إنطلاق مهرجان صيف البدائع 46    أمير منطقة تبوك يدشن مشروع النقل العام بالحافلات غد الثلاثاء    المملكة تدين استهداف المرافق الحيوية في «بورتسودان وكسلا»    «البرلماني العربي» يدعم القضية الفلسطينية ويرفض التهجير    ضمن فعاليات "موسم الرياض" لاس فيغاس تحتضن نزال القرن بين كانيلو وكراوفورد سبتمبر المقبل    أمير تبوك يهنئ نادي الاهلي بمناسبة تحقيق دوري أبطال اسيا للنخبة    منجزات رياضية    الملك يتلقى دعوة من رئيس العراق لحضور القمة العربية    الشاب خالد بن عايض بن عبدالله ال غرامه يحتفل بزواجه    بلدية محافظة عنيزة تعزز الرقابة الميدانية بأكثر من 26 ألف جولة    المملكة تختتم مشاركتها في معرض مسقط الدولي للكتاب 2025    رئيس إندونيسيا يشيد بجهود المملكة في تيسير رحلة الحجاج    أمير جازان يلتقي مدير فرع "العدل"    الخرطوم: "الدعم" ترتكب مجزرة غرب كردفان    أمير الرياض يطّلع على جهود وأعمال الدفاع المدني    تنفيذ 15 مشروعاً بيئياً في جدة بأكثر من 2.3 مليار ريال    «الغذاء والدواء» تعزز أعمال التفتيش والرقابة في الحج    ضبط (4) مقيمين مخالفين للائحة الأمن والسلامة لمزاولي الأنشطة البحرية    اختتام بطولة المنطقة الوسطى المفتوحة للملاكمة    صحف عالمية: الأهلي حقق لقبًا تاريخيًا.. وجماهيره صنعت الحدث    8683 قضية تعديات واستحكام الأراضي    المملكة تتقدم 28 مرتبة بتقرير مخزون البيانات المفتوحة    «حقوق الإنسان» تثمّن منجزات رؤية 2030    إطلاق مبادرة المترجم الصغير بجمعية الصم بالشرقية    "المنافذ الجمركية" تسجل 3212 حالة ضبط    الفيدرالي يقود المشهد الاقتصادي العالمي في أسبوع مفصلي    إقبال كبير على معرض المملكة «جسور» في كوسوفو    قسم الاعلام بجامعة الملك سعود ينظم فعالية "طل البدر"    عبدالعزيز بن سعود يدشن عددًا من المشروعات التابعة لوزارة الداخلية بالمدينة    "الشؤون الإسلامية" تنفذ برامج التوعية لضيوف الرحمن    أول انتخابات محلية لبنانية منذ عقد    بوتن يستبعد الحاجة للأسلحة النووية في أوكرانيا    رئيس إندونيسيا يشيد بجهود المملكة في "مبادرة طريق مكة"    ختام موسم ربيع عرعر    وصول أولى رحلات حجاج أيران إلى المدينة المنورة    "الصين الجديدة في القرن الجديد" أحدث ترجمات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة    المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي يعتمد تشكيل مجلس إدارة جمعية مراكز الأحياء    بيئة المملكة خضراء متطورة    "سعود الطبية" توثق في بحثٍ طبي نجاح إزالة ورم نادر من مولودة    إطلاق عمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ضمن خريطة العمارة السعودية    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور أحمد بن علي علوش    الداخلية: غرامة مالية تصل إلى 100,000 ريال بحق كل من يقوم أو يحاول إيواء حاملي تأشيرات الزيارة بأنواعها كافة    مختص: متلازمة التأجيل تهدد الصحة النفسية والإنتاجية وتنتشر بين طلاب الجامعات    محاضرات ومشاريع تطويرية تعزز ثقافة الرعاية في مستشفى الملك سلمان    الأهلي السعودي بطلاً لدوري أبطال آسيا.. للمرة الأولى في تاريخه 03 مايو 2025    عرض 5 أفلام سعودية في مهرجان مالمو للسينما العربية    تعاون مشترك بين "التحالف" و"مكافحة الإرهاب" لتدريب ممارسي القانون بالدول الأعضاء    باكستان تختبر "باليستيا" على وقع التصعيد مع الهند    شاهد.. وزير الدفاع يشهد تمرين القوات الخاصة "النخبة"    في معرض جسور ب"جاكرتا".. "ركن المساجد" يبرز اهتمام المملكة ب"التاريخية"    "رفيقا درب" جمعتهما المبادرة: «طريق مكة» تسهل على ضيوف الرحمن أداء الفريضة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي القيادات الأمنية في منطقة القصيم    تخريج 331 طالبًا وطالبة من جامعة الأمير مقرن    طفلة أخرى تلفظ أنفاسها الأخيرة جوعًا.. منظمات إغاثية: «القطاع» فقد مقومات البقاء و1400 % ارتفاع الأسعار    وزير الداخلية يتابع سير العمل في مركز عمليات أمن المسجد النبوي بحضور أمير المدينة    المناعة مرتبطة باضطرابات العقل    شجر الأراك في جازان.. فوائد طبية ومنافع اقتصادية جمة    جامعة جازان تحتفي بخريجاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الخفية مع إيران.. توازن على شفا هاوية
نشر في البلاد يوم 01 - 12 - 2011

عمليات التخريب والاغتيالات على قدم وساق في الصراع الدائر بصمت بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتّحدة من جهة ثانية. لكن توازن الرعب هذا بات يقف على شفا هاوية، وقد ينهار في أيّ لحظة.
