كما كان هناك حرص على البحث عن الشعر الجيد في فترة من الفترات -لاسيما حين كانت مصادر الحصول على القصيدة محدودة جداً- نُلاحظ تحول الحرص القديم عند فئة من المُتلقين للبحث عن القصائد الهزيلة والقصائد الهزلية أو الساخرة، وحدوث مثل هذا الأمر لا يُعد مؤشراً على انحدار الذائقة الشعرية لدى الجمهور بقدر ما يؤكد على التشبع الكبير من الشعر الذي أصبح يُعرض على مدار اليوم وفي عدد غير قليل من القنوات الشعرية أو التي يحتل الشعر جزءاً من اهتمامها. واليوم ومع ثورة توتير أصبح بالإمكان الحصول على جديد أي شاعر دون أي مشقة بمُجرد إضافة اسمه إلى قائمة الشعراء الذين تتابعهم، هذا الأمر وإن كان إيجابياً من جهة إلا أنه أحدث تشبعاً لدى المتلقي وأدى بالعديد من الشعراء لاستنزاف مواهبهم واستهلاك الشعر رضوخاً لرغبة المتابعين، لذلك لا نستغرب أن تحدث حالة التشبع وأن يبحث المتلقي عن شعر بعيد عن الجزالة والتميز، ولا يمكن أن نستغرب أن يكون لبكر هوساوي و"استهبالاته" باسم الشعر مُتابعين يفوق عددهم مُتابعي آلاف الشعراء الذين يكتبون شعراً تتوفر فيه كل شروط ومواصفات الشعر الجيد. إلى جانب التشبع الشعري أعتقد أن مرحلة تويتر قد أفرزت العديد من السلبيات أبرزها لجوء الشعراء له كبديل عن المنتديات والمجلات الشعرية مع أنها كانت توفر أجواءً أفضل للإبداع وتمنح المُتلقي أو المُتابع فرصة أكبر لتأمل إنتاج الشاعر والحكم عليه، حتى الشللية التي كانت في المجلات أو في المنتديات الشعرية التي تضع الشروط لقبول الأعضاء كان لها نتائج جيدة وأسهمت في بروز شعراء يكتبون الشعر بتمكن وإبداع. أعتقد أن جزالة القصيدة وقوتها لم تعد مطلباً للجميع في ظل هذا الكم الهائل من الشعراء الذين لا يتوقفون عن نظم الشعر من خلال حساباتهم في توتير، وفي ظل تعدد المصادر التي تمكنك من مُتابعة أمسيات الشعراء وحواراتهم في أي وقت تشاء. أخيراً يقول المبدع ضويحي العماني: نهيت نفسي عن هواك وعيّت يا ليت نفسي من هواك إرتاحت ما نيب لا قفّيت عنّي ميّت لكن بموت، وضيقتي ما راحت