غانتس يستقيل.. حكومة نتنياهو باقية    الحملات المشتركة: ضبط (12974) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود        «الموارد»: إصدار 11.7 ألف تصريح لخدمة «أجير الحج».. و42.85 ألف تأشيرة عمل موسمية    جنة ينافس العيسى على رئاسة الأهلي    الفلبين تحظر واردات الطيور والدواجن من أستراليا بسبب أنفلونزا الطيور    انخفاض الروبل أمام العملات الرئيسية حتى 10 يونيو    غزة تستغيث لتوفير مولدات كهربائية للمستشفيات    قرار الأمم المتحدة بوضع إسرائيل على القائمة السوداء خطوة في الاتجاه الصحيح    تركيا: رسوم إضافية 40 % على جميع واردات السيارات من الصين    الطقس: حار إلى شديد الحرارة على معظم مناطق المملكة    بعد الهزيمة ساوثجيت يحذر لاعبي إنجلترا قبل بطولة أوروبا    نائب أمير مكة يتفقد العمل بصالات الحج    الهلال يعلن برنامج تحضيراته للموسم الجديد    الأخضر يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الأردن    الاتحاد يمدد إعارة حامد الغامدي    مقتل صاحب أول صورة ملونة لكوكب الأرض من الفضاء    "آبل" تخرج بعض إصلاحات "آيفون" من الضمان    "أبل" تدعم تطبيق البريد ب "الذكاء"    سوء التغذية يسبب اكتئاب ما بعد الولادة    بيئة نجران تدشن اليوم العالمي للبيئة تحت شعار "أرضنا مستقبلنا"    الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    تأهّل الحزم والنور والابتسام والصفا إلى نصف نهائي بطولة المملكة لكرة اليد الشاطئية للكبار        الجبير يرأس وفد المملكة المشارك في الحدث رفيع المستوى بشأن العمل من أجل المحيطات    المملكة عضواً في المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) للفترة 2025-2027م    بعثة المنتخب السعودي تزور صالة مبادرة "طريق مكة" بباكستان    100 ألف زائر في كرنفال القادسية الأسطوري    انطلاق الدورة العلمية الكبرى تحت عنوان "التوحيد في الحج"    الدفاع المدني ينفذ فرضية حريق بالعاصمة المقدسة    منصور ابو شهران في ذمة الله    فرع هيئة الصحفيين بمكة ينظم ورشة الإعلام في الحج    ضيوف المليك: استضافتنا للحج امتداداً لأعمال المملكة الإنسانية    «هيئة النقل» تنفذ أكثر من 98 ألف عملية فحص حتى بداية شهر ذي الحجة    القبض على 3 أشخاص بالمنطقة الشرقية لترويجهم (5.5) كيلوغرامات من الحشيش    «الأرصاد» ينبه من شبورة مائية على محافظة ينيع ومركز الرايس    نائب رئيس جمهورية جامبيا يغادر المدينة المنورة    جامعة الملك خالد تتقدم 160 مركزًا في تصنيف QS العالمي للجامعات 2025م وتحقق المركز 601    حظر دخول أسطوانات الغاز للمشاعر المقدسة    اليحيى يُراجع خدمات الحجاج بمطار المؤسس    «الأحوال»: منح الجنسية السعودية لشخصين.. وقرار وزاري بفقدانها لامرأة    فيصل بن مشعل يقدر لامين وأمانة القصيم جهودها في مدينة حجاج البر    المفتي: الحجّ دون تصريح "يأثم فاعله"    400 مشروع فني وتصميمي لطالبات كلية التصاميم بجامعة الإمام    زيادة مقاعد برنامج "طب الأطفال" بتجمع القصيم الصحي إلى 100 متدرب    أغنيات الأسى    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    لاعبون بكلية مزروعة    الصيف الساخن يعكر نومك.. 3 نصائح تساعدك    هل نجح الفراعنة في علاج سرطان المخ قبل 4 آلاف عام؟    وزير التعليم يرعى جائزة الفالح للتفوق العلمي والإبداع    "الأخطبوط" عبادي الجوهر.. "أرينا" أكبر تكريم والسعودية نعمة    فضائل الدول الصناعية وعيوب من عداها    «التحيّز».. الداء الخفي    حفلات التخرج.. من الجامعات إلى رياض الأطفال    وقوف امير تبوك على الخدمات المقدمة في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السعوديون وموسوعة غينيس للأرقام القياسية!!
نشر في الرياض يوم 24 - 05 - 2010

منذ فترة قريبة وهناك ظاهرة تعلن عن نفسها بين السعوديين وهي التسابق نحو موسوعة غينيس للأرقام القياسية. الأحساء تكسر الرقم الروماني وتدخل غينيس بأكبر سلة "خوص" في العالم. نعم لقد صنعنا أكبر سلة "خوص" في العالم لنتفوق على الرقم الروماني. هذا الجهد لم يستغرق سوى 70 يوما و 56 حرفية سعودية لصناعة سلة من الخوص ارتفاعها 12.5 م ، وقطرها 11.9 م.