الحرب الخفيّة والطويلة مع إيران بدأت تخرج من الظلّ. فبحسب تصريحات صادرة عن البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات الأميركية، أن محاولة اغتيال السفير السعودي التي تمّ إحباطها في الولايات المتّحدة، لم تكن سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد. وأجهزة الاستخبارات الأميركية مقتنعة تماماً بأن الدبلوماسي السعودي الذي مات في باكستان في شهر مايو/ أيار الماضي، قضى اغتيالاً. وقد عثرت تلك الأجهزة على أدلَّة إضافية تُثبِت وقوع عمليات اغتيال أخرى قامت بها قوات القدس، وهي فرقة من الجيش الإيراني تعمل بين اليمن وأميركا الجنوبية. كما أن الأميركيّين والإسرائيليّين يمكن أن يكونوا متورّطين باغتيال عدد من العلماء الإيرانيّين، وفي تخريب شبكات الإنترنت الإيرانية بفيروس "ستوكسنت" (stuxnet) الذي تسرّب إلى شبكة إنترنت المنشآت النووية الإيرانية. (بحسب ما أوردت نشرة الاستخبارات الأميركية CI رقم 1051 الصادرة بتاريخ 22 ديسمبر/ كانون الأول 2010).
تذكّرنا هذه المعلومات بذروة التوتّر في لغة الحرب الباردة، عندما كان السوفيات والأميركيّون يتجابهون في ميدان الاغتيالات والاغتيالات المضادّة ولكن بالوكالة، حرصاً من كلّ طرف على الإبقاء على نفوذه في هذه المنطقة أو تلك من العالم. غير أن إيران ليست قوة عظمى؛ فثمة أسباب تدعو إذن إلى التساؤل عمّا إذا كانت حرب الظلّ هذه لا تفعل سوى تأجيل ما لا بدّ منه: قنبلة نووية إيرانية، أو وهذا هو الأرجح تمكّن إيران خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، من الوصول إلى صنع سلاح مدمّر.
هذا التساؤل لا يمكن بأيّ حال من الأحوال، لأيّ مسؤول في إدارة أوباما، أن يُجيب عنه؛ فالاعتراف بأن إيران ربما كانت قد امتلكت سلاحاً نووياً هو بمثابة اعتراف بفشل الدبلوماسية الأميركية: جورج دبليو بوش وباراك أوباما، كلاهما تعهّدا بألا يدعا إيران تحصل على تكنولوجيا نووية حربية، ناهيك بالحصول على القنبلة النووية. أما الإسرائيليّون فقد صرحوا مراراً وتكراراً بأنهم لن ينتظروا إيران ريثما تقتني هذا السلاح، حتى يضربوا منشآتها النووية.
يرى عددٌ كبيرٌ من المسؤولين في الإدارة الأميركية أن الخطر الإيراني يُشبه الخطر الذي كان في العام 1949 حينما جرَّب الأميركيّون المرة الأولى سلاحهم النووي. تلك الحادثة أدَّت في ذلك الحين إلى تدهورٍ في الأزمة بلغ حدّ نشر صواريخ سوفياتية في خليج الخنازير في كوبا، العام 1962. إلا أن الخطر تمّ احتواؤه في ذلك الوقت. لا تهدأ الحركة في البنتاغون وفي مجلس الأمن القومي الأميركي سعياً إلى وضع خطة استراتيجية بسرية تامة من أجل احتواء إيران.
العناصر الأساسية في تلك الاستراتيجية تثير الدهشة: فالدرع المضادّة للصواريخ التي تنصبها الولايات المتحدة على أرض حلفائها العرب، والتي تُقدَّر تكلفتها بمليارات الدولارات، وكذلك مشروع البنتاغون بنشر المزيد من السفن الحربية والأسلحة المضادة للصواريخ في الخليج.
والحق، إن معظم الحكومات تعرف جيداً معظم المعلومات الواردة في تقرير وكالة الطاقة الدولية الذي نُشِر في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري. أما الإيرانيّون فإنهم يجزمون بأن ذلك كلّه لا يتعدّى كونه فخاً ومكيدة؛ وحيث إن وكالة الطاقة الدولية لا تريد كشفَ مصادر معلوماتها، فإننا نمتنع عن ذكرها هنا. احتجّ الصينيّون والروس على مدير وكالة الطاقة يوكييا أمانو الذي يرون أنه يدفع إيران إلى التشدّد في موقفها، أعلنوا معارضتهم لفرض أيّ عقوبات جديدة على إيران.
