أمريكا تضغط بالتهديدات العسكرية لضرب إيران، والمستهدفة تعلن أنها ستدمر كل شيء يرتبط بأمريكا مما يعني أن الطاقة ستكون ميدان المعركة، ودعونا مع الافتراضات بأن هناك ضربة أمريكية إسرائيلية، وأن لدى البلدين ما يحيّد القوة الإيرانية بتقنيات متقدمة مثل التشويش على الرادارات، وجعل الصواريخ الإيرانية تتوه في الفضاء ، أو تسقط في محيطها، بينما لو تصل عدة صواريخ لمناطق اللهب في مناطق الإنتاج والمصافي، ومصانع الكيماويات بكل الخليج، فإن المتضرر ليس هذه الدول بل كلّ من يعتمد على النفط من دول العالم.. أوباما يحتاج إلى تنشيط وجوده في السلطة، وربما أن أسلوب المهادنة والدبلوماسية المرنة، وعدم خوض حروب جديدة، هو نقيض السلوك الأمريكي لأن اقتصاديات الحروب هي التي جعلت الدولة العظمى أكبر المستفيدين من الحربين الكونيتين وغيرهما.. والحاجة الثانية أن قرب انتخابات الكونغرس، وربما انحسار تمثيل الديموقراطيين لصالح الجمهوريين، ونسب الخسائر في الأزمة المالية الراهنة هي دوافع لخوض ضربة مثل هذه وضعت في حساب الخسائر والمكاسب، ثم يأتي كسب أصوات اليهود الذين اختلّت علاقتهم مع أوباما لدرجة وصفه مرة بالشيوعي، وأخرى بصاحب الجذور الإسلامية، مما جعله ينسحب من كل وعوده تحت ضغوط ربما لم يضع لها أي حساب مع بدء حملته، وما بعدها.. إيران تواجه العقوبات الاقتصادية وانفجارات الداخل، ومواجهة الأقليات وهو رهان أن المواجهات الأولى بما يسمى الدبلوماسية الخشنة، قد يدفع متشددي إيران إلى الذهاب لطاولة المباحثات دون شروط مسبقة، وهم بارعون في إدارة الحوارات والتملص من الالتزامات، لكن هذه المرة وجدت إيران نفسها خارج مؤيديها من الروس والصينيين، ولم يبق من غطائها إلا من تداولوا معها دبلوماسية التطمين والحوار، تركيا والبرازيل.. دعونا نرَ السيناريو بشكله الخطير لو نفذت أمريكا ضربتها، وجاء رد الفعل الإيراني بضرب كل شيء في الخليج بما في ذلك القواعد الأمريكية ومواقع النفط ، ومهاجمة جيشها في العراق، هنا ستصبح المواجهة ليس بين طرفين فقط، إذا ماعرفنا أن نفط الخليج هو المحرّك الأول لعجلة الصناعة الدولية، وأصبح برميل النفط يتجاوز مئات الدولارات لتكون روسيا وحدها والبعيدة عن المعركة المستفيد الأول، ومع ذلك لن تستطيع تعويض الدول الصناعية حتى لو ضاعفت إنتاجها.. هنا ما هو البديل هل تلجأ الدولة العظمى إلى سلاحها النووي بتدمير كل إيران مستندة إلى حماية الأمن العالمي، وكيف سيكون رد الفعل العالمي من متعاطف مع إيران ، ومن منساق إلى حماية أمريكا ورعايتها للحق الدولي؟ قطعاً الموقف، في ظرفه الحالي، وبناءً على كل المبررات قابل للمصادفات وربما الانحدار إلى حرب مدمرة، وبالتالي إذا كانت الأمور تدار بالمصالح، فعلى كل الأطراف فهم النتائج المدمرة قبل وقوعها..