موقف: اصطحبت مجموعة من طلابي صبيحة يوم جميل لممارسة كرة القدم (محمد وأيمن وأحمد) وبعد ساعة أو تزيد من اللعب شعر أحمد ذو العشر سنين بالعطش، فأرسلت أخاه محمد لإحضار الماء من سيارتي، فأمر محمد إخوانه الصغار بالجلوس أثناء شرب الماء اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام. فجلس محمد وإخوانه جلسة ذكرتني بجلسة اللاعب الخلوق أحمد الفريدي عندما يشرب الماء في الملعب، فسألته من أين تعلمت يامحمد أن هذه سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فابتسم وقال: رأيت الفريدي يفعل ذلك، ثم سألني: أليست هذه سنة ياأستاذ؟ فقلت له: بلى هي سنته عليه الصلاة والسلام. فرحت كثيرا لهذا الموقف الذي يحمل كثيرا من المعاني والرسائل. رسالة بداية: الموقف يغني عن كل الرسائل والمواعظ، وكيف يكون تأثير اللاعب الإيجابي على الأطفال والناشئة عندما يكون اللاعب قدوة حسنة، ولايمكن أن ينكر أحد مدى التأثير الكبير الذي يحدثه اللاعب في نفوس هؤلاء الشباب من سمو في الأخلاق، والتزام بدين الله، عندما يكون اللاعب متمثلا لهذه الأمور، ويروه الناشئة فيكون لهم قدوة، بل هو داع إلى الله بأخلاقه وتصرفاته فما أعظمه من أجر لو أن كل لاعب مسلم استشعر هذا الحديث، وجعله نصب عينيه، فكم من متابع لكرة القدم وكم من متأثر بمشاهير كرة القدم، فما أجمله من تأثير إن كان تأثيرا إيجابيا، فالقدوة الحسنة من اللاعبين الذين يتحلون بالفضائل والأخلاق العالية، يعطون قناعة لدى الناشئة أن هذه الفضائل لا تضمحل مع ممارسة كرة القدم أو أي وسيلة ترفيه، فليس هناك فجوة بين لاعب كرة القدم وبين الأخلاق والالتزام بدين الله. رسالة عكسية: رسالتي هذه رسالة عكسية للاعبين الذين يزرعون في أطفالنا وشبابنا الصفات السلبية، من خلال التصرفات السيئة داخل الملعب، إما بالتلفظ بألفاظ قبيحة، أو التصرف بتصرف أعوج يتلقفه الناشئة كقيمة سلبية تزرع داخلهم، بسبب شدة إعجاب النشء بهذا اللاعب، وتعلقهم به يجعلهم يقتدون به ويقلدونه في كل تصرف يخرج منه. وليتذكر كل لاعب الحديث السابق الذي رواه أبوهريرة وتتمته قوله صلى الله عليه وسلم(ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً) رواه مسلم. فإن اللاعب داع إلى الله بأخلاقه وبتصرفاته، لأن الاصابع تشار إليه، والإسلام هو دينه وعقيدته، فتمثله بدينه واجب شرعي يتأكد وجوبه كلما زاد تأثير الشخص على مجتمعه وخاصة الناشئة. ولا يستطيع أحد ينكر مدى تأثير اللاعبين على شبابنا، حتى أصبح الشباب يقلدون اللاعبين في كل تقليعة، سواء في قصة شعره أو التعبير عن فرحته بالهدف أو بأسلوب حديثه، فكل هذه الأمور أصبحت واضحة التأثير لدى النشء، فيجب أن توجه التوجيه الصحيح، من خلال توعية اللاعبين وتثقيفهم وزيادة درجة الوعي لديهم، وأن يستشعروا مسؤولية هذا الأمر، وأن يكونوا دعاة لسمو الأخلاق، لا دعاة لانحطاطها. رسالة مرتدة: لا نريد من اللاعبين أن يتصنعوا المثالية خارج الملعب، ويتنمقون بأجمل العبارات أمام كاميرات الإعلام، وفي تصرفاتهم داخل المستطيل الأخضر نجد منهم عكس ذلك.