ما العمل إذاً؟
بوُسع إدارة أوباما أن تبادر إلى العمل من جانب واحد من أجل وقف التعامل المالي مع البنك المركزي الإيراني الذي تمرّ عبْره كلّ المعاملات المالية. بيد أن هذا التدبير يبدو صعب المنال من دون إلحاق الأذى بالاقتصاديات الأوروبية. في ما خلا ذلك، فإن التدبير الاقتصادي الوحيد الذي قد يُفلِح في ردع ملالي إيران هو فرض الحظر على صادرات النفط الإيراني. والحال، إن أحداً في الإدارة لا يجرؤ على المجازفة برفع أسعار النفط، بعدما بلغ سعر البرميل 93 دولاراً، ولا على المجازفة بخوض حرب بحرية (في مضيق هرمز الخاضع لسيطرة إيران جزئياً، والذي عَبْره تمرّ 40% من النفط العالمي).
كم من الوقت ما زال يمكن كسبه عبْرَ حملة الاغتيالات السرية الجارية، وعمليات التخريب الإلكتروني لشبكات الإنترنت النفطية؟ يمكن، بطبيعة الحال، كسب فترة إضافية، لكنها ستكون قصيرة. لقد أمضى الإيرانيون عشرين سنة في تنفيذ برنامجهم النووي، أي فترةً أطول بكثير من الفترة التي استغرقها الأميركيّون والروس في الأربعينيّات، وكذلك الصينيون والإسرائيليون في الستينيّات، والهنود في السبعينيات، والباكستانيون والكوريون الشماليون مؤخراً.
للاغتيالات وعمليات التخريب أثرٌ نفساني على العلماء العاملين في المشروع النووي الإيراني، وهم يتساءلون صباح كلّ يوم يذهبون فيه إلى العمل عمّا إذا كان هذا اليوم هو آخر يوم في حياتهم، وما إذا كانت كتابة كلّ كلمة على الشبكة الإلكترونية ستسبّب تخريباً جديداً؛ فالفيروس المعلوماتي "ستوكسنت" هو، في هذا المجال، بمثابة اختراع عبقري جهنّمي. وقد استغرق الإيرانيون شهوراً كثيرة لكي يكتشفوا ماذا حدث. غير أنهم استطاعوا في نهاية المطاف أن يتغلّبوا على عنصر المفاجأة هذا؛ فهم باتوا يجعلون ورشاتهم النووية على مسافات أكثر عمقاً تحت سطح الأرض، ويُخصبون اليورانيوم إلى حدّ يجعله أكثر نقاوةً لتسريع الوصول إلى السلاح النووي. عندما وصل أوباما إلى سدّة الرئاسة الأميركية، كان لدى الإيرانيين ما يكفي من الوقود لإنتاج قنبلة نووية واحدة. أما اليوم بحسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية فقد بات لديهم ما يكفي لإنتاج أربع قنابل. وكما أثبتت "قوات القدس" فإن عمليات التخريب والاغتيال هي سلاح ذو حدّين، فهو قد يُفضي إلى حرب مفتوحة، في وقتٍ يُعاني فيه الأميركيّون من إنهاكٍ شديد بسبب حربين أخريين.
قبل بضعة أيام عنونت صحيفة "طهران إمروز" وهي من كبريات الصحف الإيرانية صفحتها الأولى: "إيران ستردّ بقبضة من حديد على كلّ المخاطر التي تتهدّدها" رداً على تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية في الثامن من شهر تشرين الثاني الجاري. وقد سبق صدور ذلك التقرير الذي كشف أن بعض جوانب البرنامج النووي الإيراني تنطوي على إنتاج أسلحة نووية، سبقه تهديد إسرائيل بأنها مستعدّة لضرب المنشآت النووية الإيرانية. أما صحيفة "شرق" الإيرانية فقد كتبت في صفحتها الأولى، تحت عنوان: "الردّ الحازم لعلي أصغر سلطانية (ممثل إيران في الوكالة الدولية للطاقة النووية) على يوكييا أمانو (مدير الوكالة)" :إن إيران لن تتخلّى أبداً عن حقها في الإنتاج النووي". كذلك كتبت صحيفة "دنيا واقتصاد": "منذ اثنين وثلاثين عاماً وإيران تتعرّض للعنف الاقتصادي والدبلوماسي الذي يمارسه عليها الغرب. والتقرير الأخير للوكالة الدولية يندرج في سياق التهديدات الموجّهة إلينا. إلا أن معركة القضية النووية الإيرانية لم تعد في حقيقة الأمر تقع في نطاقنا، بل تعدّته لتصبح ميداناً واسعاً لمعركة يتواجه فيها المحور الأوروبي الأميركي مع المحور الصيني الروسي؛ فمنذ زمن، وبكين وموسكو تحذّران الغرب من مغبَّة التقارير التي تُصدِرها الوكالة الدولية للطاقة النووية لأنها تُفسِد الحوار مع بلدنا. ولكن يبدو وقد أثبتت التجربة مؤخراً صحة ذلك أن الأميركيّين والأوروبيّين لا يؤمنون حقاً بالحلّ الدبلوماسي".
عن مؤسسة الفكر العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.