وقبل فترة ليست بعيدة احتفلنا بشاب سعودي حقق رقما قياسيا في التهام 22 عقربا حيّة، وهكذا دخل موسوعة غينيس من أوسع أبوابها، كما لا ننسى أننا حققنا أيضا رقما قياسيا في صناعة أكبر طبق كبسة في العالم... بعض المعلومات تشير إلى أن السعوديين حققوا حتى اليوم 17 رقما قياسيا في الموسوعة الشهيرة. كما تشير بعض المعلومات إلى أن للعرب حضورا في قائمة غينيس للأرقام القياسية، تأتي الإمارات على رأس القائمة العربية ب 53 رقما ، ومصر ب 28 رقما ، ولبنان ب 10 أرقام.
لا نريد أرقاماً قياسية في إنجازات اكبر وأعظم .. لقد قنعنا من غنيمة الانجاز بالإياب. نريد أن نجاري النسق الغينسي إن أمكن، ولكن من خلال مبادرات لها مردود اجتماعي وإنساني بدلا من أكل العقارب الحية، أو التفنن بصناعة أكبر كبسة رز في العالم، أو صناعة سلال الخوص العملاقة
هل تذكرون اكبر علم صُنع في دولة خليجية، ودخلت به الموسوعة الشهيرة، وهل تذكرون اكبر طبق حمص، وطبق فلافل لبناني، وأضخم قالب حلوى وأكبر رغيف مسخن فلسطيني؟
لقد جاءت بعض هذه الأرقام القياسية ردا على الكيان الصهيوني، الذي حاول سرقة تراث العرب الغذائي من خلال صناعة طبق حمص بلغ وزنه 4,5 أطنان دخل به الموسوعة ليأتي الرد سريعا بطبق حمص متبل من الوزن الثقيل بلغ 11 طنا. الرد بمثل هذه الأرقام الثقيلة هو السلاح المناسب لردع الكيان الصهيوني بأطباق الحمص والتبولة والفلافل الفتاكة.
باب غينيس مازال مفتوحا لمزيد من الأرقام القياسية، و(مافيش حد أحس من حد). والعرب من المحيط للخليج مازال أمامهم فرصة تاريخية لاستعادة حضورهم بالمزيد من الأرقام القياسية، والنماذج السابقة تؤكد طبيعة هذه الأرقام ونوعية اهتماماتها وعلاقاتها وحضورها في سلّم العربي المسكون بهاجس الاعتراف حتى لو عبر أطباق الحمص والتبولة والأعلام الباذخة الخفاقة، وحتى لو مضغ والتهم العقارب وهي حية.
لكن لماذا العرب وحدهم متهمون بهذا السعي المحموم نحو أرقام غينيس القياسية؟ أليست هذه الموسوعة تسجل أعظم أرقامها في العالم المتقدم وغير المتقدم، وبما هو أفدح وأكثر غرابة وإدهاشا من أطباق الحمص والكبسة وسلال الخوص؟
ألم تسجل موسوعة غينيس للأرقام القياسية رقما قياسيا للتركي يلمظ الذي أطلق الحليب من عينيه لمسافة 2.79 م ، ألم تحقق تلك البرازيلية رقما قياسيا وهي تصنع في جسدها 1903 ثقوب لتزينه بقطع من الحلي، ألم يحقق تشارلي ويلسون البريطاني اكبر عدد من الاختراقات لجسده في جلسة واحدة وقد بلغت 1015مرة ، ألم يحقق 637 شخصا رقما قياسيا في ارتداء لبس الغوريللا وتقديم ذلك العرض "الغوريللي" في شوارع لندن ، ألم تصنع كندا اكبر طبق أوملت بوزن 2.95 طن، ألم تسجل أمريكا رقما قياسيا في أكبر ساندويتش في العالم بلغ وزنه 2.467 طن؟
للناس فيما يعشقون مذاهب. فلا مشكلة أن يمد احدهم لسانه ليسجل اكبر رقم قياسي في طول اللسان كما حدث مع ستيفن تايلور الايطالي الذي بلغ طول لسانه 9.5 سم. ولا مشكلة أن يقوم ماجد المالكي السعودي بابتلاع 22 عقربا حيّة ليحقق رقما قياسيا في ابتلاع العقارب الحية. ولا حرج أن يخرج يملظ التركي الحليب من عينيه ، وليست مشكلة العالم أن نصنع اكبر طبق كبسة في العالم، وأكبر طبق حمص وتبولة وفلافل .. نحن فخورون بها كجزء من تراثنا العربي الأصيل!!. ثم أليس من المبهر أن يكون لدينا أكبر علم في العالم، حتى لو صُنع من قماش انجليزي وبأيد آسيوية. لماذا العرب وحدهم مصدر هذا التندر؟ أكل هذا من اجل طبق حمص أو فتة أو فلافل أو كبسة أو التهام (شوية) عقارب حية؟!
