يعد مصنع كسوة الكعبة المشرفة والذي يقع بحي (أم الجود) بمكةالمكرمة أحد المعالم البارزة في المملكة بصفة عامة ومكةالمكرمة بصفة خاصة، حيث أُنشئ في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- دار خاصة لصناعة كسوة الكعبة المشرفة عام 1346ه، ومن خلال هذه الفترة مر المصتع بمراحل تطويرية وتجديده كان أبرزها عام 1392 ه 1972، حيث تم تجديد المصنع وتم افتتاحه تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - عندما كان وليا للعهد - آنذاك -، وذلك في يوم السبت السابع من ربيع الآخر سنة 1397ه، الموافق 26 مارس 1977م، حيث يعد ذلك من أشهر مراحل تطويره عندما أضيفت إلى أقسامه الثلاثة (الحزام، النسيج اليدوي، والصباغة)، ثلاثة أقسام جديدة، هي:(النسيج الآلي، والطباعة والأعلام، والستارة الداخلية). وقد جاء الاهتمام الكبير به نابعاً من المكانة الدينية العالية للكعبة المشرفة، حيث أولت حكومة المملكة صناعة كسوة الكعبة المشرفة اهتماما كبيراً، وذلك من منطلق اهتمامها الكبير بالحرمين الشريفين، واقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم عندما كسا الكعبة أول كسوة إسلامية بالثياب اليمانية، وذلك في حجة الوداع في العام التاسع الهجري بعد أن فتح المسلمون مكةالمكرمة. كل عام كسوة وقال المشرف العام على مصنع كسوة الكعبة المشرفة المستشار بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ محمد بن عبدالكريم القويفلي أنه يتم في كل عام ومع بداية شهر ذي الحجة تسليم سدنة الكعبة المشرفة ثوب الكعبة المشرفة الجديد، حيث يتم في فجر التاسع من شهر ذي الحجة من كل عام إنزال الثوب القديم وإلباس الكعبة المشرفة الثوب الجديد، ويعمل بهذا المصنع أكثر من 14200 عامل في أقسام المصنع المزودة بآلات حديثة ومتطورة في عمليات النسج والطباعة والتطريز، والمكونة أقسامه من: الحزام، وخياطة الثوب، والمصبغة، والطباعة، والنسيج الآلي واليدوي. كما أن هناك بعض الأقسام المساندة مثل المختبر والخدمات الإدارية والصحية للعاملين بالمصنع. مراحل صناعة الكسوة وتمر صناعة الكسوة المشرفة بعدة مراحل، الأولى هي الصباغة ويتم فيها صباغة الحريرالخام المستوردعلى هيئة شلل بالألوان الأسود أوالأحمرأوالأخضر، أما مرحلة النسيج فيتم فيها تحويل هذه الشلل إلى قماش حرير سادة ليطبع ثم يطرَّزعليه الحزام أوالستارة أوإلى قماش حرير جاكارد وهو المكون لقماش الكسوة، وفي مرحلة الطباعة تطبع جميع الخطوط والزخارف الموجودة بالحزام أو الستارة على القماش بطريقة السلك سكرين وذلك تمهيداً لتطريزها، وفي المرحلة قبل النهائية، يتم تطريز الخطوط والزخارف تطريزاً يدوياً بأسلاك الفضة والذهب. وفي مرحلة التجميع النهائية يتم تجميع قماش الجاكارد ليشكل جوانب الكسوة الأربعة ثم تثبت عليه قطع الحزام والستارة تمهيداً لتركيبها. ويستهلك الثوب الواحد 450 كيلو جراما من الحرير فيما تبلغ مساحة مسطح الثوب 658 متراً مربعاً، وتتألف القطع المذهبة المثبتة على الثوب والحزام من 16 قطعة يبلغ مجموع أطوالها ما يقارب47 متراً، كما تشتمل الكسوة على4 قطع صمدية توضع على الأركان و6 قطع تحت الحزام و14 قنديلاً موضوعة بين