سمو محافظ الخرج يرعى حفل التخرج لمتدربي ومتدربات وحدات التدريب التقني بالمحافظة    أمير منطقة تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    جمعية الصحافة والنشر الرقمي ببريدة تنظم دورة في العلاقات العامه والاعلام    معرض تعاوني للتدريب.. يستقبل 3 آلاف طالبة وطالب خلال 3 أيام    46 مليار ريال سنويا التسهيلات المقدمة للمنشآت    وكالة الفضاء السعودية تعلن أسماء الفائزين ال10 من 8 دول عربية في مسابقة #الفضاء_مداك    غرق 10 فتيات بعد سقوط حافلة بمجرى مائي في القاهرة    أخضر الملاكمة بالمعسكر الدولي    آرني سلوت: عرض العمل مع ليفربول يستحيل تجاهله    مدير مكتب التعليم بالروضة يفتتح العيادة المدرسية بمتوسطة زهير بن أبي أمية    "عطور الشرق" يفتح أبوابه للزوار في المتحف الوطني السعودي    ريال مدريد: كروس قرر إنهاء مسيرته الكروية بعد يورو 2024    السعودية تحقق أكبر تحسن إقليمي في قطاع السياحة منذ 2019    إدراج نموذج علّام من سدايا ضمن منصة watsonx بشركة IBM    أمير المدينة يرعى ملتقى التوجيه المهني للطلاب «المسار المهني والتعليمي»    أمير منطقة مكة يلتقي مدير عام الجوازات    تاج العالمية تفتتح مكتبها في الرياض ضمن 19 موقعا عالميا    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماعاً لمتابعة خطط الحج    أجهزة كمبيوتر من مايكروسوفت مزودة بالذكاء    ولي العهد يطمئن الجميع على صحة الملك    700 ألف صك عبر البورصة العقارية    الربيعة يدعو لتأسيس "مجلس طيران إنساني عالمي"    انخفاض قياسي لتكلفة الكهرباء من الرياح بالغاط ووعد الشمال    وزير الإسكان يشهد توقيع "الوطنية للإسكان" 5 مذكرات تفاهم    إطلاق "مانجا إنترناشونال" للأسواق الدولية    النفط يتراجع والذهب في ارتفاع    نائب أمير الرياض يستقبل نائب وزير الحرس الوطني المكلف    طلاب الاحساء يحصدون 173 جائزة لوزارة الثقافة    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقاء الأسبوعي    «تبريز» تشيّع الرئيس الإيراني ومرافقيه.. الدفن «الخميس»    أكثر من 5.5 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أبريل الماضي    موعد مباراة الهلال والطائي..والقنوات الناقلة    حرس الحدود يحبط تهريب 295 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    رسميًا.. الاتحاد يعلن رحيل رومارينهو وغروهي    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    الاتحاد بطلاً لهوكي الغربية    أمير الجوف يعزّي أسرة الحموان    5 فوائد للمشي اليومي    القيادة تعزي في وفاة رئيس إيران ومرافقيه    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    أنديتنا وبرنامج الاستقطاب    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    مكعّب روبيك.. الطفل العبقري    إجازة لمكافحة التعاسة    مواجهة الظلام    مبادرة الأديب العطوي    خادم الحرمين الشريفين يخضع لبرنامج علاجي    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    لا عذر لخائن    تسهيل وصول أمتعة الحجاج لمقار سكنهم    المسألةُ اليهوديةُ مجدداً    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمير سلمان درس في "التاريخ وبناء المجتمع"

يحدد علماء الاجتماع بشكل عام وعلماء التغير الاجتماعي والتحديث على أن من عوامل إحداث التغير الاجتماعي، القادة والزعماء، حيث من خلالهم تحدث تغيرات كبيرة على بنية المجتمع وتوازنه واستمراره في تأدية وظائفه بالطريقة التي يريدها المخطط والاستراتيجي والمنفذ للسياسات والقرارات وغيرها.
