على الورق

أغمض عينيك .. تخيل لوهلة أنك في قلب القطاع (الخاص)..
سيكون ضمن الهيكل التنظيمي مدير تنفيذي، مدير مالي، مديرو قطاعات حسب النشاط، محاسب وآخرون..
المدير التنفيذي هو القائد، المدير المالي هو المخطط الاستراتيجي والمالي، مديرو القطاعات هم المنفذون والمحاسب هو المنفذ والمجدول المالي وعادة يتبع المحاسب للمدير المالي.
........
أغمض عينيك مرة أخرى .. تخيل لوهلة أنك في القطاع (العام)..
سيكون ضمن الهيكل التنظيمي الملك، الوزراء حسب القطاعات المختلفة وتحديداً (وزيري الاقتصاد والتخطيط، والمالية)
الملك هو القائد العام، الوزراء هم المنفذون، وزير الاقتصاد والتخطيط هو المخطط الاستراتيجي والاقتصادي ووزير المالية هو المنفذ والمجدول المالي.
فهل يتبع وزير المالية لوزير الاقتصاد والتخطيط؟
بالطبع لا؛ لأن كلا منهما وزير .. وهذا منطقي!
إذن فهل يترجم وينفذ وزير المالية الخطط والاستراتيجيات التي أعدها وتبناها وزير الاقتصاد والتخطيط؟
هنا مربط الفرس!!
وزارة الاقتصاد والتخطيط لديها مبنى مستقل في شارع الجامعة، وموقع إلكتروني مستقل، كما أن لديها فرق عمل وخطط واستراتيجيات وتتسلح بمرسوم فصل الاقتصاد عن المالية وأضف إليها التخطيط!
نظرياً أو كما يقول المهندسون أو المخرجون الوضع سليم على الورق!!
إذن أين الخلل؟ هل هو في التطبيق؟ أم في الثقافة؟
أرجح أنه في الاثنين معا!
والأسباب يتصدرها اختفاء الدور المفصلي لوزارة الاقتصاد والتخطيط كمسئول عن التوجه الاستراتيجي للدولة! يليها القصور في الدور التواصلي من قبل وزارة الاقتصاد والتخطيط مع باقي الوزارات والهيئات الحكومية والمجتمع بشكل عام! ويكتمل مثلث الأسباب بأنه وبالرغم من تنفيذ مرسوم فصل الاقتصاد عن وزارة المالية والاقتصاد الوطني لتصبح وزارة المالية فقط.. إلا أن وزارة المالية ما زالت تقوم بأكبر من دورها سواء عمداً أو جهلا منها و من غيرها!
اقرأ صحيفتك المحلية المفضلة بعد قهوة الصباح وستجد وزراء يطالبون وزارة المالية بزيادة مخصصات وزاراتهم، وستجد أمراء مناطق يعاتبون وزارة المالية بعدم تفهم احتياجاتهم، اقرأ صحيفتك مرة أخرى ولن تجد من يطالب أو يعتب أو يلوم أو حتى يناقش وزارة الاقتصاد والتخطيط!!
تجتاح السيول المناطق فتلوم البلديات وزارة المالية!
تسقط المدارس فتلوم إدارات التعليم وزارة المالية!
تكتظ المستشفيات بالمرضى فتلوم وزارة الصحة وزارة المالية!
يتكدس الخريجون فتلوم الخدمة المدنية وزارة المالية!
الغريب أن الجميع صامت!
المالية صامتة عن إيضاح أنها الجهة غير المعنية! والاقتصاد والتخطيط صامتة عن تحمل المسئولية وإيضاح دورها الفعلي!
ولكيلا يمتد الخلط في فهم الأدوار إلى ما أرميه في مقالي فسأوضح ما هو المطلوب أو بمعنى أصح ما هو المفترض:
أولا تفعيل المرسوم الصادر - بفصل الاقتصاد عن المالية وتأسيس وزارة تعنى بالاقتصاد والتخطيط - و يكون هذا التفعيل عملياً وحرفياً واحترافياً.
ثانيا تنشيط دور وزارة الاقتصاد والتخطيط الهام والحاسم.
ثالثا إيضاح وتفصيل الدور المحدد لوزارة المالية.
رابعا قيام وزارة الثقافة والإعلام بدورها كجهة مناط بها مهام الاتصال التوعوي.
أخيرا
هل يتحقق بذلك مبتغانا؟
هل نرى الوضع يعود لطبيعته؟
هل تخلع وزارة المالية قبعة الاقتصاد والتخطيط؟
هل ترتدي وزارة الاقتصاد والتخطيط قبعتها؟
هل يستمر المحاسب بالقيام بأدوار المدير المالي لأنه أقوى وأقرب وأقدم ولأننا تعودنا عليه!
وهل يستمر المدير المالي بالتخفي لأنه أضعف وأبعد وأحدث ولأننا لم نتعود عليه!
إذن من يحكم حقاً؟
المدير أم المحاسب؟؟