضيعتوا اللبن في الصيف    الناقور يحتفل باليوم الوطني    روشن تعرض مشاريعها السكنية    تعزيز الابتكار والاستدامة.. السعودية تستضيف (يونيدو) للتنمية الصناعية    «زاتكا»: 1511 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية    ضبط 12 متورطاً واحباط تهريب 234 كجم مخدرات    الصليح يحتفل بزواج عمار    وسط مساعٍ أمريكية لوقف الحرب.. 120 غارة إسرائيلية على غزة و52 قتيلاً    أوباما: لا مبرر لقصف غزة وإقامة دولة فلسطينية ضرورة    ملتقى سعودي عن الذكاء الاصطناعي في سيئول    16 باحثاً سعودياً ضمن قائمة الأفضل عالمياً    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً في أسبوع    53.6 مليون قاصد للحرمين الشريفين في ربيع الأول    الاهتمام بتطوير التجربة الإيمانية لضيوف الرحمن.. «الحج» : التنسيق مع ممثلي 60 دولة للموسم القادم    القادسية يعبر الفتح ويقفز ل «وصافة روشن»    «قط وكلب» يتسببان في طلاق زوجين    أزمة قلبية تنهي حياة عريس    إشكالية سياسة واشنطن بشأن الطائرات المسيرة    ChatGPT يتيح أهم مميزاته مجانا    الملك عبدالعزيز الوحدة والمنهج    كيف قرأ العالم اتفاقية السعودية وباكستان    قطرات تقلل ألم مرضى الشبكية    خطر خفي لنقص سوائل الجسم    "الإسلامية" تُقيم خطبة الجمعة في مسجد السلام بسانتياغو    «أم جرسان».. أقدم مواقع الاستيطان البشري    %20 استعادوا النبض بعد توقف القلب    الصقور المنغولية في «الصيد السعودي الدولي»    دراسة: كبسولات صغيرة تسعى للحد من التهاب الدماغ    4320 شركة ومكتبا هندسيا في المملكة    ترقب لحركة تداول بعد موجة الارتفاع    57% استجابة البنوك الخليجية لمحادثات العملاء    سماحة المفتي.. رحل وبقي الأثر    محمد بن سلمان.. قائد التحول    تأهيل وادي قناة بالمدينة    رحل من كان أبا للجميع    حماة البيئة    المزاح والضغوط النفسية    محافظ طريب يرعى احتفال مركز الصبيخة باليوم الوطني 95    محافظ قلوة يرعى احتفال أهالي المحافظة باليوم الوطني ال 95    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجل التنوير والتاريخ والمواقف المشرفة
اللبنانيون والملك فهد
نشر في الرياض يوم 05 - 08 - 2005

ندر أن أجمع شعب عربي على حب حاكم عربي كما اجمع اللبنانيون، ومنذ سنوات بعيدة على حب الملك فهد. وندر ان قامت وشائج قربى ومودة وامتنان بين شعب عربي وشعب عربي آخر، كما قامت وتقوم هذه الوشائج بين اللبنانيين والسعوديين. ومع ان مسافات جغرافيا شاسعة تفصل لبنان عن المملكة العربية السعودية إلا ان الفاصل الجغرافي لم يتمكن من أن يقيم يوماً فاصلاً بين الشعبين الشقيقين، ولدرجة القول ان المملكة العربية السعودية تقيم في منازل اللبنانيين وفي قلوبهم على حد سواء.
وقد كانت مناسبة انتقال خادم الحرمين الشريفين إلى رحمته تعالى، فرصة امتحان عاطفة ابناء وطن الارز نحو السعودية وملكها الراحل العظيم. فقد اجمع اللبنانيون على مختلف طوائفهم ومذاهبهم ونوازعهم السياسية، على تقدير الملك الراحل، وانجازاته الخالدة، ومنها بالطبع أياديه البيضاء على وطنهم وعلى مواطنيهم على السواء. فلم ينس أحد منهم مواقف الملك فهد نحو لبنان في محنته التي استمرت حوالي عشرين عاماً، وكانت خاتمتها مؤتمر الطائف الشهير الذي جمع اللبنانيين في مدينة الطائف وانتهى باتفاقهم، وبالتالي بوضع حد للحرب.
على ان مآثر الملك الراحل نحو لبنان لا تقتصر على حدث معين بالذات. فقد توالت هذه المآثر على مدى نصف قرن، خلالها شعر اللبنانيون في المملكة، واللبنانيون المقيمون في بلدهم، ان لبنان كما أن رباً يحميه، هناك حاكم عربي آخر يحدب عليه، ويعينه في شدائده، ويخفف عنه ما ابتلي به، ويأخذ بيده نحو بر الأمان. فكيف يمكن ان تكون مشاعر هذا الشعب نحو هذا الحاكم؟ وهل كثير عليه أن يذكر هذا الحاكم بالخير، وان يترحم عليه، وان يطلب من الله سبحانه وتعالى ان ينزله فسيح جناته؟.
على أن مآثر الملك فهد لم تقتصر على بلده وعلى لبنان، بل تناولت بلداناً وقضايا عربية وإسلامية كثيرة. ويصعب على المرء ان يذكر الملك فهد في قضايا ومواقف مشرفة، على وجه الحصر. ذلك ان انجازاته في السعة والشمول بحيث تتطلب أبحاثاً مستفيضة للاحاطة ولكن من الممكن لمثل هذا الباحث ان يتحدث عن سيف من سيوف العروبة والإسلام، وعن تاريخ من الفخار قد لا تكون صفحاته كلها قد فُتحت بعد. ويكفي للمرء ان يتذكر مواقف الملك في فلسطين ولبنان والبوسنة، وفي أزمة احتلال الكويت حتى يتأكد ان الملك كان شخصية تاريخية فذة بكل ما في هذه الكلمة من جلال وتوقير.
