هناك الكثير من الأمثال والحكم الشعبية التي يتداولها العامة من الناس وخاصة من كبار السن وبعض هذه الأمثال على هيئة أبيات شعرية تناقلتها الأجيال جيلا بعد آخر، وفي العادة تكون هذه الأبيات قليلة مقارنة بقصائد الشعراء التي يطلقونها في المناسبات وغير المناسبات في أغراض الشعر المختلفة، وتمتاز هذه الأشعار إضافة إلى قلة عدد أبياتها بقوتها من حيث المعنى، وقد تحمل حكمة واحدة أو حكما كثيرة في أبيات قليلة ولهذا كانت سهلة الحفظ مما ساعدها في البقاء في الذاكرة الشعبية مدة طويلة. وفي المنطقة الجنوبية عموماً وفي تنومة والنماص بشكل خاص يتداول كثير من الناس أبياتاً قديمة تدل على الحكمة والدهاء وتعتبر من شوارد الشعر لشعراء منهم الشاعر ابن دحمان وهو جد قبيلة آل دحمان التي تقطن وسط تنومة، والذي نستعرض في هذا الموضوع بعضاً من أشعاره المشهورة. فمن أشعار ابن دحمان محاورة قصيرة بينة وبين زوجته التي كانت فاقدة لإحدى عينيها، ولكنها كانت شاعرة وحكيمة، يقول بن دحمان: يقول بن دحمان من ذا عبايه يرى العيب في السيّمة واشتراها عبايه أي مثلي، والسيمة أي الماشية، وهو يقصد هنا زوجته حيث تساءل من مثله يرى العيب في الماشية ومع ذلك اشتراها، ولكن زوجته اللماحة فهمت المقصود بالبيت من حيث انه تزوجها رغم فقدها لإحدى عينيها، فردت عليه بقولها: ألا يا بن دحمان من غض عينه على شطرها خير من ذا ملاها في هذا الرد تتضح شاعرية زوجته وحكمتها حيث تؤكد أن من غض عينه عن التمعن وملاحقة عيوب الناس هو خير من الذي يملأ عينيه بعيوب الناس، وبصفتها فاقدة لإحدى عينيها فهي خير منه في هذه الناحية حيث ملأ عينيه بملاحظة عيوب الناس، وهذا يدل على شاعريتها وحسن التورية لديها. ومن أبيات ابن دحمان يقول ابن دحمان ماخس منها إذا انشتر الغرب والثور عارة. ومعنى البيت أن لا أسوأ من شخص تمزق لديه الغرب وهو وعاء من الجلد يستخدم في استخراج الماء من الآبار وفي نفس الوقت الثور الذي يسحب الغرب أخذه استعاره وليس له، ويضرب للشخص الفقير ثم تأتيه مصيبة أخرى تزيده حوجاً وفقراً. ويقول في الحث على اقتناء الجنبية وجمعها جنابى وهو ما يحتزم به الرجال في كثير من أنحاء الجزيرة قديما. ألا يا آل دحمان يا أولاد عمي الأواسيط غالوا لنا في شراها فهي خير من ولد وبن عمه ومن صولة بعد ورجي نباها وفي هذه الأبيات يحث الشاعر على شراء الأواسيط وهي الجنابى لأن الرجل يتمنطق بها في وسطه حتى وإن كان سعرها غاليا، وهذا يدل على أهميتها قديما حيث تستخدم في ذبح المواشي وسلخها وفي الصيد، وفي الدفاع عن النفس عند التعرض لأي خطر. ونختم هذا الموضوع بقصيدة عبارة عن وصية لابنه، قيلت بعد أن تقدم به السن وأصبحت زوجة ابنه تقدم له الأكل: يقول بن دحمان من بات طرفه مع ولده بات ليله زفيرا وله حرمه لا دنينا لزاد إلا عينها مثل عين النظيرا تقول إن ذا الكهل ما عاد يشبع بلى الله بطنه برمح مطيرا تقول إن ذا الكهل ما عاد يشبع وقد هو كما حاذف في جفيرا فأنا أوصيك يا ولدي ضم حقك ترى هو يغانيك مال كثيرا ويمنعك من جهمة عند ناس يصكون في الوجه باب حصيرا