طالب مواطنون ومختصون في السوق العقارية، بإعادة النظر في اللوائح والأنظمة الخاصة، بمنح تراخيص البناء للأراضي السكنية والتجارية والمتعلقة ب»تعدد الأدوار»، مشددين على أهمية تشجيع المستثمرين والمطورين العقاريين على إنشاء عدد أكبر من الوحدات السكنية في الأراضي كافة، وعلى المحاور التجارية والشوارع الرئيسة، بدلاً من حصر ذلك على المناطق المركزيَّة، مؤكدين على أن ذلك سيرفع من سقف معدلات البناء، وبالتالي انخفاض تكلفة الوحدات السكنية بما يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن والمستثمر على حد سواء، إضافةً إلى زيادة فرص الاستغلال الأمثل للأراضي، وخفض تكلفة إيصال الخدمات، وكذلك إعادة استثمار الأحياء المهجورة. وسيؤدي قرار عدم السماح بتعدد الأدوار في الأراضي السكنية -إلاَّ في مناطق محددة ووفقاً لاستعمالات مُعيَّنة- إلى عدم التوازن في الكثافة العمرانيَّة، وإلى زيادة ازدحام المناطق المركزيَّة، الأمر الذي يتطلب وضع إستراتيجية واضحة للتمدد العمراني الأفقي والرأسي بحيث تكون ملزمة للجميع، على أن تنبثق عنها أنظمة وقوانين صارمة وثابتة على مر السنين، كما أنه من الأفضل اعتماد مخططات جديدة وفق رؤية تعدد الأدوار، وبما يحقق العدالة للجميع، على أن يتم تطوير الأحياء القديمة بشكل كامل وشامل، حتى يتم الإفادة منها في إيجاد مبان متعددة الأدوار، لمصلحة المواطن. «الرياض» تلتقي المواطنين، وتطرح أفكار المختصين، فكان هذا التحقيق. آلية غائبة في البداية قال "محمد القحطاني": إن رغبته في استثمار الأرض التي يمتلكها والواقعة على أحد الشوارع الرئيسة في مدينة الرياض كشقق سكنية، قادته إلى محاولة الحصول على رخصة بناء تسمح له ببناء أكثر من أربعة أدوار، أسوة بالمباني الموجودة على نفس الشارع، إلاّ أن طلبه قُوبل بالرفض، مضيفاً أنه سُمح له ببناء أربعة أدوار فقط إلى جانب الملحق، متسائلاً عن الآلية التي تنتهجها الجهات المعنية في هذا الشأن، مطالباً إياها بإعادة النظر في تلك الآلية، لافتاً إلى أن ذلك من شأنه زيادة فرص الاستغلال الأمثل للأراضي، وحل مشكلة الاسكان، في ظل التزايد المستمر لعدد السكان بمدينة الرياض نتيجة الهجرة السكانية التي تشهدها بشكل متواصل. وأكد "فهد القرني" على أنه من المهم إعادة النظر في اللوائح والأنظمة الخاصة بمنح تراخيص البناء للأراضي السكنية بشكل يسمح بتعدد الأدوار فيها، مضيفاً أن السماح بتعدد الأدوار سيؤدي إلى تخفيف وطأة الإيجار، وكذلك التسريع في حل مشكلة الاسكان التي يعاني منها ثلاثة أرباع المواطنين -على حد قوله- مبيناً أنه يفكر هو وأشقاؤه بشكل جديّ في التضامن لبناء منزل متعدد الأدوار ليكون سكناً لهم، مشيراً إلى أن عدم إمكانية السماح لهم بالبناء وفق ذلك سيؤدي إلى تحطيم آمالهم التي بنوها هم وأسرهم. تغير النظرة ورأى "طلال العمر" أن السماح بتعدد الأدوار وبناء "الأبراج السكنية" يعد أحد الحلول لعلاج أزمة السكن الحالية، مضيفاً أنه على الرغم من أن الغالبية قد لا يتقبل تلك الفكرة بسبب سعيهم إلى البحث عن الخصوصية البحتة، إلاّ أن البعض بدأ أخيراً في تقبل فكرة السكن في "الدبلكسات" ثم الشقق، لافتاً إلى أن أزمة السكن تسببت في إيجاد وعي أكبر لدى الشباب الذين يُشكِّلون السواد الأعظم من أفراد المجتمع، ذاكراً أن الكرة الآن أصبحت في مرمى أمانات المناطق والبلديات والمستثمرين، في