صندوق الاستثمارات يطلق شركة إكسبو 2030 الرياض    الذهب يتذبذب مع استمرار توترات الشرق الأوسط    الهلال يحظى بإشادة عالمية بعد تعادله التاريخي أمام ريال مدريد    الولايات المتحدة تقرر فحص حسابات التواصل الاجتماعي لجميع المتقدمين للحصول على تأشيرة طالب    "نوفا" تطلق رحلة زراعة 200 ألف شجرة بالتعاون مع مركز تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر    وكيل وزارة الحج والعمرة يدشّن جائزة "إكرام للتميّز" لتحفيز مراكز الضيافة خلال موسم حج 1446ه    أكثر من 3 آلاف عامل يواصلون أعمال النظافة في المسجد النبوي.    الهلال الأحمر وتجمع نجران الصحي "بمنطقة نجران يدشّنان حملة للتبرّع بالدم    الجامعة الإسلامية أطلقت مبادرة لتحفيز المبتعثين لديها على النشر في المجلات العلمية الدولية    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير فرع وزارة الرياضة بالمحافظة    جمعية البر بأبها توقّع شراكة مع 7 جمعيات أهلية بعسير    المنتخب السعودي ينهي استعداداته لمواجهة أمريكا في الكأس الذهبية    استشهاد 16 فلسطينيًا وسط غزة    انخفاض أسعار النفط    وزارة الصناعة تشارك في معرض باريس.. السعودية تستعرض فرص الاستثمار في صناعة الطيران    اليوم.. بمشاركة 4 أندية.. سحب قرعة كأس السوبر السعودي    في ثاني جولات مونديال الأندية.. الأهلي في اختبار بالميراس.. وميامي يلاقي بورتو    لن نستسلم وسنعاقب تل أبيب.. خامنئي: أي هجوم أمريكي عواقبه لا يمكن إصلاحها    دول «التعاون»: اعتداءات تل أبيب «انتهاك صارخ».. روسيا تحذر أمريكا من دعم إسرائيل    عريجة يزف نجله محمد    الهوية الرقمية والسجل لا يخولان الأطفال لعبور"الجسر"    الإطاحة بمروجي مادة الأفيون المخدر في تبوك    أعلنت السيطرة على بلدتين أوكرانيتين جديدتين.. روسيا تتقدم في سومي بعد استعادة كورسك    " مركز الدرعية" يطلق برنامج تقنيات السرد البصري    حققت حلمها بعد 38 عاما.. إلهام أبو طالب تفتتح معرضها الشخصي    جامعة الملك فيصل ضمن" التصنيف العالمي"    2.7 مليار تمويلات زراعية    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    يوليو المقبل.. إلزام المنشآت الغذائية بالكشف عن مكونات الوجبات    فهد بن سلطان للمشاركين في أعمال الحج: جهودكم محل فخر واعتزاز الجميع    سعود بن بندر يستعرض جهود «تعافي»    وزير العدل يدشّن بوابة خدماتي لمنتسبي الوزارة    «تعليم المدينة»: بدء تسجيل طلبات من تجاوز 21 عامًا    الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. وبيان مملكة السلام    أخضر اليد يخسر مواجهة مصر في افتتاح مبارياته ببطولة العالم تحت 21 عاماً    غوارديولا: الموسم الماضي من أصعب المواسم    «الملك سلمان للإغاثة» يوقّع اتفاقية لحفر 78 بئرًا في نيجيريا    رسالة المثقف السعودي تجاه وطنه    الرواشين.. فنّ يتنفس الخشب    هيئة التراث تضيف مواقع أثرية لسجل الآثار الوطني    كشف مهام «وقاية» أمام أمير نجران    أمير القصيم يشهد اتفاقيات تعاون مع «كبدك»    انتظام مغادرة رحلات الحجاج من «مطار المدينة»    انسيابية في حركة الزوار بالمسجد النبوي    القباب المتحركة.. تحف معمارية تزيّن المسجد النبوي    رحلة سياحية وتعليمية لا تُنسى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يجري