مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (10946) نقطة    المحكمة البريطانية تؤجل جلسة قاتل الطالب السعودي    مركزي جازان ينجح في إزالة ثلاث عقد في الغدة الدرقية الحميدة بالتردد الحراري دون تدخل جراحي    أمير القصيم يفتتح مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات بجامعة القصيم    تفعيل الشراكات.. ركيزة لتحقيق المنجزات..    الخارجية الفلسطينية تطالب بإجراءات دولية فاعلة لوقف إرهاب الاحتلال والمستوطنين    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    المدير الفني لأكاديمية التعاون حسن قصادي.. الأكاديمية بيئة تدريبية داعمة للاعبين.. ونناشد الداعمين    إجراء أول زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي في المملكة    اتفاقية تعاون بين الصين و مصر بشأن إدارة مواقع التراث الثقافي العالمي    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحقق إيرادات بقيمة 1.51 مليار ريال خلال النصف الأول من عام 2025    مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية بالمدينة المنورة، يرعى تسليم جائزة السيارة للمستفيد    البريد السعودي ‏يُصدر طابعًا تذكاريًا بمناسبة تكريم أمير منطقة ⁧‫مكة‬⁩ المكرمة ‬⁩تقديرًا لإسهاماته    هبوط اسعار الذهب    أمير تبوك يستقبل رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد    سيرة من ذاكرة جازان.. إياد أبوشملة حكمي    إيران تكشف قائمة سرية لجواسيس بريطانيا    حوت غاضب يقذف سيدة من قارب    أداء قوي رغم تقلبات الأسواق.. أرامكو السعودية: 80 مليار ريال توزيعات أرباح الربع الثاني    نوتنجهام ينافس أندية سعودية على نجم اليوفي    برشلونة يفتح إجراء تأديبياً بحق تيرشتيغن    القادم من الأهلي.. العلا يتعاقد مع "المجحد" حتى 2027    لاعب الهلال مطلوب في أوروبا والبرازيل    من تنفيذ تعليمات إلى الفهم والقرارات.. سدايا: الذكاء الاصطناعي التوكيلي يعزز الكفاءة والإنتاجية    «إنسان» تودع 10 ملايين ريالٍ في حسابات المستفيدين    تعديل تنظيم المركز الوطني للأرصاد.. مجلس الوزراء: فصلان دراسيان لمدارس التعليم للعام الدراسي القادم    «الفصلان الدراسيان» يعودان برؤية تطويرية.. رضا مجتمعي واسع واستجابة للمتغيرات التعليمية    الرياض تصدرت معدل الامتثال ب92 %.. 47 ألف مخالفة للنقل البري في يوليو    تمكين المواطن ورفاهيته بؤرة اهتمام القيادة    والد ضحية حفل محمد رمضان: أموال الدنيا لن تعوضني عن ابني    هيئة التراث ترصد (24) حالة تعدٍ على مواقع وقطع أثرية    معرض «المهمل»    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    موسكو تعلن حرية نشر الصواريخ المتوسطة.. استهداف روسي أوكراني متبادل يعطل الإمدادات العسكرية    بعد 80 عاما من قصفها هيروشيما تدعو العالم للتخلي عن السلاح النووي    رواندا تستقبل 250 مهاجرا مرحلا من الولايات المتحدة    احذروا الثعابين والعقارب ليلاً في الأماكن المفتوحة    سعود بن نايف يشدد على الالتزام بأنظمة المرور    "الإسلامية" تنفذ برنامجاً تدريبياً للخُطباء في عسير    اختتام برنامج أساسيات الشطرنج في جمعية الإعاقة السمعية    سرد تنموي    صحن المطاف مخصص للطواف    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دوراً كبيراً في تعزيز قيم التسامح    فيصل بن مشعل: المذنب تشهد تطوراً تنموياً وتنوعاً في الفرص الاستثمارية    محمد بن عبدالرحمن: تطور نوعي في منظومة "الداخلية"    الانضباط تغرم الهلال وتحرمه من المشاركة في السوبر المقبل    مُؤتمر حل الدولتين يدْفع لإِقامة الدولة الفِلسطينية    النقد السلبي    اتحاد المنطاد يشارك في بطولة فرنسا    الأخضر تحت 15 عاماً يخسر أمام أميركا    لجنة الانتخابات تعتمد قائمة نواف بن سعد لرئاسة الهلال    تقليل ضربات الشمس بين عمال نظافة الأحساء    الراحل تركي السرحاني    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    الشؤون الإسلامية تختتم البرنامج التدريبي المتخصص للمراقبين ومنسوبي المساجد في جازان    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجري بها الرياح حسرى مولهة حيرى تلوذ بأطراف الجلاميد (مسلم بن الوليد يصف الصحراء) وخشوم طويق فوقنا كن وصفها صقيل السيوف اللي تجدد جرودها (راكان بن حثلين)
الوصف المتحرك في الشعر الشعبي والفصيح (1-2)
نشر في الرياض يوم 22 - 08 - 2011

الوصف المتحرك في الشعر يشبه التصوير السينمائي، وبالذات الأفلام الوثائقية التي أخرجها فنان.
وبخلاف الشعر في العصر الحديث، فإن شعرنا القديم الوصف المتحرك فيه كثير، ومعبِّر، وبليغ، سواءٌ في الشعر الشعبي أو الفصيح..