كما أن علماء الانثروبولوجيا يقولون ان المجتمع كائن حي يفرز قيادته بنفسه وبطريقة تلقائية واعية تعتمد على مجموعة من المحددات لتلك القيادات واحتياجات المجتمع في واقعه ومرحلته. من هنا نقول ان اجتماع القوى والفئات والفعاليات الاجتماعية في فترة تاريخية معينة على الالتفاف حول الملك عبدالعزيز "رحمه الله" ومبايعته والاستمرار في دعمه والانضواء تحت قيادته هو نوع من هذا الفرز التلقائي الذي حتمته المصلحة والمرحلة التاريخية، ثم استمر الملك عبدالعزيز في بناء الدولة والمجتمع على خطى ثابتة وواعية مراعياً في ذلك التوازنات الاجتماعية المختلفة ومكونات المجتمع واتجاهاته وخلفياته الفكرية والتاريخية والثقافية والثقافات الفرعية المكونة لها. ومن هنا بدأت ملامح المجتمع السعودي الجديد الذي فرض وجوده في المنطقة بعقلية سعودية وبشخصية سعودية وتماسك اجتماعي مميز. وورث هذا الإرث القيادي أبناؤه الكرام ممن كان له إسهام عظيم في إيجاد هذا الكيان السعودي المتميز. ولأن الحديث عن شخصية بارزة ومميزة في العاصمة السعودية الشامخة، هو أميره المحبوب، حيث ان اسمه ارتبط بالرياض حباً لها، وحباً لهذا الكيان السعودي الذي بدأ منه. هو صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز.
(وحديثنا عن الأمير سلمان)، لن يكون حديثاً تقليدياً، إنما هو تحليل اجتماعي يعتمد على مجموعة من المفاهيم الاجتماعية وقراءتها بما يعكس الجانب الأقل من شخصية الأمير سلمان الاجتماعية، فسموه يعد من القيادات السعودية اللامعة في مستوياتها المختلفة الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية والإدارية، وحيث إن سموه شخصية متميزة في تلك المجالات، وبحكم تخصصنا في المجال الاجتماعي الذي تميز فيه سموه وبشكل لافت، فلا أقل من أن نسجل كلمة تقدير واحترام وإجلال لهذه الشخصية التي حافظت وتحافظ بشكل حثيث على الاستقرار والاستمرار والتوازن الاجتماعي، وان نؤدي دورنا بقراءة لهذه الشخصية الاجتماعية التي تجمع الأوساط عليها، لدورها الاجتماعي المميز، ولحكمتها في تناول الموضوعات الاجتماعية والتعامل معها.
هذه قراءة في بعض المفاهيم الاجتماعية المكونة للجزء الأقل من شخصية سمو الأمير وهي:
أولاً: العمق في الفهم الاجتماعي والوجداني للإرث التاريخي والثقافي والاجتماعي للجزيرة العربية، عبر المعطيات التاريخية والاركيولوجية والسير والملاحم الذاتية وحركة الحياة الاجتماعية منذ تكوينها، وانهيار سد مأرب والهجرات العربية وتشكيل المجتمعات والتجمعات الاجتماعية والقبلية وكذا الصراعات بينهم عبر تاريخها السياسي والاجتماعي. هذا الفهم للحركة الاجتماعية يلقي بظلاله على المعرفة العميقة والدائمة لحركة حياة أبناء المجتمع السعودي وأبناء المنطقة الوسطى بشكل خاص، وهذا العمق في الفهم يعتمد على معرفة الأصول الاجتماعية وتفاعلات العناصر الثقافية في الأشخاص التابعين لها ومدى تأثيرها في انفعالاتهم وتفاعلهم مع معطيات الحياة الجديدة ومدى قدرتهم على الإسهام في استقرار وتقدم المجتمع.
