ارتفاع أسعار الذهب إلى إلى 2320.69 دولارًا للأوقية    الإمارات تخصص 70% من تعهدها البالغ 100 مليون دولار للأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية في السودان    طيار مصري يفارق الحياة في الجو… ومساعده يبلغ الركاب ويغير مسار الرحلة خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    لا يزال الطقس حار إلى شديد الحرارة على مكة و المدينة    المملكة تحقق المركز (16) عالميًا في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2024    "الداخلية" تستضيف أسر الشهداء والمصابين لأداء مناسك حج هذا العام 1445ه    العنقري يُشارك في اجتماع مجموعة المشاركة للأجهزة العليا للرقابة المالية لمجموعة العشرين في بيليم بالبرازيل    هذا سبب ارتفاع أقساط السيارات في الوقت الحالي    سعود بن مشعل يستقبل مدير عام المجاهدين    ليان العنزي: نفذت وصية والدي في خدمة ضيوف الرحمن    بحضور تركي آل الشيخ.. نجوم "ولاد رزق 3" يُدشنون العرض الأول للفيلم في السعودية    في 2025.. ستصبح الشوكولاتة باهظة الثمن !    رئيس الفيدرالي في مينيابوليس يتوقع خفضاً واحداً للفائدة    800 مليار دولار قروض عقارية في الربع الأول    المملكة.. تهانٍ ممزوجة بالنجاحات    قائد أحب شعبه فأحبوه    مصادر «عكاظ»: أندية تنتظر مصير عسيري مع الأهلي    مصدر ل«عكاظ»: أبها يرغب في تمديد إعارة الصحفي من العميد    «بيلينغهام» ثالث أصغر هداف إنجليزي    الرئيس المصري يغادر بعد أداء الحج    48 درجة حرارة مشعر منى.. لهيب الحر برّدته رحمة السماء    جدة: منع تهريب 466 ذبيحة فاسدة    «ترجمان» فوري ل140 لغة عالمية في النيابة العامة    رسالة لم تقرأ..!    نجاح مدهش اسمه «إعلام الحج»    بعوضة في 13 دولة تهدد إجازتك الصيفية !    نظرية الحج الإدارية وحقوق الملكية الفكرية    فخر السعودية    وفود وبعثات الحج: المملكة تقود الحج باقتدار وتميز وعطاء    بديل لحقن مرضى السكري.. قطرات فموية فعّالة    5 مثبطات طبيعية للشهية وآمنة    فخ الوحدة ينافس الأمراض الخطيرة .. هل يقود إلى الموت؟    فرنسا تهزم النمسا في بطولة أوروبا    أمطار الرحمة تهطل على مكة والمشاعر    منهج مُتوارث    مدرب رومانيا: عشت لحظات صعبة    الاتحاد الأوروبي يفتح تحقيقاً ضد صربيا    يورو 2024 .. فرنسا تهزم النمسا بهدف ومبابي يخرج مصاباً    القبض على إثيوبي في عسير لتهريبه (34) كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر    رئيس مركز الشقيري يتقدم المصلين لأداء صلاة العيد    وزارة الداخلية تختتم المشاركة في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى إعلام الحج    السجن والغرامة والترحيل ل6 مخالفين لأنظمة الحج    ولي العهد: نجدد دعوتنا للاعتراف بدولة فلسطين المستقلة    وزير الصحة يؤكد للحجيج أهمية الوقاية بتجنّب وقت الذروة عند الخروج لأداء ما تبقى من المناسك    د. زينب الخضيري: الشريك الأدبي فكرة أنسنت الثقافة    تصادم قطارين في الهند وسفينتين في بحر الصين    «الهدنة التكتيكية» أكذوبة إسرائيلية    2100 رأس نووي في حالة تأهب قصوى    القبض على إثيوبي في الباحة لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    الرئيس الأمريكي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى    نائب أمير مكة المكرمة يطلع على خطط أيام التشريق    فيلم "ولاد رزق 3" يحطم الأرقام القياسية في السينما المصرية بأكثر من 18 مليون جنيه في يوم واحد    عروض الدرعية تجذب الزوار بالعيد    51.8 درجة حرارة المنطقة المركزية بالمسجد الحرام    "الصحة" للحجاج: تجنبوا الجمرات حتى ال4 عصراً    عيد الأضحى بمخيمات ضيوف الملك ملتقى للثقافات والأعراق والألوان الدولية    الاحتلال الإسرائيلي يحرق صالة المسافرين بمعبر رفح البري    قتل تمساح ابتلع امرأة !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاملو والنهاية المسدودة
نشر في الرياض يوم 26 - 02 - 2009

تجمع الآراء على أن الشاعر الإيراني أحمد شاملو (أو شملو)، المعروف باسمه المستعار (أ. بامداد) الذي يعني (الفجر)، هو من أهم الشعراء الإيرانيين أو الذين يكتبون بالفارسية، ويرى البعض أنه أهم المحدثين منهم. ولد شاملو عام 1925 وتوفي عام 2000 وتنبع أهميته من عدة مصادر، في طليعتها المستوى الشعري الرفيع لقصائده، كما يؤكد قراؤه بالفارسية، ثم يأتي دوره التحديثي في الشعر الإيراني الحديث، فهو من رواد الشعر الحر هناك، إلى جانب نشاطه المتوزع على التأليف والترجمة والكتابة للأطفال وتحرير المجلات الأدبية. تضاف إلى ذلك مواقفه الفكرية والسياسية فقد كان عضواً في الحزب الشيوعي الإيراني ومعارضاً من ثم لنظام الشاه حيث سجن عدة مرات. واستمر بعد ذلك معارضاً للنظام الإسلامي الحالي، وإن حالت شعبيته الواسعة دون إيذائه في الجمهورية الإسلامية، كما يرى البعض، مع أن المسؤولين الإيرانيين عاقبوه بالمقدور عليه من العقوبات أو أسلمها، أي بالحيلولة دون نشر بعض أعماله التي أنجزها في العهد الجديد.
