خلال أربع سنوات قاد المنتخب السعودي فنياً لتحقيق إنجازين كبيرين تمثلا في كأس العالم للإعاقة الذهنية بألمانيا 2006 وجنوب إفريقيا 2010، وقدم من خلال عطاء المنتخب خلال تلك البطولتين الفني عملا أعلن عن بزوغ نجمه بشكل كبير ورغم ظروفه العملية المتمثلة في قرب مناقشته لرسالة الدكتوراه إلا أن ضيفنا في هذا الحوار قدم منتخب الوطن على نفسه ودخل في معسكرات وبطولات داخلية وخارجية حتى عاد لنا بالانجاز الكبير رفقة زملائه المساعدين والإداريين وجوقته الرائعة من اللاعبين المميزين المدرب الوطني عبدالعزيز الخالد باح لنا في حوار مطول عن جوانب كثيرة خفية في المنجز الأخير فإليكم ما قاله مدربنا الوطني الخالد: كأس العالم ثمرة مشوار طويل من الإعداد المضني •لنبدأ من حيث انتهيتم كيف فزتم بكأس العالم وحققتم هذا الإنجاز الكبير؟ -فزنا لعدة أسباب ويأتي في طليعة الأسباب المحفزة والتي خلقت كماً هائلاً من الدافعية استقبال ملك الإنسانية الوالد القائد الملك عبدالله بن عبدالعزيز لنا فور تحقيقنا لكأس العالم 2006 وحديثه الحاني للاعبين والإداريين والمدرب والمساعدين وتحفيزه للجميع بكلمات كان لها مفعول كبير ولا يمكن حقيقة أن أنسى ما خصني به خادم الحرمين الشريفين من حديث آنذاك حينما حفزني وطالبني بالعودة بالكأس للرياض في كأس العالم بجنوب إفريقيا وعدم التنازل عما حققناه، وقال لي شخصياً حفظه الله " نحن فخورون بأن هذا الانجاز تحقق بأيد سعودية " وطالبني بالاستمرار في تدريب المنتخب، وهذه الثقة التي منحني إياها خادم الحرمين الشريفين تعتبر تاجاً على الرأس بلا شك كما أنها خلقت دافعا لديَّ ولدى الجميع ممن شاركوا في تحقيق المنجز. أما ثاني الأسباب فهي ثقة الرئيس العام لرعاية الشباب الأميرسلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل وتوجيهاتهما الدائمة لنا، ومن ثم البدء في الإعداد منذ وقت مبكر أي قبل مونديال 2010 بثلاث سنوات من خلال لجنة خاصة مشكلة من الرئيس العام برئاسة إبراهيم العلي وعضوية عدد من الأساتذة المميزين لوضع برنامج دقيق على مدى السنوات الثلاث التي سبقت كأس العالم. •خلال مسيرة المنتخب في مشوار كأس العالم لاحظ المتابعون ارتفاع لياقة اللاعبين والتزامهم الدقيق بالتكتيك الموضوع لهم وتميزهم عن معظم المنتخبات الأخرى بالمهارة؛ وفي الوقت ذاته كانت نقطة الضعف لديهم التكوين الجسماني، هل توافقني الرأي؟ - بالتأكيد كلامك لم يخل من الصحة ولاختيار اللاعبين الذين شاركوا بعناية احتجنا لوقت طويل حتى يتم الاختيار إذ نتابعهم في البداية مع أنديتهم ومراكزهم وبعد ذلك نبلغ من وقع عليه الاختيار بمراجعة الاتحاد للتأكد من مطابقته للشروط الدولية وإذا كان ملائماً دخل معنا التدريبات وبعدها يبقى أداؤه ومهارته هي معيار بقائه من عدمه أما إذا كانت الشروط الدولية لا تنطبق عليه فيتم الاعتذار له. هنغاريا وبولندا وهولندا الأصعب..وانضباط اللاعبين ساعدنا ولم نكتف بالاختيار الدقيق للاعبين بل أقمنا عدداً كبيراً من المعسكرات في الباحةوالدمام والرياض ثم الدماموجدة خارجياً تونس والتشيك ثم مصر وقبل المونديال دخلنا معسكر تركيا. وأشير هنا إلى المعسكرات للتأكيد على حجم العمل المبذول إذ عملنا ومنذ انطلاق أول معسكر على تفعيل برامج فنية دقيقة وضعتها مع زملائي في الجهاز الفني فهد الرديعان وهذال الدوسري وراشد المقرن ومع التكرار والتأكيد على اللاعبين بضرورة الالتزام بالتعليمات الفنية وغيرها وتعود اللاعبين على طريقتنا والتزامهم بالتطبيق المطلوب مع التدريب المستمر نظرياً وعملياً. •وكيف كان تجاوب اللاعبين معكم؟ - رائع للغاية فقد كان التجاوب واضحاً مع اللاعبين وكانوا مثاليين في تعاملهم داخل المعسكر أثناء التدريبات وفي أوقات الراحة ووقت الخروج من الفندق وفي جميع الحالات كانوا ملتزمين بالتعليمات باختصار كانوا منضبطين بشكل كامل ويتلخص كلما ذكرت في رؤيتك لهم حينما يتحركون معاً في كل مكان وهذه قلما تجدها في منتخبات أخرى وهذا ما ساعدنا على تقديم المستويات الجيدة والتطور من مباراة إلى أخرى. مباراة هنغاريا كانت الاصعب • ماذا عمن تطورت ذهنيتهم من خلال التعلم والتكرار إذا علمنا أن بعض اللاعبين مر عليهم أكثر من أربع سنوات وهم منتظمون معكم في المعسكرات؟ -هذا سؤال جيد ويوحي بفهم عميق لفكرة منتخب الإعاقة الذهنية، وهنا وتأكيداً لكلامك أقول إنه وقبل شهر من البطولة أبعد عدد من اللاعبين وعند وصولنا إلى جنوب إفريقيا ابعد ثلاثة لاعبين آخرين ليس لشيء إلا لكون عقلياتهم تطورت ووصلوا لمعدلات أعلى من المطلوب بسبب كثرة التدريبات وتكررها ومخالطتهم للغير. وللعلم هناك لاعبون لعبوا معنا في كأس العالم 2006 وكانت الشروط تنطبق عليهم ومع ذلك استبعدوا من هذه البطولة لتطورهم حتى أصبحت الشروط لا تنطبق عليهم وهذا دور من ادوار الرياضة والمنتخبات في تطوير اللاعب ثقافياً وفكرياً وذهنياً. •وهل انتم فقط من ابعد منه لاعبون قبل البطولة؟ - لا .. هناك منتخبات في البطولة لم تشارك إلا ب 15 لاعبا و17 لاعبا كما أن هناك منتخبات أبعدت من البطولة بعد وصولها لجنوب إفريقيا لكونها لم تطبق الشروط مثل منتخب البرازيل ومنتخب مصر، ومشاركتنا ب 21 لاعباً دليل على انضباطيتنا. •وكيف ترى بطولتك المحببة فنياً ؟ -البطولة انقسمت إلى ثلاثة مستويات منتخبات قوية ومنتخبات ضعيفة جدا فهناك منتخبات تلقت شباكها 15 و12 في مباراة واحدة مثل كوريا واليابان بينما هناك منتخبات قوية قدمت مستويات جيدة ووصلت إلى مراكز متقدمة. •وما هي المنتخبات التي شكلت خطورة على حظوظ المنتخب السعودي؟ - برغم أن الخوف لم يخالجنا إطلاقا لثقتنا في إمكانياتنا الفنية إلا أن بعض المنتخبات وظروف لقاءاتنا بها أحرجتنا بصراحة وهي ثلاث منتخبات هنغاريا "المجر" حيث سيناريو المباراة الذي أحرجنا فلم نستطع التسجيل إلا في نهاية المباراة، وبولندا وهي المنتخب الوحيد الذي فاز علينا في كأس العالم 2006 بالإضافة إلى خصمنا في النهائي للمرة الثانية على التوالي منتخب هولندا الذي حاول تصفية حساباته ورد اعتباره بعد خطفنا لكأس 2006 من أمام عينيه. •خلال غيابكم اثناء أيام المعسكرات والبطولة هل واجهتم صعوبة من أجل تفريغكم للمنتخب؟ - بالنسبة لي ولمعظم الطاقم الاداري للمنتخب نعمل في جامعة الملك سعود ولم نواجه أي صعوبة بل على العكس كان مدير الجامعة الاستاذ عبدالله العثمان متعاوناً معنا بشكل كبير وكان يولي مشاركة المنتخب اهتماماً كبيرا لكون الانجاز متى جاء يعد انجازاً للوطن فكان تجاوبه رائعاً وكذلك جهات عمل اللاعبين الحكومية والخاصة كانت متعاونة ولم نواجه أي صعوبة تذكر. •وماذا بعد الانجاز ؟ - أولا يجب أن نأخذ استراحة المحارب لأن البطولة أخذت منا جهداً وتركيزاً كبيرين، وأيضاً لم أقرر بعد هل استمر أم لا رغم أنني لا امتلك هذا القرار بل انتظر توجيهات الرئيس العام الأمير سلطان بن فهد الذي اعتبره الموجه الأول لي وهو الداعم الأول للمدرب الوطني بشكل ولي أنا شخصياً وسبق أن قدم لي توجيهات مباشرة أخذتها بعين الاعتبار، كما أن لدي هم آخر وهو المراحل الأخيرة وتحديداً مناقشة رسالة الدكتوراة التي أخرتها ستة أشهر بسبب المنتخب. •هل من كلمة أخيرة تود ذكرها ؟ حقيقة كثيرون تحدثوا عن الإعلام السعودي ووجهوا له اللوم لعدم متابعته للبطولة والحقيقة أن الإعلام لم يقصر معنا سواء كان مقروءاً أو مرئياً، رغم بعض الظروف التي واجهته والتي نعرفها جيداً. كما لا أنسى أن أقدم الشكر لأهلي وأشيد بوقفة عائلتي معي وصبرهم وتحملهم لغيابي طوال فترة البطولة وما سبقها من معسكرات وكذلك عوائل جميع أفراد البعثة والحمد لله أن غيابنا أثمر عن إنجاز للوطن.