اليوم.. بدء الاكتتاب على مليون سهم من أسهم شركة "أدير العقارية" في السوق الموازية "نمو"    تعاون دولي بين التحالف الإسلامي والأمم المتحدة لتعزيز كفاءة محاربة الإرهاب    زلزال بقوة 4 درجات يضرب غرب تركيا    الأهلي السعودي بطلاً لدوري أبطال آسيا.. للمرة الأولى في تاريخه 03 مايو 2025    أمطار نشاط للرياح المثيرة للغبار على مناطق المملكة    العطاء المغني    أوبك بلس» تقرر زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يومياً    "سدايا" تسهم في دعم مبادرة طريق مكة بالخدمات التقنية في 11 مطارًا خارج المملكة لتسهيل رحلة الحجاج    53.2 % حجم الاقتصاد السعودي غير النفطي    تخريج 331 طالبًا وطالبة من جامعة الأمير مقرن    شاهد.. وزير الدفاع يشهد تمرين القوات الخاصة "النخبة"    خلفاً لرئيس الحكومة المستقيل.. سالم بن بريك رئيساً لوزراء حكومة اليمن    قطر ترفض تصريحات نتانياهو "التحريضية" بشأن غزة    العودة إلى كوكب الروبوتات    في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. الكلمة تُذبح في فلسطين.. بين قصف العدسة ودفن الحقيقة.. صحافيو غزة في مرمى المجزرة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي القيادات الأمنية في منطقة القصيم    السعودية تستضيف "كأس آسيا تحت 17 " حتى 2028    ناصر العطية يتوّج بلقب رالي السعودية    تشيلسي يقيم ممراً شرفياً للبطل ليفربول    أكدا أن نادي جدة لليخوت معجزة تكنولوجية.. زوجان بريطانيان ل(البلاد): المملكة ترسي معيارا جديدا للمرافئ حول العالم    47 % محتوى محلي في المشتريات الحكومية    ضبط 5 مقيمين نشروا حملات حج وهمية    ضبط 3212 محاولة تهريب في أسبوع عبر المنافذ الجمركية    ترحيل 15 ألف مخالف وإحالة 20 ألفًا لبعثاتهم الدبلوماسية    عرض 5 أفلام سعودية في مهرجان مالمو للسينما العربية    برعاية أرامكو| الظهران تستضيف أولمبياد الفيزياء الآسيوي بمشاركة 30 دولة    في معرض جسور ب"جاكرتا".. "ركن المساجد" يبرز اهتمام المملكة ب"التاريخية"    "رفيقا درب" جمعتهما المبادرة: «طريق مكة» تسهل على ضيوف الرحمن أداء الفريضة    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من جمهورية إندونيسيا    عبدالعزيز بن سعود يزور المسجد النبوي ويؤدي الصلاة في الروضة الشريفة    «أوساط الرأي».. جوهرة إذاعية لامعة    الإعلام السعودي من نقل الحدث إلى صناعة المستقبل    فيرمينيو يُتوّج بجائزة أفضل لاعب في دوري أبطال آسيا للنخبة    فيرمينو ومندي يحصدان الأفضلية    الحلم يسبق موعده    انتبهوا    "سالم الدوسري" يحصل على جائزة هداف نخبة آسيا    وزير الداخلية يدشن عدداً من المشروعات الأمنية في القصيم    بيانات اقتصادية مختلطة تعقد موقف الدولار مع تقلب الأسواق وانخفاض النفط    نائب أمير الشرقية يرعى حفل التخرج بجامعة الملك فيصل    «الجوازات» تصدر قرارات إدارية لمخالفي الإقامة والعمل    مبادرة طريق مكة تجمع (رفيقي الدرب) بمطار حضرة شاه الدولي بدكا    المناعة مرتبطة باضطرابات العقل    فوائد غير متوقعة للرياضة على مرضى السرطان    مكة المكرمة الأعلى هطولا للأمطار ب17.6 ملم    النقل تباشر أعمالها استعدادا للحج في أكثر من 20 موقعا    ارتفاع شهداء غزة إلى 52495    شجر الأراك في جازان.. فوائد طبية ومنافع اقتصادية جمة    مجتمع تيك توك: بين الإبداع السريع والتمزق العميق    نجاح عملية جراحية معقدة لاستئصال ورم ضخم في كلية مسن ببريدة    الملحقيات الثقافية بين الواقع والمأمول    اللغة تبكي قتلاها    «اليدان المُصَلّيتان».. يا أبي !    جمعية خويد تختتم برنامج "محترف" بحفل نوعي يحتفي بالفنون الأدائية ويعزز الانتماء الثقافي    سجن بفرنسا يطلق عن طريق الخطأ سراح نزيل مدان بسبب تشابه الأسماء    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُفعّل مبادرة "إمش 30"    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مقلط..أنعم الله عليكم» يعيش أيامه الأخيرة!
جيل عزايم «القطة» في «الاستراحات» و «المطاعم» يتخلى عن «وليمة المفاطيح»
نشر في الرياض يوم 24 - 11 - 2011

«كرم الضيافة» من أهم القيم المتأصلة والجوهرية في ثقافة مجتمعنا السعودي، وبقدر ما تحمله تلك الصفة من تقدير ومكانة رفيعة في تقديم هذا الواجب بمكان مخصص، يكون لائقاً لاستقبال الضيوف وإكرامهم، ومن هنا كان أول ما يحرص عليه أجدادنا وأباؤنا عند بناء وتصميم المنزل هو «مجلس الرجال» و»المقلط» الذي يخصص «لتقليط» الضيوف فقط على الولائم الدسمة بعبارات الكرم والضيافة والترحاب، التي تلاقيها عبارات الشكر والثناء مثل «أنعم الله عليكم»، و»اكرمكم الله»، و»كثّر خيركم» حتى حظي «المقلط» بمكانة رفيعة ومهيبة لا تقل في أهميتها عن «مجلس الرجال» حتى أصبحا «توأمين لا ينفصلان» يؤدي كلاهما دوراً وظيفياً وجمالياً في المنزل، فكلما كانت مساحتهما كبيرة، كانت الدلائل تشير إلى المستوى الاجتماعي والاقتصادي لصاحب المنزل.