عملية بتقنية المنظار ثنائي المنافذ وينهي معاناة مراجع مصاب ب«الجنف» مع انزلاق وتضيق بالقناة العصبية    صحي مدينة الحجاج ببريدة يخدم 500 مستفيد    مسار الإصابات ينقذ حياة شابين في حالتين حرجتين بالمدينة    لماذا تركت اللغة وحيدة يا أبي    ميكروبات المطاعم تقاوم العلاج بالمضادات الحيوية    سالم الدوسري: هدفنا كان الفوز على ريال مدريد    ارتفاع الرمل الأحمر 24.3% يؤثر على تكاليف عقود البناء    أمير الرياض يوجه بتسمية إحدى حدائق العاصمة باسم "عبدالله النعيم"    السعودية صوت الحق والحكمة في عالم يموج بالأزمات    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الحريصي في منزله    أمير تبوك خلال تكريمه المشاركين في أعمال الحج بالمنطقة جهودكم المخلصة في خدمة ضيوف الرحمن محل فخر واعتزاز الجميع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأس المال المعرفي

عندما قرأت فصولا من التقرير الأخير الذي صدر مؤخرا في دبي عن الوضع المعرفي في العالي العربي لم أستغرب كثيرا فمنذ بداية صدور التقارير المتلاحقة حول الوضع الثقافي في العالم العربي عام 2002م لم تتغير الاحوال كثيرا إلا في مستوى الوعي المجتمي العربي العام الذي صار يكتشف مشكلاته المعرفية والثقافية وبأسلوب يحرك الجرس كل عام ولا يدع مجالا للنسيان. رغم كل ما تحمله هذه التقارير من سلبيات ورغم كل مؤشرات الاحباط التي تدفع بها نحو المثقف العربي إلا أنها تتيح الفرصة بحق للإصلاح الحقيقي (لا الوعود الحجرية التي لا تتحقق ابدا) لأنها ببساطة تذكرنا بما وعدنا به وبما أخفقنا أن نحققه. هذه التقارير ليست مثل القرارات التي تعتمد على ضعف الذاكرة المجتمعية حيث تصنع الوعود ولا يتم تنفيذها اعتمادا على هذا الوهن، بل هي تقارير تصدمنا كل عام وتذكرنا بكل ما يجب علينا فعله وتقول لنا اننا وعدنا ولم ننفذ، فشكرا لفكرة "الصدمات" الكهربائية التي يحتاجها العالم العربي لأن هذه التقارير هي فعلا مثل الصدمات التي يمكن أن تنشط القلب والعقل. يقول التقرير الأخير اننا لا نستثمر في "رأس المال المعرفي" وهذا حق ويقول ان لدينا 60 مليون عربي "أمي" لا يعرف القراءة والكتابة ثلثاهم من النساء، وهو يشير هنا إلى إهمالنا الكبير للمرأة كونها تأتي دائما بمرتبة ثانوية في مسألة التعليم والعمل. كما أنه يفضح إشكالات البنية الاساسية على مستوى الاسرة والمجتمع فهناك 19 مليون طفل عربي في سن المدرسة لا يلتحقون بالدراسة وأنا أقول هنا ان أكثر من نصفهم يهيمون في الشوارع فظاهرة أطفال الشوارع تكتسح المدن العربية حتى أنها أصبحت الظاهرة الاكثر خطورة على مستقبل المجتمع العربي. كما أننا أمة لا تقرأ فلكل 20 ألف موطن عربي تقريبا (أو يقل قليلا) كتاب مقارنة ببريطانيا التي لا تتجاوز نسبة 450 مواطنا لكل كتاب، ويبدو أننا فعلا نمر بكارثة معرفية حقيقية على كافة المستويات فلا يصرف من الدخل القومي على البحث العلمي إلا الفتات ولماذا يصرف اصلا طالما أنه لا يوجد قاعدة اقتصادية تصنيعية تعتمد على البحث العلمي. في اعتقادي أن المشكلة لا تعتمد فقط على التوسع في التعليم العالي فليس من المجدي ان نقبل طلاب الثانوية جميعهم في الجامعات ولا نعلمهم بشكل سليم ولا نصنع لهم مجتمع اقتصادي معرفي يحتضنهم ويوظف معارفهم.
