القيادة والمواطن سر التلاحم    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    موجز    «قوى»: إعادة تشكيل سوق العمل ب 14.5 مليون مستخدم    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    إرتفاع عدد المنشآت المستفيدة من الصندوق.. «تنمية الموارد» يسهم في توظيف 267 ألف مواطن    الترخيص لأول مشغّل أجنبي للطائرات داخل المملكة    وزارة الداخلية تقيم معرض (الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسان) بالرياض    أقرت مشروعًا استيطانيًا شرق القدس.. إسرائيل تبدأ المرحلة التمهيدية لاحتلال غزة    أكد أنه يتاجر بالطائفة.. وزير خارجية لبنان: لا رجعة في قرار نزع سلاح حزب الله    لافروف يشدد على أهمية حضور روسيا مناقشة الضمانات الأمنية.. واشنطن تراهن على لقاء بوتين وزيلينسكي    دك شباك القادسية بخماسية.. الأهلي يضرب موعداً نارياً مع النصر في نهائي السوبر    لاعبو الأهلي: حسمنا الأمور مبكرًا    سحب قرعة كأس الخليج للناشئين    هل يكسر النصر "عقدة النهائيات" أمام الأهلي    صلاح يدخل التاريخ بحصوله على أفضل لاعب للمرة الثالثة    وزارة الرياضة تُعلن بدء مرحلة الاستحواذ على ناديي النجمة والأخدود    حددت نسبة 10 % لتطبيق العقوبة.. «التعليم»: الغياب يحرم الطالب من الانتقال بين الصفوف    الزهراني يتلقى التعازي في والدته    أمين الباحة يشرف حفل زواج الزهراني    أمن الطرق اسم على مسمى    «سيدة السحاب»    80 محطة ترصد هطول الأمطار    تأهيل ذوي الإعاقة    «الدارة» تصدر عددها الأول للمجلة في عامها «51»    «المتلاعبون بالعقول».. مدخل إلى فهم التأثير    فروق الكاتب والمؤلف    سعودي يحصد جائزة أفضل مخرج في السويد    نزوات قانونية    وفاة القاضي الرحيم فرانك كابريو بعد صراع طويل مع سرطان البنكرياس    شراحيلي يكرم نخبة من أهل والثقافة والفن والإعلام    الثبات على المبدأ    المشاركون بمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يزورون المشاعر المقدسة    تأشيرة العمرة.. التقديم مباشر دون وسيط    المرأة السعودية العاملة.. بين القلق والاكتئاب    «الملك عبدالله التخصصي» يُجري أول عملية زراعة قوقعة باستخدام اليد الروبوتية    في مستشفى الدكتور محمد الفقيه عمليات جراحية عاجلة تعيد لمصاب حركته بعد شلل رباعي بسبب حادث سير    مختص: «الجائحة القادمة» حتمية والعالم غير مستعد    بكين تكشف عن أسلحة جديدة خلال عرض عسكري    تداول يتراجع هامشيا بتداولات 4.2 مليارات ريال    نائب أمير الشرقية يطّلع على خطط تجمع الأحساء الصحي    سعود بن نايف: صحة الإنسان من أولويات القيادة    3.4 مليارات ريال قيمة سوق الأدوات المدرسية    «الملك سلمان للإغاثة» يوقّع برنامجًا لدعم الأيتام في غانا    الفريق المشترك لتقييم الحوادث يفنذ عدداً من حالات الادعاء    تصوراتنا عن الطعام تؤثر أكثر من مكوناته    اجتماع افتراضي لرؤساء دفاع الناتو بشأن أوكرانيا    جامعة بيشة تدشن أحدث إصدار من البلاكبورد ألترا    محافظ الدرب يستقبل رئيس وأعضاء جمعية علماء    وزير الخارجية يبحث مع نظيريه في قطر والبحرين التطورات الإقليمية    الأهلي يكسب القادسية بخماسية ويتأهل لنهائي كأس السوبر السعودي    تقييم الحوادث باليمن يصدر بيانين حول ادعائين باستهداف محطة وقود ومعبد المقة    تعليم الشرقية يستعد لاستقبال أكثر من 700 ألف طالب وطالبة    أكّد خلال استقباله رئيس جامعة المؤسس أهمية التوسع في التخصصات.. نائب أمير مكة يطلع على خطط سلامة ضيوف الرحمن    طلاق من طرف واحد    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير مطار الأمير سلطان بن عبدالعزيز الدولي    أشاد بدعم القيادة.. أمير الشرقية يطلع على مشاريع الطاقة الصينية    أمير تبوك يطلع على سير العمل بالمنشآت الصحية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكاء الأسود ...
