برز «ارتفاع أسعار السلع» كسبب رئيس في انتشار حملات المقاطعة للمنتجات الغذائية، إلاّ أنه في مقابل ذلك لم نسمع أو نلمس ما يدعو لمقاطعة منتج غذائي أو سلعة تجارية بسبب تأثيرها أو خطورتها على الصحة العامة، في وقت أصبح من الضروري تنظيم حملات عاجلة لمقاطعة ومحاربة الأغذية غير الصحية، على كافة المستويات، مع نشر الثقافة الغذائية الصحية، إضافةً إلى التعريف بأهم بالمعايير والمقاييس الصحية الآمنة للمواد الغذائية، لاسيما بعد أن أثبتت الأبحاث والدراسات ارتباط تلك الأغذية بأمراض العصر. وأصبح من المهم إيجاد أساسيات رقابية قوية، خاصةً في ظل نقص التثقيف الصحي حول بعض المواد الغذائية غير المُفيدة للجسم، مع دعم طب التغذية الوقائي، وهو ما يُسهم في ارتفاع نسبة المقاطعين والمقننين للأغذية الضارة وعديمة الفائدة، كما يبرز أهمية الاستمرار بالتوعية الدائمة دون توقف، مع مشاركة الإعلام بجميع وسائله لتقويم ثقافة المجتمع، بهدف إحلال ثقافة صحية غذائية وقائية بديلة، كما أن دور المناهج العلمية والصحية كبير في بناء صحة أفضل وحياة سليمة. ثقافة صحية في البداية قال «د.حسام جمال» -أخصائي تغذية-: إن المشكلة تتركز أولاً حول الثقافة الصحية الوقائية، التي يفتقر لها مجتمعنا مع الأسف، مضيفاً أنه ما زالت نسبة كبيرة منه تفتقد ثقافة الوقاية، لا سيما وأن طب التغذية ما زال وليداً في المجتمعات عموماً ومجتمعنا خاصة، مبيناً أن هناك أغذية صحية وأغذية قد تلحق الضرر بكثرتها، وأخرى عديمة الفائدة، إضافةً إلى الأغذية الضارة بالصحة، مشيراً إلى أنه على سبيل المثال المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة ضارة بالجسم، وما يدعو للغرابة أن الكثير يعلم بضررها ولا يمتنع عنها، أو حتى يدعو لمقاطعتها، فهي أولاً لا توفر للجسم أية فائدة غذائية، بل تحتوي على المزيد من السكر والأحماض، إلى جانب المواد الحافظة والملونة. سكر وكافيين وأوضح «د.حسام» أنه بالوقوف عليها نجد احتواءها على السكر، حيث تحتوي العلبة الواحدة على أكثر من ثماني ملاعق سكر، وهي كافية لتدمير «فيتامين B»، الذي يؤدي نقصه إلى سوء الهضم وضعف البنية والاضطرابات العصبية والصداع والأرق، مبيناً أنها تحتوي على «ثاني أكسيد الكربون»، الذي يؤدي إلى حرمان المعدة من الخمائر اللعابية الهامة بالهضم، خاصةً مع الطعام أو بعده، كما أنه يؤدي إلى إلغاء دور الإنزيمات الهاضمة المعدية وبالتالي عرقلة الهضم، وإقلال الإفادة من الأغذية المتناولة، لافتاً إلى أن هذه المواد تحتوي على «الكافيين» الذي يؤدي إلى زيادة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم والسكر، وكذلك زيادة الحموضة المعدية والهرمونات بالدم، مما قد يسبب التهابات وتقرحات في المعدة و»الاثني عشر»، ذاكراً أن هذه المواد تحتوي أيضاً على الأحماض، منها حمض «الفوسفوريك»، وهو مركب عديم الرائحة، يساعد على إعطاء النكهة المنعشة وهو معالج للصدأ وقد أثبتت الدراسات الصحية في أمريكا أن شربه أكثر من مرتين يومياً يسهم بتكون حصيات الكلى. أساليب ترويجية وأكد «د.