5 أزمات أمام القادة العرب في قمة البحرين    فرنسا: عصابة تقتل حارسين وتصيب ثلاثة آخرين في كمين ضد الشرطة لتحرير سجين    ضبط مواطن بالرياض لترويجه الحشيش والإمفيتامين وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    أمير الباحة: سنخاطب المالية لدعم الأمانة وبلدياتها    انطلاق «استجابة 14» لاختبار قدرات 39 جهة في التعامل مع الطوارئ البيئية    إسرائيليون متطرفون يطالبون بإعادة احتلال غزة بعد انتهاء الحرب    بلينكن من كييف: واشنطن ستدعم أوكرانيا حتى يتم "ضمان" أمنها    5 محاور لأدوات الإعلام السياحي بهيئة الصحفيين بمكة    ضبط 30 طن تبغ منتهية الصلاحية    أمير المدينة يستقبل أمين جائزة أمين مدني    بيان مشترك لمجلس الشراكة الإستراتيجي السعودي البريطاني    5 ميداليات خليجية للأولمبياد السعودي الخاص    أوبك: لا تغيير في توقعات الطلب في 2024    آلية تحمل الرسوم الجمركية لمدخلات الإنتاج الزراعي    تعاون لتعزيز الرياضة المجتمعية    جرس شوري لدراسة تأثير التجارة الإلكترونية على الاقتصاد    2374 كادراً صحياً يتأهبون للالتحاق بسوق العمل    ريما بنت بندر لوفد "آيسف": فخورة بمنافستكم طلاب العالم    انطلاق اجتماع المجلس التنفيذي ل"الألكسو" في جدة    5.8 مليار لصيانة المساجد خلال 5 سنوات    وزير دفاع روسيا: نريد النصر في أوكرانيا ب"أقلّ" خسائر بشرية ممكنة    فيصل بن فرحان يلتقي وزير خارجية سوريا    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية الكويتي    جي إف إتش تسجل ارتفاعا بنسبة 13.03% في صافي الربح العائد للمساهمين    وصول الطائرة السعودية 49 لإغاثة أهالي غزة    أمير تبوك ينوه بالجهود والإمكانات التي سخرتها القيادة لخدمة ضيوف الرحمن    مستشفى الملك سعود بعنيزة ينهي معاناة"خمسينية" من تشنجات متكررة    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الحدود الشمالية    مجلس الوزراء: ضوابط لتخصيص عقارات الدولة للقطاع غير الربحي    الرياض: القبض على مقيمين مخالفين لنظام الإقامة لترويجهما حملات حج وهمية    محافظ بيشة يدشن جمعية النخيل الإعلامية    وزير الخارجية يُشارك في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية    الكلام أثناء النوم قد يتطلب استشارة الطبيب    كلوب لا يشعر بالإحباط عقب تعادل ليفربول مع أستون فيلا    اعتماد اشتراطات الإعفاء للأسواق الحرة بجميع المنافذ الجمركية    تغييرات كبيرة في أجانب الاتحاد    سابتكو تواصل الخسائر رغم ارتفاع الإيرادات    القمة العربية في البخرين نحو تعزيز التضامن العربي ومواجهة التحديات المشتركة    أولى رحلات مبادرة «طريق مكة» من تركيا تصل إلى المملكة    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    القادسية يحسم لقب دوري يلو    نائب أمير مكة: منع الحجاج المخالفين ساهم بتجويد الخدمات    التجديد إلكترونياً لجوازات المواطنين الصالحة حتى (6) أشهر قبل العملية    «الممر الشرفي» يُشعل ديربي العاصمة    المملكة رائدة الرقمنة والذكاء الاصطناعي    الكويت.. العملاق النائم ونمور الخليج    آنية لا تُكسر    تركي السديري .. ذكرى إنسانية    بطلتنا «هتان السيف».. نحتاج أكثر من kick off    نائب أمير مكة: "لاحج بلا تصريح" وستطبق الأنظمة بكل حزم    أمير المنطقة الشرقية في ديوانية الكتاب    الصحة.. نعمة نغفل عن شكرها    دور الوقف في التنمية المستدامة    ماهية الظن    فخامة الزي السعودي    «سعود الطبية» تنهي معاناة ثلاثينية من ورم نادر    حكاية التطّعيم ضد الحصبة    18 مرفقاً صحياً لخدمة الحجاج في المدينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التضخم يفاقم من قضية تملك المسكن
