العالمي يزيد الراجحي يرفع راية الوطن في الجولة الأوروبية الوحيدة في البطولة    فيصل بن عيّاف يفتتح منتدى رؤية المملكة 2030 في إكسبو أوساكا باليابان    الخريف يبدأ زيارة إلى الصين لتعزيز الروابط الاقتصادية وبحث تنمية الاستثمارات    القيادة تهنئ رئيس الفترة الانتقالية رئيس الدولة في جمهورية مالي بذكرى استقلال بلاده    جامعة حائل تحقق إنجازا عالميا بارتفاع عدد باحثيها في قائمة نخبة ال2٪ من علماء العالم    المملكة تعزز مسيرة التعافي الصحي في سوريا عبر الطب العابر للحدود    "فخرنا وطن.. وعزيمتنا رؤية"    الهيئة العامة لتنظيم الإعلام تُعلن ضوابط جديدة للمحتوى وتتوعد المخالفين    الإحصاء تنشر الرقم القياسي لتكاليف البناء أغسطس 2025    سعود بن سلطان: اليوم الوطني ملحمة خالدة تُلهم حاضر المملكة ومستقبلها    "تنظيم الإعلام": لا مكان للابتذال في الإعلام السعودي    أميرالقصيم يزور مركزي مدرج وطلحة ويلتقي باهليهما    تركيب أعلام الوطن والمجسمات الجمالية و15 فعالية احتفاءً باليوم الوطني 95 بالخبر    موهوبوا وموهوبات الأحساء يحصدون أكثر من 50 جائزة دولية    انجازات عالمية بمعرض فيلاكوريا 2025 للطوابع    السعودية تقود الجهود الدولية لتحقيق سلام عادل للفلسطينيين عبر حل الدولتين    ارتفاع أسعار الذهب    إيران والترويكا الأوروبية تبحثان الاتفاق النووي في نيويورك وسط ضغوط متصاعدة    الشرع في نيويورك: دعوة لتوحيد الصف السوري في أول مشاركة رئاسية منذ 58 عاماً    تعليم المدينة المنورة ينهي استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني ال 95    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع التنسيقي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية    عزنا بطبعنا.. تجسيد لمسيرة التطور والعطاء    العالم يترقب حفل توزيع الجوائز.. ديمبيلي ويامال يتصارعان على الكرة الذهبية    ميسي يسجل ثنائية ويتصدر هدافي الدوري الأمريكي    الهلال يسجل ليوناردو مكان المصاب كانسيلو    الشجاعة تصنع القادة    اليوم الوطني.. معاً خلف قيادتنا لبناء السعودية العظمى    الطريق مسؤولية الجميع    أكد دعم القيادة للقطاع.. الصمعاني: التطورات العدلية أسهمت في تعزيز حقوق الإنسان    القبض على شخصين لترويجهما «الشبو» بالشرقية    أوروبا تتوتر وألمانيا تسرع دفاعاتها.. بوتين منفتح على تسوية أوكرانية    غارات الاحتلال تتسبب في مقتل العشرات بغزة    احتجاجات أمام منزل نتنياهو.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد الحرب    موجز    وفاة الفنان حمد المزيني    السعودية تستضيف مسابقة «إنترفيجن» للموسيقى    برنامج تقني لتهيئة الخريجين للعمل    فاحص ذكي يكشف أمراض العيون    تبتلع قلمين بسبب الوسواس القهري    وطن المجد.. في عامه الخامس والتسعين    مجلس إدارة جمعية بناء يعقد اجتماعه الثامن والخمسين    سعود بن بندر: المشاريع التنموية والخدمية في الشرقية ركيزة في مسيرة التنمية الشاملة    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بفرش 23 جامعاً ومسجداً بالمدينة    15 ألفا لأغلى جدارية بالأحساء    دب يتسوق في دولار جنرال    شبكة عنكبوت على المريخ    6.3 ملايين حاوية بالموانئ وينبع أولا    الجلوس الطويل يبطئ الأيض    مخاطر الألياف البلاستيكية الدقيقة على العظام    الأخدود يكسب الرائد ويتأهل لثمن نهائي كأس الملك    نائب أمير منطقة تبوك يطلع على تقرير عن أعمال الهيئة الصحة العامة بالمنطقة    نائب أمير منطقة تبوك يرعى حفل مدارس الملك عبدالعزيز النموذجية باليوم الوطني ال95 للمملكة    اختتام الدراسات الأولية للشارة الخشبية لقائدات وحدات فتيات الكشافة    القبض على (7) مخالفين لنظام أمن الحدود لتهريبهم (105) كيلوجرامات من "القات"    جمعية تحفيظ القرآن بطريب" تعقد اجتماعها الدوري وتصدر قرارات لتطوير أعمالها    رسالة المسجد في توطيد اللحمة الوطنية    خطيب المسجد الحرام: استحضروا عظمة الله وقدرته في كل الأحوال    النصر يقسو على الرياض بخماسية ويحافظ على الصدارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثبتوا عند الناس جميعاً هيبتكم
حديث الثلاثاء
نشر في الرياض يوم 23 - 11 - 2010

تجمعني علاقة حميمة بكثير من أصحاب الفضيلة العلماء الشرعيين والمشايخ، وأحمل لهم الصادق من التبجيل، والحقيقي من الاحترام - هذا ما نشأت عليه، وما تربيت.