حسام» على أن بعض الدراسات تشير الى أن الأساليب الترويجية والتسويقية تؤدي إلى شراء الشباب بعض المشروبات، ضاربين بعرض الحائط للعبارات التحذيرية المكتوبة على العبوات، كعبارة: «التدخين سبب رئيس للإصابة بالإمراض القلبية الوعائية والسرطان»، أو ما كتب على مشروبات الطاقة: «يجب عدم تناولها من قبل مرضى القلب وارتفاع ضغط الدم والحوامل والمرضعات والأطفال دون 16 عاماً ومرضى السكر وإثناء ممارسة الرياضة»، وكذلك عبارة: «تناول أكثر من عبوتين في اليوم قد يؤدي إلى الإضرار بالصحة»؛ في حين قد تكون هذه المنتجات خالية من بعض العبارات التحذيرية، في ظل ضعف الرقابة عليها, على الرغم من إشارة دراسة لهيئة المواصفات والمقاييس أن هناك تأثيرات جانبية لها، خاصة عند الإفراط في تناولها بشكل يومي. طب التغذية وذكر «د.حسام» أن أحد الأساسيات التي نتبعها في الحمية تكمن في منع السكر المصنع والمشروبات الغازية وغيرها، مضيفاً أنه على الرغم من ما يلمسه هؤلاء المراجعون من تحسن ملحوظ في صحتهم وأوزانهم، عبر الانتظام بالحمية المدروسة لأجسادهم، إلاّ أن بعضهم قد يخرق هذا القانون فيما بعد لأسباب متنوعة أبرزها المجتمع وتأثيراته بمغرياته والوسائل الدعائية، إضافةً إلى «تململهم» من تكاليف هذا الإجراء لدينا، مؤكداً على أنه لو وجدت أساسيات رقابية قوية تؤثر على المجتمع حول هذه المنتجات، مع دعم طب التغذية الوقائي، لوجدنا ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة المقاطعين والمقننين للأغذية الضارة وعديمة الفائدة، مُشدداً على أهمية الاستمرار بالتوعية الملموسة والمستمرة والدائمة دون توقف، بالتنسيق مع أهل العلم والخبرة بطب التغذية، وكذلك مشاركة الإعلام بجميع وسائله لتقويم ثقافة المجتمع، بهدف إحلال ثقافة صحية غذائية وقائية بديلة. طبيعي 100% وأوضحت «رويدا إدريس» -استشارية تغذية صحية- أن الغذاء أصبح الشغل الشاغل على جميع المستويات العامة والخاصة؛ بسبب ما نلاحظه من زيادة نسبة الأمراض، إذ لا يوجد هناك مرض ليس له علاقة بالغذاء، فالكل متفق على مقولة «المعدة بيت الداء، والغذاء رأس الدواء»، مضيفةً أنه من هذا المنطلق نجد أنفسنا نخوض في نوعية الغذاء، باحثين عن شماعة نعلق عليها نتيجة سوء خياراتنا، ولكن السبب لا يقع فقط على عاتق الأغذية التي ثبت علمياً وبعد دراسات وأبحاث عن مدى تأثيرها سلبياً على الصحة الجسدية والعقلية والنفسية، لمجرد تناولنا أغذية موضوعة في قفص الاتهام من حلويات و»شبس» ومشروبات غازية ومشروبات طاقة، وكذلك عصائر مصنعة، برغم ما يكتب عليها من عبارة طبيعية (100%)، وهي عبارة غير منطقية، حيث لا يمكن حفظ مكون طبيعي مدة طويلة وبدون تبريد!. الوعي يتراجع أمام مغريات المأكولات وتنوع المطاعم .. و«الرقيب» بعيد عن القلب والعين.. والمعاناة مستمرة طريق السمنة وأكدت «رويدا إدريس» على أن المشروبات الغازية المحتوية على مواد كربونية تتحول إلى غازات عندما يعمل الجسم على تدفئتها، مما تؤدي ل»التجشؤ»، وبالتالي تتوسع المعدة وتحتاج إلى