السعي لتأسيس مبانٍ متعددة الأدوار بشكل حضاري ومنظم يراعي توفير الخدمات الضرورية، وعلى رأسها إيجاد مواقف للسيارات، موضحاً أن ذلك معمولا به في العديد من مدن العالم خليجياً وآسيوياً وفي أمريكا وأوروبا، شريطة ألاّ تزيد الارتفاعات عن (15) دوراً في تلك الأبراج السكنية. عدم توازن وذكر "عمر القاضي" -عضو منتدب لشركة إنجاز للتطوير العقاري- أنَّ هناك حاجة مُلحَّة لإيجاد نوع من التوازن بين التمدد الرأسي والأفقي في كل مدينة من مدن المملكة، مشيراً إلى أن الحاجة إلى ذلك تزداد بشكل أكبر في العاصمة الرياض، التي تشهد نمواً مطرداً وكثافةً سكانيةً متزايدة، شريطة ألاَّ يكون هناك تمييز لشارع دون آخر، مضيفاً أن استمرار عدم السماح بتعدد الأدوار، إلاَّ في مناطق محددة ووفقاً لاستعمالات مُعيَّنة سيُؤدِّي إلى عدم التوازن في الكثافة العمرانيَّة، وإلى زيادة ازدحام المناطق المركزيَّة التي يُسمح فيها بالبناء مُتعدِّد الأدوار، مُؤكداً أن الأراضي المُطلَّة على الطريق الدائري بحاجة أكبر إلى مبانٍ ذات ارتفاعات كبيرة، حيث ستخدم المُخططات السكنيَّة التي بجوارها، شريطة توفير شوارع فرعيَّة، وإيجاد حل ناجع لمشكلة مواقف السيَّارات قبل البدء بالتنفيذ. وأضاف: السوق العقاريَّة حاليَّاً أمام فرصة للتمدُّد الرأسي في المشروعات السكنيَّة على المحاور التجارية، حيث تُعدُّ الشوارع الرئيسيَّة المكان المناسب لإقامة الأبراج السكنيَّة وفق ما هو معمولٌ به في عدد من الدول الخليجيَّة المجاورة. التمدد العمراني أفقياً مكلف اقتصادياً في وصول الخدمات وارتفاع أسعار الأراضي.. تجربة فريدة وأشار "القاضي" إلى أن ذلك سيصحبه انخفاض أسعار الوحدات السكنيَّة، نظراً لتحمُّل الأرض الواحدة أعداداً أكبر من الوحدات، واصفاً التمدُّد الرأسي بأنَّه أحد الحلول المهمة لعلاج أية مشكلة إسكانية تمرُّ بها أي مدينة في العالم، مضيفاً أن توفير الخدمات بجوار هذه المباني، سيحدّ كثيراً من استخدام وسائل النقل، وفي تقليل الكثافة المرورية التي تشهدها العاصمة الرياض، مشيداً في هذا الصدد بالتجربة الفريدة لأمانة محافظة جدة، والتي سمحت بتعدُّد الأدوار حتى في الأراضي السكنية، حيث تم السماح بتخصيص الدور الأرضي كمواقف للسيارات والأدوار من الثاني وحتى الخامس شققاً سكنية، كما تم تصميم الدورين السادس والسابع على شكل فيلا سكنية، موضحاً أن تلك التجربة قد نجحت في توفير منتجات عقارية ساهمت بشكلٍ كبير في مواجهة الطلب المتزايد على الوحدات السكنية، مطالباً أمانة مدينة الرياض بفتح آفاق أكبر لشراكات استراتيجية حقيقيّة مع المُطوِّرين العقاريين في هذا الجانب، مُؤكداً على أن ذلك سيُؤدِّي إلى نشوء بيئةً جماليَّة واستثمارية تصب بالتالي في مصلحة المواطنين . رؤية شاملة وتوقَّع "القاضي" أن يتسبَّب قرار إعادة النظر في تعدُّد الأدوار مستقبلاً في ظهور عدد من السلبيات، ومن ذلك الضرر الذي من الممكن أن يلحق بمُلاَّك العقارات الواقعة ظهيرة الشارع التجاري والأراضي السكنية المقابلة لها، مقترحاً أن يتم السماح بالارتفاع نسبةً وتناسباً مع المباني الأمامية والخلفية كحل لتلك الاشكالية. وقال "فضل البوعينين" -خبير اقتصادي-: إنَّ من أهم ما تحتاجه المدن بالمملكة وضع إستراتيجية واضحة للتمدد العمراني الأفقي والرأسي بحيث تكون ملزمة للجميع، على أن تنبثق عنها أنظمة وقوانين صارمة وثابتة