أراضي المنح تحولت من الحاجة إلى التجارة
نشر في الرياض يوم 08 - 05 - 2008

مر تملك الأراضي بعدد من التجارب لعل من أبرزها تجربة "المنح المجانية" التي استمرت ردحاً من الزمن إلى أن تحولت إلى تجارة. ثم استمرت أسعار الأراضي في مد وجزر إلى وقتنا الراهن الذي بلغت معه الأسعار ذروتها. رغم توفر آلاف القطع من الأراضي في "مخططات المنح" المعاقة والتي لم تشملها الخدمات الأمر الذي أعاق من الاستفادة منها وتفعيلها ولأهمية قضية تملك الأرض - والمسكن - فقد عرضناها على الخبير الدكتور مهندس خالد الطياش واستهل حديثه قائلاً:
يعتبر منح الأراضي الحكومية من الوسائل الفاعلة لتمليك المواطنين أراضي سكنية لاقامة منازلهم عليها ومن ثم تحقيق تنمية حضارية واجتماعية وعمرانية تساعد في تطوير البلاد وساكنيها فهي العامل الرئيس الذي يساهم في توفير المساكن للمواطنين حيث يعد تملك الأرض في موقع تتوفر فيه الخدمات والمرافق من أكبر أهداف أي أسرة تسعى لامتلاك مسكن والاستقرار فيه ومن هذا المنطلق بدأت الحكومة السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز "رحمه الله" بتوفير الأراضي السكنية المناسبة للسكن لتوزيعها على المواطنين حيث كانت البداية بهدف تكوين الهجر واستقرار المواطنين بها وترك حالة الارتحال والتنقل التي كانت سائدة ذلك الحين ثم بعد ذلك أعطي لكل بلدية الأراضي العائدة للحكومة في ضواحي وأحياء كل مدينة لتخطيطها وتوزيعها ضمن برنامج منح الأراضي وفق تعليمات وشروط منظمة لعملية المنح.
مدينة الرياض كغيرها من مدن المملكة الأخرى شهدت زيادة في عدد السكان فاق كل التوقعات وتعدى خطط التنمية المقدمة لتوسع معظم المدن الكبرى في المملكة نتيجة الهجرة من القرى والمدن الصغيرة إلى المدن الرئيسية في معظم المناطق وكانت مدينة الرياض كونها العاصمة السياسية للدولة أكثر المدن استقبالاً للمهاجرين من مختلف أنحاء البلاد وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالعزيز "رحمه الله" بدئ في منح الأراضي السكنية خارج أسوار المدينة القديمة للقادمين الجدد لمواجهة النمو الكبير في عدد السكان وعدم اتساع المدينة المحصورة ضمن السور القديم للمدينة لهذا العدد من السكان. فكان منح الأراضي السكنية يتم في ذلك الوقت عن طريق أمر مباشر من الملك أو ولي العهد وقد تم تعيين هيئة مراجعة تقوم بتحديد الأراضي المزمع توزيعها وذلك باعطاء ما يسمى "نمرة أرض" وبدئ في منح الأراضي في بداية الأمر للأحياء الغربية من مدينة الرياض والتي تضم أحياء "أم سليم والعجيلية والوشام والشميسي والبديعة" وكان ذلك في عام 1366ه وحتى بداية عام 1382ه حسب سجلات أمانة مدينة الرياض.
وبعد توسع المدينة تم إنشاء أحياء جديدة وهي المرقب وحلة القصمان وثليم وغميتة وبدئ المنح في هذه الأحياء منذ عام 1371ه تلا ذلك نشوء أحياء جديدة أخرى هي الملز والسليمانية والمعذر والعود وغبيرة وطريق الخرج ثم منح أراض سكنية بها.