كمية أكبر من الغذاء للإحساس بالشبع، وهنا يبدأ طريق السمنة، متأسفةً على أن هذه المشروبات تحتل المرتبة الأولى فيما نتناوله مع وجبة الغداء، والاشكالية الكبرى في العروض التي تقدمها مطاعم المأكولات السريعة، لتشجع المستهلك على تناول كمية أكبر، ومن هذه العروض أضف ريالا على سعر الوجبة واحصل على حجم أكبر من المشروبات الغازية والبطاطس المقلية، مبينةً أن البعض يقبل على بعض الأغذية وهو يعلم أنها قد تكون احد الأسباب للكثير من الأمراض المتفاقمة في المجتمع كالسكر والقلب والسرطان، وكذلك أمراض القولون العصبي و»الزهايمر» وهشاشة العظام. جيل شائخ وذكرت «رويدا إدريس» أن نقص «فيتامين د» أصبح منتشرا بين جميع فئات المجتمع، وبمختلف الأعمار، وهذا بحد ذاته خطر كبير يهدد الصحة العامة، حيث أصبحت الأمراض المصاحبة للشيخوخة تصيب الأطفال والشباب، وهذا يعني أن الجيل القادم جيل شائخ!، مضيفةً أن هذه الأمراض نتيجة تراكمات الزمن للتغذية غير الصحية، وأسلوب الحياة غير الصحي والخالي من النشاط البدني، مشددةً على أنه يوجد عدة بدائل سواء للحلويات من خلال تناول الفواكه والمكسرات أو رقائق البطاطس المجففة، أو للمشروبات من خلال العصيرات الغذائية الطبيعية، متمنيةً أن يكون السبب وراء مقاطعة أي منتج غذائي لأسباب صحية وليست مادية فقط، فالصحة أولاً و أخيراً هي الأهم. واقترحت رفع سعر المنتجات الغذائية غير المفيدة، مع دعم الدولة لأسعار المنتجات المفيدة، حتى تكون في متناول الجميع، وبذلك نقضي على جميع الذرائع التي نتحرج بها بأن الأكل الصحي أعلى تكلفة، وأن كنا لا نتفق مع مقولة: «الغذاء الصحي غالي الثمن»، فالخضروات والفواكه أسعارها مناسبة للجميع. مناهج علمية وشدّدت «رويدا إدريس» على أهمية دعم استشاري التغذية، لتسهيل موضوع التثقيف الغذائي، مع توعية المجتمع على الطريقة الصحيحة لاختيار الغذاء السليم والمناسب للحالة الصحية، مؤكدةً على أن خبراء التغذية ليس لهم أي مسؤولية في حملات المقاطعة، لكن عليهم مسؤولية تثقيف المجتمع في أهمية ترشيد المنتجات الغذائية، وعدم الإسراف في شراء ما لا نحتاج له. وأكدت «فاطمة القحطاني» -كاتبة صحفية - على أن المجتمع يحتاج إلى ترويج حملة لمقاطعة المواد الغذائية غير صحية أو عديمة الفائدة، مضيفةً أن ثقافة اختيار الغذاء الصحي تحتاج إلى تغيير، إلاّ أن ذلك يحتاج إلى عدة عوامل، فالتغيير يحتاج لزرع بذرة المعنى الناجح لتحقيق الهدف والوعي لدى المواطن منذ نعومة أظفاره، مبينةً أن دور الأسرة والمدرسة كبير جداًّ في تنمية شخصية هؤلاء الأطفال والمراهقين، حتى يصل إليهم معنى الثقافة الصحية، وبذلك نضع حاجزاً رادعاً قوياً لا يضعف أمام الإغراءات، إلى جانب أهمية تكثيف المناهج العلمية والصحية في بناء صحة أفضل وحياة سليمة، فدوماً ثقافة التغيير تحتاج إلى وقت طويل وإصرار في كل مجتمع. أسواقنا تضم منتجات غير مفيدة صحياً امرأة تختار ما يحتاجه منزلها من مواد غذائية رويدا إدريس فاطمة القحطاني أغلب الشباب لا يعي خطورة المشروبات الغازية على الجسم
