في الخامس من شوال عام 1319ه الموافق 12 يناير 1932م تمكن الملك عبدالعزيز آل سعود– طيب الله ثراه – من فتح الرياض، واستعاد ملك آبائه وأجداده أمراء وأئمة آل سعود الذين أسسوا منذ أكثر من 260 عاماً دولتين امتد نفوذهما إلى أرجاء واسعة من شبه الجزيرة العربية. وعلى مدى واحد وثلاثين عاماً، جاهد الملك عبدالعزيز – يرحمه الله- في سبيل توحيد أجزاء هذه البلاد التي كانت تعيش حالة من الفوضى والتمزق والاضطراب، حتى تم له تأسيس المملكة العربية السعودية على أسس عصرية حديثة. وفي عهده بدأ العمل الخيري والإنساني من خلال قيام الدولة على أساس العقيدة الإسلامية التي ترمز إلى الرحمة والتكافل والتعاطف بين المسلمين. وقد ظهرت فكرة "الهجر" التي تعبر عن سعة أفق الملك عبدالعزيز واستشرافه للمستقبل. كما أنشئت في عهده (دور الأيتام) التي يجمع فيها الطالب بين المأوى والرعاية والتعليم، بالإضافة إلى فتح بيوت الضيافة التي تقدم المأوى والطعام للمحتاجين والضيوف. كما اهتم – طيب الله ثراه - بطباعة الكتب ونشرها وتوزيعها لطلاب العلم والناس لنشر العلم وتوطين المعرفة. وفي كتاب "مملكة الخير والإنسانية" الذي صدر في عام 1430ه لمؤلفة (سعيد بن محمد العماري) لمحات توثيقية لمجمل مسيرة العمل الخيري منذ عهد الملك المؤسس – طيب الله ثراه – وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظهما الله. وقد خصص المؤلف ريع الكتاب إلى جمعية سند الخيرية لدعم الأطفال المرضى بالسرطان. وقد أشادت صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالعزيز رئيسة مجلس إدارة جمعية سند الخيرية بجهد المؤلف وتسليطه الضوء على جهود المجتمع السعودي في إرساء قواعد العمل الاجتماعي، وتوثيقه للمشروعات الخيرية التي قامت بها المملكة منذ تأسيسها. كما أكد معالي الدكتور محمد بن أحمد الرشيد وزير التربية والتعليم الأسبق بجهد المؤلف في توضيح الخدمات الجليلة والأعمال الرائدة التي قامت بها القيادة الرشيدة، وولاة الأمر بشتى عطاءاتهم المتنوعة لتشمل شتى بقاع الوطن بل وتصل إلى بعض الدول العربية والإسلامية. ويقع كتاب "مملكة الخير والإنسانية" : إنجازات واقعية حقيقية " في سبعة أبواب تشمل التكافل، العمل الخيري في عهد الملك عبدالعزيز ، رائدا الخير، نماذج وطنية، تنمية الموارد المالية في الهيئات الخيرية، المسؤولية الاجتماعية، الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر. واستعرض المؤلف في الباب الثالث ما قام به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز من الأعمال الخيرية مما يجعلهما نموذجين للعمل الخيري والإنساني، ليس في المملكة فقط، ولكن في جميع أنحاء العالم. كما استعرض المؤلف في الباب الرابع بعض النماذج الوطنية للعمل الخيري مثل مؤسسة الملك فيصل الخيرية، ومؤسسة الملك خالد الخيرية، ودار رعاية الأطفال المعوقين، وجمعية سند الخيرية لدعم الأطفال المرضى بالسرطان وغيرها من مؤسسات وجمعيات العمل الخيري والإنساني في المملكة. ويستعرض المؤلف أهمية الصورة الذهنية الإيجابية لمؤسسات العمل الخيري واستراتيجيات بناء هذه الصورة، وأهمية الجانب الإعلامي في عمل هذه المؤسسات، وكيفية تنمية الموارد المالية فيها، إضافة إلى ضرورة تنمية مواردها البشرية، والسعي لنشر ثقافة التطوع في المجتمع. وقد أبرز المؤلف المسؤولية الاجتماعية في الباب السادس من الكتاب من خلال رصده لتجربة مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية وفي الباب الأخير استعرض المؤلف الجهود التي بذلتها المملكة حكومة وشعباً لمحاربة مشكلة الفقر من خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين للأحياء الفقيرة بمدينة الرياض (15/9/1423ه) عندما كان ولياً للعهد، حيث صدر الأمر السامي الكريم في 25/10/1423ه بتكوين فريق عمل لوضع استراتيجية وطنية لمعالجة الفقر وذلك لتحديد المشكلة وحجمها وتوزيعها جغرافياً وفئوياً. أشكر المؤلف على إهدائه لهذا الكتاب القيم متمنياً له مزيداً من التوفيق والنجاح للاستمرار في هذا النهج التوثيقي للعمل الخيري والإنساني والتطوعي في مملكة الخير والإنسانية....