لقد كانت آراؤهم وأحكامهم وفتاواهم هي الثقة واليقين، وما كان أحد يجرؤ على الاعتراض أو تخطئة شيء مما يصدرون في أمور الدنيا والدين، بحكم أنهم يملكون أسباب الفتيا علماً والتزاماً.
والغيورون على مُثلنا وقيمنا الرفيعة حريصون على أن تبقى هذه الثقة بعلمائنا ومشايخنا كما هي تبجيلاً واحتراماً.
إن مثل تلك الفتاوى المتعجلة لا تخدم الإسلام في شيء، بل إني أراها تخدم المناوئين لديننا السمح الكريم، وتساند دعواهم ضده، بأنه دين التشدد والغلو
** ** **
إني لمندهش أن تنتشر بين الناس في هذا الزمان مشاعر الضيق والضجر، والتلميح والهمز واللمز، تجاه بعض قضاتنا، ومشايخنا، ولا أستطيع تصديق شيء من هذا اللجاج في الكلام، ومع إدراكي أن قضاتنا ومشايخنا بشر يصيبون، ويخطئون، لكن في المقابل لا أصدق أن يقع بعضهم في أخطاء تشير إلى فساد في الذمم، وسوء في الضمائر، تعوداً منا أنه إن صدر خطأ من الفرد العادي فلا يحق أبداً أن يصدر من شيخ أو عالم دين جليل، خاصة إن كانت أخطاء جسيمة. ومخالفات صريحة كبيرة نشر بعض منها في الصحف، ولا داعي لذكره.
** ** **
ومما يقلقني هو التعجل في إصدار فتاوى ممن أوكلت إليهم الفتوى لسائل مخادع في صياغة سؤاله.. ملتو في مقصده.. ولأضرب مثلاً بذلك الذي صاغ - منذ سنين عدة - سؤالاً مفاده: ما حكم الشرع فيمن يقلدون الكفار في بيع الزهور بأثمان باهظة داخل المستشفيات - مستغلين ذلك في سلب أموال الناس بالباطل - وإحداث فجوة طبقية بين فقيرهم وغنيهم، إذ يشعر الفقير بحسرة ألا يستطيع إهداء مريضه كما يهدي الغني - فكان جوابه التحريم بحكم أن هذا سلب لأموال الناس بالباطل، إلى جانب أنه تقليد أعمى للكفار.
** ** **
ولكن الحقيقة لا تجعل من ذلك العمل أمراً محرماً - إذ إن إهداء الزهور والورود عادة لا غبار عليها شرعاً وديناً، فهي أحد رموز التواصل والمحبة بين الناس، وهي تدخل السرور أكثر على المريض، وفي كثير من أنحاء بلادنا هي عادة مستأصلة أن يقدم الكادي، والريحان، وأنواع الزهور إلى الآخرين في مناسبات الأفراح، أو المرض، أو القدوم.