واستمرت تجربة المملكة في مجال منح الأراضي تجربة متميزة أثرت بشكل فعال في عملية تسهيل تملك المساكن كجزء أساسي من عملية التنمية العمرانية كما ساهمت في كفاءة استخدام الأراضي وفي التوزيع العادل للأراضي كثروة وفي ضبط وتنظيم جميع جوانب البيئة العمرانية شاملة بذلك المناطق السكنية، إلا انه في الآونة الأخيرة تحولت وبشكل كبير الأراضي السكنية إلى تجارة أدى إلى وصول حجم السوق العقارية السعودية إلى مبلغ يراوح ما بين ثمانمائة إلى ألف ومائت مليار ريال وبلغ حجم التداولات السنوية لسوق العقار مبلغ مائتي مليار ريال وهذه الأسعار للأراضي السكنية مبالغ فيها بصورة كبيرة إلا ان عنصر المضاربة وتحكم فئات قليلة من تجار العقار في معظم الأراضي القابلة للسكن جعل أسعارها ترتفع بصورة خيالية إضافة إلى عناصر أخرى اقتصادية ساعدت في ذلك الارتفاع منها عدم الثقة في سوق الأسهم ومحدودية قنوات الاستثمار المتاحة إضافة إلى سهولة العمل في مجال العقار.
وأدى إلى تفاقم المشكلة كون شركات التمويل الحالية والتي تروج لبيع مساكن جاهزة أو لتمويل بناء مساكن تدخل السوق بشروط تعجيزية قد لا تسمح لشرائح متعددة من المواطنين بالاستفادة من برامجها وقد يحد من تلك الشروط اقرار نظام الرهن العقاري وتطبيقه على أرض الواقع والذي سيحفظ لتلك الشركات حقوقها في حال عدم انتظام المستفيد من الشراء أو التمويل في سداد الأقساط المالية المستحقة عليه حيث ان الوضع الآن لا يضمن للشركات الممولة استرداد حقوقها في حالة عدم تسديد المستفيد للأقساط المالية المطالب بها لبرنامج منح الأراضي السكنية الحكومية للمواطنين بعد السلبيات والتي تؤثر على سرعة تملك المواطن لمسكن ومنها:
- معظم المواطنين الذين تم منحهم أراضي سكنية لا يقيمون عليها مساكن، بل يتاجرون بها إما لافتقادها الخدمات الضرورية أو بعدها عن المدينة أو لوجود بدائل أخرى لديهم.
- معظم القطع السكنية الصالحة لاقامة مساكن عليها والقريبة من المدن والمزودة بخدمات أساسية هي ملك تجار عقار حصلوا عليها من خلال شراء قطع المنح ومن ثم فرض أسعار عالية لشرائها.
- الاستمرار في منح قطع أراض سكنية يجبر الدولة على منح قطع أراض في أماكن نائية خالية من الخدمات رغم وجود أراض شاغرة قريبة من المدن لا تملكها الدولة وأصحابها لا يرغبون في تطويرها.
- تفاوت منح قطع الأراضي السكنية للمواطنين في المساحة والموقع يقلل من مبدأ المساواة ووضع حالة الشخص الممنوحة الارض له.
- تؤدي عملية منح الاراضي الى حصر ملكية الاراضي السكنية الصالحة للسكن بأيدي فئة قليلة من المجتمع يفرضون مقابلها أسعارا عالية ولا يوجد نظام يكبح جماح تلك الاسعار.
- الاستمرار في عملية منح الاراضي يحول وسائل امتلاك مسكن الى تجارة خاضعة للمضاربة ويتبدد اثر ذلك الهدف الاساسي من منح الاراضي.
- عدم وضوح المعايير التي بموجبها يتم منح الاراضي من حيث مساحة قطع الاراضي الممنوحة وموقعها يجعل من عملية المنح موضوعا يعتمد على تقديرات شخصية بعيدة عن واقع الشخص الممنوحة الأرض له.
- تؤدي عملية المنح الى خلق فراغات داخل المدن وايجاد أراض شاغرة منحت لاشخاص لا يريدون تطويرها على حساب الاخرين الذين يضطرون الى بناء مساكن لهم خارج النطاق العمراني ويحتاج الى سنوات لوصول الخدمات اليه.
- عدم وجود نظام لفرض رسوم على الاراضي الشاغرة داخل النطاق العمراني أدى الى رواج تجارة الاراضي وسيطرة تجار العقار على معظمها أدى الى رفع اسعارها، وبالتالي صعوبة تملك المسكن للمواطن.