منح الصلح يروي حكايات لا تنتهي عن الملك فهد وما قدمه للسعودية وللأمة العربية على السواء.
الدكتورة سعاد الحكيم، استاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية، تضرعت إلى الله ان ينزل الملك فهد منازل الأولياء والصديقين لأسباب كثيرة منها ما قام به الملك على صعيد توسعة الحرم المكي. قالت ان توسعة هذا الحرم أتاحت لما لا يقل عن مليون مسلم المشاركة في وقت واحد في مناسك الحج. وهو أمر جلل. يسجل للملك بماء الذهب ولا يمكن ان ينسى على مدى الدهور.
مواطنون لبنانيون كثيرون التقيت بهم في السفارة السعودية ببيروت، عملوا فترة من الوقت في كازاخستان وأوزبكستان وسواهما في بلدان آسيا الوسطى، قالوا انهم زاروا بيوت المسلمين في تلك الجمهوريات النائية وشاهدوا في غرف استقبالها مصاحف شريفة قال أصحابها انها كانت هدية من الملك فهد. ارسل الملك فهد عشرات الطائرات إلى تلك المناطق التي نكبت زمناً طويلاً بالشيوعية الملحدة، وفيها اعداد هائلة من المصاحف التي وزعتها سفارات السعودية على المسلمين فيها. وعندما تصفح هؤلاء اللبنانيون هذه المصاحف وجدوا بداخلها ما يفيد انها طُبعت في مؤسسة لهذا الغرض يرعاها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد في المدينة المنورة.
ترك الملك فهد بصمات كثيرة خلال حياته في تطور المملكة والمنطقة على السواء. فعندما ولاه والده المغفور له الملك عبدالعزيز وزارة المعارف وكان بعد في بداية حياته، بدأت الحضارة تزحف إلى الأرياف والبوادي والقرى النائية عبر إنشاء مئات المدارس وإلى الملك فهد تنسب انجازات تاريخية على صعيد تكوين الكادرات الأولى للادارة والمؤسسات العامة في المملكة. وعلى يدي الملك فهد وفي عهده تحولت السعودية إلى ورشة كبيرة للإعمار عملت على وصل الجزيرة العربية بالعصر الحديث. فالملك فهد كان رجل تنوير كما كان رجل تاريخ وانجازات.
وبصفتي معنياً بقضايا الثقافة، فإنني أذكر انني رأيت الملك فهد شخصياً، للمرة الأولى في بعض الاحتفالات الأولى لجائزة الملك فيصل بالرياض. تلا الملك خطبة تحدث فيها عن الجائزة وعن الثقافة في المملكة. وسمعته يتحدث بعد ذلك عن مشاريع ثقافية وتنموية وتربوية قادمة. وعندما زرت المملكة مراراً بعد ذلك، واجتمعت إلى نجله المغفور له الأمير فيصل بن فهد، الرئيس العام لرعاية الشباب، علمت ان وراء الميزانية الكبرى المخصصة لهذه المؤسسة الموكل إليها رعاية الشباب ورعاية الثقافة، شخصية مركزية هي شخصية الملك بالذات. وقد تميزت هذه الشخصية على الدوام بسعة الأفق، وبالنظرة المستقبلية، والحس التاريخي، وعبقرية المبادرات.
كان الملك فهد رجالاً في رجل، ووجوهاً كثيرة في شخصية واحدة. كان ملكاً كما كان رجل تنوير وتاريخ وانجازات ومواقف وطنية وقومية وإنسانية مشرفة. ولكأن الشاعر القديم قد عناه عندما قال: «إذا القوم قالوا: من فتى؟ خلتُ انني». وبمقدار، ما كان هذا الفتى المقدام لشعبه الوفي له، كان بنفس المقدار لشعوب كثيرة ولقضايا كثيرة، منها لبنان الذي لولا الملك فهد لربما ظل حتى اليوم أسير تلك الحرب الجهنمية الرهيبة المشبوهة التي أكلت اخضره ويابسه. وإذا كانت الخضرة قد عادت رويدا رويداً إلى أزر لبنان وبقية أشجاره، وإلى قلوب أبنائه، فبفضل الملك فهد شخصياً، بفضل ذلك القلب الكبير الذي كان ينبض في داخله.
بكى لبنان الملك فهد بكاءً حقيقياً، ولكنه واثق ان علاقاته التاريخية مع المملكة العربية السعودية ستظل على الدوام علاقات ودية حقيقية تتطور وتنمو بلا حدود، ولا نذيع سراً إذا قلنا انه إلى السعودية بالذات، تهفو قلوب اللبنانيين إذا شعروا بأن هناك مشكلة في الأفق، وانهم بحاجة إلى من يساعدهم في حلها. ولا شكوك عند اللبنانيين في انهم واجدون في الملك عبدالله ما وجدوه في الملك فهد من تفهم لقضاياهم ومن نصرة لهم في ملماتهم ومصاعبهم. لقد كان لبنان على الدوام داراً رحبة لصديقه القديم الملك عبدالله الذي يعرفه منذ سنوات بعيدة. لقد قرأت مرة كتاباً لأحد الأدباء اللبنانيين فيه صورة قديمة للملك عبدالله تضمه مع أصدقاء لبنانيين وسوريين في بيروت، كُتب تحتها: «أسد الجزيرة العربية الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ومعه نخبة من الأصدقاء منهم الشاعر السوري الراحل نوفل الياس والشاعر اللبناني جورج غريب. وإلى هذا الأسد، وإلى ولي عهده الأمين الأمير سلطان، تتطلع قلوب اللبنانيين بالحب تدعو بطول العمر وبدوام التوفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.