** ** **
ومثل ذلك تلك الفتوى التي جاءت إجابة لمستفت صاغ سؤاله بحيث كان الجواب بحرمة أن تتولى المرأة عملية الحساب في مراكز البيع التجارية.
إن مثل تلك الفتاوى المتعجلة لا تخدم الإسلام في شيء، بل إني أراها تخدم المناوئين لديننا السمح الكريم، وتساند دعواهم ضده، بأنه دينم التشدد والغلو، وتجعلهم يستندون في طعنهم فيه إلى مثل هذه الفتاوى، ويصل بهم الأمر إلى الاستنكار والاستهزاء، واللمز بما لا يليق بديننا.
** ** **
وأصحاب الفضيلة يدركون أكثر مني أن الإسلام وضح الجائز والمباح والممنوع طبقاً لمقاصد شرعية، التي بمعرفتها تقاس الأمور، وتحدد معالم الحلال والحرام، فهم والسابقون من الفقهاء قبلهم يؤكدون قاعدة أصولية معروفة هي (أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً - فمتى وجدت العلة - وتعني هنا المقصد - وجد المعلول - ويعني هنا الحكم - ومتى انتفت العلة انتهى المعلول).
** ** **
كما أن فقهاءنا الأفاضل يدركون أكثر من غيرهم تغير الأحوال، وتبدل الظروف من حولنا، وأنه لزام علينا أن نكون على علم بما تتطلبه حياتنا، وكما هو ثابت أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، فتلك هي حقيقة واقعية عملية يجب أن نضعها في الحسبان، وأن نفرق بين العبادات والعادات، فما كان مستحباً من العادات في الماضي قد يوجب عصرنا الحالي التخلي عنه؛ لعدم توافقه مع متطلبات العصر، وظروف الحياة، لكن في إطار العقيدة والفضيلة من دون خلل أو خروج عن هذا الإطار.
** ** **
يستند بعض مشايخنا في كثير من فتاواهم إلى باب سد الذرائع، ناسين أنه كما أن الذرائع تسد فإنها قد توجب الظروف فتحها.. والاحتراز من بعض الأشياء المباحة خوفاً من أن تجر أشياء أخرى غير مباحة سوف يعطل كل حياتنا، كما قال أحد الفقهاء: (هذا باب لو فتح لصعب إغلاقه، فمثلاً: قد يقود هذا الاحتراز إلى عدم زراعة شجر العنب خشية أن تكون ثماره مادة لصنع الخمر).
من هنا فإن الواجب علينا ألا نغالي في الاحتياطات والتشديد في التمسك بها، ولنتذكر دائماً أنه مهما كانت الاحتياطات فإن أهل النوازع الشريرة، والأخلاق الفاسدة لن يردعهم رادع من خلق أو فضيلة مهما اتخذ معهم من الاحتياطات، والوقائع الفعلية تدل على ذلك.
** ** **
يعجبني قول ابن القيم - رحمه الله: (ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما تفريط وإضاعة، وإما إلى إفراط وغلو، ودين الله وسط بين الجافي عنه، والغالي فيه كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالين، والوسط بين طرفين ذميمين، فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له، فالغالي فيه مضيع له، هذا بتقصيره عن الحد، وهذا بتجاوزه الحد).
وفي ذلك جاء قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم).
** ** **
إن إسلامنا منهج لا اعوجاج فيه، كله يسر، ونحن في زمن أشد ما نحتاج فيه إلى الوسطية والاعتدال في المنهج والعبادات عموماً، لا الغلاة الذين يحكمون بالأسوأ من الأحكام على الأشياء والأشخاص، ويسيئون الظن بالناس والأمور، ولا الجفاة الذين زلت أقدامهم، أو جمدت أفكارهم، أو الذين يظنون أن المغالاة هي المعيار لعمق الدين وشدة الطاعة.
** ** **
من هنا.. يجب أن يتحرى أهل الفتيا الدقة في فهم الأسئلة، وما قد يكون وراءها من مقاصد غير شريفة، وكذلك مراعاة ظروف الحياة المعاصرة، مع عدم الخروج على الأصول العامة للدين حتى تثبت هيبتهم عند الناس جميعاً.
** ** **
وفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها، اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمدنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.