القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ عبدالله بن سلمان بن خالد آل خليفة    مدير ناسا يزور السعودية لبحث التعاون الفضائي    اليابان تستعد لاستقبال ولي العهد    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يصل إلى الولايات المتحدة للمشاركة في آيسف 2024    البديوي يرحب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعم طلب عضوية دولة فلسطين    رابطة العالم الإسلامي ترحب بتبنّي الأمم المتحدة قراراً يدعم طلب عضوية دولة فلسطين    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة معالي الشيخ عبدالله بن سلمان بن خالد آل خليفة    الهلال ينهي تحضيراته للحزم    شرطة مكة تقبض على مصريين لنشرهما إعلانات حملات حج وهمية ومضللة    شرطة الرياض: القبض على (5) أشخاص لمشاجرة جماعية بينهم    العطاوي: سنكمل نجاحات غرفة الرياض التجارية ونواكب المرحلة وتطلعات القيادة    جمعية الرواد الشبابية تنظم دورة "فن التصوير" في جازان    إيغالو يقود الوحدة بالفوز على الخليج في دوري روشن    ترقب لعودة جيمس مدافع تشيلسي للعب بعد خمسة أشهر من الغياب    إنترميلان يكرر إنجاز يوفنتوس التاريخي    موعد مباراة الإتحاد القادمة بعد الخسارة أمام الاتفاق    سورية: مقتل «داعشي» حاول تفجير نفسه في السويداء    وزير الشؤون الإسلامية يدشن المنصة الدعوية الرقمية في جازان    «سلمان للإغاثة» ينتزع 719 لغماً عبر مشروع "مسام" في اليمن خلال أسبوع    رومارينهو: الخسارة بهذه النتيجة شيء ⁠محزن .. و⁠⁠سعيد بالفترة التي قضيتها في الاتحاد    رئيس جمهورية المالديف يزور المسجد النبوي    "كنوز السعودية" بوزارة الإعلام تفوز بجائزتي النخلة الذهبية في مهرجان أفلام السعودية    وزير الشؤون الإسلامية يفتتح إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة فيفا    النفط يرتفع والذهب يزداد بريقاً    30 ألفاً ينزحون من رفح يومياً.. والأمم المتحدة تحذر من «كارثة هائلة»    "العقار": 19 ألف عملية رقابة إلكترونية ب4 أشهُر    إتاحة باب الانتساب لنزلاء السجون الراغبين في إكمال دراستهم بالشرقية    جامعة الملك سعود توعي باضطرابات التخاطب والبلع    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    خيرية آل عبدان في ذمة الله    استمرار هطول أمطار رعدية متوسطة على معظم مناطق المملكة    رسالة رونالدو بعد فوز النصر على الأخدود    بيئات قتالية مختلفة بختام "الموج الأحمر 7"    مقرن بن عبدالعزيز يرعى حفل تخريج الدفعة السادسة لطلاب جامعة الأمير مقرن    الشاعرة الكواري: الذات الأنثوية المتمردة تحتاج إلى دعم وأنا وريثة الصحراء    حين يتحوّل الدواء إلى داء !    أدوية التنحيف أشد خطراً.. وقد تقود للانتحار !    مصير مجهول للمرحلة التالية من حرب روسيا وأوكرانيا    ب 10 طعنات.. مصري ينهي حياة خطيبته ويحاول الانتحار    جمال الورد    مفوض الإفتاء في جازان يشيد بجهود جمعية غيث الصحية    جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة السادسة    رَحِيلُ البَدْرِ    «البعوض» الفتاك    رئيس جامعة جازان المكلف ⁧يستقبل مدير عام الإفتاء بالمنطقة    تعزيز الاستدامة وتحولات الطاقة في المملكة    أمانة الطائف تسجل لملّاك المباني بالطرق المستهدفة لإصدار شهادة "امتثال"    أمير منطقة جازان يلتقي عدداً من ملاك الإبل من مختلف مناطق المملكة ويطّلع على الجهود المبذولة للتعريف بالإبل    أسماء القصيّر.. رحلة من التميز في العلاج النفسي    كيف نتصرف بإيجابية وقت الأزمة؟    