كما أن هذا العمق في الفهم يعكس المعرفة لعوامل البيئة الطبيعية للجزيرة ومدى تأثيرها على التكوين الشخصي للأفراد، والجماعات والتجمعات البشرية للجزيرة العربية، فسكان السهول، ينطبع سلوكهم الاجتماعي والشخصي بها، وتكون لهم طبيعة خاصة، وكذا سكان السواحل والجبال والهضاب، ويقتضي الفهم الاجتماعي إدراك هذه الاختلافات في الانفعالات والأفعال وردودها، وطريقة التعامل معها، وهذا ما هو واضح في شخصية الأمير سلمان من خلال تعامله اليومي في مكتبه أو في مجلسه، أو فيما يعرض عليه من القضايا الاجتماعية التي تخص التجمع البشري السعودي بمختلف المحافظات والقرى، أو ما يكتب في الصحافة، أو المنتديات الثقافية، أو الانترنت، أو ما يكتب في الكتب والمقالات التي تعرض لمثل هذه القضايا التي تخص المجتمع السعودي، وعلى الخصوص مجتمع الجزيرة العربية وتاريخ المملكة العربية السعودية.
ثانيا: الامتداد الزمني والقدرة على التغيير عبر الزمن من خلال السيرة العطرة لسمو الأمير سلمان بصفاته الشخصية والعقلية الفذة في معرفة الخصائص الاجتماعية للمجتمع السعودي مكوناته وارثه ونفسيته، والامتداد الزمني في إمارة منطقة الرياض، ولأن التغيير الاجتماعي يحتاج الى استراتجيات، كما ان هو يحتاج الى مجموعة من الطرق والأدوات التي تساعد على توقع العوائق والتغلب عليها من أجل اطالة أمد التغيير، فقد تميزت شخصية سمو الأمير سلمان بالأفق الواسع والتخيل الاجتماعي لمجريات المجتمع الحالية والمستقبلية، ولنأخذ ثلاثة نماذج مختلفة تجمعها شخصيته المتميزة، الأول (التحديثي) الاهتمام بالرياض كمدينة حضارية ورؤيته لها قبل عدة سنوات كيف يمكن أن تكون، فأنشأ الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وبما تشمل هذه الهيئة الراقية في اسلوب عملها وما قدمت لمدينة الرياض برئاسة سمو الأمير، فهذه الهيئة شملت التصور والتخطيط والتنفيذ للرياض الحديث، وهذا جانب مادي في شخصية الأمير، وفي النموذج الثاني المكون لشخصيته (الثقافي) دارة الملك عبدالعزيز، حيث إن هذه المؤسسة البحثية المتميزة والتي تعد الآن من أهم المؤسسات العلمية والبحثية التي تخدم تاريخ وتراث المجتمع السعودي، وأذكر ان هذه المؤسسة كانت متواضعة في أعمالها، وتولى سموه رئاسة مجلس إدارتها، فقفزت قفزات هائلة جدا، حيث انها الآن تعد الذاكرة المكتوبة للمجتمع السعودي في جانبه التاريخي، وهذا بالضرورة يعكس شخصية سمو الأمير سلمان العاشق للتاريخ، وتاريخ الجزيرة العربية، والمملكة العربية السعودية، هذا العشق العلمي أحد مكونات سموه، والنموذج الثالث: (الإنساني والاجتماعي) وهذا النموذج يتمثل في جمعية البر، وجمعية انسان، فجمعية البر، وهو المشرف عليها، تخدم قطاعات من فئات اجتماعية كثيرة، فقد بدأت وتطورت وأصبح لها فروع كثيرة في مدينة الرياض تسهم في الشأن الاجتماعي والإنساني بشكل ملحوظ، وسموه يدعمها ويعرف تفاصيل عملها حرصا منه على التوازن الاجتماعي والاستقرار النفسي والمعيشي للأفراد الذين يتبعون إمارته، وفي الجانب الآخر ادرك سموه بحاسته الإنسانية ان هناك فئة من فئات المجتمع تحتاج الى الاهتمام البالغ فأسست جمعية انسان تحت اشراف سموه المباشر، فأصبح أبا للأيتام، وتطورت هذه الجمعية واخذت نصيبا وافرا من الدعم المجتمعي، كما ان هناك الكثير من المشروعات والبرامج الإنسانية والاجتماعية التي يهتم بها سموه وتعكس شخصيته، لا يتسع المجال لذكرها، وانما ذكرناه نماذج.