لا يخلو هذا العالم من عجائب وغرائب تظهر كل يوم جديد، وتحمل معها رقما قياسيا من نوع أو آخر. الفارق أن عوالم الدهشة ومحاولة اختراق الأرقام القياسية تسجل حضورا في الغرب تطال غرائب وعجائب ومهارات منها الحسن ومنها القبيح، إلا أن هذا الغرب يحقق أيضا كل يوم أرقاما قياسية في الانجاز والبناء والتفوق والإدهاش العلمي والتقني. فانتازيا الغرب تجمع الدهشتين، وفانتازيا بعض بلدان الشرق لا تكاد تخرج من دائرة تقليد الباهت والعابر والاستهلاكي والعابث أيضا.
هانحن إذن نسجل أرقاما قياسية، تتناولها وسائل الإعلام كإنجاز يستحق الإشادة بعد أن خذلتنا قدرتنا على تقديم انجاز من نوع آخر يستحق الشهادة. لتسجل لنا هذه الموسوعة الشهيرة رقما عالميا جديدا لم يسبقنا إليه أحد، بغض النظر عن معنى هذا الرقم أو دلالاته التي قد تكون عنوانا للافتتان بالرقم لا بالمعنى، وبالظاهرة العابرة لا بالنفعية الباقية، وبالتداول الإعلامي الهش سريع العطب لا بالبقاء الجميل المتراكم.
لا أعرف إذا كان لموسوعة غينيس للأرقام القياسية اهتمامات بتسجيل حالات أخرى تعطي مؤشرا على حال بعض الأمم المسحوقة تحت سنابك التراجع. اعتقد أنها ستسجل أرقاما قياسية مذهلة كأكبر نسبة أمية بين شعوب العالم، أو أكثر حالات الفاقة بين الدول التي تحقق فيها أرقاما قياسية تكسر بعضها بعضا، أو أكثر الدول استهلاكا للخرافة والطعام في آن، وأكثرها إصابة بمرض السكري القاتل، وأكثرها فقرا في القراءة، وأكثرها إملاقا في الإبداع وأكثرها ضعفا في تحقيق الحد الأدنى من الكفايات.
ظاهرة الاهتمام العربي بموسوعة غينيس ظاهرة جديدة بدأت مع (الميديا) الإعلامية التي تحاول ان تخترق العالم بانجازات هامشية وهي تشكل حضورا إعلاميا عابرا. موسوعة غينيس بدأت مشروعا تجاريا صرفا، وهي اليوم تحقق نسبة من أعلى نسب التوزيع في العالم، وبالتالي لا مشكلة لديها أن يخرج يلمظ الحليب من عينيه إذا كان سيحقق رقما جديدا، ولا مشكلة أن يدخل الهندي الأفعى من انفه لتخرج من فمه. المهم أن هناك رقما قياسيا جديدا لحالات تثير الفضول والدهشة. ما لا يثير الفضول أو الدهشة ألا ننهمك في صناعة أطباق أو أعلام أو سلال لتكون الأكبر في العالم، وتتحدى آخر الأرقام القياسية.
لكن ماذا لو تحولت السلة العظيمة إلى آلاف السلال الصغيرة (رقم قياسي) لتوطن صناعة تراثية محلية وتكون جزءا من سوق دائم يرمم بعض الأسى في نفوس تتعثر بحاجاتها؟ ماذا لو جمعنا اكبر عدد من الأطباء (رقم قياسي) في فترة محدودة لنقدم خدمة مجانية لمرضى لا يقوون على دفع كلفة علاج؟ ماذا لو حققنا رقما قياسيا وفي مناسبة عابرة تنفع الناس ويكون لها مردودها حتى لو كانت ذات طبيعة مؤقتة أيضا؟
لا نريد أرقاماً قياسية في إنجازات اكبر وأعظم .. لقد قنعنا من غنيمة الانجاز بالإياب. نريد أن نجاري النسق الغينسي إن أمكن، ولكن من خلال مبادرات لها مردود اجتماعي وإنساني بدلا من أكل العقارب الحية، أو التفنن بصناعة أكبر كبسة رز في العالم، أو صناعة سلال الخوص العملاقة التي يمكن أن تكون هدفا لريح عاصف - وقد حدث بالفعل بعد الاحتفال مباشرة - حتى أصبحت السلة صاحبة الرقم القياسي بحاجة للترميم، وربما أيضا لتمويل بناء يحافظ على كيانها الهش قبل أن تتحول إلى هشيم تذروه الرياح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.