تجنب قضايا المقاولات    بلدية صبيا تنفذ مبادرة لرصد التشوهات البصرية    شركة ملاهي توقّع اتفاقية تعاون مع روشن العقارية ضمن المعرض السعودي للترفيه والتسلية    رسالة من أستاذي الشريف فؤاد عنقاوي    دلعيه عشان يدلعك !    تدشين مشروعات تنموية بالمجمعة    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    القيادة تعزي رئيس البرازيل إثر الفيضانات وما نتج عنها من وفيات وإصابات ومفقودين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأوطان والتضحية من أجلها
نشر في الرياض يوم 10 - 04 - 2012

الوطن، المواطنة، الوطنية، الانتماء الوطني، هذه المفاهيم التي تعود جذورها اللغوية إلى أصل واحد وتختلف وتتباين كثيراً في مضامينها ومعانيها وأهدافها أصبحت اليوم مجرد شعارات يستخدمها ويوظفها البعض من السياسيين بانتقائية وانتهازية مفرطة لتحقيق أهداف ومصالح لا تمت إلى الوطن بصلة، فهناك من يتأثر بهذه الشعارات ويوظفها ليمارس هوايته في تدمير الوطن وتمزيقه، وهناك من يحملها ويتمثلها سلوكاً وعملاً وثقافة وقيماً روحية موجهة لبناء وطنه.
المخلص لوطنه من يحمل أدوات البناء والتشييد، والمعادي له من يحمل معاول الهدم والتخريب، والمحب لوطنه من ينشد الخير والسلام والأمن لبلده ومجتمعه.. وعكسه هو الذي يسعى لإذكاء الفتن وإشعال الحرائق ويمارس الإرهاب والجريمة المنظمة.. جميع هؤلاء يتغنون باسم الوطن ويدعون خدمته والعمل لصالحه، واختلطت على العامة المفاهيم والأعمال، وبات من الصعب في العديد من الحالات والظروف والأوضاع والاضطرابات السياسية والأمنية التمييز بين المصداقية والزيف في استخدام هذه الشعارات وبين المواطن الصالح الناصح الباني لوطنه.. وذلك الكاذب المضلل المتاجر بقضايا وطنه وشعبه، بين من يدافع عن الوطن ومن يخونه.
وإذا كان البعض من هؤلاء الانتهازيين فضحتهم أعمالهم غير الوطنية فإن البعض الآخر مازال حاضراً في أوساطنا يتشكل ويتلون مع طبيعة الواقع الاجتماعي الذي يعمل فيه ومن خلاله، ووفق لون المرحلة السياسية يظهر أحياناً متسلحاً بهذه الشعارات الوطنية ويتوارى أحياناً أخرى خلفها، يظهرون غيرتهم على الوطن والمجتمع وادعاء الدفاع عن حقوقه ومصالحه، وهم في قرارات أنفسهم يغارون منه ويحقدون عليه، ويحاولون مصادرته وإضافته إلى أرصدتهم الخاصة ويسعون إلى تدميره.
من أخطر أساليب ووسائل استهداف الوطن هو استغلال محبة المواطن الغريزية لوطنه.. وإعادة تشكيل قناعته واستخدامه دون إدراك منه ضد وطنه وشعبه، والبعض يُقدم على جرائم وأعمال عبثية تخريبية يكون هو والوطن أول ضحاياها؛ وهو يعتقد أنها مكرسة وموجهة لصالح الوطن وخدمته والدفاع عن مصالحه، كما يستخدم مفهوم المواطنة والمواطنة المتساوية منطلقاً فكرياً لتقسيم المجتمع إلى درجات مختلفة من المواطنة.. وإلى طوائف وجماعات وكتل جغرافية وبشرية متباغضة ومتناحرة، والبعض ممن يدعي الوطنية وهم في حقيقة الأمر مرتهنون بيد قوى خارجية توجههم وتسخرهم للإساءة إلى وطنهم والإضرار به يقدمون أنفسهم كوطنيين شرفاء وأصحاب مواقف وممارسات وطنية، وقد تجللوا بعار الخيانة وتلبسوا بالجرائم والجنايات.