ثالثاً: القيادة الكاريزمية: يتميز سمو الأمير سلمان بمجموعة من الصفات الشخصية والقيادية والاجتماعية والإنسانية والإدارية، والتي تعد في خانة التميز الكاريزمي، وتنسب التغيرات الجديرة بالاهتمام عادة الى قادة ذوي شخصيات آسرة، يستطيعون جذب أشخاص ذوي خصائص معينة ومتميزة اليهم ويوجدون تصورا حول العمل الوطني والهوية الوطنية والعمل من أجل الوطن في المجالات المختلفة، وحين نستعرض الرجال الذين استقطبهم الأمير سلمان في مسيرة حياته العملية، نجد أن الأمير بخصائصه الكارزمية استطاع ان يختار رجالاً ذوي همم عالية وعمل دؤوب وخصائص اجتماعية محبوبة وجاذبة، فيها من حب الوطن وحب الناس والعمل المخلص والدماثة في الخلق والتواضع الجم الذي يأسر من تكون له علاقة بهؤلاء الرجال، هذا الاختبار جاء من قبل المكونات الكاريزمية لشخصية الأمير سلمان، وانعكست هذه الخصائص والصفات على العاملين معه، فعلى سبيل المثال لا الحصر، من الشخصيات التي كان لها اثر في نفوس الناس والمتعاملين مع الامارة عبر سنواتها، يذكر ابن سلوم، ابن بليهد، ابن داوود، ابن جريوي، ابن بداح، ابن عرفج، ابن قناص، وفيصل السديري، وغيرهم مما يعكس اثر شخصية الأمير، كما ان هناك أشخاصا لهم علاقة بالأمير قام باختيارهم على مستوى بعض الأجهزة المرتبطة لسموه كالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، او دارة الملك عبدالعزيز او الاسكان الخيري، او جمعية البر، او غيره، كل هذه الشخصيات التي ذكرت وغيره الكثير، لها اثر فاعل في الحركة الدائمة لنمو الرياض وتطوره، وهم بعملهم وخصائصهم الاجتماعية يتمثلون شخصية الأمير ويرسخون الالتزام والولاء لقيادة هذا لوطن ولدينه ولمكونه الاجتماعي، ومن هنا يمكن القول ان الخصائص الكاريزمية والقيادية التي يتمتع بها الأمير سلمان كان لها اثر واضح في شخصيات العاملين معه، وبالتالي يعد سموه مدرسة في بناء المجتمع وفي الولاء لقيادته ونموذجا فريدا في حب الوطن.
رابعاً: الحيز المكاني والاجتماعي: هذان بعدان من الابعاد التي تقاس بها مدى الفاعلية للشخصية القائدة والملهمة، ففي هذين الحيزين تتشكل جملة من العمليات الاجتماعية التي يفكر فيها ويقولها ويوجه بفعلها القائد الكاريزمي ويتحرك فيها لتعكس فاعلية هذه الشخصية وقدرتها وقوتها وديناميكيتها في الحياة العامة، فشخصية الأمير سلمان تتحرك من خلال المنطقة التي يحكمها إداريا، في جوانبها المختلفة ما يمس الادارة والأمن والتضامن الاجتماعي والرفاه والاستقرار والسلم الاجتماعي، وتتجلى في عملها وفي عامليها شخصيته وتوجيهاته، وفي الجانب الاجتماعي نجد أن الأمير سلمان بشخصيته الكاريزمية المحبوبة يتحرك في محيط اجتماعي واسع يملؤه بالحب والتقدير والاحترام لمواطنيه، ويملأ هذا المحيط بالتضامن الاجتماعي والتكافل والرحمة والحرص على رؤساء وكبراء وأعيان وجميع الفعاليات الاجتماعية والثقافية والدينية، فهو يسأل عن الصغير والكبير ويعرف اصول العوائل والأسر والقبائل وتواريخهم الاجتماعية ومدى فاعليتهم في الحياة الاجتماعية، وإسهامهم في استقرار واستمرار الحياة الاجتماعية عبر تاريخها، ويكون تقديره واضحا جدا لمن له سبق خدمة المجتمع السعودي منذ فترة التأسيس على يد الملك عبدالعزيز - يرحمه