17 فرصة عقارية بمزاد منارات الرياض العلني الإلكتروني    أمطار متفرقة على 7 مناطق بالمملكة ومكة الأعلى هطولًا ب 32,2 ملم بالقنفذة    دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة جازان تقبض على شخص لترويجه (33) كيلو جرامًا من مادة الحشيش المخدر    "الصحة" تستدعي طبيبًا ظهر إعلاميًا بتصريحات مخالفة للأنظمة    البديوي: اقتحام الاحتلال الإسرائيلي لباحات المسجد الأقصى والاعتداء على قرية كفل حارس تمثل تصعيدًا خطيرًا    العوالي العقارية تشارك في معرض سيتي سكيب العالمي 2025    ابتدائية مصعب بن عمير تنفّذ ورشة "بحث الدرس" ضمن برامج التطوير المهني القائم على المدرسة    "الشؤون الإسلامية" تفتتح التصفيات النهائية لمسابقة حفظ القرآن الكريم بالنيبال    الكويت ترحب بتوقيع اتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو    وفد أعمال سعودي يزور إسطنبول لتعزيز الشراكة الاقتصادية نهاية نوفمبر    قاعة مرايا بمحافظة العُلا… أكبر مبنى في العالم مغطى بالمرايا    الحرف اليدوية في المملكة.. اقتصاد يتشكل بيد المبدعين    اشتعال جبهات القتال بين روسيا وأوكرانيا    تشيلسي يعرض 150 مليوناً لتحقيق حلم الثلاثي البرازيلي    مهاجمه مطلوب من عملاقي البرازيل.. الهلال ال 39 عالمياً في تصنيف«فيفا»    ضمن تصفيات أوروبا المؤهلة لكاس العالم.. إيطاليا في مهمة مستحيلة أمام هالاند ورفاقه    المفتي لوزير العدل: القيادة تدعم تطوير القضاء    السعودية.. منظومة متكاملة لتمكين ريادة الأعمال    «جيدانة».. وجهة استثمارية وسياحية فاخرة    هنأت ملك بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده.. القيادة تعزي رئيس العراق في وفاة شقيقه    آل الكاف وآل سجيني يحتفلون بزواج علي    الدحيلان عميداً لتقنية الأحساء    ضوابط موحدة لتسوير الأراضي بالرياض    القيادة تعزي رئيس جمهورية العراق في وفاة شقيقه    مشروع قرار أمريكي لوقف النار.. مجلس سلام.. وقوة استقرار دولية بغزة    أكدوا دعمها للقضية الفلسطينية.. سياسيون ل«البلاد»: زيارة ولي العهد لواشنطن تعزز العلاقات والاستقرار    أمراء ومواطنون يؤدون صلاة الاستسقاء في مختلف أنحاء المملكة    علماء روس يبتكرون جزيئات تبطئ الشيخوخة    طبيبة أمريكية تحذر من إيصالات التسوق والفواتير    مختصون في الصحة يحذرون من خطر مقاومة المضادات الحيوية    القيادة تعزي رئيس العراق في وفاة شقيقه    مصرع 3 أشخاص وإصابة 28 في البرتغال بسبب العاصفة كلوديا    الذهب ينهي الأسبوع مرتفعا    تطوير الصناعة الوطنية    ولي العهد يرعى القمة العالمية للذكاء الاصطناعي    الحربي هنأ القيادة على الإنجاز.. والمشرف يعانق فضية التضامن الإسلامي    الرميان رئيسًا للاتحاد العربي للجولف حتى 2029    أمسية البلوفانك    شتاء درب زبيدة ينطلق بمحمية الإمام تركي    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ مبادرة ( وعيك أمانك ) في مقر إدارة مساجد محافظتي الدرب وفرسان    ترحيل 14916 مخالفا للأنظمة    "الشريك الأدبي".. الثقافة من برجها العاجي إلى الناس    رينارد يريح الصقور    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل وزير الشؤون الدينية في بنغلاديش    وزير الحج: إنجاز إجراءات التعاقدات لأكثر من مليون حاج من مختلف الدول    "الحج والعمرة" وجامعة الملك عبدالعزيز توقعان مذكرة تفاهم لخدمة ضيوف الرحمن    السودان بين احتدام القتال وتبادل الاتهامات    المرأة روح المجتمع ونبضه    تهنئة ملك بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده    دور ابن تيمية في النهضة الحضارية الحديثة    مكانة الكلمة وخطورتها    السعودية ترحب باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس    إنسانيةٌ تتوَّج... وقيادة تحسن الاختيار: العالم يكرّم الأمير تركي بن طلال    لكل من يستطيع أن يقرأ اللوحة    انتصار مهم لنادي بيش في الجولة الرابعة أمام الخالدي    أمير منطقة الجوف يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الصحي الشمالي    تجمع الرياض الصحي يبرز دور "المدرب الصحي" في الرعاية الوقائية    بمشاركة 15 جهة انطلاق فعالية "بنكرياس .. حنا نوعي الناس" للتوعية بداء السكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. نسّاك الإنسانية..
