نشرت "الرياض" خبرين متجاورين في عددها ليوم الأحد الماضي. الخبر الأول كان عن إلقاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المدينةالمنورة القبض على مقيم متهم بالشعوذة تخصص في عمليات تفريق الأزواج المعددين عن زوجاتهم الجديدات. الخبر الثاني كان إلقاء شرطة محافظة جدة القبض على سعوديتين امتهنتا النصب على الرجال بإيهامهم بالقبول بزواج المسيار ثم التهديد بعد استلام المهر بإبلاغ الزوجة الأولى لراغب الزواج إن لم يكف عن المطالبة بالزواج أو المهر. الخبران مثالان على جرائم النصب والاحتيال التي تتطور بالتوازي مع التطورات والتغيرات التي تصيب المجتمع. هما مثل النصب في بطاقات شحن سوا وجرائم الانترنت وابتزاز البلوتوث وغيرها من حوادث النصب التي حدثت نتيجة مؤثر جديد طرأ على المجتمع. التعدد، مثلا، لم يكن يثير كثير اعتراض قبل سنوات في مجتمعنا، بل لم يكن الرجل بحاجة إلى تبرير تعدده. تجد أن علاقات الزوج المعدد مع مجتمعه بما فيها علاقته مع زوجته الأولى وأهلها لا تتأثر. الآن، أصبح ينظر للتعدد كجريمة تستدعى في معظم الأحيان الهجر والمقاطعة وتستدعي في أحيان قليلة أخرى الاستعانة بخدمات المشعوذ المذكور. الكم الكبير من الأعمال الدرامية التي أغرقتنا بها الفضائيات التي تصور المعدد شخصا ظالما لا يقيم للعشرة وزنا نجح في تشويه صورة المعدد. تصوير المجتمع للتعدد كجريمة تستوجب الثأر يعد بلا شك خطأ سيدفع المجتمع ثمنه بطريقة أو بأخرى. أما زواج المسيار فلا أظن أن أحدا يمكن أن يقبله أو على الأقل لا يكرهه لمحارمه حتى ولو كان مستوفيا للشروط الشرعية للزواج. إذ أن المسيار، في الأغلبية الساحقة من الحالات، يتم في السر، وهدفه في الغالب قضاء الوطر لا تكوين الأسر. بمعنى أن المسيار هو، في اغلب صوره، تعدد الجبناء ممن يرغبون في إشباع غرائزهم سرا دون الالتزام بالواجبات التي يتحتم عليهم الالتزام بها. لم ينشأ المسيار إلا بسبب أن المجتمع ما عاد ينظر للتعدد نظرة طبيعية. هذا بالرغم من ان المجتمع مازالت تعيش فيه ثقافة التعدد. إذ من الصعب أن تجد شخصا ليس جده أو أبوه أو عمه من المعددين. لست نصيراً أبدا للتعدد ولا يعتبر ما أكتبه هنا دعوة إليه. ما اقصده هو أن التغيرات التي حدثت وتحدث في مجتمعنا، بغض النظر عن صوابها، تكون لها توابع لا بد لنا أن ندفع ثمنها.