ثمة تساؤل ينبعث من رحم الإعلام الفضائي أثناء ملاحقته لتفاصيل ما يسمى بالحرب على الإرهاب، فمن غير المعقول أن يسوّق الإعلام الغربي والإعلام العربي على وجه التحديد لخفافيش الظلام ويعرض كلماتهم المصوّرة والتي تحوي تهديدات بالويل والثبور للدول الأجنبية من قبل أعضاء قاعدةِ "خوارج العصر الحديث" وعلى رأسهم أيمن الظواهري الذي ظهر في آخر إصداراته "البلهاء" مساء الأربعاء الماضي. ولا يقف سوء تعامل الإعلام الفضائي مع قضايا الإرهاب عند حد عرض كلمات قادة التفجير والتدمير، بل تجاوز ذلك إلى عرض سيرهم الذاتية والنتيجة بطبيعة الحال تقديم الدعاية المجانية لأولئك المفلسين الساذجين الذين هم في واقعهم لا يملكون ما يزعمون امتلاكه من وسائل الحرق والدمار سوى متفجراتهم البدائية، وهم بذلك يشبهون بائعي الألعاب النارية التي قد تحرق مستخدميها ومن حولهم أو قد يكون ضررها أكبر بقليل ولكنها بالتأكيد لا تصل إلى ما تمتلكه الدول المهدد أمنها من الأسلحة المتقدمة والطائرات الحربية النفاثة. إن منطق المهنية الإعلامية يُنادي بالتحجيم الإعلامي لهؤلاء الذين يجتهدون في تشويه صورة الإسلام بتصرفاتهم الرعناء وفكرهم الضال المتطرف، فيكفي الإشارة إلى إصداراتهم التمثيلية المتوعدة بإراقة الدماء دون إبرازها وبثها بالصوت والصورة, مع الأخذ بالاعتبار أن تلك الحفنة الإرهابية في قدرها الواقعي أقل وأوضع من أن تذكر في الأصل، وفي المقابل يتوجب مهنياً إعداد وتقديم برامج اختصاصية ترتقي بالوعي الأمني الفكري وبنشر لغة الحوار والتعايش السلمي مع الآخر، ولمملكة الإنسانية تجارب عالمية رائدة في مثل ذلك شهد لها بالنجاح، فهل سيستوعب الفضاء ضرورة حجب غبار ( تنظيم قاعدة الألعاب النارية الدموية ) حتى لا تفخخ عقول صغارنا فيتحولوا إلى إرهابيين جدد؟