لقد توقفت كثيرا في التقرير عند مسألة "الحريات" وربطتها بفكرة الحرية الاكاديمية التي هي مفتاح المعرفة الحقيقية، فنحن بحاجة إلى من يعي قيمة المعرفة ويبدع في انتاجها وتوظيفها لا من يتلقفها بشكل غير واع وفي اعتقادي أن مشكلة المشاكل في العالم العربي تكمن في غياب الحريات المعرفية خصوصا في البيئة الاكاديمية، فالجامعة ليست هي المكان الذي تصنع فيه المعرفة وليس هو المكان الذي تتشكل فيها الشخصيات المعرفية والعلمية بل هي مكان "لتسيير" و "تيسير" مسألة التدريس الروتيني الذي ترى فيه الحكومات العربية الجزء المكمل لشرعيتها ولإعطاء الانطباع برعايتها للمجتمع. والحقيقة أن غياب الحرية الاكاديمية عطل التنمية المعرفية التي تتنافس على اكتسابها الامم، ولعلنا الان أما معضلة جائحة الانفلونزا وكيف ان الدول تتسابق لتطوير لقاح ضد المرض. الدافع هنا ليس فقط من اجل حماية الانسانية بل هو "الاقتصاد المعرفي" فجميع مراكز البحوث في العالم تتنافس اقتصاديا في مجال المعرفة وهذا الجزء مغيب بشكل كامل في المنطقة العربية لأن الجامعات العربية مؤسسات حكومية مثقلة بالروتين والبيروقراطية وهذه بيئات لا يمكن أن تنمو فيها المعرفة. تقرير المعرفة العربي يركز على البديهيات وعلى الاساسيات المفقودة اصلا في الوطن العربي ولا أريد هنا أن أكون متفائلا أكثر من اللازم واندفع نحو أمنيات غير قابلة للتطبيق ولا حتى قابلة أن نفكر فيها في الوقت الحالي فنحن أمام معضلات "تأسيسية" غير مفكر فيها. لكن التقرير دون شك يهزنا بعنف لأنه يشخص المرض أمام عيوننا ويقول لنا إما أن نبدأ في التحرك الآن وإلا سيكون التقرير القادم أكثر قسوة لكني لا أتمنى أن نفقد الاحساس من كثرة الصدمات فنكيف أنفسنا كما كيفناها على كثير من الاشياء التي لم نكن نقبلها في السابق.
العالم العربي يستحق افضل ويستحق ان يشارك في بناء الحضارة الانسانية وهذا ليس كلاما عاطفيا فقد تقرر مؤخرا أن تدرج العربية كلغة لتعريف المواقع على الشبكة العنكبوتية والغريب انني سمعت من ينتقد هذه الخطوة من العرب انفسهم، والذي يبدو لي أن هؤلاء فقدوا الرغبة في تقبل التحديات وصاروا يتعاملون مع الواقع باستسلام، فحجتهم ان العربية تختلف في بنيتها عن اللاتينية الأمر الذي سيجعل من قراءة المواقع الالكترونية صعبة. الحمد لله أن العربية أدرجت عالميا لا بيد العرب انفسهم والحمد لله أنها ستخلق تحديات لقراء العربية وإلا لن يتحرك أحد لتطوير هذه اللغة، والحمد لله أن العالم العربي مازال فيه نبض اقتصادي يحث الشركات الكبرى على التفكير في العربية كلغة فاعلة في العالم وهذا ما لن يفعله المشتغلون باللغة العربية والمهتمون بها حتى لو انتظرناهم قرونا. المعرفة واللغة والتعليم أركان اقتصادية يجب أن نفكر فيها من هذا المنطلق وإلا لن يتطور أي منها. إننا نعيش عصر اقتصاد المعرفة لا عصر التوسع في التعليم دون هدف. ويبدو أن هذه الرؤية الاقتصادية غير مفكر فيها بشكل جيد لأن الأمر هو بناء صورة غير واقعية تريد أن تصورها الحكومات العربية عن مجتمعاتها دون أن تربط هذه الصورة بفعل اقتصادي حقيقي وهو الأمر الذي يزيد من حدة تراجع المعرفة في العالم العربي لأن منطق الاشياء يقول ان لكل مجال اقتصادياته والمعرفة لها اقتصادياتها التي يجب ان نتعامل معها بجد وإلا سيكون التقرير القادم وحتى بعد عشرين سنة يحمل نفس الارقام المخجلة التي حملها تقرير هذا العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.