عبر ما يقارب النصف مليون وثيقة مصورة أو مطبوعة في موقع ويكيليكس حول أحداث ووقائع الحرب الأمريكية على العراق خلال سبعة اعوام عجاف يتعرف العالم على حقيقة غزوة التحرير المزعومة التي بنت مجدها على أهرامات الجماجم وحمامات الدم وإهدار الكرامة وتدنيس الانسانية ، صور وتقارير ضجت بها وسائل الاعلام منذ يوم الجمعة الماضي حول صور انتهاكات حقوق الانسان والتعذيب الجسدي والنفسي الممنهجين اللذين مارسهما جيش التحرير الامريكي ضد الشعب العراقي ، وكان الرد الأمريكي مزعجا جدا حين قال إن ما نشر قد يؤذي جنوده ..! فقط ؟؟ هذا هو المهم ؟ ماذا إذن عن الأذى الذي لحق بكل آدميّ في العراق ، ماذا عن انتهاك الآدمية ونحن نرى شبابا وشيوخا مصفدين ومربوطي الأعين يسيرون في حلقات عرض ويجبرون على الركوع ويؤخذ بنواصيهم في استمتاع سادي لا معنى له إلا الإذلال ، ماذا عن اوامر إطلاق النار ومتابعة الاهداف المدنية المسالمة الهاربة من جحيمهم؟ ماذا عن الابواب التي تحطمها اقدامهم والمدافع المشهرة في وجوه الاطفال ، ماذا عن انتهاكات الاعراض للرجال والنساء وماذا عن تدمير المباني والقتل العشوائي وتبديد الثروات .. أليس في كل هذا أذى من أي نوع ؟ جيش البلاد التي تُصدر قوانين وأعراف حقوق الانسان تَصدَّر بمهارة منقطعة النظير كل قوائم مصاصي الدماء الفاسدين المفسدين الوالغين في الدماء والاعراض .. بلاد تزهو بالديمقراطية والحرية وتعلي قيمة الفرد وتعتبر حريته الخاصة خصوصية لا ينبغي الاقتراب منها ابداً هي نفسها التي تعاملت مع الشعب العراقي باستعلاء ونظرت اليه بدونية واعتبرت ارواحه واعراضه واطفاله وممتلكاته حقا مكتسبا لجيشها لأنهم جاؤوهم كما - كذبوا و صدقوا انفسهم - بالحرية والتحرير .. إن ما روته الوثائق لا يعادل بكل ما فيها من مرارة لحظة ألم عند عراقي واحد تعرض لهمجيتهم ، لكن الطامة الكبرى انهم دخلوا بصورة وهمية وأصروا إصرارا عجيبا على أن النبل والكرم والتعاطف هي القيم التي ذهبوا بها الى هناك ، ولو أنهم اكتفوا بصورة دولة عظمى تجتاح دولة من العالم الثالث لكفاهم مؤونة أن ينظر لهم العالم الآن ومنذ سجن ابو غريب ومعتقل غوانتاناموا على انهم شذاذ آفاق وقطاع طرق ، كفانا الله شرهم .. دخل هؤلاء العراق بكذبة أن به أسلحة دمار شامل فما أبقوا فيه شيخا الا وأهانوا شيخوخته ولا امرأة الا وانتهكوا حرمتها ولا طفلا الا واغتالوا براءته وبدأوها حربا على الإرهاب وقالوا إن المسلمين إرهابيون! فيما نحن نعلم أن رسولنا الكريم عندما كان يبعث جيشاً كان يقول: ( انطلقوا باسم الله لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً صغيراً ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) وفي موضع آخر يقول: ( لا تقتلوا أصحاب الصوامع) أما أول الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق رضي الله عنه فكان يوصي جنوده قائلا :" لا تقتلوا شيخاً. لا تقتلوا طفلاً. لا تقتلوا امرأة. ستجدون رهباناً تفرغوا للعبادة في الصوامع، فلا تقربوهم ، لا تحرقوا زرعاً. لا تقطعوا نخلاً. لا تهدموا بيتاً. لا تهدموا معبداً. لا تغيروا عليهم ليلاً كي لا تروعوا النساء والأطفال ". والآن بعد هذه الانتهاكات التي قام بها جنود التحالف في العراق من هو الإرهابي حقا ؟