الله -، او حتى قبل ذلك عبر تاريخ الدولة السعودية الأولى والثانية، ومن هنا نقول ان شخصية الأمير سلمان شخصية موسوعية في المجال الاجتماعي بأبعاده المختلفة التاريخية والاقتصادية والأسرية وغيرها. وفي المقابل فقد حظي مجلس الأمير سلمان بمجموعة من الخصائص والسمات التي يستجد فيها الدور الاجتماعي المتميز الذي يؤديه ذلك المكان، فهو مكان تدور فيه الكثير من العمليات الاجتماعية التي تعكس شخصية صاحب المكان من حرص على التوازن والاستقرار والسلم الاجتماعي والتكافل والتعاون والتضامن الاجتماعي، ودوره في التقريب بين القيادة والالتحام الوطني والتعرض لتاريخ وحاضر ومستجدات المجتمع، ومنه تخرج الرؤى حول القناعة بحب الوطن والفداء له والقرب الشديد بين الفعاليات الاجتماعية ومن تمثل وبين القيادة السياسية التي تقوم على خدمة المجتمع واستقراره وأمنه واستقرار تنميته وتفاعله مع المحيط الدولي الذي يعيش فيه، ان هذا المجلس له دور مهم في الوصل السياسي والاجتماعي والثقافي والتاريخي بين مكونات المجتمع وفئاته الاجتماعية المختلفة لتشكل صورا موحدة ورؤية اجتماعية واحدة لجميع القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، وطرق معالجتها، ومن هنا يمكن القول ان مجلس الأمير يعد ضمن صمامات الأمان في المجتمع بما يحوي من فعاليات مقنعة وموضوعية. وبذلك تتكامل عناصر الحيز المكاني والاجتماعي للشخصية الكاريزمية للأمير سلمان.
خامساً: بناء المجتمع من النواحي الاجتماعية: يتحقق في شخصية سمو الأمير سلمان حبه الشديد لمواطنيه، فقد عرف عنه ضيق المسافة بينه وبين من يحضر مجلسه او من يأتي لغرض يريد من الأمير يقضيه له، فهو يستقبل الجميع برحابة المحب، المرحب، المضيف، وليست برحابة المسؤول الذي يؤدي عمله فقط. كما يلاحظ حرص سمو الأمير سلمان على التدقيق الشديد في القضايا الاجتماعية المعروضة محل النقاش ومعالجتها بحكمة وسرية شديدة، وذلك لمعرفته الدقيقة بمحتوى البنى الاجتماعية للمجتمع السعودي وتأثير بعض القضايا في ظهورها ومناقشتها مناقشة عامة، اقول تأثير ذلك على التماسك الاجتماعي والنفسي للأسر والتجمعات الاجتماعية او القبلية، او تداعياتها المختلفة على الفرد ووحدة المجتمع كمحصلة نهائية. ان هذا الفهم العميق للمحتوى الاجتماعي لا يتحصل عليه الكثير من الناس، ذلك انه يحتاج الى مجموعة كبيرة وعميقة من المعطيات منها، الحس المرهف بالمجتمع ومسيرته، والمعرفة بمجريات وحركة المجتمع التاريخية والواقعية التي تعيشها، والإسهام في بناء الواقع الاجتماعي ومعرفة قدرته الحالية، والقدرة على تخيل الواقع الاجتماعي المستقبلي بناء على معرفة الإرث التاريخي والواقع الاجتماعي للمجتمع. ومن هذا يمكن ان نقرأ شخصية الأمير سلمان من خلال تحليل مجموعة من المفاهيم والمصطلحات الاجتماعية المحققة لبناء المجتمع من النواحي الاجتماعية وهي: (1) الدمج الاجتماعي: هو دخول الجماعات الاجتماعية المختلفة في المجتمع في حياة اجتماعية مشتركة ومنظمة بقواعد ومعايير وقيم مقبولة، ولا تتضمن هذه العملية إلغاء الثقافات الفرعية في المجتمع او تذويبها، لكنها تعني ان الثقافات الفرعية لا تحد او تعوق الالتزام بالنشاطات والقيم والأهداف المشتركة للمجتمع. وهذا ما