بداية الإنجازات حلم صغير. الجميع يحلم، لكن هناك من يسعى لتحقيق أحلامه، وهناك من ينام على وسائد الكسل، وبالتالي الفشل، الأحلام بحد ذاتها أشكال وألوان. فأحلام ثراء الفرد تختلف عن أحلام تحقيق منجزات علمية أو إنسانية تخدم البشر. لا يُلام من يسعى لتحقيق إنجازات شخصية كانت في الأساس بدافع من أحلامه، فكثير من الانجازات الفردية نفعت أُمّة. دعوني أحدثكم اليوم عن حلم مختلف. طفلتان تحلمان بإنقاذ البيئة القريبة من التدهور. ما الذي دفعهما لحلم كبير كهذا ؟؟ سأقتطف ذلك من مناشدة في رسالة بعثتها لي الطفلة غلا خالد الطريف (12) عاما وأختها زها (10) أعوام. مناشدتهما بعنوان (بيئتنا تنادي). وأشارتا إلى رمي المخلفات البلاستيكيّة وبالأخص أكياس النايلون الزرقاء التي لا تتحلل في التربة أبداً حسب رؤيتهما. وكذلك إطارات السيارات الملقاة على جوانب الطرق في الصحراء، تقولان بالحرف الواحد: ( هذه الكفرات السوداء كريهة المنظر لا تتحلل ولو بعد 100 سنة، وإذا هطل المطر نزلت منها بعض المواد الكيميائية إلى المياه الجوفية التي نسقي بها زرعنا فتتسمم المزروعات التي نأكل ثمارها، كما أن هذه المواد الملوثة تجعل التربة عقيمة غير صالحة للزراعة، وهذه المناظر تؤلم قلوبنا)..! تواصلان مناشدتهما بالقول: ( عندما كَنّا في طريق عودتنا لمدينة عنيزة من الرياض رأينا شيئاً أحزننا، أكياس البلاستيك الزرقاء تملأ جوانب الطريق وخصوصا بالقرب من محطات البنزين، حيث يلقيها الناس دون اهتمام بالبيئة، وهذا ليس أسوأ ما رأينا لكن على بعد كيلو مترين رأينا مكان يعج بالكفرات). اسمعوا براءة الطفولة في هذا الجزء: ( إلى من يقرأ مناشدتنا سيد أو سيدة، شاب أو شابة، طفل أو طفلة، إذا استغنيت عن كيس واحد من البلاستيك، فهذا وحده يقلل من التلوث البيئي. لا ندري عن الذين يرمون مثل هذه الأشياء هل لديهم ضمير أو مشاعر بما يفعلون؟ هم لا يرضون أن يرمي أحد ذرة تراب واحدة في منازلهم، لكنهم نسوا بيتهم الأول أمهم الأرض)..!!! علامات التعجب من عندياتي ومصدر العجب أن يكون لدينا أطفال بهذا الوعي المتقدم. الرسالة طويلة وفيها الكثير من الصدق والبراءة لا تسمح مساحة هذه الزاوية بتناولها، لكن صعب علي تجاوز جزء يدل أيضا على سعة اطلاع أطفال لم يتجاوزوا المرحلة الابتدائية بعد. تقولان بتعبيرهما دون تدخّل منّي ( قرأنا قصة رئيس ياباني لم يرغب به الشعب فجعلوه يصبح عامل بلدية. كان الناس يستغربون لماذا هو دائم الإبتسام ولماذا هو سعيد مع أنه قد خسر ثروة ومنصبا كهذا؟؟ فرد عليهم قائلاً: هذا لأني أُنظّف وطني اليابان). حلمُ كبير تحتويه قلوب صغيرة تحب الوطن. أقف إحتراماً لأطفال وطني.