الفهم الصحيح والدقيق لمعاني ودلالات ومضامين ومعايير استخدام هذه الشعارات وهذه المفاهيم يكشف مصداقية أو زيف من يستخدمها وحقيقة سلوكه ومواقفه وأهدافه، فالوطن له مدلول واسع قد يراد به الوطن الصغير مثل (القرية) والأرض التي يولد الإنسان على ثراها ويترعرع في رباها وينشأ على خيراتها ويشرب من مائها ويتنفس هواءها ويحيا بين أهلها، على هذه التربة بدأت خطواته الأولى في الحياة.. وفي بيئتها تشكلت مداركه ومعارفه الأولية وتبلورت ملامح شخصيته وهويته وانتمائه، منذ ولادته ارتبط الإنسان بأرضه ووطنه بعلاقة مصيرية وحب تبادلي نما مع نموه وتحول إلى غريزة مستوطنة في وجدانه ونفسه تدفعه دائماً إلى الحنين إلى الوطن والغيرة عليه والتضحية في سبيله، وأضحت قضية دفاع الإنسان عن وطنه في طليعة واجباته الدينية والأخلاقية.. والموت في سبيله شهامة وبطولة وشهادة وخلود في سجله التاريخي، لأن الوطن أكثر من مجرد جغرافيا محددة على الطبيعة وعلى الخارطة السياسية للعالم، بل هو انتماء موحد إلى الأرض والمجتمع والتاريخ والثقافة والمعتقد والعادات والتقاليد، والوطن أيضاً نظام اجتماعي سياسي، وبناء مؤسسي وتشريعي، ونظام حكم، وأجهزة ومؤسسات دولة، وموارد وثروات، وسيادة وعزة وانتماء تاريخي يشمل الماضي والحاضر والمستقبل بأبعاده المحلية والإقليمية والدولية، والوطن غريزة فطرية لكل من ينتمي إليه تتجسد في الولاء للأرض الذي نشأ فيها وانتمى إليها.. والمحافظة عليها من أجل الأجيال المقبلة، وفي حب الإنسان الصادق والعميق للأرض والمجتمع والبيئة وقيم الحياة بكل ما فيها من تميز في الخصائص التاريخية والثقافية والاجتماعية والأعراف والتقاليد وفي الطاعة والولاء للنظام السياسي السائد الذي اختاره المجتمع لنفسه، ومن مقتضيات الحب والانتماء للوطن:
العمل على خدمته وتنميته والدفاع عنه وصيانة سيادته وأمنه واستقراره وسلامته ووحدة نسيجه الاجتماعي والجغرافي والافتخار به وتعزيز اقتداره ومكانته ونفوذه واحترام أفراده، ورموزه وعلمائه وقادته وأبطاله وشهدائه.
الشعور بروح المسؤولية الفردية والجماعية عن هذا الوطن وأداء كل فرد لواجباته ووظائفه وتكريس جهوده وعطائه وإبداعه لخدمته وتنميته ورخائه واحترام وحماية نظمه ومكونات بنيانه السياسي والاجتماعي والإداري وتاريخه وثقافته والمحافظة على إنجازاته ومكاسبه وموارده وتنميتها.
التضحية ونكران الذات من أجل الوطن.. والعمل الإيجابي الممنهج والمخطط القائم على المعرفة الدقيقة والشاملة بحقائق الأمور والفكر الناضج والوسائل الممكنة والمتاحة لمواجهة التحديات ومعالجة الأزمات والإشكالات من منظور يخدم الوطن ويحافظ على أمنه واستقراره ويعود بالنفع على مختلف شرائح المجتمع؛ لأن الأوطان لا يمكن تشييد صروحها بالشعارات والتمنيات والعواطف، بل بالعمل والفعل والتضحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.