وأضحى «المقلط» شاهداً على لحظات «الفرح» في المناسبات السعيدة، حين يتحلق الجميع حول مائدة غنية وشهية من «المفاطيح»، إلاّ أن هذه الصورة قد تغيرت اليوم حتى أصبح «المقلط» يعيش أيامه الأخيرة من عصره الذهبي، فطبيعة الحياة المدنية المعاصرة فرضت كثيراً من التغيرات على حياتنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، جعلت الكثيرين «يقللون» من أهمية وجوده في تصاميم المنازل، ولعل الملاحظة الأبرز عند الحديث عن تلك المتغيرات التي أوجدت تبسيط أهمية وجود «المقلط» يكمن في قلة التواصل الاجتماعي حالياً، حيث أن «الأولين» كانوا أكثر حرصاً على التواصل الأسري والترابط الاجتماعي وفتح أبواب منازلهم لكل ضيف وعابر، ولم يكن تواصلهم مشروطاً بتلبية دعوة أو تهنئة بمناسبة، بل كانت زيارات يومية وأسبوعية لا تخلو من تناول وجبات عشاء يحتضنها ذلك «المقلط» بمناسبة أو بدونها بدون تكلف أو مبالغة.
وهذا ما نفتقده اليوم في حياتنا الاجتماعية التي باتت تضج بالعديد من المشاغل وتزايد المسؤوليات عند الكثيرين، فيما استسلم البعض الآخر لوسائل الترفية والتسلية في المنزل من مشاهدة البرامج الفضائية المتنوعة، او تصفح «النت» والتواصل مع الأصدقاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أصبح الكثيرون منا لا يعرفون جيرانهم، ولا يرون أقارباءهم إلاّ في المناسبات الكبيرة، وأصبح من النادر أن يقيم أحدهم مأدبة كبيرة في منزله، ويجمع أصدقاءه وأقاربه على «وليمة دسمة « لا سيما من كان يسكن في الشقق والفلل الصغيرة، فضلاً عن غلاء الأسعار وارتفاع تكلفة الولائم التي أصبحت عبئاً للكثيرين، مع أن هذا الحال يحز في خواطر النفوس التي جُبلت على حُب الكرم، دون ان يكون ذلك «المقلط» يستفاد منه كأي غرفة من غرف المنزل حتى تأتي عزيمة!
هذا التأرجح في أهمية وقيمة «المقلط» لا يمكن أن يفسر بأنه تراجع لقيمة الكرم وحسن الضيافة في مجتمعنا؛ فالكرم صفة شخصية في الإنسان، وقيمة سامية بالمجتمع، وليست مساحة في المنزل اعتاد الناس شكلها ومكانها، وكما يقول لسان حال هذا الجيل الجديد «يعني مايطلع الكرم إلا بمجلس المقلط»، إذ أن الكرم موجود، والاحتفاء بالضيوف باق، ولكن يظهر بأنماط أخرى أكثر عصرية من خلال ما أوجدته بدائل الضيافة في البيت وتتمثل في دعوة إلى مطعم، أو في الاستراحات التي شهدت تزايداً كبيرا في السنوات الأخيرة.
كما يمكن القول ان استراتيجيات البناء المعماري وثقافته تغيرت عما كان سائداً ومألوفاً في السابق؛ إذ يرى مهندسون معماريون بأن مجلس «المقلط» ما هو إلا هدر لمساحة البناء والمال، خصوصا في البيوت ذات المساحات الصغيرة، كما أنه يعد مفهوماً قديماً لضيافة البيت، بل أنه من «البروتوكولات» التي فرضت علينا أجواءً رسمية صارمة، كان لها تأثير كبير في رؤية تنص على أن يحظى الضيوف بمساحات كبيرة من أجزاء المنزل، حتى وان كانت تلك المساحة أكبر مما يحظى به صاحب المنزل وأسرته من مساحة، لهذا يصمم الجيل الجديد منازلهم دون «مقلط» ويركزون على رحابة التصميم مثل جنبات المسبح والحديقة أو الملاحق الخارجية.
كما ساهمت تلك التغيرات في ثقافة البناء تحريراً ل «المقلط التقليدي»، وذلك إلى «صالة للطعام» تنفتح على بقية أرجاء المنزل كصالة الجلوس أو المطبخ، بل أصبحت هناك أشكال كبيرة من طاولات الطعام والديكورات وقطع الأثاث والأكسسوارات المخصصة لصالة الطعام التي لا تكاد تخلو منها المنازل الحديثة والعصرية.
ومع هذا وذاك، هناك من يرى ضرورة وجود «المقلط»، ويدافع عن هيبته وقيمته التاريخية حتى وان كان ممن يلجأ لبدائل أماكن الضيافة العصرية، ويمر العام دون ان يفتح «مقلطه» سوى الخادمة التي اعتادت على تبخيره تحسباً لقدوم ضيوف الفجأة، ولكن هل يا ترى سيستمر على رؤيته تلك طويلا، أم سيقول هو الآخر وداعاً يا «مقلط»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.