يروى عن الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: (ما الخمرُ صرفاً بأذهب لعقول الرجال من الطمع) والفاروق أقواله قليلة ولكنها تصيب كبد الحقيقة أما أفعاله فجليلة.. * إن الطمع يجعل الأغنياء فقراء.. هذا ما حدث على مرِّ الدهور والعصور.. ولا شيء يجعل بروق الطمع الخُلَّب تبرق أمام العيون وتخطف الألباب مثل أسواق الأسهم.. لماذا؟.. لأن الإنسان يرى أسهماً ارتفعت بشكل هائل وخلال فترة وجيزة (فيطقه) الطمع ويفتح شهيته للمخاطرة على الآخر فيندفع بالشراء تلهبه سياط الطمع ثم لا تكاد الأسهم التي شراها ترتفع ويرى محفظته تنتفخ حتى تشتغل مراوح الطمع في رأسه وتشتعل في داخله (وتشبّ) عليه وتنفخ رئته كما نفخت محفظته فيأخذ تسهيلات كبيرة من البنك ويشتري بها كلها المزيد من الأسهم طمعاً في المزيد من الأرباح وقد أعماه الطمع عن تقدير المخاطر وزيّن له سوء عمله فرآه حسناً.. فإذا تغيرت الأمور (وريوس السوق) تأسف (وتحسف) أنه لم يبع وقت الارتفاع فلاح له برق الطمع الخادع واعداً بمعاودة الارتفاع فربما وصل به الأمر إلى القاع فباع له البنك رغم أنفه وركبه الدين وقهر الرجال.. قد يقال: إن الطمع الذي يجعل الأغنياء فقراء، يجعل الفقراء أغنياء أحياناً.. وهذا غير صحيح أبداً فالطمع يختلف جذرياً عن المخاطرة المدروسة المحسوبة والتي لا يقامر صاحبها ولا يستدين إلا في أضيق الحدود وأفضل الظروف وعساه يسلم.. الطمع كله شر، إذا جاك باب طمع فسدّه بباب يأس.