انتقد محللون نفطيون خطط وكالة الطاقة الدولية التي تعمل مستشارا طاقويا لثمان وعشرين دولة صناعية بسحب 60 مليون برميل من احتياطياتها النفطية للطوارئ الشهر القادم وعلى مدى 30 يوما لدعم الانتعاش الاقتصادي والحد من تنامي أسعار النفط في ظل المخاوف التي لفت الدول المستهلكة من احتمال بروز شح في إمدادات الطاقة أثر فشل منظمة الأوبك في إقرار رفع سقف إنتاجها بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا مع أن دول المنظمة تنتج حاليا قرب طاقتها القصوى ويتخطى إجمالي إنتاجها السقف المحدد بأكثر من 6 ملايين برميل يوميا. واعتبر المحللون أن هذه الخطوة من وكالة الطاقة الدولية ستحدث خللا في مستقبل تدفق مصادر الطاقة وتقلل من قدرة الدول العالمية على مواجهة أي اضطرابات في إمدادات النفط في المستقبل، مشيرين إلى أن سحب هذه الكميات قد يحدث هبوطا وقتيا لأسعار النفط غير أن هذه الكميات يجب تعويضها وربما بكميات أكبر ما يشكل ضغطا على الدول المنتجة ويشكل شح في الأسواق النفطية ويؤدي إلى امتصاص الفائض وجزء كبير من الاحتياطيات الإستراتيجية للدول الصناعية الكبرى ما قد يرفع أسعار النفط إلى مستويات عالية ربما تفوق ما كانت عليه عام 2008م. ويساور معظم المستهلكين وجل من الانعكاسات السلبية لهذه الخطط سيما في ظل تراجع الاحتياطيات النفطية في الدول الصناعية الكبرى بحوالي 340 ألف برميل يوميا خلال الربع الأول من هذا العام، وسط عدم وجود أزمة كبيرة تتطلب اللجوء إلى الاحتياطيات الإستراتيجية، مشددين على أن وكالة الطاقة الدولية تخطئ في استخدام "الطلقة الأخيرة" دون حدوث أزمة عالمية حقيقية تستوجب هذا الإجراء، متوقعين أن تفضي هذه الخطوة إلى صعود لأسعار النفط على المدى الطويل. وتعتزم وكالة الطاقة الدولية للمرة الثالثة في تاريخها في خطوة سياسية أكثر منها اقتصادية أن تضخ حوالي 60 مليون برميل من الاحتياطيات على مدى الشهر القادم منها 30 مليون برميل من احتياطيات البترول الإستراتيجية الأمريكية و20 مليون برميل من الدول الأوروبية والبقية ستأتي من الدول الآسيوية الأعضاء في الوكالة، غير أن الخبراء يقولون كلما تضخ الآن من الاحتياطيات الاستراتيجية كلما تقل مستوياتها في المستقبل وتكبر الحاجة إلى المزيد من النفط الخام لتعويضها. دول الأوبك ترى بأن الإمدادات النفطية كافية في أسواق الطاقة رغم توقف الإنتاج الليبي بسبب الحرب، وتؤكد أنها قادرة على تعويض الفاقد مع أن الطاقة الإنتاجية الفائضة لا توجد بكميات كافية إلا في السعودية التي تمتلك حوالي 2.5 مليون برميل يوميا، بعد أن رفعت إنتاجها إلى عشرة ملايين برميل يوميا، بيد أن المملكة تتكئ في قراراتها الإنتاجية على حجم حاجة السوق الفعلية، والعمل على عدم إحداث أي خلل في التوازن بين العرض والطلب ما قد يؤثر على تذبذب أسعار النفط. إلى ذلك تأثرت أسعار النفط بأنباء السحب من الاحتياطيات الإستراتيجية حيث هبط خام برنت القياسي في مستهل تعاملاته الصباحية بالأسواق الأوروبية ليوم أمس الجمعة بمقدار 2.02 سنت ليصل 107.95 دولارا للبرميل، فيما عوض الخام الأمريكية في الأسواق الأمريكية خسائره على مدى اليومين الماضيين ليرتفع فوق 92 دولارا للبرميل.