كان أحد المختصين في مجال التدريب ينتقد أساليب التدريب النظرية، وأن المدرب الذي تسيطر عليه هذه الأساليب يتحدث أكثر من المتدربين، وقد يكون البرنامج التدريبي عن ادارة الوقت لكن المدرب لا يستطيع تغطية عناصر البرنامج بحجة عدم كفاية الوقت. قضيه ادارة الوقت ترتبط بأمور كثيرة منها ترشيد الكلام ومن الحالات النادرة في المؤتمرات والندوات أن يلتزم المتحدث بالوقت المحدد. أينما توجهت تسمع من يشتكى أن الوقت انتهى.. في البرامج التلفزيونية والاذاعية وفى الحفلات واجتماعات العمل، الكل يشتكي من الوقت ويطالب بادارة الوقت. الحالة التي يعطي الانسان لنفسه فيها الحرية في مسأله الوقت هي المكالمة الهاتفية والحوارات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، هنا تحديدا ينسى بعضنا قضية الوقت ربما رغبة في الشعور بالحرية أو للتسلية أو لتقطيع الوقت الذى يبحث عنه الجميع. ترشيد الكلام ليس عملية سهلة، الاختصار يتطلب مهارة لا تتوفر للجميع ولكن هل هذا هو السبب في كثافة الكلام؟ ربما يعتقد المتحدث أن الاطالة تعني الاهتمام بالموضوع وأن هذا يجعله أكثر تأثيرا في المتلقي لكن الملاحظ أن الاطالة في الغالب تؤدي الى نتائج عكس ما يتمناه المتحدث الا في حالات نادرة يكون فيها المتحدث فريدا من نوعه. في السياسة لعبت الخطابات دورا في القيادة لكن تأثيرها الايجابي لم يكن في نظرة بسبب الاطالة في الخطاب وانما بسبب البلاغة وقوة العبارات وحسن اختيار الكلمات والشواهد. في المقابل فإن الخطاب السياسي في بعض الحالات كان له دور مؤثر في انهاء حقبة سياسية معينة ليس بسبب الاطالة فقط ولكن بسبب المحتوى الانشائي الذي لا يقدم غير الوعود وهل هناك ما يضيع الوقت أكثر من الوعود غير الواقعية؟ حين يكون هذا هو الخطاب السائد تضيع عقود من الزمن، وتضيع مقدرات الأوطان، وتهمل احتياجات الانسان وتتأخر التنمية. على مستوى الأفراد هناك أيضا خطاب إنشائي ومظاهر وتفاخر وعلى سبيل المثال يلاحظ من قيادة بعضنا للسيارات السرعة غير المبررة ومن يفعل ذلك قد تكون صفة الاستعجال ملازمة له في كل مكان، في العمل، في السفر، في تناول الطعام، في انتظار الخدمة وغيرها وقد يصاحب هذا السلوك كما أشرنا لغة تفاخر بالقدرة على كسر الأنظمة وقد يحول ذلك الى قصص يرويها لأصدقائه وربما يضيف اليها بعض البهارات لتكتمل الطبخة. ولابد أن نفرق بين أهمية السرعة في الانجاز، وبين الاستعجال فالسرعة في تقديم الخدمات وانجاز المشاريع مطلوبة مع توفر الدقة والجودة أما الاستعجال فهو سلوك يهم صاحبه أن ينتهي من المهمة بأي شكل. ما علاقة ماسبق بترشيد الكلام؟ أستطيع القول إن من يعمل سوف (تتكلم) عنه أعماله أما من ينشغل بالكلام فلن يجد الوقت للعمل..