ولعل السبب يعود إلى أنّ خيال العربي - قبل اختراع السينما والتلفزيون - كان نشيطاً مستثاراً بسعة الصحراء الواسعة التي يعيش فيها ويتنقل في أنحائها ويتأمل تضاريسها وأمطارها وتقلباتها ورمالها وجبالها حيث الآماد تتبعها الآماد..
أما في العصر الحديث فإن التلفزيون قص أجنحة الخيال إلى حدّ بعيد، وقدّم حقائق الواقع مشاهدة ومباشرة..
التلفزيون بعكس القصة المقروءة والكتاب، وبعكس الصحراء المفتوحة والطبيعة المتألقة، فالصحراء كتاب مفتوح، والطبيعة نسيم يطير بالخيالات كما تطير الفراشات..
حين كنا نقرأ القصص الرائعة كان خيالنا يسافر إلى حيث لا نهاية.. كنا - صغاراً - نقرأ ألف ليلة وليلة أجسادنا في الرياض ورؤوسنا في قصور بغداد وعيوننا تتخيل جواري ألف ليلة الحسان.. أما الآن فإن التلفزيون يقدم لك المذيعات والممثلات مباشرة ماثلات أمام العين فلا مجال للخيال.. لا مجال!
يحسن أن نعوّد أطفالنا بالذات على القراءة، وخاصة قراءة روائع الأشعار وبدائع القصص، فإن ذلك ينمي فيهم الخيال ويوسع أمامهم الآفاق، والخيال أساسي ليس في الإبداع فقط، ولكن في العلم والاختراع أيضاً، وفي العلاقات الإنسانية والتعاطف ليس مع القريب والحبيب فقط، بل ومع عابر السبيل والغريب..
والإنسان بدون تعاطف مع بني جنسه، وبدون قدرة على تخيل مشاعرهم وتفهم مواقفهم يصبح أكثر جموداً وقسوة..
من الوصف المتحرك البديع، قول الفرزدق يفخر بجده غالي:
«وركبٍ كأن الريح تطلب عندهم
لها ترَةً من جذبها بالعصائب
سروا يخبطون الليل وهي تلفهم
إلى شعب الأكوار من كل جانب
إذا آنسوا ناراً يقولون: ليتها
وقد خصرت أيديهم - نار غالب»
لقد جعلنا الفرزدق نرى الركب السارين بليل بارد عاصف، والريح تجذبهم ذات اليمين والشمال وتقلبهم حتى يكادوا يسقطون من ظهور إبلهم لشدة جذب الرياح لهم وكأنها تطلب منهم ثأراً وتمعن فيهم تنكيلاً وانتصاماً، ومع قوة هذه الريح وزئيرها فهي أيضاً باردة كالثلج (حشفاً وسوء كيلة) قد جمدت أيديهم وأوقفت جريان الدماء في عروقهم، فماذا يتمنون في ليلة ليلاء باردة عاصفة كهذه الليلة (اللي موش فايته؟) يتمنون - كلما لمحوا ناراً بعيدة - وهي رمز الضيافة - أن تكون نار غالب بن همام جد الفرزدق لأنه مضياف مسرف الكرم يبشرون إن وجدوا ناره بالدفء والأمن والطعام الوفير الطيب والاستقبال المرحب المهلل (ووجه الكريم خصيب)..
ويقول الفارس والشاعر المشهور راكان بن حثلين (وهو مأسور لدى الأتراك ورأى من النافذة برقاً أشعل خياله وشغل باله):
«أخيل يا حمزه سنا نوض بارق
يغري من الظلما حناديس سودها
على ديرتي رفرف لها مرهش نشا
وتقفاه من دهم السحايب حشودها
فيا الله يا المطلوب يا قايد الرجا
يا عالم نفسي رداها وجودها
أنك توفقها على الحق والهدى
ما دام خضرا ما بعد هاف عودها
وابدل لها عسر الليالي بيسرها
وجل المشاكل فلّ عنها عقودها
تفرج لعين لا ضوى الليل كنها
رمداً وذارفها تغشى خدودها
وكبد من اسقام الليالي مريضة
عليها من جمر اللهايب وقودها
تقطعت لارماس عنا ولا بقى
إلا ودود دايم في وجودها
فيا حظ من ذعذع على خشمه الهوى
وتنشق من أوراق الخزامى فنودها
ويمم الصمان الى نشف الثرى
من الطف والأحادرٍ من نفودها»
فمن زنزانة ضيقة في سجن كريه، ومن خلل نافذة أصغر من الصغيرة، سرى خيال الفارس راكان بن حثلين مع وميض البروق وهدير الرعود وانسكاب السحاب، سرى من أقصىتركيا إلى الصمان والدهناء، بل وقبل هذا ارتفع إلى السماء في دعاء الله - جل وعز - دعاء ضارع خاشع يصف فيه حاله بالتفصيل.. إن هذا دليل على أن الخيال المبدع أسرع من الطائرة والعين وأبرع من أي صديق أو سمير في تسلية النفس وتسرية الهموم.
وللمتنبي يصف أسداً:
ورد إذا ورد البحيرة شارباً
ورد الفرات زئيره والنيلا»
فقدم لنا صورة متحركة لشيء يسمع ولا يرى وهو الصوت، وهي صورة رائعة كعادة شاعر العربية الكبير.
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.