بالفصيح
نشر في الرياض يوم 05 - 02 - 2010

من المؤكد أنكم تذكرون أولئك الذين أصابونا بالملل من كثرة كتاباتهم عن الإنسانية، والأنسنة، والرحمة، وحقوق الإنسان، كانوا يكتبون في الصحافة والمجلات، ويتحدثون عبر وسائل الإعلام.. مظهرين لنا نسكاً ورهبانية حول الإنسان وعذاباته، وحقه الكامل في السيادة، والتفكير، والعيش بحرية، وكرامة، وتحريم سجنه وتعذيبه، وإراقة دمه.. حتى لقد كنا نخشى أن تؤثر تلك الشفقة ويؤثر ذلك الحزن في قلوبهم فتصاب بالعطب والتوقف..
غير أن الأيام كشفت عن أن هؤلاء كذابون، ودجالون، ومرتزقة، ومدّعو ثقافة.. وأن ما كانوا يكتبونه لم يكن سوى، أسلوب من أساليب النفاق والارتزاق، وخداع المشاعر وقرصنة العواطف.. وأنهم راسبون في «مقرر» الإنسانية بكل امتياز، كما أنهم لم يحصلوا على أكثر من درجة «صفر» في علم الأخلاق.
لقد توقف هؤلاء كلهم عن ذلك اللون من الكتابات الكاذبة، والخادعة، والمنافقة، تجلت أنفسهم عن بغضاء، وكراهية، لكل ما هو إنساني، وتبين أنهم كانوا يضمرون ما لا يُظهرون.. وأنهم أبعد ما يكونون عن الشرف الإنساني الذي ظلوا يتغنون به وقتاً طويلاً.. فلم يذرفوا دمعة واحدة، ولا قطرة حبر واحدة، على أطفال ونساء وشيوخ العراق الذين كانوا يبادون صباح مساء فتراق دماؤهم، وتداس كرامتهم تحت أحذية مرتزقة الاحتلال... لم يقولوا شيئاً عن خدعة الديمقراطية وفضيحتها.. حيث تجلت هذه الديمقراطية عن خطط خبيثة لإثارة الفتن، والنعرات الطائفية، والعرقية، والذبح على الهوية، بتدبير خبيث ومحكم الأطراف... لم يقولوا أن ادعاء الديمقراطية كان زائفاً، وكان يحمل باطنية مقيتة حولت الشعب الواحد تاريخياً إلى فرق للقتل والموت، وإثارة الضغائن والأحقاد، إلى درجة قد لا ينفع معها دواء، ولا علاج، لتظل المنطقة تحت نير الفزع، والخوف، والتوتر، والذعر، الدائم.. لم يكشفوا لنا عن أن وراء الاحتلال ما هو أسوأ منه، وهو ترسيخ الاضطراب والعيش في زوبعة العداء بين أصحاب الوطن الواحد، والذين حوّلهم الاحتلال إلى خصوم ألداء كي يظل تبادل الذبح بالذبح، وغسيل الدم بالدم، حرفتهم الدائمة بدلاً من حرفة التنمية والبناء..!!
