قد لا يختلف المواطن خالد بن سليمان اليحيى عن أي مواطن آخر في هذه البلاد، إلاّ ان خالد قد انتصر على الكثير من العراقيل والمعوقات والمغالطات التي عشعشت في أذهان البعض والتي ترى في ذوي الاحتياجات الخاصة رقماً معطلاً لا يمكن قبوله في قائمة الأصحاء كي يحظى بحقوقه كاملة في الوقت الذي يؤدي فيه واجباته على أكمل وجه. خالد وتحت شعار «تزويج ذوات الاحتياجات الخاصة» بادر إلى تبني فكرة مشروع يعد الأول من نوعه في المملكة وربما العالم يدعو الأصحاء خاصة إلى الزواج من فئة ذوات الاحتياجات الخاصة وفق آلية ممنهجة ومدروسة تتيح للطرفين ان ينعما بحياة أسرية مستقرة. وليترجم هذا التوجه إلى واقع ملموس فقد قرر ان يكون هو المبادر إلى الزواج بفتاة من هذه الفئة محققاً بذلك إحدى أوجه وأسمى صور التكامل والتكافل الاجتماعي الذي دعا إليه ديننا الحنيف، ومحفزاً بذلك الآخرين كي يحذوا حذوه. ولقد قوبلت فكرة خالد بترحيب واسع انطلاقاً من محيط أسرته - وزوجته وأولاده - ووصولاً إلى الأهالي من داخل منطقة حائل وخارجها. وبالفعل فقد تزوج خالد مؤخراً من فتاة معاقة وأقيم حفل الزواج الذي حضره حشد كبير من الناس من داخل المنطقة ومن خارجها وذلك لمباركة هذا التوجه الإنساني النبيل. «الرياض» تابعت الموضوع وأجرت مع خالد الحوار التالي وذلك لالقاء الضوء على ابعاد وخلفيات هذه البادرة الإنسانية.. ٭ بداية كيف بدأت الفكرة؟ - هذه الفكرة تبادرت إلى ذهني منذ وقت ليس بالقصير وذلك بعد ان جمعنا العمل ببعض العاملات من ذوي الاحتياجات الخاصة في إحدى منشآت القطاع الخاص ولقد كنت أرى في هذه الفئة حماساً كبيراً وتفانياً في العمل والإنتاج يفوق كثيراً من سليمي البدن حيث كن يتميزن في أداء واجباتهن على أكمل وجه ولديهن رغبة حقيقية في الاندماج التام في الحياة بكل تفاصيلها. حينها فكرت ان أقدم كل ما أستطيع في سبيل مساعدة هذه الفئة - وفق قدراتي المحدودة - وذلك للأخذ بأيديهن إلى ميادين الحياة العامة ليقمن بدورهن الطبيعي في بناء المجتمع، حيث قمت بمساعدة عدد من الاختصاصين باعداد دراسة حول هذا الموضوع وهو فكرة «تزويج ذوات الاحتياجات الخاصة» وقد استغرقت الدراسة ما يزيد عن خمسة أشهر من العمل المتواصل. ٭ فيما تتلخص الفكرة؟ - تتلخص الفكرة في حصد الاناث من ذوات الاحتياجات الخاصة «المعاقات جسدياً فقط» ومن ثم حصد الراغبين في الزواج منهن من الرجال الأصحاء وأؤكد على الأصحاء فقط حيث يصعب تزويج المعاقة من معاق لما لذلك من انعكاسات سلبية على حياتهما اليومية. كما يتم توفير السكن وهو عبارة عن شقة بصك شرعي للمعاقة لا يخولها بيعها. فضلاً عن تأثيث البيت بالكامل مع تحديد الخدمة الطبية أو الأسرية التي يجب توفيرها عبر اللجنة الطبية المشكلة بهذا الخصوص، كذلك يتم السعي فوراً لإيجاد وظيفة للزوج والزوجة إذا كان المتقدم للزواج غير موظف. ٭ ولماذا تستهدف فكرة المشروع الاناث دون الرجال من ذوي الاحتياجات الخاصة؟ - لأن البدائل أمام الرجال كثيرة ومتنوعة بخلاف الانثى فالعروض لها تعتبر محدودة للغاية إن لم تكن معدومة. ٭ هل هناك مصادر لتمويل هذا المشروع؟ - نعم وقد تكفل بذلك - ولله الحمد - فاعل خير بمشاركة ممن نتوسم فيهم فعل الخير ونحن ندعو الجميع عبر جريدة «الرياض» للمشاركة والتفاعل مع هذا العمل الخيري الاجتماعي. ٭ هل كان الدافع من وراء فكرة هذا المشروع هو الاحساس بالشفقة تجاه هذه الفئة؟ - على الاطلاق لا ولكن هو مبدأ التكافل والتكامل الاجتماعي الذي دعا إليه ديننا الحنيف ويصب هذا التوجه الإسلامي في صميم توجهات دولتنا يرعاها الله التي تدعو دائماً إلى دمج هذه الفئة في معترك الحياة واشعارهم بأهمية دورهم المفصلي في إدارة دفة الحياة كل بحسب طاقته وإمكاناته، مضيفاً إنني رأيت العديد منهم لديه قدرات وطاقة كامنة ربما يعجز الأصحاء عن تحقيق مثل هذه القدرات.. أقول فقط أعطوهم الفرصة وسترون مدى نجاحهم فهم بالفعل لا يحتاجون إلى أكثر من الفرصة. ٭ كيف قوبلت فكرة زواجك بمعاقة في محيط أسرتك خاصة زوجتك وأولادك؟ - بترحيب بالغ رغم محاولات المحيطين والمترددين إلاّ ان المحصلة كانت إيجابية تماماً وكان حليفها النجاح ولله الحمد. ٭ توجهت «الرياض» بسؤال شقيق خالد وابنه يحيى عن وجهة نظرهما في الموضوع؟ - حيث أكد عبدالله سليمان اليحيى على ان زواج خالد وفكرة مشروعه هي في حد ذاتها مدعاة للفخر والاعتزاز داعياً أخاه إلى المضي قدماً في هذا التوجه الإنساني النبيل. من جهته، بارك يحيى «ابن خالد الأكبر» زواج والده مؤكداً حذوه في المستقبل حذو والده الذي قدم أنموذجاً مشرفاً للعمل الإنساني. ٭ بعد ذلك توجهنا بالسؤال إلى خالد: كيف هي نظرة المجتمع إلى ذوي الاحتياجات الخاصة؟ - فقال ان النظرة الحالية السائدة ينقصها الكثير لتكون إيجابية تجاه ما يسمى بالمعاق الذي لا يمتلك خياراً إلاّ ان يثبت للناس العكس من خلال تحقيق ليس فقط نجاحات الاصحاء وإنما الوصول إلى ما عجز الأصحاء عن تحقيقه وذلك ليس ببعيد المنال. ٭ هل ترى ان ما يقدم الآن من خدمات يكفي لانخراط المعاق في معترك الحياة؟ - لقد قدم الكثير ويبقى الكثير ليقدم، فقضية التأهيل ليست بالقضية الصعبة ولا السهلة لكنها ممكنة. ٭ ختاماً، ماذا تود ان تقول؟ - أهيب بالجميع التفاعل مع هذا المشروع الإنساني الذي يهدف إلى تحقيق نوع من التكافل الاجتماعي في بلادنا المباركة. وأضاف أنه لا يمكن لأي مشروع أو فكرة ان ترى النجاح مالم تتضافر الجهود وتتحد الرؤى والصفوف كما يتوجب علينا الخروج من دائرة التنظير والتشخيص إلى التطبيق الفعلي للأفكار التي تخدم مجتمعاتنا وان نكون نحن النموذج الأول الذي يضع الفكرة مطبقة على أرض الواقع إذا أردنا من المجتمع التحرك في هذا الاتجاه أو ذاك ونتمنى ان تتحول هذه الفكرة من نطاقها المحلي إلى العالمي.