على مر السنين، مشيراً إلى أن ذلك التمدد في الأحياء السكنية يجب أن يكون مبنياً على أسس واضحة ورؤية شاملة، وقانون ثابت لا يتغير، مضيفاً أنه من المعيب أن يتكبد المواطن خسائر فادحة لبناء منزل العمر في حي مخصص للفلل، ثم يتفاجأ بالسماح لملاك الأراضي في ذلك الحي بالتوسع في بناء الوحدات السكنية المتعددة والأدوار العالية، مؤيداً فكرة زيادة عدد الوحدات السكنية في الأرض الواحدة، وذلك حسب المساحة المتاحة وبما يتفق مع النظام الذي تقره الجهات الرسمية، كأحد الحلول لمشكلة الاسكان التي يعاني منها الكثير من المواطنين، بشكل يحقق الإفادة الكلية من مساحة الأرض أو المبنى المتاح، شريطة أن يتم ذلك وفق أنظمة شاملة وثابتة. تطوير الأحياء القديمة يزيد من البناء الرأسي لا ستيعاب العرض في السوق مخططات جديدة وذكر "البوعينين" أن المشكلة الحقيقية تبدأ عندما يتم استغلال مثل هذه الأنظمة في تحقيق مصلحة البعض وإلحاق الضرر بآخرين، وذلك عندما يتم استغلال مثل هذه الأنظمة في الجانب الاستثماري، لا الجانب الأسري والاجتماعي، مضيفاً أن تخطيط الأحياء وتطويرها يجب أن يرتكز على أنظمة واضحة تأخذ بعين الاعتبار عدم الاضرار بالسكان ومنازلهم القائمة، مع مراعاة معايير الطاقة الاستيعابية منعاً لتكدس البشر، واختناق حركة السير، وكذلك الضغط على الخدمات وتحميلها أكثر مما تحتمل، مقترحاً اعتماد مخططات جديدة وفق رؤية تعدد الأدوار، وبما يحقق العدالة للجميع، على أن يتم تطوير الأحياء القديمة بشكل كامل وشامل، مستشهداً في ذلك بمشروع تطوير "حي الرويس" بمحافظة جدة، لافتاً إلى أن السماح بتعدد الأدوار في المباني السكنية سيساعد كثيراً في تخفيف الضغط على الطلب، بل ويقلل من تكاليف ايصال الخدمات للمناطق البعيدة، وسيسهم في دعم المواطن اقتصادياً من خلال تحقيق أفضل عائد من عقاره إذا ما اقترن ذلك بالتنظيم المسبق للأحياء الجديدة، شريطة التوسع في توفير الخدمات بما يتوافق مع التوسع العمراني، على أن تراعي الدراسات الخاصة بمنح تراخيص البناء حماية البيئة المحيطة من السلبيات المتوقعة. شراكة حقيقية ونادى "البوعينين" بشراكة حقيقية في هذا الجانب بين أمانة مدينة الرياض والمطورين العقاريين، على أن تتم تلك الشراكة وفق ما تحتاجه المدينة، وبما يحقق الربحية للمطوّرين، بحيث يتم وضع تصوّر ورؤية شاملة لما تحتاجه المدينة داخل الأحياء والضواحي من وحدات سكنية متنوعة وفق أعلى المواصفات الهندسية المطبقة عالمياً، على أن يكون التطوير وفق إستراتيجية واضحة تخدم الجميع، وأن توجه بالأساس إلى ثلاثة جوانب رئيسة وهي: المناطق غير المُطوَّرة، بحيث تتفق الأمانة مع المُطوِّرين على إستراتيجيَّة حديثة لتطوير "الأراضي البور"، مع تشييد الضواحي أو الأحياء السكنية؛ والجانب الثاني إعادة تأهيل المناطق القديمة، من خلال نزع المُلكيَّات وإدخال أصحابها في شركة تهتم بتطوير المنطقة وإعادة بنائها بحسب مواصفات المدن الحديثة، ولا مانع من أن تكون الدولة شريكة في التطوير أيضاً من خلال التمويل؛ مضيفاً أن الجانب الثالث يتمثل في حث شركات البناء والتطوير على تشييد مساكن عصرية بتكلفة اقتصادية تساعد الجميع في تملك منازلهم، ذاكراً أنّ لأمانة الرياض الحق في أن تكون شريكة في ذلك من خلال إقرار المواصفات والمخططات النهائية. محمد القحطاني فهد القرني طلال العمر عمر القاضي فضل البوعينين