يلاحظ في مجلس الأمير وتعامله مع جميع الفئات الاجتماعية التي تقصده او يعتمد عليها في اداء عملها الوطني، ويمكن ان نقول ان شخصية الأمير سلمان احد العوامل المهمة في عملية الاندماج الاجتماعي في مجتمع مدينة الرياض. (2) التضامن الاجتماعي: يشير مفهوم التضامن الاجتماعي الى حالات او اتجاهات اعضاء مجتمع معين نحو الاتحاد او التجمع؛ وهذه الحالة قد تحققت منذ توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز - يرحمه الله -، وزاد من هذا التضامن ان الدولة قامت على الإسلام الذي يؤكد على العملية التضامنية الاجتماعية من خلال التعليمات والتوجيهات الدينية والاجتماعية. ومن خلال القراءة الاجتماعية لشخصية الأمير سلمان نجد ان الجزء الأعظم من حياته العملية او الشخصية تنصب على التأكيد على التضامن الاجتماعي والتلاحم الاجتماعي، وذلك من خلال النشاطات التي يقوم بها بدءا من مجلسه الأسبوعي العمل الرسمي ومؤسسات النفع العام والعمل الخيري والاجتماعي، وانتهاء بعلاقاته الشخصية التي تؤكد هذه العملية الاجتماعية البارزة. فقد اصبحت شخصية الأمير سلمان من ابرز الشخصيات المحبوبة، لأنها توطن مفهوم التضامن الاجتماعي الذي ينطوي على الالتزام العاطفي والقيمي برموز المجتمع وفعالياته وأعضائه لتحقيق الهوية الاجتماعية والوطنية والثقافة السعودية المشتركة (3) تحقيق السلم الاجتماعي، وذلك من خلال الفهم التاريخي والثقافي والاجتماعي الذي يستوعبه المسؤول، ودماثة الخلق والحلم والأناة والصبر والحزم التي يتصف بها المسؤول، المكونات الشخصية والكاريزمية التي تتحقق في القادة، والحيز المكاني الذي يجمع الفئات الاجتماعية المختلفة والمتنوعة في مكان واحد ليؤسس علاقة اجتماعه بين هذه المكونات الاجتماعية ويكون هذه العلاقة هي رابطة الدين والوطن الذي يحفز الجميع لينضووا تحته. إن هذه المقومات للسلم الاجتماعي مشاهدة وملموسة في شخصية الأمير سلمان وفي خبرته الطويلة بحكم الرياض وبشخصيته القيادية التي حققت هذا السلم الاجتماعي في منطقة الرياض عبر عشرات السنوات. (4)
التوازن والاستقرار والأمن الاجتماعي، تعني استمرار وجود النماذج الاجتماعية والثقافية في المجتمع دون تعرضها لتغير فجائي او جذري. على ان الاستقرار الاجتماعي لا يعني بالضرورة وجود حالة من الثبات تسود المجتمع، مع ان المجتمع الثابت ينبغي ان يكون مستقرا. وبناء على ذلك، يكون المجتمع الذي يطرأ عليه تغيرات تدريجية وبطيئة وكافية لإعادة التوافق دون ان تؤدي الى اي اضطراب او تفكك مجتمعي مستقر.
ان الأمير سلمان من خلال العرض السابق عبارة عن درس جيد في التاريخ ومدرسة لبناء المجتمع المتوازن المستقر الذي تسوده درجة عالية من التفاهم على القضايا الاجتماعية المكونة للحياة الاجتماعية فيه، فخصائصه ومكوناته الشخصية عبارة عن معين اجتماعي لا ينضب من الدروس الاجتماعية والأخلاقية والتاريخية وفي الإرث الثقافي العميق الذي هو اساس المجتمع السعودي.
هذه قراءة اجتماعية عجلى في شخصية اجتماعية متعددة الجوانب ومتمايزة الصفات، لها اثر واضح فيمن يعرفها او يتعامل معها او يتعرف عليها.
* استاذ علم الاجتماع بكلية
الآداب - جامعة الملك سعود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.