الخروج عن النص
نشر في الرياض يوم 07 - 05 - 2008

قبيل صلاة العصر دخلت مجموعة من الناس مسجداً بالقاهرة يحملون نعشاً كي يقيم المصلون الصلاة على الميت بداخله، بينما بقيت النساء خارج المسجد تواصل الولولة. وبعد أن أدى المصلون الصلاة على الميت حاول أهله حمل النعش للخروج به فعجزوا. لقد تشبث النعش بالأرض بقوة فشلت معها كل المحاولات لزحزحته وكأن الميت لا يريد أن يقبر، هلل الناس وكبروا وقرءوا القرآن ولا فائدة، فقال واحد من أهل الميت سامحوه كلكم وباركوه بدعواتكم حتى يزول الكرب، لكن رجلاً في طرف بعيد صاح قائلا: لا تحاولوا، هذا الرجل مات وفي رقبته دين لي وأنا لن أسامحه والنعش لن يتحرك حتى أسامحه، توسل إليه أقارب الميت عبثا، وبالتالي اقترح أحد المصلين أن تجمع له التبرعات فامتدت كل الأيدي بما في الجيوب، جمعوا مبلغا ممتازا وأعطوه لصاحب الدين الذي انطلق به وهو يردد : "لقد سامحته".
تجمع الناس حول النعش ليروا إن كان الميت سيطاوع أهله ويمضي معهم، وطال انتظارهم كثيراً دون أن يتقدم أحد لحمل النعش، وفتشوا عن أهل الميت في الوجوه فلم يروا منهم واحدا، عندئذ أشار أحدهم بأن يتقدم المتطوعون لحمل النعش ودفن الميت ولهم الثواب، وأشار آخر بفتح النعش لمعرفة هوية الميت، وعندما فتحوه لم يجدوا بداخله جثة بل كتلا من الحجارة.
هذه عملية نصب بالغة التعقيد، فالنصاب عادة ضحيته فرد أو مجموعة محدودة، أسرة مثلا، وهؤلاء أوقعوا بجماعة المصلين كلهم دفعة واحدة، والسبب في هذا أنهم وضعوا خطتهم بذكاء نادر ودرسوا كل الظروف وجيّروها لنجاح خطتهم.. المصلون بطبيعتهم أناس طيبون وأتقياء لا يفترضون الكذب في الآخرين، والمسجد بيت للعبادة لا يرد على الذهن أن يستغل في عملية نصب، وللميت حق في الصلاة عليه ومواراته التراب، والحالة بكاملها تستدعي في القلوب حزنا فطريا حتى وإن كانوا لا يمتون بصلة للميت، لأن الجسد المسجى يفتح لهم عيونهم على نهاية الدنيا التي بلغها واحد، التمت دنياه في صندوق خشبي وبعد لحظات تلتم أكثر في حفرة لحءد محكمة لا يحيط بجسده فراغ ملليمتر واحد، بعد أن كان يمرح بين جدران القصور، ويجوب الشرق والغرب محلّقاً في فضاء الكون داخل قطعة حديد.. كذا الدنيا بكل زخارفها.. إن أسدلت العين جفنها لحظة غابت بكاملها. هؤلاء المحتالون تجردوا من أي حس إنساني يصون حرمة المكان وكرامة الموت وحق الغير، وتعاملوا مع النفوس الصافية الطاهرة بمكر وغدر، مع ذلك فالذكاء الذي خططوا به كان يؤهلهم للانتصار في معركة حربية أو للنجاح في تجارة شريفة أو لكسب المال الحلال، ولهذا أرى أنه ذكاء أسود لا يساوي إلا ذروة الغباء، غباء في رأس رجل إن كان فردا، وفي ضمير أمة إن كان دولة.
أنتظر يوما يقف من بين جموع الطيبين رجل يشير بفتح نعش آخر، كان قد دخل به الأمريكيون أرض الرافدين، دون أن يراعوا حرمة المكان وشرف الإنسانية وكرامة الغير، مستغلين طيبتهم وحسن نواياهم، قالوا إن بداخله جسداً طيباً، كنا قد جئنا به من البعيد لينشر بينكم العدالة والمساواة، ويرد إلى ألسنتكم قدرة الكلام، لكنه مات بينكم، غرق في بحار من دمكم، وأنتم الحاملون لهذا الوزر. أخرجوا ما تبقى في جيوبكم وتحت أرضكم إرضاءً للشهيد، وحين ينصرفون سيحدّق الطيبون المسالمون داخل النعش، ليروا ما إذا كان بداخله جثة الديموقراطية المزعومة التي دخل بها الأمريكان أرض الرافدين، أم مجرد كلمات لزيفها تصلبت وأصبحت كتلاً من الحجارة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.