هؤلاء لا يزالون يزينون كل البشاعات وكل قبائح الاحتلال، مدعين بأن علينا أن نحسن النوايا فإذا أخطأ الاحتلال طريقه فتلك ضريبة الحرية القادمة..!!
لم يذرفوا دمعة واحدة، ولا نقطة حبر واحدة، على المجازر المروعة وغير الأخلاقية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني ولا زال.. هذا الشعب الذي يعذب عذاباً منكراً طيلة ستين عاماً بكل ألوان وأساليب الذبح التي تشمئز منها نفوس الأبالسة، والشياطين...
لم يتحدثوا ولن يتحدثوا عن الألاعيب السياسية المفضوحة، التي تحاك ضد أبناء أمتهم، حتى ليخيل إليك أن دورتهم الدموية تتدفق بالحقد، والكراهية على هذه الأمة وأبنائها..!! فأين إنسانيتهم..؟ أين ما كانوا يكتبون..؟ لماذا يخبئون رؤوسهم وأقلامهم حينما يرون أن ذلك يتم تحت اللواء الغربي، والإسرائيلي، وبقية شعارات التحالف..؟
أين هو الإنسان الذي كانوا يكتبون عنه، ويدعون إلى رحمته والشفقة به وينكرون قهره وعذابه..؟
عندما كتب أحد هؤلاء المبشرين مرثية طويلة فيها كثير من النياحة وشق الجيوب حين ماتت الراهبة الهندية (تريزا) واصفاً إياها بأم البنين والبنات، وأم المحسنين والمحسنات وأم الإنسانية جمعاء، والتي حاربت، وضاربت، وصارعت من أجل حرية الإنسان وكرامته.. قلنا بارك الله فيك وفي رثائك، وفي وفائك لأصحاب القلوب الإنسانية أينما كانوا وكيف كانت ملتهم، ونحلتهم،.. غير أنه في الواقع كان يمارس ذلك النوع من المجون والرياء «الإنساني» والمكر الأخلاقي من أجل تلميع نفسه بهذه الشعوذات الرخيصة التي قد تنطلي على السذج والبسطاء... إنه تماماً يشبه ذلك الذي قال عنه الروائي الأمريكي العظيم «هرمان ملفل»: «كالثعلب يجد غذاءه بين القبور ومن الرمم الميتة فيستجمع أشد آماله حياة ونضارة»...
فهذا وأمثاله لم يرثوا أكثر من مليون عراقي قتلوا دونما ذنب.. وقرابة نصف شعب كامل من الجرحى والمعاقين جسدياً وعقلياً.. لم يتحدثوا عن أربعة ملايين هجِّروا وأخرجوا من ديارهم بمباركة الأمم المتحدة «الأمريكية» الموقرة.
لم يقولوا كفى أيها الظلم، وكفى لمجازر الإنسان والإنسانية..؟ وها هم اليوم يلتزمون الصمت الجبان، فلم يكتبوا كلمة واحدة حول ما يحدث في القدس، حيث تستيقظ هذه المدينة ولا تنام إلا على هدير الجرافات، وبناء المستعمرات، ودوس رقاب أهلها، وجرف تاريخها، وتحويلها إلى ثكنة من ثكنات الفجيعة التي تحمي حائط البكاء اليهودي.. فأين تلك الأقلام الرعناء التي كانت تتباكى وتنوح على الإنسانية وكرامة الإنسان!!!؟
ألم أقل لكم إنها أقلام مخادعة، ومراوغة، وكاذبة.. وإنها أبعد ما تكون عن الإنسانية.. فالكتاب الإنسانيون هم من تظل الإنسانية، شيئاً من إيقاع قلوبهم، وشيئاً من إيقاع أقلامهم.. أما أولئك فإنهم مستعدون لسحق أي صوت إنساني، إذا لم يكن منسجماً مع أهوائهم، ونزعاتهم المغشوشة... فيا لشقاء الإنسانية، ويا لبؤس تلك الأقلام التي تزايد على حرية الإنسان وكرامته...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.