نشر شاملو العديد من المجاميع الشعرية وغير الشعرية من بينها ترجمات من لغات عدة يبدو أنه كان يصل إليها عن طريق إحدى اللغات الأوروبية، وقد تكون الإنجليزية. لكن سيرته تحفل بترجمات عديدة من الآداب الأسبانية واليابانية والفرنسية وغيرها. وكان يعد الشاعر الأسباني لوركا أعظم الشعراء. كما أنه، كما تقول الناقدة الإيرانية آزار مهلوجيان المقيمة في السويد، كتب قصائد تعبر عن اهتمامه بقضايا العالم المختلفة منها قصيدة وجهها إلى نلسون مانديللا يقول له فيها: «مد لي يدك واثقاً/ أنت يا جار الألم».
لكن ما يسترعي الانتباه بشكل خاص هو كتاب ظل شاملو يعمل على تأليفه منذ شبابه أسماه «كتاب الشارع»، الذي يضم، كما يشير العنوان، أقاويل وأمثال وأشعار وحكايات يتداولها الناس وتمثل موسوعة للثقافة الشعبية. ومع أن الشاعر حاول جاهداً إكمال الكتاب قبل وفاته، أي بعد أن استفحل فيه المرض، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، وما يزال العمل على ما يبدو بانتظار النشر، ويذكر المطلعون على الكتاب في شكله المخطوط إنه يمكن أن يصل إلى مئة مجلد.
هذا التقديم لشاعر غير مألوف بالعربية يمكن أن يمتد، لكن الحاجة إلى الاختصار تستدعي الاكتفاء بما سبق والالتفات إلى النص الشعري المختار هنا، والذي لفت نظري في مجموعة من قصائده وردت ضمن مختارات بالإنجليزية للشعر الفارسي الحديث أنجزها الشاعر والمترجم الإيراني محمود كيانوش. القصيدة أو النص يتناول المشكلات التي واجهها الشاعر مع مجيء النظام الحالي إلى الحكم وتتركز على أحد وجوه التشدد التي تنامت في ظل ذلك النظام. القصيدة بعنوان (عند هذه النهاية المسدودة) وستبدو في تقديري مألوفة حالما نبدأ القراءة، فهي تتناول موضوعاً نعرفه جميعاً. لكن الخلفية المباشرة مهمة أيضاً.
في بداية الثورة الإيرانية أطلق قادتها العنان لعدد من الشبان والشابات في الشوارع لفرض القيم الأخلاقية التي بشرت بها تلك الثورة كما حدث إبان الثورة الثقافية في الصين في عهد ماوتسي تونغ فراح أولئك يستغلون ما منحوا من سلطات فيطرقون الأبواب ويستوقفون الناس يتفحصونهم بل ويشمون أفواههم فإن وجدوا آثاراً لكحول أخذوا أولئك لعقوبة الجلد المحتملة. أما فيم يتعلق بالنساء فإن سدنة الأخلاق الجديدة كانوا لا يترددون في مسح أحمر الشفاه عن أفواه النساء وقد يوغلون في العنف فيقطعون تلك الشفاه بالأمواس. وكان طبيعياً أن يؤدي ذلك إلى تذمر الكثيرين لكن دون أن يستطيعوا فعل شيء نظراً لسطوة السلطة الجديدة.
تتجه قصيدة شملو مباشرة إلى ما قامت به فرق الشبان المتحمسين للثورة، لكن الشاعر لكي يحدث أثراً صادماً لدى قارئه لا يتحدث عن أناس يبحثون عن الخمر أو أحمر الشفاه لكي يعاقبوا أصحابها، فمثل هذه قد لا تكسبه تعاطف القراء، وإنما نرى أولئك الشبان يبحثون عن أشياء يصعب فهم رفضهم لها. إننا أمام حيلة بلاغية وحجاجية معروفة، فلكي تبرز سوء الخصم تتجنب الاكتفاء بما يمكن أن يجلب الإعجاب أو حتى التعاطف لموقف ذلك الخصم.
لنقرأ المطلع:
(يشمون فمك
لكي يعرفوا ما إذا كنت قلت لشخص ما:
أحبك!
يشمون قلبك!
ياله من زمن عجيب ياعزيزي:
ليعاقبوا الحب
في الشوارع
بالجلد
علينا أن نخبئ حبنا في الخزائن.)
ليس من الصعب على الشاعر أن يتوقع أن القارئ لن يؤثر فيه بحث شبان الثورة عن الخمور أو أحمر الشفاه، لكن إضافة القلوب تعد مبالغة قدر لها أن تترك أثراً بلاغياً بما تتضمنه من سخرية، وهي سخرية تصل ذروتها في إشارة الشاعر إلى الحاجة إلى تخبئة الحب في الخزائن خشية الانكشاف.
في بقية النص تتكرر لازمة التخبئة لأشياء أخرى غير الحب، وقد أورد مترجم النص إلى الإنجليزية الأسطر بالحرف المائل ربما لنقل رغبة الشاعر في إبراز هذه اللازمة عند نهاية كل مقطع. القصيدة ليست طويلة لكني مضطر لترك بقيتها للمقالة القادمة نظراً لضيق المساحة المتاحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.