- بعض منح الاراضي ذات المساحات الكبيرة تجعل مئات القطع السكنية والتي يمكن ان تصبح مئات المنازل لاشخاص لا يملكون مساكن بيد شخص واحد ومعلق مصيرها بقراره بفرض سعر يراه مناسب.
وللحد من تلك السلبيات التي رافقت منح الاراضي الحكومية للمواطنين أرى ان النقاط التالية قد تساعد في تحقيق الهدف الأساسي من وراء منح الاراضي وهو تملك المواطن المسكن:
- ايجاد صيغة تعاونية بين القطاع الخاص والبلديات لتطوير مخططات المنح الحكومية بإيصال الخدمات الاساسية والبنية التحتية لتلك المخططات واعدادها للسكن مقابل استثمار القطاع الخاص لها بفرض رسوم مالية معينة مقابل كل متر مربع يتم تطويرها او بتنازل البلديات عن أجزاء من كل مخطط مقابل التطوير وايصال الخدمات الاساسية له.
- الهدف الاساسي من منح الاراضي السكنية للمواطن هو اقامة مسكن عليها وأي تصرف ينافي هذا المفهوم يعتبر الهدف الاساسي وراء منح الاراضي الحكومية للمواطنين لم يتحقق والمطلوب البحث عن بدائل اخرى تحقق ذلك الهدف ومن هذا المنطلق فلابد من وضع القيود على حرية التصرف بالارض الممنوحة وان لا تحو منحة الاراض السكنية الى منحة مالية.
- مقابل إلزام المواطن الممنوح أرضاً لبناء مسكنه على بناء ذلك المسكن فعلى البلديات ان تمنح الارض الجاهزة لبناء المسكن حال تسلم المواطن صك ارضه الممنوحة له لا ان ينتظر سنوات طويلة حتى تكتمل خدمات المخطط وتنتهي اعمال البنية التحتية له او يكون موقع تملك الارض خارج النطاق العمراني المحدد لكل مدينة.
- يجب اعادة النظر في مساحات الاراضي الممنوحة للمواطنين فالاتجاه العام الآن يسعى الى تقنين المساحات للاراضي وللبناء لاسيما وان اتجاه المجتمع يسير في طريق تكوين الأسر الصغيرة العدد والوضع الاقتصادي والمعيشي المستقبلي يجبر الجميع على مراعاة الناحية الاقتصادية في كل مجالات الحياة.
- للحد من وجود الاراضي الشاغرة داخل المدن وعدم قيام اصحابها بالبناء عليها او تطويرها يجب النظر في فرض رسوم مالية سنوية يراعى فيها موقع الارض ومساحتها على كل الاراضي الشاغرة داخل النطاق العمراني لكل مدينة فذلك يحقق الاستفادة القصوى من الخدمات والمرافق المتاحة ويحد من اتساع المدن وتمدد خطوط خدماتها واجبار اصحاب تلك الاراضي الشاغرة على بيعها او تطويرها خوفاً من تزايد الرسوم المالية عليهم ولكي يستفيد منها الآخرين الذين هم بحاجة الى مساكن.
- يجب التفكير في بدائل أخرى تساعد في سرعة امتلاك المواطن لمسكنه خلاف برنامج منح الاراضي فهذا البرنامج قد يكون حقق نجاحاً في فترات سابقة عندما كان عدد السكان محدوداً اما الآن فانه يعتمد على عناصر أخرى فاذا وجدت الارض قد يكون التمويل صعب المنال وطويل الانتظار اضافة الى كون الارض الممنوحة غير جاهزة للسكن كعدم وجود الخدمات الاساسية اللازمة وعدم اكتمال البنية التحتية للمنطقة، لذا اعتقد ان نظام بناء مساكن وتجهيزها واعطائها للمواطن مقابل رسوم مالية شهرية معينة على ان تبقى ملكية تلك المساكن للجهة الممولة للمشروع او الحكومة حتى اكتمال قيمة المسكن سيكون أمراً ايجابياً نحو تملك المواطنين للمساكن وسيحقق اضافة الى تملك المسكن ضمان ان ما يبنى من مساكن مطابق للمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والفنية وفي مناطق مكتملة الخدمات وهذا يحقق الهدف الاساسي من وراء منح الاراضي وسيؤدي مستقبلاً الى انخفاض قيمة الاراضي حول المدينة وتطوير الاراضي الموجودة داخلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.