أضلاع الكعبة. تكلفة الثوب وتبلغ تكلفة صناعة ثوب الكعبة المشرفة 20 مليون ريال سنويا، حيث تصنع الكسوة من قماش الحري الطبيعي المصنوع باللون الأسود، وتستهلك الكسوة حوالي 670 كيلو جرامًا من الحريرالخام الذي تتم صباغته داخل المصنع باللون الأسود، ويبطن من الداخل بقماش من القطن الأبيض المتين، ويوجد على كسوة الكعبة المشرفة نقوش منسوجة بخيوط النسيج السوداء (بطريقة الجاكارد) كتب عليه:(لا إله إلا الله محمد رسول الله) و(سبحان الله وبحمده) و(سبحان الله العظيم) و(يا حنان يا منان يا الله) وتكرر هذه العبارات على قطع قماش الكسوة جميعها وعلى ارتفاع (9) م من الأرض وبعرض (95) سم يثبت حزام الكعبة المشرفة، وتصنع قطعه المطرزة من قماش الحرير الطبيعي الأسود السادة، وحروفه مغطاة بأسلاك الفضة والذهب، ويتكون من (16) قطعة في كل جهة من جهات الكعبة (4) قطع، موصلة مع بعضها البعض، ويبلغ طول محيط الكعبة (47) مترًا تقريبًا وهو طول حزام الكعبة، وعلى قطع الحزام آيات قرآنية بالخط الثلث المركب الجميل ومطرزة حروفها بأسلاك الفضة المطلية بالذهب، وقد كتب هذه الآيات الشيخ عبدالرحيم أمين بخاري – رحمه الله - وهو أقدم عامل اشترك في صنع كسوة الكعبة. خياطة كسوة الكعبة اليدوية ويأتي في الثلث الأعلى من ثوب الكعبة المشرفة (الحزام) وهو الذي يحيط بالكعبة من جميع جوانبه بعرض 95 سم تكتب عليه آيات قرآنية بخط الثلث المركب، وهو محاط بإطار من الزخارف الإسلامية، كما أن الحزام مطرز بتطريز بارز ومغطى بسلك فضي مطلي بالذهب، ويحيط الحزام بالكسوة كلها، ويبلغ طوله 47 مترا وعرضه 95 سم ويتألف من 16قطعة، ويكتب على حزام كسوة الكعبة المشرفة من جهاته الأربعة العديد من الآيات القرآنية الكريمة، وفي كل ركن من أركان الكعبة المشرفة توجد قطع مربعة تسمى الصمدية، وهي سورة الإخلاص، لافتاً إلى أنه في الأول من شهر ذي الحجة يتم تسليم كسوة الكعبة المشرفة لكبير سدنة بيت الله الحرام، وفي اليوم الثامن من شهر ذي الحجة تتجه الفرقة المكلفة إلى المسجد الحرام للقيام بفك جوانب كسوة الكعبة المشرفة القديمة الأربعة عن بعضها البعض وهي على الكعبة المشرفة وكذلك فك المذهبات المركبة عليها والتي تحتوي على الأركان والستارة، وبعد صلاة الفجر من يوم التاسع من شهر ذي الحجة كل عام يتم القيام بتلبيس الكعبة المشرفة كسوتها الجديدة بعد إنزال الكسوة القديمة، والتي يتم الاحتفاظ بها في مستودعات المصنع، لتبقى شاهدا تاريخيا على الاهتمام بالكسوة. ويقوم المصنع بصناعة كسوة الحجرة النبوية والكسوة الداخلية للكعبة المشرفة لكنها لا تستبدل سنوياً مثل كسوة الكعبة بل كلما دعت الحاجة لتبديلها كما ينتج المصنع أيضاالأعلام الوطنية للمملكة بالمقاسات المعتمدة وتوزع على المدارس والدائر الحكومية. ويتم العمل في المصنع يدويا، حيث يعتمد على المهارة والدقة، والمستوى الفني الرفيع، وقد تم ابتكار وتطويرالعمل في مجال اللف والمكائن اليدوية المستوردة. يذكر أن المصنع يفتح أبوابه للزوار الراغبين في الاطلاع على معرفة آليات صناعة الكسوة ومراحل إنجازها، حيث يبلغ متوسطهم اليومي نحو 100زائر، خاصة أنه يعد معلماً من معالم العاصمة المقدسة.